المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «فايروس كومبيوتر عربي» نكتة تقنية أم سياسية؟


الرامي
31-10-02, 06:22 pm
يصلك فيروس كومبيوتر من إنتاج عربي، كرسالة بريد إلكتروني، إلا أنه لا يستطيع أن يقوم بعمله التخريبي وحده كما هي العادة مع الفيروسات، ولهذا فإنه يظهر لك رسالة تقول «أنا فايروس كومبيوتر يدوي ( (Manualمن صناعة عربية، أرجو منك أن تحذف جميع الملفات المخزنة على القرص الصلب بنفسك، وأن ترسل هذه الرسالة إلى جميع من تعرفهم، وشكرا على تعاونك».
ولمن لا يعرف الكثير عن فيروسات الكومبيوتر، فإنها نوع من البرمجيات المصممة في الغالب لتخريب أو حذف محتويات ماهو مخزن في الكومبيوتر، التي اصبح استخدام البريد الإلكتروني لنشرها بشكل شبه تلقائي في هذه الأيام، واحدا من أهم الوسائل وأنجحها لجعل الخسائر أكبر وأفدح.
ونعود للنكتة. طريفة أليس كذلك؟ إن كان هناك من يعتقد ذلك، فأنا لا أشاركه الرأي. فصاحب «النكتة» يريد أن يوحي بأن الفيروسات تقنية متقدمة لدرجة عالية، بحيث لا يمكن للعرب «المتخلفين» أن يصلوا إليها، مع انها ليست سوى مجرد برامج كومبيوتر يمكن لأي شخص متمكن من لغة البرمجة أن ينتجها. ولدينا في العالم العربي عشرات الآلاف من المبرمجين، لكن ما ينقصهم لإنتاج فيروس كومبيوتر هو عقلية مريضة تحب الأذى، لا اكثر ولا أقل، وبالتالي لا أدري كيف يرى مؤلف هذه «النكتة» أن إنتاج فيروس هو شيء يدعو للفخر، أو انه سبب لإثبات أن العرب متطورون تقنيا؟
والمثير للعجب في الموضوع أن الذين يتناقلون هذه النكتة في ما بينهم عرب أيضا، كنوع من التأكيد على المهارة في جلد الذات التي تربى على حبها كثير منا، وأصبح يتفنن في تطويرها بحيث أصبحت تقنية المعلومات أحد ميادينها.
قد يقول البعض أن ذلك ليس جلدا للذات وإنما هو انتقاد وسخرية من الواقع المرير الذي نعيشه. صحيح أن الواقع مرير، لكن لماذا يتبرأ الجميع من دورهم في هذه المرارة ويلقي مسؤوليتها على الآخرين؟ لماذا لا ننتبه إلى أنه لا يمضي أسبوع من دون أن نسمع أو نشاهد أو نقرأ عن أفراد عرب حققوا انجازات في مجالات علمية مختلفة معتمدين على جهودهم الذاتية، من دون أن ينتظروا من أحد أن يأخذ بأيديهم؟ وبصراحة، ومن كثرة ما أسمع من انتقادات لتخلف العرب من قبل العرب أنفسهم، لا أستطيع أن أمنع نفسي من أن أسأل «إذا من هم العرب؟»، وبخاصة عندما أسمع هذه الانتقادات من أشخاص كل منهم ناجح في مجاله مع انه «عربي»!
* كان مما أثلج صدري هذا الأسبوع خبر جميل، يفيد بأن مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين قد أبرمت اتفاقية تعاون مع أكاديمية الفيصل العالمية تقدم من خلالها الثانية مجموعة برامج ومنح دراسية للطلبة الموهوبين في مجالات الكومبيوتر واللغة الإنجليزية. وهو أمر يستحق كل التحية والتقدير والإعجاب، وليت هواة لعن الظلام يتوقفون قليلا وينتبهون إلى أن إضاءة ولو شمعة صغيرة كمثل ما فعلته هاتان المؤسستان الرفيعتان، هو أفضل وأبرك لهم ولنا. ومع أهمية الربط بين الكومبيوتر واللغة الإنجليزية، إلا أنني أتمنى أن يضيف المسؤولون عن هذه المبادرة إليها اللغة العربية، فالحاجة إلى إتقانها في هذه الأيام أكثر من ذي قبل، وبخاصة بعد أن اتفق كثيرون على أن توفير المحتوى باللغة العربية هو واحد من أهم العوامل المشجعة في العالم العربي على الاهتمام بالتقنية بشكل عام، وعلى الاستفادة من الإنترنت ومزاياها بشكل خاص.

منقول من/

وليد الأصفر
الشرق الأوسط