محمد المعتق
20-10-09, 07:23 pm
- وقفة خاطفة جدا -
ذات مساء ..
كنت أقرأ في موضوع حول تغير ملامح المجتمع السعودي ، و كنت قبل ذلك تساءلت كثيرا ( هل المجتمع السعودي استطاع أن يضع له ملامح خاصة ..؟؟ !! )
من خلال استقراء بسيط للمجتمع السعودي ، فإننا لا بد أن نشير إلى ست مراحل مر بها المجتمع السعودي :
الأولى : مجتمع الجزيرة العربية قبل تأسيس المملكة العربية السعودية .
الثانية : المجتمع السعودي بعد التأسيس .
الثالثة : مرحلة الصحوة .
الرابعة : أحداث أزمة الخليج .
الخامسة : أحداث الحادي عشر من سبتمبر .
السادسة : مرحلة ما بعد 2006 ( و هي مرحلة جديدة من وجهة نظري ) .
( 1 )
قبل تأسيس المملكة العربية السعودية كانت الجزيرة العربية صحراء قاحلة يقطنها بعض من البادية ، و قلة من الحاضرة ، و كانت بمعزل عن العالم الخارجي ، حيث لم يستهدفها أي استعمار ( و أقصد بذلك الأرض السعودية ) ، حيث لم تكن الخيرات فيها معروفة ، و ليس فيها مطامع للدول العظمى . مع أن المنطقة مرة بصراعات متباينة متتالية على الحكم فيها ، و لكنها لم تكن صراعات قادرة على إحداث أي تغيير في الملامح الاجتماعية .
لذلك فإن مجتمع البادية كان هو المسيطر - تقريبا - على أهل الجزيرة بعمومها ، من حيث سيطرة العادات و التقاليد ، و كونها العامل الأساسي في التوجهات و الأحكام و العلاقات .. إلخ .
( 2 )
بعد تأسيس المملكة العربية السعودية ، و فرض الملك عبدالعزيز رحمه الله سلطته على كل أجزاء المملكة ، بدأت تظهر بعض التغيرات على المستوى الاجتماعي ( محور حديثنا ) ، حيث بدأ المشايخ بتعليم الناس ، و فرض التشريع الإسلامي كميزان لكل الأمور الحياتية و الاجتماعية .
و بالفعل بدأ المجتمع السعودي بتقبل ملامح جديدة ، مدعومة بالتوجه الديني الكبير المعزز بتوجه الحكومة السعودية .
إلا أن هذا التأثير بقي محدودا ، و ذلك لأن الناس في ذلك الوقت كانوا قريبين من الدين ، حريصين على الالتزام به - قدر علمهم و فهمهم - و ربما يكون ذلك هو أهم الأسباب التي جعلت الملك عبدالعزيز رحمه الله يستخدم الدين بتطويع القبائل و الحواضر على حد ٍ سواء .
( 3 )
في بداية القرن الخامس عشر الهجري ( ابتداء من 1401هـ ) ..
بدأت تظهر حركات الدعوة التجديدية - إن صح التعبير - ، و ذلك من خلال ما تسمى بالصحوة الإسلامية ، و التي بدأت متأثرة بفكر الإخوان المسلمين في مصر ، إلا أنها عالجت بعضا من الملاحظات عليه من خلال الخبرات التي اكتسبها الناقلون لهذا الفكر إلى الأراضي السعودية .
حقيقة كانت هذه المرحلة مرحلة تغيير غير طبيعية ، فقد قلبت كثيرا من المفاهيم الاجتماعية ، و غيرت تغييرات جذرية في السلوك الاجتماعي ، حتى أصبح مظهر الالتزام في السعودية مظهرا مهما للغاية في قبول الأشخاص على المستوى الاجتماعي ( وغيره ) .
و مما يحسب لهذه الحركة أنها اهتمت في الجانبي التوعوي و الثقافي ، مع إغراقها الشديد في القياسات الشرعية ، و محاولة فك بعض القيود الشرعية في ما يتعلق بباب ( سد الذرائع ) ، لذلك كان التغيير واضحا و جليا في الجانب السلوكي على مستوى الفرد و المجتمع .
هذه المرحلة كانت مرحلة ثرية جدا ، و أحدثت حراكا هائلا على مستويات ٍ عديدة . إلا أنها على المستوى الاجتماعي لم تستطع - فعليا - تحديد ملامح المجتمع السعودي ، و ذلك لكونها ركزت على ضخ الفكرة ، و الاهتمام بتغيير المظاهر أولا ، - رغم انتباهها لذلك و لكن في وقت متأخر - .
( 4 )
في أحداث أزمة الخليج عام 1990/ 1991 م ، حدث زلزال اجتماعي كبير إثر انفتاح المجتمع السعودي على المجتمعات الأخرى ، و دخول القنوات الفضائية ، و الحرص الشديد على معرفة ما يحدث في العالم بعد تغييب كبير دام لسنوات .
في المرحلة انكشف المجتمع السعودي بشكل كبير ، فسقطت كثير من المظاهر الدينية ( التي أخذت تقليدا لا قناعة ) ، و بدأت رحلات السعوديون للخارج للسياحة و الاستكشاف ، و تأثروا كثيرا بما رؤوا ، بل وصل ذلك لحد الانبهار ..
هذه المرحلة لم غيرت بالفعل بعض الملامح التي رسمتها مرحلة الصحوة ، و أحدثت نوعا من الانقلاب على بعض المفاهيم ..
لكنها أيضا لم تستطع تشكيل ملامح حقيقية للمجتمع السعودي .
( 5 )
في عام 2001 م و بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر انفتح العالم كله على المملكة العربية السعودية ، و أصبح الباحثون في كل أنحاء العالم يمدون أبصارهم إلى المجتمع السعودي لدراسته و فهمه بطريقة صحيحة ، و مدى تأثره بالدين الإسلامي ، و الأنماط الموجودة فيه .
في هذه المرحلة نهشت المجتمع السعودي القوى السياسية و الأمنية و الدينية ، حيث مارست ضغوطا كبيرة للغاية لتغيير الخارطة الاجتماعية بكاملها ، و تشكيل نسيج آخر ، من خلال هز الثوابت الدينية لدى المجتمع السعودي ، ابتداء بتغيير المناهج التعليمية و ليس انتهاء بكبح جماح الإسلاميين بكل أطيافهم .
اتسمت هذه المرحلة بضغوط كبيرة تمت ممارستها على المجتمع السعودي من الداخل و الخارج ، على كافة الجوانب و الأصعدة ، و برز من أبناء هذه المجتمع من استلوا خنجر الغدر الاجتماعي فبدؤوا بمحاولة لزعزعة بعض الثوابت الاجتماعية والدينية ..
في هذه المرحلة تحديدا تكاثرت الظباء على المجتمع السعودي ، فلا يدري المجتمع أيها يصد و يرد ، و تأثر كثير من الشباب و الفتيات يعيشون مرحلة الازدوجية ، كما أصبح بعضهم ثوريا ( وهم على طرفي نقيض ) .
( 6 )
منذ العام 2006 م ظهرت قوى جديدة حلت بديلا عن مرحلة الصحوة الإسلامية ، حيث ظهر الليبراليون و هم في مركز القوة ، و أصبحوا - رغم قلتهم الشديدة و ندرتهم في المجتمع السعودي - يحركون المؤسسات الحكومية ، و يمارسون ضغوطا كبيرة و اضحة و صريحة و قد امتازوا بقوة الطرح ، و ملامسة الخطوط الحمراء على اعتبارها شفافية عالية .
في هذه المرحلة تتم محاولة وأد مابقي من آثار حركة الصحوة ، و دفن كل ما هو إسلامي ، و تشكيك الناس في الثوابت الدينية و الاجتماعية على حد سواء ، و أظنهم بالفعل بدأوا يحققون نجاحات سريعة للغاية كما فعلها من قبلهما الإسلاميون ..
نشهد حاليا و من خلال هذه المرحلة حربا شعواء على قيم المجتمع السعودي .
ذلك أما قبل ، أما بعد :
هل يمكن الآن أن نقول أن المجتمع السعودي استطاع تشكيل ملامح خاصة به ..؟؟
أم أنه لم يزل يعيش مخاضا عسيرا ستنتج عنه ملامح حقيقية للمجتمع السعودي ..؟؟
التحية لكم جميعا ..
ذات مساء ..
كنت أقرأ في موضوع حول تغير ملامح المجتمع السعودي ، و كنت قبل ذلك تساءلت كثيرا ( هل المجتمع السعودي استطاع أن يضع له ملامح خاصة ..؟؟ !! )
من خلال استقراء بسيط للمجتمع السعودي ، فإننا لا بد أن نشير إلى ست مراحل مر بها المجتمع السعودي :
الأولى : مجتمع الجزيرة العربية قبل تأسيس المملكة العربية السعودية .
الثانية : المجتمع السعودي بعد التأسيس .
الثالثة : مرحلة الصحوة .
الرابعة : أحداث أزمة الخليج .
الخامسة : أحداث الحادي عشر من سبتمبر .
السادسة : مرحلة ما بعد 2006 ( و هي مرحلة جديدة من وجهة نظري ) .
( 1 )
قبل تأسيس المملكة العربية السعودية كانت الجزيرة العربية صحراء قاحلة يقطنها بعض من البادية ، و قلة من الحاضرة ، و كانت بمعزل عن العالم الخارجي ، حيث لم يستهدفها أي استعمار ( و أقصد بذلك الأرض السعودية ) ، حيث لم تكن الخيرات فيها معروفة ، و ليس فيها مطامع للدول العظمى . مع أن المنطقة مرة بصراعات متباينة متتالية على الحكم فيها ، و لكنها لم تكن صراعات قادرة على إحداث أي تغيير في الملامح الاجتماعية .
لذلك فإن مجتمع البادية كان هو المسيطر - تقريبا - على أهل الجزيرة بعمومها ، من حيث سيطرة العادات و التقاليد ، و كونها العامل الأساسي في التوجهات و الأحكام و العلاقات .. إلخ .
( 2 )
بعد تأسيس المملكة العربية السعودية ، و فرض الملك عبدالعزيز رحمه الله سلطته على كل أجزاء المملكة ، بدأت تظهر بعض التغيرات على المستوى الاجتماعي ( محور حديثنا ) ، حيث بدأ المشايخ بتعليم الناس ، و فرض التشريع الإسلامي كميزان لكل الأمور الحياتية و الاجتماعية .
و بالفعل بدأ المجتمع السعودي بتقبل ملامح جديدة ، مدعومة بالتوجه الديني الكبير المعزز بتوجه الحكومة السعودية .
إلا أن هذا التأثير بقي محدودا ، و ذلك لأن الناس في ذلك الوقت كانوا قريبين من الدين ، حريصين على الالتزام به - قدر علمهم و فهمهم - و ربما يكون ذلك هو أهم الأسباب التي جعلت الملك عبدالعزيز رحمه الله يستخدم الدين بتطويع القبائل و الحواضر على حد ٍ سواء .
( 3 )
في بداية القرن الخامس عشر الهجري ( ابتداء من 1401هـ ) ..
بدأت تظهر حركات الدعوة التجديدية - إن صح التعبير - ، و ذلك من خلال ما تسمى بالصحوة الإسلامية ، و التي بدأت متأثرة بفكر الإخوان المسلمين في مصر ، إلا أنها عالجت بعضا من الملاحظات عليه من خلال الخبرات التي اكتسبها الناقلون لهذا الفكر إلى الأراضي السعودية .
حقيقة كانت هذه المرحلة مرحلة تغيير غير طبيعية ، فقد قلبت كثيرا من المفاهيم الاجتماعية ، و غيرت تغييرات جذرية في السلوك الاجتماعي ، حتى أصبح مظهر الالتزام في السعودية مظهرا مهما للغاية في قبول الأشخاص على المستوى الاجتماعي ( وغيره ) .
و مما يحسب لهذه الحركة أنها اهتمت في الجانبي التوعوي و الثقافي ، مع إغراقها الشديد في القياسات الشرعية ، و محاولة فك بعض القيود الشرعية في ما يتعلق بباب ( سد الذرائع ) ، لذلك كان التغيير واضحا و جليا في الجانب السلوكي على مستوى الفرد و المجتمع .
هذه المرحلة كانت مرحلة ثرية جدا ، و أحدثت حراكا هائلا على مستويات ٍ عديدة . إلا أنها على المستوى الاجتماعي لم تستطع - فعليا - تحديد ملامح المجتمع السعودي ، و ذلك لكونها ركزت على ضخ الفكرة ، و الاهتمام بتغيير المظاهر أولا ، - رغم انتباهها لذلك و لكن في وقت متأخر - .
( 4 )
في أحداث أزمة الخليج عام 1990/ 1991 م ، حدث زلزال اجتماعي كبير إثر انفتاح المجتمع السعودي على المجتمعات الأخرى ، و دخول القنوات الفضائية ، و الحرص الشديد على معرفة ما يحدث في العالم بعد تغييب كبير دام لسنوات .
في المرحلة انكشف المجتمع السعودي بشكل كبير ، فسقطت كثير من المظاهر الدينية ( التي أخذت تقليدا لا قناعة ) ، و بدأت رحلات السعوديون للخارج للسياحة و الاستكشاف ، و تأثروا كثيرا بما رؤوا ، بل وصل ذلك لحد الانبهار ..
هذه المرحلة لم غيرت بالفعل بعض الملامح التي رسمتها مرحلة الصحوة ، و أحدثت نوعا من الانقلاب على بعض المفاهيم ..
لكنها أيضا لم تستطع تشكيل ملامح حقيقية للمجتمع السعودي .
( 5 )
في عام 2001 م و بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر انفتح العالم كله على المملكة العربية السعودية ، و أصبح الباحثون في كل أنحاء العالم يمدون أبصارهم إلى المجتمع السعودي لدراسته و فهمه بطريقة صحيحة ، و مدى تأثره بالدين الإسلامي ، و الأنماط الموجودة فيه .
في هذه المرحلة نهشت المجتمع السعودي القوى السياسية و الأمنية و الدينية ، حيث مارست ضغوطا كبيرة للغاية لتغيير الخارطة الاجتماعية بكاملها ، و تشكيل نسيج آخر ، من خلال هز الثوابت الدينية لدى المجتمع السعودي ، ابتداء بتغيير المناهج التعليمية و ليس انتهاء بكبح جماح الإسلاميين بكل أطيافهم .
اتسمت هذه المرحلة بضغوط كبيرة تمت ممارستها على المجتمع السعودي من الداخل و الخارج ، على كافة الجوانب و الأصعدة ، و برز من أبناء هذه المجتمع من استلوا خنجر الغدر الاجتماعي فبدؤوا بمحاولة لزعزعة بعض الثوابت الاجتماعية والدينية ..
في هذه المرحلة تحديدا تكاثرت الظباء على المجتمع السعودي ، فلا يدري المجتمع أيها يصد و يرد ، و تأثر كثير من الشباب و الفتيات يعيشون مرحلة الازدوجية ، كما أصبح بعضهم ثوريا ( وهم على طرفي نقيض ) .
( 6 )
منذ العام 2006 م ظهرت قوى جديدة حلت بديلا عن مرحلة الصحوة الإسلامية ، حيث ظهر الليبراليون و هم في مركز القوة ، و أصبحوا - رغم قلتهم الشديدة و ندرتهم في المجتمع السعودي - يحركون المؤسسات الحكومية ، و يمارسون ضغوطا كبيرة و اضحة و صريحة و قد امتازوا بقوة الطرح ، و ملامسة الخطوط الحمراء على اعتبارها شفافية عالية .
في هذه المرحلة تتم محاولة وأد مابقي من آثار حركة الصحوة ، و دفن كل ما هو إسلامي ، و تشكيك الناس في الثوابت الدينية و الاجتماعية على حد سواء ، و أظنهم بالفعل بدأوا يحققون نجاحات سريعة للغاية كما فعلها من قبلهما الإسلاميون ..
نشهد حاليا و من خلال هذه المرحلة حربا شعواء على قيم المجتمع السعودي .
ذلك أما قبل ، أما بعد :
هل يمكن الآن أن نقول أن المجتمع السعودي استطاع تشكيل ملامح خاصة به ..؟؟
أم أنه لم يزل يعيش مخاضا عسيرا ستنتج عنه ملامح حقيقية للمجتمع السعودي ..؟؟
التحية لكم جميعا ..