المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا .. يقبل العزاء في موتي ..!!!


حمد الخالدي
15-10-02, 03:02 am
السماء في صفحة الأعلى .. حبرٌ مسكوب ..
تعلن الأشياء من حولي .. إقلاعها عن القسوة ..
إلا الشمس ..
وحدها الشمس .. لا تتوب ..

ومع ذلك أخرج .. أخرج بحثاً عن داخلي الذي هرب مني لحظة اكتشافٍ رهيبة ..
أخرج لأغير خريطة السكون المرسومة بقلم الظهيرة ..

كان لا بد لأحدٍ أن يوقظ الأرصفة ..
من الخطأ أن تنام الأرصفة نهاراً .. لتسهر ليلاً على أنغام
الخطى .. من الخطأ أن يحدث هذا ..
ثم إنه في مثل هذا الوقت .. لربما في مثل هذا المقت ..
يكون للشتائم .. واللعنات .. مسوغاتٍ أشد إغراءً ..

" يلعن امّ القرف " .. أفتتح بها شهيتي .. ضد العالم
بمجرد أن يمرق العالم في قائمة سخطي .. تطلّ أمريكا
برأسها .. في صورة عاهرة تعلك كرةً أرضيةً .. بشكل يجعل
الاستفزاز يسيل على ركبتيها .. وهي تسأل :
هل نادى عليّ أحد ؟

تباً .. من أوهم أمريكا .. أن العالم .. اسمها الثاني ؟

أبحث في محفظتي عن هويتي .. لأتأكد أنني لست مخبراً ..
أرسم علم أمريكا في الفراغ بخيال حقدي .. وأبصق ..
" يلعن أبو أمريكا "

أتذكر أن أمريكا عاهرة ..
ليس لها أبٌ شرعي ..
منذ نعومة جلدها _ أقول ذلك وتنتحر الأفاعي .. احتجاجاً على التشبيه _ وهي تمارس الطمس .. لوجه الحقائق
حتى لا يكتشف أحد أنها بنت " .... "
وحدي اكتشفت ذلك قبل قليل ..
تكافئني سحابة مارقة بمطر ظل .. أفهم أنها معجبة بذكائي ..
أبتسم بخبث ..


وأكمل تغيير خريطة السكون بخطواتي ..
وحدي أتنفس الظهيرة ..
( لا أريد أن أكون وقحاً جداً ) وإلاّ فقد كان المفترض أن أقول :
إن الظهيرة تتنفس في فمي الآن ..
أتمنى ألا يعبر رجل أمن من هنا .. لا أعتقد أنه سيفهم ..
حاجة الظهيرة لاطفاء شبقها في صدر أحدٍ ما ..
أتخيل نفسي في علبة كبريت .. أمامي بدلة عسكرية .. تلبس رجلاً .. ( أو لربما العكس .. لا أدري ) ..

_ من أنت ؟
_ لستُ متأكداً
_ هل أنت إرهابي لتسير في الظهيرة ؟
_ لا .. أنا فقط أحاول أن أكون إنساناً ..
_ أين لحيتك ؟
_ نسيتها في عمري القادم .. ربما ..
_ هل سبق أن اختطفت طائرة ؟
_ نعم
" كل الأشياء تنطق صمتاً عدا عقارب الساعة .. وصوت بلعوم البدلة العسكرية .. تزدرد ريقها " :

_ كيف ومتى حدث هذا ؟
_ كانت مغريةً كأنثى .. لرجلٍ قضى ثلاثة أعمار أخرى في السجن .. ولم يمت .. وحده السجن مات فأطلقوه ..
كان " محمد " يخفيها عني .. حتى لا يمنح لفرحتي أجنحة ..
راقبته لثلاثة أشهر كاملة .. وفي الأخير عرفت أنه يخفيها خلف الكتب التي لم تقرأ جهلنا منذ غباء .. فماتت يأساً على تراب رفّ ..
_ من محمد ؟
_ أخي الأصغر
_ يخفي طائرة في رف كتب ؟
_ وكانت عسكرية
_كم عمره ؟
_ عمري 24
_ سألتك كم عمر أخيك
_ أكبره بعقدين .. وأصغره بحلم ..

وحش حديدي يزأر فجأة ..
وفي بطنه رجل لم يُهضم تماماً بعد .. يصيح :
يا أعمى ..
لأكتشف أنني لستُ في علبةكبريت .. وأن الشمس لا تحتاجني عود ثقابٍ .. لإشعال الظهيرة
أبتسم لأنني لا أستطيع البكاء ..
وحتى لا أكون عالة على الوطن .. كان لا بد أن أفعل شيئا
فسرت في الظهيرة ..
وابتسمت بعد أن عجزت عن البكاء ..

بعد كل مائة خطوةٍ .. من تاريخ العَرَق ألتفت للخلف.. لمستقبلي ..
أستحثه على السير .. فيلهث ..

السماء لا تمطر في وطني ..
ومستقبلي يلهث ..
السماء لا تمطر في وطني ..
وكلنا نبكي ..
كم نحب سماء الوطن .. نسرق الأحزن منها لتظل دون دموع ..
ونظل نبكي ..

" من السهل أن تخدع بعض الناس .. كلّ الوقت ..
من السهل أيضاً .. أن تخدع كل الناس .. بعض الوقت ..
ولكن ..
من الصعب جداً ..
أن تخدع كل الناس .. كل الوقت "

أتذكر هذا القول .. ويسير بجواري طيف " الأستاذ أسامة "
لا أدري إن كان صوته يشبه الماضي .. أم أن أذني ّ لهما انحناء تاريخ الوطن ..
لكل قاعدة شواذ يابنيّ .. يقول طيفه .. وهو يسير جواري ..
يحنقني أن طيفه لا ينّز عرقاً .. أعقد حبل سؤال حول عنقه
وأبدأ في شنقه :
لماذا العرب وحدهم وطنٌ تتحقق فيه تلك الأشياء " الصعبة جداً " ؟
أسير على رصيف الظهيرة ..
أسير على قدمي وأقف عند الإشارات .. تحسباً لتغير القوانين فجأة ..
ربما يجعلون للأقدام رخص سيرٍ يوما .. ربما ..
يقهقه راكب السيارة بجواري .. فأتهمه بقراءة السؤال
الذي ينحفر بعيدا .. في وحل الشماتة :
هل سنكون بثلاثة أصابع في كل قدم ؟
لتحقيق شرط : ثلاثة أرقام ،، ثلاثة أحرف ..

أسير على قدميّ .. وأنظر للخلف .. ليس لأنني جبانٌ
ولكن .. لأن مستقبلي .. يلهث كثيرا ..يجمع قمم أصابعه على بعضها ..
" بعد أن فشلوا هم في الاجتماع في قمةٍ واحدة " ..
يهزّ يدّه .. تحريضاً لي على الانتظار ..

الأمام ليس لي ..
الأمام .. للماضي ..
هكذا تقول الظهيرة .. وقبر جدي ..

كم هذا الوطن موغلٌ في وهب فرص العَظَمة ..
كل ماعليك أن تكون عربياً .. ( لن يشكل فارقاً أن تكون ميّتاً )
وتنتظر دورك .. ( عفواً .. لن تكون موجوداً وقتها لتتأكد من وصول الدور )
وحدهم الذين يشبهون الملائكة في قلبك .. سيبكون عليك ..
سيبكون عليك .. وصورتك على الشاشة تضحك ..
مكتوبٌ بخطٍ أنيق .. ربما يكون حبره من دمك :
أحد مدبري الحادث ..

سأخبر الظهيرة أنها فاشلة .. وسأخبركم :
كونوا مثلي ..
فأنا لم أذهب لأفغانستان .. ولم أدرس الطيران سوى مرتين :
مرّة .. حينما أفاقت عيناي بوجه أمي ..
وأخرى .. حين تعثرت في قدم " طفلة النقاء " .. تلك التي تملك قدرةً مدهشةً على النوم في تلك المساحة الصغيرة ..
" كأحلامي " .. بين سُلّمتي درج ..

كونوا مثلي .. فرغم كل ماسبق .. إلا أنني أنتظر دوري في الانقضاض على أعين روّاد المقاهي .. كذاكرةٍ تنقضّ على وحيد ..
أفعل ذلك من خلال شاشة .. تضحك فيها صورتي ..

الظهيرة كالثلج .. كالثلج تماماً ..
بيضاء .. واضحة .. لا تخفي خلفها أملاً بحديقةٍ وأطفال يلعبون ..
أحب الظهيرة .. وأكره تعبي ..
أحب الظهيرة .. وأحب سجّادة أمي ..
أحب الظهيرة .. وأعشق مدينتي ..

أحب الظهيرة .. وأتذكر قولاً آخر :
" أعظم الاكتشافات .. تلك التي تأتينا ونحن نسير "

تتّبخر السماء .. ولا تعود حبراً مسكوباً ..
لعلّها تخشى أن يكتب بها أحدهم كلاماً غبياً كما فعلت أنا ..
تتبخّر السماء .. وتبكي الشمس على رحيل الوطن ..

أهزّ جسد طفولتي النائمة فيّ بذكريات اليتم ..
أتحسس خدي الأيمن لأذكرها بصفعة جدي .. الأولى والأخيرة .. ولا أبكي .. يرفض جدي أن يخرج على شاكلة شيءٍ .. قابلٍ للمسح ..
كم هو عظيم جدي ..


أكره الظهيرة .. وأشتاق لتعبٍ .. يغيّبني ..
أكره الظهيرة .. وأكره تعصب مدينتي ..
أكره الظهيرة .. وأكره الاكتشافات العظيمة .. التي ترافقنا في السير ..
أكره الظهيرة .. وأكره معرفة أن صاحبة هذه السجادة ..
فوق رأسي .. هي أمي التي لم تعد هنا .. ولم تزرني في أحلامي .. حتى الآن ..



كُتبت في الطريق لصلاة الجمعة ..
على صفحة هواء .

أتس مي .. :)

عبدالله30
16-10-02, 12:32 am
تحية طيبة00

هنا يشرفنا التبريكات لكاتب الروعة والابداع المتواصل0


خالص تحياتي

بردقانه
16-10-02, 12:49 am
it's me

كم انت مُبدع حفظك الله من كُل مكروه.

بارع في سياق هذه الكلمات الى الامام والله من وراء القصد.




تحياتي وفائق احترامي. بردقانه

حمد الخالدي
16-10-02, 01:15 am
أخي عبدالله30 ..
في وطني .. كان " الإنسان " .. إنساناً .. فأصبح الآن :
" تهمة " ..
هل ألتمست الفجيعة معي ؟
أن يوصي عصفورٌ إبنه بخيرٍ فيقول :
يابني إياك أن تكون إنساناً !!!
أو أن تكون هسهسة سعفات نخلٍ ..
مشاوراتٍ في هل يستحق الانسان ذاك الظل .. أم نعلن الشمس ؟
لا أدري ..
ربما أتى ذاك اليوم .. الذي يكون فيه جلدنا لذواتنا ..
أن نقف أمام مرآة ..
ونردد بوحشية : أنا إنسان ..

سأكون هنا دائماً يا أخي ..
في مكانٍ يسمح لي برؤية الهزيمة .. من أكثر الزوايا إذلالاً ..
وسأحلم دوماً .. ب " هناك "
مكانٌ لا يكون فيه الانسان تهمة .. ولا يستخسر فيه المطر سقوطاً نحو الأسفل ..
عبدالله 30 ..
عصافيرك أمانة في عنق سمائك ..
سأهرب الآن ..

حمد الخالدي
16-10-02, 01:24 am
بردقانه ..
يساورني يقين أن اللغة أنثى فاتنة ..
حتى تبتسم لكَ .. يجب أن تؤمني بدمك .. بعروق الورق ..
وفرضية النزف جرحاً بقلم ..
قد تعيش بعدها ..
وقد تموت ..
في الحالتين .. سيكون موتك رائعاً ..
ستترك لورثتك / عيون المارة .. وصفاً دقيقاً .. في كيفية تحوّل الهزائم .. لانتصاراتٍ أُخَر ..
أسعى لموتٍ كهذا ياسيدتي ..
وأحبّ ورثتي / عيون المارة ..
لذا لن أُسْمهج الحروف .. سأجمع مايليق ..
ثم أطعنني بشغف ..
لأكون حقيقاً .. بفراشاتكم .. وزهورٍ لكم على شاكلة قلوب ..

بردقانه.. اختصرتي عليّ الأمنيات .. حين كنت أنتِ
فالخير دائماً .. يكون بخير ...

أتس مي .. :)

فريـــد
16-10-02, 01:35 am
اتس مي

لو اخترت اسماً عربياً

لكان لكلامك هنا وقعاً أجمل ..

مفردتك رائعة .. ووقعك جميل .. , وعندما أقراء في أحد موضوعاتك .. أتخيل أنني في واحة غناء لايكدر صفوها شيئاً ..

لك تحياتي على روائعك التي تكتبها هنا ..

وعلى فلسفتك الجميلة التي تمتعنا بها من حين لآخر ..

صدقني : بعض ردودك .. أجمل من بعض المواضيع المطروحة هنا :p

حمد الخالدي
16-10-02, 02:03 am
كاتب الرسالة الأصلية تقهو
اتس مي
لو اخترت اسماً عربياً
لكان لكلامك هنا وقعاً أجمل ..

هل تكرمت أخي الفاضل بالإحتفاظ لدهاليز ماذكرت لنفسي ..
أو .. اممممممم ..
أعتبر أتس مي .. أشباح جميلة ترقص في جمجمة مواطن عربي ..
ولكن إلى أين ذاهبة بنا تلك العروبة .. وماهي صانعة بنا الآن :rolleyes:

شكراً لطيب ثنائك .. ( أخجلتموني ياأخوان ) :o :o

3bdullah
17-10-02, 03:09 pm
_


اندثرت رؤووس الاقلام هنا وهناك ...علمت ان هذا القلم سيرى اكبر هوة بيضاء عبر فضاءات تعج بالسواد ..


وبما انني مترقب لقدوم هذا القلم منذ البدااية ..فاجدني ابتسم ابتسامة الرضا والجذل لمثل هذا النزف..



اعذرني لتجهمي ..! لكن انت من اتيت بما لم يكن لي مطمع ان ابحث عنه ...وبعد وجوده اجدني ادمنت النهل من هذا النبع ...


سأظل اترقب قطرات اخرى لحبر هذا القلم ...



_________________
---------------------------------

أعتبر أتس مي .. أشباح جميلة ترقص في جمجمة مواطن عربي ..
ولكن إلى أين ذاهبة بنا تلك العروبة .. وماهي صانعة بنا الآن
==================


هنا اقف احتراما ...__ تستحق رفع القبعاااات احتراما....___





_______
همسه: تستحق الثبيت!

حمد الخالدي
18-10-02, 04:52 am
أي قبعات أيها الجميل .. :)
فكما قيل .. ( العين لاتعلو على الحاجب ) ..
صديقي 3bdullah ..
ماذا لو تنهدّ الهواء ؟
ماذا لوكان للهواء صدراً ؟
ماذا لو احتاج الهواء بشراً أنقياء من دخان الواقع يتنفّسهم ؟
توقف هنا ياصاحبي .. تنهد من جديد .. وسأكمل ....
ماذا لو لم يجد ؟
ماذا لو أصبح صدره ضيّقاً حَرَجاً .. كزنزانةٍ يُحبس فيها اللسان العربي ؟
ماذا لو ذبلت رئتاه كزهرةٍ تدعى الدرّة .. ومات ؟
تنهدّ ياصاحبي تنهّد ..


أخي .. حين قرأتك .. لم أهتم بكيفية الذي حدث ..
( استمتعت به فقط ) :)
هنا .. يقبل العزاء فيّ .. وفي الهواء أيضاً ..

أتس مي :)