زاد الذاكرين
18-09-09, 04:10 pm
جلس الحسن البصري - رحمه الله - في جنازة النُّوار امرأة الفرزدق وقد اعتم بعمامة سوداء، وأسدلها بين كتفيه، والناس بين يديه ينظرون إليه، فوقف عليه الفرزدق وقال: يا أبا الحسن يزعم الناس أنه اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم! قال: من ومن؟ قال: أنت وأنا؛ قال: ما أنا بخيرهم، ولا أنت بشرِّهم، لكن ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة؛ قال: نِعْمَ والله العدة.
من العجب أنك ترى كثيراً من المسلمين يسأل عن القيامة وأهوالها متى هي؟ وما صفتها؟ ووو...؛ بينما تجده في الواقع لم يعد العدة، ولم يستعد للقاء، حاله كحال الرجل الذي قام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ فبسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجهه فقلنا له: اقعد فإنك قد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يكره، قال: ثم قام الثانية فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: فبسر رسول الله - صلى الله عليه و سلم- في وجهه أشد من الأولى، فأجلسناه، قال: ثم قام الثالثة: فقال يا رسول الله متى الساعة؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ويحك وما أعددت لها)) قال: أعددت لها حب الله ورسوله، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اجلس فإنك مع من أحببت))1؛ وفي رواية2: فقلنا: ونحن كذلك؟ قال: ((نعم))، ففرحنا يومئذٍ فرحاً شديداً، فمرَّ غلام للمغيرة وكان من أقراني3، فقال: ((إن أُخِّر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة)).
أيها المسلم: كيف تغفل عن الإعداد لها وأنت تعلم أن نبيك - صلى الله عليه وسلم - قد وصف حال أهلها فقال: ((إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين، فتصهرهم الشمس، فيكونوا في العرق كقدر أعمالهم، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاماً))4؛ وأبلغ من ذلك وصف رب العزة لها إذ يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}5.
يوم القيامة .. وما أدراك ما يوم القيامة؟ ثم ما أدراك ما يوم القيامة؟ يوم الحسرة والندامة، يوم يجد كل عامل عمله أمامه، يوم الدمدمة، يوم الزلزلة، يوم الصاعقة، يوم الواقعة، يوم الراجفة، يوم الرادفة، يوم الغاشية، يوم الداهية، يوم الآزفة، يوم الحاقة، يوم الطامة، يوم الصاخة.
قال محمد بن كعب القرظي: "يحشر الله الناس يوم القيامة في ظلمة، تطوى السماء، وتتناثر النجوم، وتذهب الشمس والقمر، وينادي منادٍ فيسمع الناس الصوت يأتونه فذلك قول الله: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ}6.
أيها المذنب المقصر: بالله عليك كيف سيكون جوابك عن عمرك فيما أفنيته، وعن شبابك فيما أبليته، ومالك من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته، وعلمك ماذا عملت به؟
اسمع إلى الحسن البصري إذ يقول: "ما ظنك بأقوام قاموا لله على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة، لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى إذا انقطعت أعناقهم من العطش، واحترقت أجوافهم من الجوع، انصرف بهم إلى النار، فسقوا من عين آنية، قد أتى حرُّها، واشتد نضجها"، فاللهم أجرنا من هول القيامة وسكرتها، وثبتنا على الدين حتى نلقاك وأنت راض عنا، والحمد لله أولاً وأخيراً.
--------------------------------------------------------------------------------
1 رواه أحمد برقم (12726) وقال الأرنأووط إسناده قوي بنفس الرقم.
2 رواه البخاري برقم (6167).
3 والحديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
4 رواه مسلم برقم (2864).
5 الحج (1-2).
6 طه (108).[/align]
من العجب أنك ترى كثيراً من المسلمين يسأل عن القيامة وأهوالها متى هي؟ وما صفتها؟ ووو...؛ بينما تجده في الواقع لم يعد العدة، ولم يستعد للقاء، حاله كحال الرجل الذي قام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ فبسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجهه فقلنا له: اقعد فإنك قد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يكره، قال: ثم قام الثانية فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: فبسر رسول الله - صلى الله عليه و سلم- في وجهه أشد من الأولى، فأجلسناه، قال: ثم قام الثالثة: فقال يا رسول الله متى الساعة؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ويحك وما أعددت لها)) قال: أعددت لها حب الله ورسوله، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اجلس فإنك مع من أحببت))1؛ وفي رواية2: فقلنا: ونحن كذلك؟ قال: ((نعم))، ففرحنا يومئذٍ فرحاً شديداً، فمرَّ غلام للمغيرة وكان من أقراني3، فقال: ((إن أُخِّر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة)).
أيها المسلم: كيف تغفل عن الإعداد لها وأنت تعلم أن نبيك - صلى الله عليه وسلم - قد وصف حال أهلها فقال: ((إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين، فتصهرهم الشمس، فيكونوا في العرق كقدر أعمالهم، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاماً))4؛ وأبلغ من ذلك وصف رب العزة لها إذ يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}5.
يوم القيامة .. وما أدراك ما يوم القيامة؟ ثم ما أدراك ما يوم القيامة؟ يوم الحسرة والندامة، يوم يجد كل عامل عمله أمامه، يوم الدمدمة، يوم الزلزلة، يوم الصاعقة، يوم الواقعة، يوم الراجفة، يوم الرادفة، يوم الغاشية، يوم الداهية، يوم الآزفة، يوم الحاقة، يوم الطامة، يوم الصاخة.
قال محمد بن كعب القرظي: "يحشر الله الناس يوم القيامة في ظلمة، تطوى السماء، وتتناثر النجوم، وتذهب الشمس والقمر، وينادي منادٍ فيسمع الناس الصوت يأتونه فذلك قول الله: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ}6.
أيها المذنب المقصر: بالله عليك كيف سيكون جوابك عن عمرك فيما أفنيته، وعن شبابك فيما أبليته، ومالك من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته، وعلمك ماذا عملت به؟
اسمع إلى الحسن البصري إذ يقول: "ما ظنك بأقوام قاموا لله على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة، لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى إذا انقطعت أعناقهم من العطش، واحترقت أجوافهم من الجوع، انصرف بهم إلى النار، فسقوا من عين آنية، قد أتى حرُّها، واشتد نضجها"، فاللهم أجرنا من هول القيامة وسكرتها، وثبتنا على الدين حتى نلقاك وأنت راض عنا، والحمد لله أولاً وأخيراً.
--------------------------------------------------------------------------------
1 رواه أحمد برقم (12726) وقال الأرنأووط إسناده قوي بنفس الرقم.
2 رواه البخاري برقم (6167).
3 والحديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
4 رواه مسلم برقم (2864).
5 الحج (1-2).
6 طه (108).[/align]