المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أرض نجران “كنز”... ومدينة الوديعة اقتصادية


إبداعات
03-09-09, 01:18 am
د . عبدالله مرعي بن محفوظ
قبل أعوام وفي زيارتي لمحافظة شروره، ذكرت لشيخ شمل قبائل (الصيعر) العم سالم بن ‏مسعد بن رميدان الصيعري، بان هناك شركة بترولية تنقب عن البترول والغاز اسمها شركة ‏‏“جنوب الربع الخالي” وسوف تبدأ أعمالها في تسعة مواقع وسط رمال الصحراء بالقرب من ‏شروره والخرخير، واقترحت بتوجيه أبناء المنطقة بعد الانتهاء من الثانوية العامة الي الإعمال ‏المهنية في الميكانيكا والكهرباء والالكترونيات لأن الوظائف القادمة تبحث عن المهنيين، ‏وذكرت لهم بان أبناء ارامكو السعودية لا يعرفون المستحيل ويعملون بصمت وسط الرمال، ‏ولعل حقل شيبة اكبر دليل.‏
في مطلع أغسطس 2009م أعلن رسمياً عن اكتشاف الغاز الذي بدأ يتدفق من المنطقتين الرابعة ‏والخامسة بمعدل إجمالي يبلغ 90 مليون قدم مكعبة يوميا من بئرها المسماة (كيدان-6 ) وهي ‏تبعد عن مطار شروره حوالي 338 كيلو متراً وبالقرب من محافظة الخرخير بحوالي 130 ‏كيلو متراً، والشركة لازالت لديها أربعة مواقع أخري تحت إجراء الاكتشاف.‏
على العموم هذا الاكتشاف العظيم يجعل من جهود مجلس الأعمال السعودي اليمني التابع ‏لمجلس الغرف السعودية يقتنع بان مشروعهم في إقامة منطقة حرة في الوديعة اصبح واقعاً ‏واجب التنفيذ وليس حلما غير قابل للتطبيق ، خاصة بعد اكتشاف بحيرة مائية كبيرة مطمورة ‏من المياه العذبة، وكان أول من سعى الي الاستفادة منها بجهود المنطقة المحلية الأمير مشعل ‏بن سعود أمير نجران السابق.‏
الربع الخالي منطقة عظيمة حيث تبلغ مساحتها حوالي 650 ألف كيلومتر مربع ، وعرضه ‏حوالي 650 كيلومتر، ويقع حوالي 80% من الربع الخالي ضمن حدود المملكة العربية ‏السعودية ويسكنها مليون مواطن من القبائل العربية العريقة منها يام العظيمة في الجزء الجنوبي ‏الغربي، وكذلك آل مرة وآل كثير وآل راشد والعفار وآل خوار في الشرق، وقبيلة الصيعر ‏الكندي في الجنوب بالقرب من شروره، وقبيلة المناهيل في الخرخير، وقبيلة المهرة في ‏الجنوب حول مناطق الحدود مع عمان واليمن، وقبيلة الدواسر في الجزء الغربي، وقبيلة ‏المناصير والعوامر في الشمال الشرقي ، ومع هذا الكنز المدفون فكل هذا القبائل تعيش الي ‏اليوم حياة بسيطة ومعتمدة في الأساس علي الوظائف الحكومية وبعض إعمال التجارة والزراعة ‏البسيطة.‏
للأسف الاستثمارات الكبيرة تتجه نحو المدن الرئيسية، وكان واقع الحال يقول لا احد يريد ان ‏يتعب في البحث او يتفاعل مع المجتمع (البدوي)، لذلك فان الحكومة حين وجدت القطاع ‏الخاص لا يريد ان يتحرك، قامت في تأسيس مشروعات عملاقة في كل من جازان وحائل ‏ونجران وتبوك أملا في استقطاب رؤوس الأموال المتوسطة واعتماد الهجرة المعاكسة لأبناء ‏المنطقة من المدن الكبري، ومع ذلك فالقطاع الخاص يتثاقل في حراكه وينتظر النتائج، وهذا ‏الحال مشاهد ومستمر في منطقة نجران التي تقع ضمن حدودها (الربع الخالي)، وهي الي ألان ‏منطقة بكر وتعتبر العمق الاستراتيجي للسعودية مع جيرانها عمان واليمن، ونحن نثمن جهود ‏الأمير الشاب مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز في دعم الحراك الاجتماعي بشفاعته عند مقام ‏خادم الحرمين الشريفين والنائب الثاني التي أثمرت بفرحة عارمة في المنطقة وكذلك بدعم ‏غرفة نجران ودعم شركة نجران القابضة التي لها سنوات تبحث عن الانطلاق، ولعل دعم ‏الأمير لهذا القطاعين سوف يسهم في تحريك المياه الراكدة في الإعمال الاستثمارية.‏
كذلك محافظة الوديعة تعتبر ذات موقع استراتيجي في مفهوم الدول داخل الاتحاد الأوربي وفي ‏مفهوم الأتراك مع اوربا وفي مفهوم الأردن مع سوريا، ونحنُ يجب ان نجعل الوديعة ميناء ‏بري لمجاورتها مواني بحرية على البحر المفتوح يعتمد عليها في الملاحة الدولية، ويمكن ‏استثمار ميناء المكلا مثل ما حصل في عدن، حيث نجح المستثمر السعودي المهندس عبدالله ‏احمد بقشان، في فتح بوابة جديدة لبضائعنا السعودية لتعزيز سهولة النقل والتصدير إلى دول ‏العالم وبصفة خاصة الي إفريقيا. ‏
ان منطقة الإخاء الاقتصادية في الوديعة التي اقرها مجلس التنسيق السعودي اليمني، قادرة بان ‏يكون الــ (‏Hub‏) الذي يربط بين الخط البري الرئيسي رقم (15) من نجران الي جازان حتى ‏أقصى الشمال السعودي والخط البري رقم (10) من شروره حتى الرياض ومنها الي دول ‏الخليج ، والمنطقة (الحرة) تستند في كيانها الاقتصادي على دراسة المصورات الجوية لجزء ‏من صحراء الربع الخالي التي قدمها لنا القمر الصناعي ‏LANDSAT‏ من وكالة الفضاء ‏الأمريكية ناسا عام 1993م، والصور توضح حقول النفط والغاز، خاصة وان الدكتور فاروق ‏الباز مدير مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن الأمريكية، اكتشف كذلك بأن هناك نهراً ‏كان موجوداً قبل ستة آلاف سنة وأصبح مطموراً يبلغ عرضه 8 كيلو متر وطوله 800 كيلو ‏متر، وكان يعبر قلب الجزيرة العربية ومنبعه من جبال الحجاز ويمتد ويتفرع إلى دلتا التي ‏تغطي أجزاء كبيرة من الكويت حتى يصب في الخليج العربي.‏
ختاماً مع وجود كنز الماء والغاز والبترول في الربع الخالي، الا ان هناك كنزاً آخر في نجران ‏وهو رمال الربع الخالي، وهي كفيلة من حيث كمياتها الهائلة لو أحسن استغلالها بنقل السعودية ‏إلى دولة رائدة في صناعة التقنية الحاسوبية التي تعتمد على مادة السليكون المستخلصة من ‏رمال الصحراء، فهل هذا المقال سوف يجد آذاناً صاغية ام نظل نقول ان الاستثمار في ‏الرياض وجدة والدمام كاف لنا.
المصدر: صحيفة المدينة، الأربعاء 02 سبتمبر 2009
رابط المقال:
http://al-madina.com/node/175262 (http://al-madina.com/node/175262)