المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقـرأهنا الحوارالمفتوح مع فضيلة" الشيخ" عبدالعزيزالقاسم


أباالخــــــيل
03-10-02, 12:38 pm
استفتح الحوار مع الشيخ بما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم


أشكر الشيخ عبدالعزيز القاسم على تفضله بالموافقة على استضافته في الوسطية وأستأذنه في افتتاح الحوار معه بالأسئلة الآتية،،،،،

السؤال الأول :
- في ظل التحولات الثقافية في العالم العربي..... هل ترى أن في الساحة الإسلامية السعودية تحولاً فكرياً ملموسا في المرحلة الراهنة؟

ج - نعم في المملكة تحول فكري واضح ، لكن علينا أن نستحضر أن التحولات الفكرية نشاط فكري متواصل ، و لو تأملنا في تاريخنا القريب لوجدنا التحولات و إن شئنا الدقة فلنسمها عمليات التصحيح حالة متواصلة و يمكن أن نقرأ ذلك في مختلف جوانب الحياة الفكرية : في أدبيات العقيدة فقد تضمنت موضوعات و آراء جديدة تشكل تحولا في الفكر السلفي فكتاب التوحيد مثلا هو التدوين الأول لمسائل قوادح توحيد الألوهية ، و توجد اجتهادات في مسائل العلاقة بالدولة فموقف أئمة الدعوة يعتبر تحول كبير في موقف أهل السنة في هذا المجال ، بل و داخل أدبيات الدعوة نجد مواقف متعددة من قضايا كثيرة كقضايا الموقف من المخالف مثلا ، و في المرحلة القريبة نلاحظ تحولات عديدة في الموقف من قضايا متنوعة منها مثلا السفر للخارج ، و إصدار الأنظمة ، و الإعلام ، نلاحظ هذه التحولات على مستوى الدعوة أيضا فالموقف التقليدي للسلفية هو رفض الإقامة في بلاد الكفار و الواقع حاليا هو إقامة معظم المؤسسات السلفية في بلاد الكفار و اتخاذها مقرات رسمية بكل ما يترتب على ذلك من التزام بالنظم القانونية ، و ما يجري في المرحلة الحالية هو امتداد لما جرى سابقا ، و لو تأملنا التغيرات الحالية فسنجدها تدور في فلك التغيرات السابقة ؛ ذلك أن خصائصها واحدة : فأهم القضايا محل الجدل مرتبط بما يمكن تسميته بمنطقة التماس بين الدين و الدنيا من الفكر الفقهي ، أي في النظام السياسي و قضاياه الفقهية ، و قضايا الاجتهاد و حقوق المخالفين ، و قضايا الاقتصاد و المعاملات .. و هذه المنطقة من الفكر الفقهي هي منطقة الرحابة و هي منطقة الأزمات أيضا فهي تفسح مجالا لتعدد الآراء لوجود الإذن الشرعي للممارسة البشرية و من ذلك إحالة الكتاب و السنة إلى الكون و التاريخ للتفكر و استخلاص السنن ، و الإحالة إلى الأمة عبر الشورى ، و الإحالة إلى الاجتهاد ، و السلطة و العقود و الأعراف .. فهذه الإحالات تقدم ثراء للفقه و في الوقت نفسه تبقى قيود الشريعة لتفرض للأمة صبغتها التي تميزها عن الأمم ، و من خلال تغيرات الواقع و كشفها عن ثغرات الاجتهادات السابقة تصبح التحولات الفكرية أو عمليات التصحيح حالة مجتمعية متواصلة لكن ترتفع وتيرتها مع تدافع ضرورات الواقع و معارفه و نقائصه . و منذ أزمة الخليج الثانية و الساحة الفكرية في المملكة تشهد عمليات تصحيح و تحول متواصلة و يظهر ذلك جليا بمجرد استعراض أسماء الكتب الصادرة و تصفح مسائل الفكر و الفتوى المطروحة ، و بطبيعة الحال فإن تلك الأفكار تشهد ميلادا و ترعرعا و ربما شيخوخة ، و تنتهي بها المسالك إلى حالة من الاستمرار أو الزوال بحسب نصيبها من موافقة نصوص الشرع و أحوال الواقع ، و في السنوات الأخيرة تدافعت مجموعة من الأسباب رفعت مستوى المراجعة و التصحيح فمنها الانفتاح الإعلامي الذي أوهن فاعلية التقييد الاحتياطي المحلي من جهة و طرح إشكاليات جديدة من جهة أخرى ، و من الأسباب اتجاه العلاقات الثقافية و ا لسياسية في المجتمع إلى مستوى رفيع من التحاور و التفاعل – مقارنة بالأحوال الماضية - و هو ما يتيح الفرصة للتفاعل المثمر ، و يفرض المراجعة لدى مختلف التيارات و الجهات . و هذا الواقع التحاوري الجديد هو أمل التصحيح و أمل الاستقرار من جهة أخرى ، فالتحولات قائمة و ملوموسة على هذا النحو .


السؤال الثاني:
- ما مدى دقة العبارة التي تقول " للفكر السلفي في المملكة صفاته الخاصة" ؟؟وهل توافق على ذلك؟ .

ج - هذا صحيح ، فقد تميزت السلفية في المملكة بعلاقتها الوثيقة بالدولة منذ دعوة الشيخ محمد رحمه الله ، و قدم ذلك للدعوة ثراء عمليا كبيرا في مختلف القطاعات ، لكنه ترك بصماته المهمة عليها ، و أكثر القضايا إشكالية هي تضخم أدبيات الشدة على المخالف و ارتباطها بقضايا التكفير هذا من ناحية و من ناحية أخرى اضمحلال الإهتمام بالحوار و الاقناع في مجال العلاقة بين الدنيا و الدين فمثلا صدرت الفتاوى بتحريم شراء كتب القانون و تحريم دخولها للمملكة في الوقت الذي تصدر الفتوى بوجوب طاعة ولي الأمر و تأثيم من يخالفه و ولي الأمر يحكم من خلال الأنظمة كما نعلم ، و النتيجة من هذا الاضطراب هي اضمحلال القدرة على تقديم فقه لأعمال الدولة يضبطها بالشريعة و يرعى مصالح الناس فنشأت الازدواجية التشريعية كثمرة لضعف التحاور . كما أن صلة الدعوة بالدولة أدى إلى اختلاط المواقف السياسية بالمبادئ الشرعية فأصبحت بعض المواقف مبادئ يراد لها التعميم في الوقت الذي لم تطرد حتى في تطبيقات الدعوة و المراجعة التي تتم في تراث الدعوة لم تصل إلى الوضوح الوشفافية رغم وجودها داخل هذا التراث نفسه ، هذه إحدى سمات السلفية في المملكة ، و من سماتها أيضا ضعف أدواتها البحثية فهل ننسى أن الاتجاهات الكلية في البحث الفقهي جاءتنا من المدارس المصرية و المغربية و لم تستوطن حتى الآن رغم سنوات العطاء الجامعي ، و هذا الضعف أوجد خللا كبيرا في الأولويات الفقهية أجلاها ظهورا عزلة الدراسات الفقهية والعقائدية عن القضايا التي تمس الحياة العامة الناس و الفقه مقصوده الأعظم العمل أو التغيير باللغة المعاصرة ، و من سماتها – سلفيتنا - أيضا ارتباطها بوسائل السلطة و هذا الارتباط أدى إلى تركيزنا على التغيير عبر مؤسسات السلطة و اضمحلال التغيير – خاصة مع التيارات الفكرية الحديثة - عبر الحوار و الدأب العلمي و الفكري و قد ترتب على هذا الواقع الضعف الفكري من جهة و ضآلة القدرة التغييرية ، و تبقى لدينا سمات إيجابية بلا شك منها كثافة التعليم الشرعي ، و القرب من الواقع مقارنة بالسلفية في كثير من البلدان و غير ذلك .

السؤال الثالث:
-لاشك أن لكل ثقافة أولويات ترتبط في بيئتها..... فكيف ترتب الأولويات الثقافية في المجتمع السعودي؟
ج - ترتيب الأولويات تحكمه مجموعة من العوامل منها التخصص و مدى العلاقة بالقطاعات و المصالح الحياتية فهي لا تخضع على المستوى الوطني أو الإقليمي للتقييم الفردي ، لكن لدينا مؤشرات عديدة يمكن إثارتها منها : الحاجة إلى إحياء فقه الكليات حتى ترتفع فاعلية الفكر الإسلامي في التأثير على الواقع و لتقليص التشرذم و الاختلاف حتى لا يعود على أصل التدين بالنقص كما يجري حاليا . ومن الأولويات إحياء ثقافة التأثير السلمي و الحواري لتحقيق الإصلاح في المجالات الثقافية و السياسية و تطوير أدواته الحديثة مثل أدوات الإقناع و الضغط و البحوث الموضوعية المتخصصة التي تبرز الحجج المصلحية بدلا عن محاولة التأثير عبر التشهير أو التهويل ، و من الأولويات إدماج المصالح الدنيوية في التفكير الديني لكي تحقق التوعية الدينية المصالح الدنيوية باعتبار المصالح الدنيوية من فروض الكفايات التي نأثم بتهاوننا فيها ، و يترتب على هذا الإدماج العمل الجاد على تقريب التخصصات الدنيوية – خاصة في العلوم الإنسانية – من الشريعة من خلال التعجيل بتوجيه الجهود نحو تدوين الفقه الكلي المرتبط بها كالكليات الشرعية في مجال الاقتصاد و الكليات الشرعية في مجال العلوم السياسية ، و الكليات الشرعية في علوم الاتصال .. و هكذا و من الناحية الأخرى تنشيط التفاعل مع هذه العلوم لتعجيل ميلاد علوم إنسانية متسقة مع شريعتنا و حاجاتنا و هكذا .. و على الضفة الأخرى فالتيارات الحديثة مطالبة بالتجديد و خاصة في اتجاه الاهتمام بالقيم الشرعية الكلية ، و استلهام أدوات الحوار الأصولية و الفقهية ، و توجيه اهتمام تلك النخب بالقضايا الإصلاحية التي تمس الحياة العامة للناس ..
السؤال الرابع:
- ليسمح لي الشيخ عبدالعزيز بنقل ما أسمع من أنه شخصياً مصنف ضمن تيار تنويري له أطروحات مخالفة للاتجاه السلفي..... فما رأيك ؟ و ما مدى صدقية هذا التصنيف من وجهة نظرك.

ج - يجب ألا يكون التصنيف هاجسا يحرك مواقفنا ، فالأصل هو الاجتهاد في اتباع الحق و مجاهدة النفس للتخلص من شهواتها طلبا لمرضاة الله تعالى ، و يبقى التصنيف بلا معنى لأنه استنزف في معارك فيها الحق و أكثرها باطل، و لو ذهبنا نتتبع الفرق الفرعية داخل هذا الاتجاه أو ذاك لوجدنا بعضها ينابز بعضا بالألقاب بالباطل في معظم الاحيان ، و لو كان للتصنيف حجية لكانت حجيته متناقضة فنقطة المثالية الشرعية - بغض النظر عن اسمها الذي نطلقه عليها – يستحيل تعريفها من خلال قواعد التصنيف و لهذا فلا مناص من تجاهله و الإقبال على الحدود الشرعية التي تتضمنها النصوص الشرعية . و من جهة أخرى فما الاتجاه السلفي الذي تشير إلى مخالفته فلدينا سلفيات متشرذمة بعضها يتبرأ من بعض ، و لهذا فالتحليل و التحريم – في الرأي – من خلال هذا المعيار يستحيل ضبطه و لن يستقر سوى الاحتجاج بالكتاب و السنة في مسائل الشرعية ، و لهذا ربما يكون السؤال الأفضل هو طرح القضايا من خلال النصوص الشرعية بدلا من الشعارات المذهبية ، و أنا شخصيا لا أبالي بالتصنيف لهذا الاعتبار و نتيجة لذلك فأنا لا أدعي هذه السلفية التي مزقها التشرذم و تعددت مرجعياتها و إنما هو النص أو الاجماع و قواعد الاستدلال المقررة في الأصول ، و الذين جربوا التميز بهذه الألقاب مزقتهم شر ممزق كما شاهدنا .

السؤال السادس:
- مما يثير القلق أحياناً في التحولات الفكرية المعاصرة قضية الحدود التي تقف عندها هذه التحولات وإن شئت فقل سقفها .....فهل من تعليق _مشكوراً.

ج - الحدود هي أصول الشريعة بطبيعة الحال ، و لكن لماذا لا نعكس السؤال لنقول
ما الحدود التي يقف عندها التشديد أو التقليد ، و الحدود التي يقف عندها الضعف العلمي ، و هكذا بمعنى آخر إن التغيير لم يظهر في مختلف المراحل إلا نتيجة للأزمة ، و الأزمة – من الناحية الفقهية - مصدرها خلل في الفقه السابق ، ف( الفقه الصحيح ) يحل المشكلات و لا يفجرها ، فإذا وجدنا في فقه تجاهل الإعلام هيمنة للإعلام الملتهب بإثارة الغرائز فلنراجع فقه تجاهل الإعلام ، و إذا وجدنا في فقه تجاهل الاقتصاد المعاصر هيمنة للاقتصاد الربوي فلنراجع هذا الفقه ، و على هذا المستوى فإننا نشاهد تحولات حتى داخل السلفية بفروعها المختلفة فاستخدام الإنترنت بهذه الكثافة يعتبر تحول هائل في الموقف من وسائل الإعلام و هذا التحول ناتج عن اكتشاف المصلحة رغم أن كمية الفساد الأخلاقي و الفكري في الانترنت أضعاف ما في وسائل الإعلام . و يمكن أن نقلب السؤال بطريقة أخرى لنتساءل عن سقف التحولات التي تمت في الفكر السلفي خلال العقود الأخيرة ما سقفها ؟. و نحن نشاهد في تلك التحولات مخالفات تناقض أصولا كبرى في الشرع مثل اقتران الولاء و البراء بأفكار مذهبية أو مؤسسية ، و منها تعطيل فروض كفائية بحجج مصلحية ، و منها التحاب و التهاجر على الموافقة و المخالفة ، و منها استباحة وسائل الإعلام التي نملك إليها منفذا يختص بنا .. فلماذا لم نطرح حدود التحول في هذه القضايا ؟. و في كل الأحوال علينا أن نستحضر أن الخصومة الكبرى إنما هي مع النظم القيمية التي تقتحمنا بها الحضارة المعاصرة المخالفة لقطعيات الدين ، و التأثير في هذه النظم القيمية لن يتحقق من خلال التفكير الجزئي بل من خلال النظم الكلية أو بصيغة أدق من خلال فهم النظم الكلية المعاصرة و تصحيحها ، و هذا النوع من العمل يتطلب جهودا هائلة قد تؤدي إلى أخطاء اجتهادية بيد أن ذلك الخطأ أهون من الإعراض عن المواجهة عبر الإنكفاء و الخلاص الفردي . و سيكون النقد و النصح ضمانة لتصحيح الأخطاء .

السؤال السابع:
- بصفتك متخصص في أصول الفقة إلا أن خصومك يتهمونك بالانشغال بالقضايا الفكرية وإهمال العلم الشرعي...... فهل تتفق معهم بأن الأولى مواصلة تحصيل العلم الشرعي بما في ذلك ثني الركب عند أهل العلم؟

ج- محور الإشكالية هنا في تحديد معنى العلم الشرعي فالفكر إذا تناول مصلحة دنيوية بما يتسق مع أصول الشريعة و إذا أردنا الدقة فلنقل بما لا يناقض أصول الشريعة فهو علم شرعي لأن المصالح الدنيوية من فروض الكفايات ، بل إن المصالح الدنيوية الضرورية مثل تحصيل القوة التي تحمي الدين و الأنفس فرض كفائي تأثم الأمة بعدم تحقيق الكفاية فيه ، و هو من جهة ثانية باعتباره من الضروريات مقدم على المصالح الحاجية فضلا عن التكميلية ، و من جهة أخرى فإن الاشتغال بالفقه الدنيوي أو فقه المعاملات بالمعنى العام الذي يشمل العلوم الإنسانية و غيرها أو ما يسمى بفقه العاديات اشتغال بالعلم الشرعي ، و لو قارنا بين الحاجة إلى هذا العلم و بين إيجاد مزيد من المتخصصين في فقه العبادات مثلا فسنلحظ بوضوح أن كمية الوفرة في الثاني – فقه العبادات – قد أسقطت الفرض الكفائي و زيادة في الوقت الذي تعاني الأمة من النقص الشديد في فقه العاديات باعتباره محتلا بكامله من قبل الفكر الغربي الحديث ، و ما نستنتجه من هذا هو أن فقه العاديات هو الفريضة العلمية المتعينة التي لم يقم بها من يكفي و يعلم كل متخصص مقدار الندرة التي تعانيها الجهات ذات العلاقة في الداخل و الخارج ، و ما يثلج الصدر هو اتساع الاهتمام بهذا المجال في الفترة الأخيرة ، و لهذا تعتبر المملكة أضخم أسواق الكتاب الفكري حاليا على مستوى الدول العربية رغم أنها أقل من عشر العالم العربي بكثير . و هذا الاقبال يكشف من جهة أخرى ضخامة الفراغ السابق .

السؤال الثامن:
- يعتبر موضوع الأخلاق أو على حد تعبير بعض الفضلاء "حراسة الفضيلة" أحد محددات الفكر الإسلامي في المملكة، ألا تشعر بخطر يهدد الأخلاق بسبب رواج ما يسمى بالأفكار التنويرية التي تجرف المجتمع نحو تتبع الرخص المؤدية إلى الإضرار بالمعروف ونشر المنكر؟.

ج- الفضيلة قيمة إنسانية و تعظيمها لا يختص به مجتمع دون غيره و إن تفاوتت فيه الأمم بلا ريب ، و لهذا قد تسقط حكومة كاملة في مجتمع غربي بمجرد فضيحة أخلاقية لأحد رموزها في الوقت الذي تعتبر فيه الفواحش الكبرى امتيازات مقدسة لدى رموز القوة – سياسيا و ماليا .. - في المجتمعات الإسلامية ، و من جهة أخرى فإن تنظيم المجتمعات المعاصرة قد قامت بتنظيم حماية الفضيلة بقوة تفوق ما نتميز به بمراحل لا توصف ؛ إذ يكفي أن يتورط الطبيب مثلا في استغلال مريضته ليتم حرمانه من ممارسة المهنة على التأبيد إضافة إلى الحبس و التشهير ، و قد نشر الإعلام الأسبوع الماضي خبر المحامية التي تورطت في الفاحشة مع موكلها فعصفت بها إجراءات المحاسبة التي ستنتهي بها إلى الحرمان من المهنة بموجب قانون ينظم ذلك . و تتبع تنظيم حماية العرض في الحياة المعاصرة يطول ، بيد أن هذا لا ينفي وجود اختلاف جذري بيننا و بين المجتمعات المعاصرة في معايير الأخلاق كاستباحتهم للزنا الاختياري بين البالغين ، و استباحتهم للخمر و الشذوذ .. و ما أردته من هذه المقدمة هو التأكيد على تفريطنا الشديد في حماية الفضيلة عبر الوسائل الفعالة ، و لن يجدي التركيز على ما يمكن تسميته بالتصعيد الفقهي من خلال الهواية المفضلة التي يمارسها بعضنا و هي الاشتغال بحسم الخلافيات التي وسع الأمة الاختلاف فيها منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم ، و قد وقع مجتمعنا في هذا الفخ فعليا فكلما ظهرت مسألة خلافية انطلقت مباراة علمية هدفها حسم الخلاف و ليس معالجة الواقع بالوسائل العديدة المتاحة . و من هنا فالخطر على الأخلاق يكمن في غياب التجديد الذي يستثمر الأدوات المتاحة لحماية الاخلاق ، و لنضرب مثالا لهذا بما يسمى في فلسفة الأخلاق بالأخلاق العملية و هو علم مستقل ما كتب في فروعه الطبية من أبحاث تتوخى حماية الأخلاق في مجال الطب يتجاوز مجموع ما كتب في الحسب في الفكر الإسلامي ، و الثمرة الطبيعية لهذا التفاوت بيننا و بينهم في الأدوات هي الفقر الشديد في فقه الفضيلة في المجال الطبي ، و ما يقال في الطب يقال في العلاقات المهنية الأخرى و الأماكن العامة فضلا عن غيرها . و إذا توهمنا أن الفضيلة تحرس بتصعيد الخلاف فإن أمامنا مهمة جسيمة تتمثل في اجتثاث ما يخالف اختياراتنا من كتب الفقه و الآثار بل و النصوص ، و هذا مرتقى صعب ، و لا أعلم كيف يمكن التعدي على حدود الله المحكمة من خلال الرخص ، و أختم بأن من الجور اختزال الدعوة إلى التصحيح في أفكار تطرح هنا أو هناك في هذه الرخصة أو تلك ، في الوقت الذي تعالج الدعوات التصحيحية الوسائل الحديثة لتسخيرها لحماية حدود الله و تحقيق العبودية له . و تقبل تقديري أخي د. محسن و جميع القراء .

أباالخــــــيل
03-10-02, 12:40 pm
س الا ترى ان من الافضل ان يعرف الناس ان الصحابة رضي الله عنهم و ارضاهم ما هم الا بشر لهم من الذنوب و الخطايا ما لغيرهم و ان اعمالهم تقاس بميزان الشرع دون تقديس.

أخي الفاضل مغوار :

ج- بلى الواجب أن يعرف الناس أن الصحابة رضي الله عنهم بشر و أن أعمالهم تقاس بميزان الشرع دون تقديس ، و لكن ما أشرت إليه من تحولات في التعامل مع هذا الموضوع من الإنصاف أن نربطه بظروفه التي صدر فيها أعنى فترة الصراع مع إيران الثورة ، و السؤال الأهم هو في ظل الظروف العصيبة التي تمتهن فيها الأمة حضاريا و عسكريا هل يمكن اعتبار التجاذبات في هذا الموضوع أولوية قصوى تلهب الحوار و الخصومة ؟. ثم هل يمكن أن نتوسل بخصومات عهد المحنة لتكون مدخلا لإصلاح علاقاتنا الحالية و أنظمتنا ؟. لماذا نسعى إلىتعقيد الواقع المعقد بتاريخ المحنة المظلمة التي عصفت بالأمة في عهد خير الأجيال بشهادة الوحي . لماذا لا ننتقل من إصلاح المواقف إلى إصلاح العمل الحالي خاصة مع اجتماعنا على كليات الشريعة وكليات المصالح ؟ .

سالم العابر مع التحية و التقدير .

1س) ماالدور الذي يلعبه علماء المملكة --خاصة هيئة كبار العلماء-على الساحة الاسلامية وخاصة في القضايا المعاصرة السياسية منها والاقتصادية؟؟..

ج- دور هيئة كبار العلماء في المملكة محدد باللائحة التي شكلت الهئية فهي مختصة بتقرير ما تراه فيما يحال إليها من قضايا ، و الإحالة إليها من صلاحيات الملك فهي جهاز داخلي ضمن مؤسسات الدولة و مرتبطة بسياسات الدولة بطبيعة الحال و هي تقوم بهذا الدور في الحدود التي نعرفها جميعا من خلال أبحاثها و قراراتها و فتاواها . و ما تشير إليه في السؤال هو دور النخب الثقافية جميعا و ليس الفقهاء بشكل خاص أو فقهاء الهئية بشكل أخص . و المؤلم حقا أن تكون نخب الأمة بهذه الشرذمة و الضعف حتى تهاوت الأمة و ترهلت المؤسسات الحكومية .

س2) ما تقييمك للفكر الجهادي الذي يحملة تنظيم القاعدة؟...

ج- لم يتبلور فكر واضح بعد فالقاعدة تجمع جهادي أكثر من كونها وحدة فقهية واضحة و السؤال الأهم هو مستوى الفكر السياسي للقاعدة لأن مجمل قواعد فقه الجهاد مرتبط بالقدرة و المصلحة فالفكر السياسي هو الجناح الأهم في الموضوع و ما نراه حاليا يشير إلى مخاطر جسيمة قد يقود إليها التبسيط و الاضطراب في الفكر السياسي .

س3) وهل يعتبر اسامة بن لادن والظواهري من(العلماء) حتى يفتوا للمجاهدين ومن معهم في قضايا مصيرية (مثال تفجير أمريكا)؟... وهل نستطيع ان نقول ان قيادة تنظيم القاعدة ينقصها (العلم الشرعي)؟..ام لا؟
ج- في ظني أن هذا السؤال مرتبط بسؤال السابق و جوابهما متقارب أقصد أن المشكلة سياسية بشكل أخص .

س4) كثر الحديث عن الفكر السلفي .......فما هي ايجابياته ما هي سلبياته في الساحة الاسلامية؟ وهل نستطيع ان نقول ان اصحاب هذا الفكر هم من ضيقي الافق؟

ج- الظاهرة السلفية قديمة و الجدل حولها يكاد أن يكرر نفسه قديما و حديثا ، و الثابت تاريخيا أن ما يكسر الجمود السلفي هو التجديد المتزن الملتزم بكليات الوحي و المصالح ، ومن معضلات الفكر السلفي في الساحة تحفيزه علىالعزلة عن المشكلات الكبرى و اللجوء إلىالعزلة و التجاهل ثم يتحول الواقع تدريجيا إلى مشروعية جديدة يتم المحافظة عليها من جديد في دوامة من ردود الفعل ، و المعضلة الثانية التي تثيرها الأدبيات السلفية التهاون في استلهام المعارف البشرية غير المناقضة للوحي خاصة في مجالات العلوم النسانية ، و لهذا لا تصنف هذه العلوم تقليديا ضمن العلوم الشرعية و هذا الوجه يكشف عن إشكالية التفريط في معارف حيوية في الحياة المعاصرة نهملها تحت مصطلحات وضعية مثل العلم الشرعي أو طلب العلم ... و الإشكالية الثالثة هي الموقف من المخالف فهذه القضية مسكونة بهاجس المحاصرة رغم أن الواقع تحول و صار الحصار من نصيب الهاجر و ليس المهجور فصارت الوسيلة تحقق عكس المقصد فبقي الشقاق و ذهبت المودة الشرعية أما الواقع فانفردت به الحضارة المعاصرة كيفما ذهبت شهواتها ، و للإمانة فإن المسئولية الكبرى على السياسات و أنظمة الحكم لكن ما أتحدث عنه هو مستوى الفكر الإسلامي السلفي . أما الإضافة التي قدمها التيار فهي بلا شك رفع السنة و نشر مدوناتها و تطبيقها في الحياة الفردية ، و إحياء الحذر من التحلل العقائدي على مستوى السلوك و جوانب من الفكر ...

س5) ما هو الفرق بين الفكر السلفي والفكر السروري؟..وما أثر الفكر السروري في السعودية على الساحة الدعوية؟.......

ج- من الصعوبة الحديث عن منظومة فكرية من خلال مراشقات خصومة أو تقاذفات التهم بحيث يصعب تحديد الحقيقة من غيرها خاصة في ظروف لا يسمح فيها بتشكل الأفكار بشكل اجتماعي مفتوح ، فمعظم ثقافتنا المحلية نتداولها بطريقة غامضة ، فمن يحدد الكتب التي نقرؤها ؟. و من يحدد الموضوعات ؟. و من يحدد الأولويات ؟. حتى على مستوى خطط الحكومة لا توجد رؤى واضحة في المجال الثقافي بحيث ترتبط المناهج بالحاجات الفعلية للمجتمع .

أباالخــــــيل
03-10-02, 12:45 pm
علي بشار مع السلام و التحية
شكرا على كلماتك الكريمة و أتمنى لك الخير دوما .

السؤال الاول :

الذهنية السلفية , ذهنية تصادمية إقصائية ... لماذا أتصفت السلفية بهذه الصفة برغم الاتكاء على قربها للسلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم .. وقد عرف الصحابة التسامح وحوار الآخر ..

ج- ما تشير إليه من حدة في الخطاب السلفي إنما ظهرت بعد المحن التي تعرض لها العلماء ، و قد كان معهم العامة فكان الهجر و التغليظ أدوات ثقافية/اجتماعية فعالة حققت انتصارات متكررة ، و المعضلة أن القضايا التي يعالجها الفكر الإسلامي لم تعد بتلك الهشاشة التي كان عليها الفكر اليوناني الذي شق الفكر المسلم آنذاك ؛ ذلك أن الشق الآخر من المعادلة الآن أصبح أكثر تعقيدا فالشق الأول هو النصوص الحاضرة و الموجبة أو نصوص الفرض و التحريم إضافة إلى الخبر كانت هذه المجموعة من النصوص تقدم إجابات تجتث قضايا الفكر اليوناني و لا تترك للناس حاجة في ذلك الفكر إلى حد كبير لأن الفكر اليوناني فكر تجريدي تأملي مصبوغ بوثنية عنيفة ، أما الآن فقد تحول الفكر الإنساني إلى حالة من المنهجية و التجريب الذي أوجد كمية من المعارف التي لا تناقض الشريعة و لا قوام للقوة إلا بها و هذه الحاجة إلى هذه المعارف توجب درجة من الرحابة في طلب العلم الدنيوي و مراجعته و تحريره و تصحيحه و تنقيته من خصوصيات الآخريا ليرتقى به إلى مصاف الكلي الإنساني ثم يضاف إليه يعاد تهذيبه بالوحي و قيوده و قيمه ، و هذه العملية معقدة إلى الحد الذي يستحيل معها الوصول إلى معرفة إنسانية كاملة منقحة ، و من المستحيل تجريد هذا العلم البشري بحيث نتلقاه بدون أخطاء فسيبقى فيه اختلاط قل أو كثر ، لكنه اختلاط يشبه اختلاط الخير و الشر في الانترنت و الإعلام و سلوكياتنا و أفكارنا ، فإذا أردنا تطبيق قواعد التعامل مع مفكري المسلمين الذي تقمصوا الفكر اليوناني في عهد المحنة إذا طبقنا تلك القواعد على المتعاملين مع العلوم المعاصرة و هي بالحالة الموصوفة فالنتيجة الطبيعية هي تأخير حصول الأمة على تلك المعارف أو تمزيق وحدتها الاجتماعية ، ولو اتجهت النخب الثقافية الإسلامية و غيرها إلى تطوير آليات التحاور لتحقق خير كثير بأدنى الأضرار ، و التاريخ الثقافي يشهد بوجود تحولات حتى لدى العلمانيين الغلاة ففي الثلاثينات تراجع معظم غلاة الليبرالية و اقتنعوا باستحال تقليد الغرب و لو مضى مسار الحوار بشكله السابق لكان واقع الأمة مختلفا لكن جاءت الثورات و تعسكرت الحياة الثقافية و الاجتماعية ، و من تعسكر الحياة الثقافية إعادة شحن الحد في الخطاب الإسلامي ، و هنا نعود إلى نقطة البداية و هي أن الرفق في نقط الخطابات الثقافية شرط ضروري لتهذبها و طمأنينتها . و هذا ما نشاهد بوادره الآن عبر العالم الإسلامي ، و الرهان الآن على استجابة النخب السياسية و الثقافية إلى حوار صادق و مصالحة جادة تحفظ بها الحقوق و تفتح بها قنوات التفاعل الجاد و الموضوعي و المفصل .

السؤال الثاني :

اعتمد المد السلفي في انتشاره .. خارج الجزيرة العربية بقوة المال لابالإقتناع بأطرحاوته .. هل هذا يضفي نوعا من الهشاشة على مرجعيته السلفية ..

ج-لا شك في دور المال لكن تيارات أخرى أكثر قدرة من الناحية المالية كالخطابات السياسية و الحركية المختلفة فلم لم تحقق النجاح نفسه ، إن جوهر هذا الخطاب ثري بلا شك أعني دعوته إلى الكتاب و السنة ، و هو فعال و مفيد في المستوى الفردي كما أن نقص الخطابات الخرى ترك فراغا لهذا التيار فاستثمره و هذه ظاهرة إيجابية ، و في ظني أن المشكلة في التوقف و تزكية النفس تزكية تتجاهل الحقائق الشرعية التي تبين النقص الداخلي ، و المرجعية لم تعد في رأيي مركزية بل هي مرجعيات متعددة في كل مكان .
السؤال الثالث :

اعتبرت السلفية .. أن فقه العنف( الفكري والعملي ) .. فقه واقع لازم .. وقد انتكست بسبب هذا الفقه .. اولويات وبرامج حركات الاصلاح الاسلامي ... فهل تعتقد .. أن السلفية بهذا ربما أضرت بالاسلام من دون أن تدري .

ج-أما انتكاسة أولويات الإصلاح فهذا صحيح و واضح لكن من الجور اختزال السلفية في فقه العنف كما تفضلت ، و بشكل ما فإن كلماتك لا تقل عنفا عن العنف السلفي فهل نتجاهل هذا العنف لنحصره في العنف السلفي ؟. ومن ناحية أخرى فإن ظاهرة العنف أوسع من التيار السلفي فالعنف الليبرالي فيه من الشراسة ما حمله على تبرير و تشريع سفك الدماء و فتح السجون و تحطيم الأمن الاجتماعي ، أما العنف اليساري فكان هو الدم و الشتيمة يشبه الترادف و لنقرأ فقط تاريخ الأحزاب اليسارية الذي أصدره مركز الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق على ناصر لنرى الشراسة في مستويات لا تقارن بما تصفه في الخطاب الإسلامي بشكل عام ، أما التكفير و التكفير الماركسي المضاد فمن ضخامته تسربت مصطلحات إلى مجمل ثقافتنا حتى الإسلاميين السلفيين تآلفوا مع أدوات الترهيب الماركسي مثل التمييع و التميع و التزييف و الحلول الجذرية و غيرها كثير إذ يمكن قراءة كتاب لينين ما العمل أو مذكرته من أين نبدأ ثم قارنها بمؤلفات سلفية في العقيدة لترى التأصيل الشرعي لمفاهيم ماركسية هجينة لا تتسق مع أصول الشريعة . أما الإضرار بالإسلام من الناحية التي أشرت إليها فهي نتيجة لمجموع تخلف الأمة ، و لنتناول الأمر القريب و هو حركة النقد الموجهة للخطاب الإسلامي لنراها من الضحالة و السطحية بحيث لا تكاد تجد من يملك الهمة ليقوم بعمل نقدي معمق يتناول فيه مسألة معينة ليقرر فيها نتيجة مبرهنة علميا ، و لنقارن هذا مع أبحاث تنشر عن مجتمعاتنا يقوم بها باحثون غربيون ثنوا ركبهم و عكفوا على المصادر جمعا وتحليلا حتى خرجوا بنتائجهم بغض النظر عن صحتها أو بطلانها فهذا أحد الباحثين الهولنديين قدم دراسة موسعة لفقه الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله و تتبع عناصر التجديد فيه ، و في بحث آخر تتبع فقه الشيخ محمود شلتوت للغرض نفسه ، و في المكتبة مئات المؤلفات عن التجديد التشريعي في الدولة العثمانية في الوقت الذي لا نملك باللغة العربية سوى دراسات محدودة . هذا الضعف العام هو الذي يوهن الفكر و يعمق الصراعات لأن أحدا من الطرفين لا يملك الجدية لمكابة الوصول إلىالجديد المفيد .
و تقبل تقديري معتذرا عن التطويل .

مالك بن نبي مع السلام والتحية ، أشكر لك كلماتك الكريمة .


س1. كيف تقيّم جهود الإصلاح الآن؟ ماهي الإيجابيات والسلبيات وما هي العوائق؟

ج- دعوات الإصلاح متداخلة و من الصعوبة الحديث عن تقييم عام في هذا السياق لكن أبرز المصالح كان طرح القضايا للنقاش و انتقالها إلى دائرة البحث و التمحيص فالمستقبل يعني الجميع بلا شك و قد حركت الظروف و الجهود السابقة الركود السابق ، بيد أن ذلك لم يكن بلا آثار سلبية و ربما كان من أكثرها سلبية الصدام مع السلطة و يكمن الخطر في إعاقته للعلاقات الإيجابية التفاعلية على حساب روح التفاعل الإيجابي الهادئ ، و ربما يستغرق الوصول إلى تفاعل هادئ ومثمر إلى مدة ما ، و الجميع يدرك ضخامة التحولات في المنطقة فقد انكشفت آثار إخفاقات التنمية من جهة ومخاطر أزمات الهوية من جهة أخرى و ضعف الأداء الحكومي في وطننا العربي و منه بلادنا و كل ذلك يتطلب كثافة في جهود التصحيح و استثمار كافة الطاقات ، و هذا يقودنا إلى معوقات التصحيح و هي على قسمين المعوقات الداخلية في المؤسسات الرسمية بمختلف مستوياتها سواء في جانب الدافع الأخلاقي للإصلاح أو في جانب القدرة على تحقيقه و قد ناقش الدكتور إبراهيم شحاته في ورقة قيمة قدمها لأحد مؤتمرات الإدارة التنموية قبل سنوات و قدم مقترحات فعالة من واقع تجارب دول نامية عديدة لكن لا أثر لتلك الأفكار بكل أسف و المصالح الضيقة تسيطر حاليا على المؤسسات العربية الرسمية ة الأهلية بكل أسف و السبب الرئيسي يعود إلى ضعف وسائل الرقابةو المشاركة الأهلية و هو ما أدى إلى تراكم كارثي للعجز والضعف جعل بلداننا العربية أضعف دول العالم نموا في الثلاثين سنة الماضية رغم موارد النفط الهائلة ، و المعوق الآخر يأتي من النخب الثقافية بما فيها التيارات الإسلامية فهي مؤسسات أو تيارات تحمل أوبئة الأداء الحكومي نفسه فأدوات الرقابة و النقد في تلك المؤسسات ضعيفة أو معدومة و القمع الفكري والإداري و منح الولاء و هبته و استيهابه ظواهر مألوفة . و التغيير يبدأ من النفوس ليتغير الواقع و على رأس التغيير العمل الجاد على توسيع دائرة المشاركة بالقدر الذي يرفع فاعلية الأداء الاجتماعي في مؤسسات الدولة و المجتمع ، و أهم وسائل هذا التحول إيجاد ضغط فعال يعيد إلى النظم المؤسسية فاعليتها التي تتمتع بها في مواطنها و تقليص الفردانية التي تحمل الجميع على الاستماتة في التفرد و التميز مهما كانت التضحية بالمصالح الأعلى .

س2. ماهي رؤيتكم للحوار بين المفكريين الإسلاميين بصفتكم أحد المفكرين الموقعين علي البيان وبين المفكريين الغربيين ؟ ماذا تطمحون لتحقيقه من أهداف وما هي الوسائل المعينة على ذلك ؟

ج- لم يعد التحاور مع المفكرين الغربيين قضية ترف أو كمال بل هي ضرورة لتقليص مستويات التوتر ، و هي بحاجة إلى مؤسسات متخصصة تقيم ما يشبه العلاقات التي تمتع بها المسلمون مع جوارهم و أقلياتهم في مراحل التاريخ المختلفة بشرط أن تتخذ طابعا اجتماعيا ثقافيا يكفل لها الاستمرار و الحد الأدنى من الصدقية .

س3. أثار التوقيع على خطاب المثقفين عاصفة ؛ هل كان لذلك تأثير سلبي على جهودكم وهل لديكم محاولات لشرح وجهات نظركم للمخالفين ؟

ج- الردود والاعتراضات التي أثارها البيان رغم حدتها فهي تداعيات متوقعة و من الخطأ استبطان حالة الجماهير الهاتفة و المبجلة في حالات المواقف الملتبسة كقضية العلاقة بالغرب ، والمهم في نظري هو تحرير الموقف الشرعي و اطلاقه ، و قد ترك بعض الآثار بلا شك لدى بعض الموقعين لكن قضية التغيير أضخم بكثير من هذا النوع من الآثار و الزمن القادم كفيل بكشف استمرارية موجة التصحيح و حاجتنا إليها
و هناك عدد من الدراسات الجادة التي يعمل عليها باحثون جادون تتناول القضايا الفكرية التي أثارتها تلك القضايا بطريقة علمية موثقة و متزنة و قد تظهر في الأشهر القادمة حسبما علمت .

س4. هل هناك فصام نكد بين العلم الشرعي و "الفكر" ؟ هل هما متفقين أم متعارضين ؟ وما هو دور الفكر في التوجيه والتخطيط في برامج الإصلاح؟

ج- نعم للأسف لدينا فصام في بعض الجوانب بين العلم و الفكر و المؤسف أن دراسات جادة تكشف الوحدة الموضوعية في التعامل مع المصالح و الرأي و الأفكار داخل كل تيار فقواعد القدرة و المصلحة و التدرج و غيرها من أصول مرجع واحد لأفكار متناقضة فمن يغلب التشديد مثلا يتورط في التهاون في حقوق المسلمين مثلا أو في أعراضهم فكيف يعتبر فكر ما متشددا في الدين هو متهاون إلى حد الاستخفاف بمحرمات مغلظة تتعلق بحقوق المسلم أو عصمته و في المقابل كيف يمكن اعتبار تيار آخر متهاون و هو يسعى إلى حماية الكليات و تغليب وسائل تحقيقها و المشكلة في نظري ضعف العمل العلمي الجاد الذي يحلل و يقارن الأصول و التطبيقات بحيث تتوازن الصورة ليتكون من هذا كله أرضية لتوجيه برامج الإصلاح الفكري و الاجتماعي و السياسي ...

س5. هل هناك فجوة بين النخبة وأهل الفكر وبين عامة الناس؟ وكيف يمكن سد هذه الفجوة لتحقيق التقارب بينهما فيما يعود بالخير والنفع العميم على المجتمع ؟

ج- طبعا هناك فجوة، و ردمها يتوقف على تقريب الثقافة من جهة و تحفيز القراءة من جهة أخرى .
و في الختام أشكر لك تفضلك بالمشاركة و السلام .

أخي المهندس صالح مع التحية و السلام و التقدير .
شكرا لترحيبك معتذرا عن الانقطاع .

1س- يشهد المشهد الاسلامي السعودي تحولات كبرى ... أطروحات جديدة و فكر متجدد ... محاولات جادة لايجاد نوع من التجانس الوطني و إزالة حواجز صنعها البعض بتصنيف الناس الى متدين و غير متدين ... الخ ... هذه التحولات كغيرها من المخاضات الاجتماعية في التاريخ كان لها وجهها السلبي بجانب الوجه المشرق ... كيف ترى إيجابية هذه التحولات ... و هل ترى في الأفق مشاريع ثقافية وطنية على نمط بيان المثقفين ... و هل ترى بالفعل أن مسيرة الاصلاح للفكر الديني المحلي تسير قدما ...

ج- أخي العزيز و القراء الكرام قال أحد المثقفين العرب ذات يوم في إحدى العواصم العربية نحن ننتظر شيئا من المغرب و السعودية فاعترضه أحدهم من ناحية السعودية فرد قائلا : السعودية اليوم أكبر سوق للكتاب و القارئ النهم الذي يلتهم هذه الكميات في طور التشكل و هو قادم لا محالة .
هذه الملاحظة العابرة لرجل يفصله عن مجتمعنا جغرافيا واسعة ملاحظة في محلها ، و الملاحظ أن القارئ الإسلامي السعودي أقبل في العشر سنوات الماضية على الدراسات النقدية ، و هذه التغذية يتشكل بها جيل جديد قد يبدو صامتا لكن صواته المعبر يكمن في اختياراته الشرائية ، هذه ناحية ، و الجانب الآخر أن الخطاب الإسلامي التقليدي مركز على الناحية الفردية و قد تشبعت بما يكفي وزيادة فالتمدد القادم سيكون تمددا نوعيا ، و المطمئن أن مؤشرات هذا التحول تقوم إلى قناعة قوية بأنه تحول مسترشد ليس فيه حدة أو جذرية ، كما أنه تحول تغذى بإشكاليات نقدية و الأبحاث المقاصدية الكلية و قد شهد نهايات الغلو و تمزقه الذي رأيناه في العشر سنوات الماضية .
و ما يهمني هنا هو التأكيد على ضرورة تقديم المضمون التجديدي الفعال و من المحزن أن يتوهم بعضنا أن المضمون الفعال هو الجرعات النقدية السلبية ؛ ذلك أن هذه الجرعات ستقود إلى العدمية و القنوط و الاحباط ، المضمون القادم الذي يتحرق إليه القارئ الإسلامي هو المضمون البنائي بتعبير آخر إن عناصر أزمة الإسلاميين اليوم تتركز في ضعف خطابهم الدنيوي فقد تركزت جهودهم السابقة على بيان الحرام و الواجب و هذا حسن لكن المشكلة تكمن في أن هذين البابين لا يغطيان سوى سويعات محدودة و نطاق ضيق في الحياة العامة بينما المجال الأرحب هو مجال المباحات أو مجال الدنيا أو بناء النهضة و تحصيل القوة ، فلما ضمر هذا الجانب و تدهورت المشروعات التنموية اجتمع عنصران للأزمة تدهور الدنيا و تصعيد خطاب الدين فضاقت بالناس السبل و في قوة دفع الإسلاميين ما يجعلهم يبحثون عن منافذ جديدة فتفجرت إبداعات هائلة لكنها في قضايا جزئية و زوايا هامشية لننظر مثلا القوة الهائلة في نشر المطويات التوعوية هذا ابداع عظيم لكنه في قضايا جزئية .
و المنتظر من المعنيين بالتجديد الخروج من نسق القضايا الصغيرة التي تفرضها الجداول اليومية المعيشية لعلاقة التجديديين بالمحافظين ، لنذهب نحو العمل ا لجاد في تحليل علمي متزن يخاطب الإنسان و يحترمه و يقنعه و هو يحبه بصدق هذا عمل منتظر بحرارة لدى الجميع . لنذهب نحو تطوير مشاركة المثقف في نقد التنمية و الأداء الحكومي بطريقة فعالة و تراكمية ، لنجرب مثلا تطوير أدوات الضغط و التأثير على أصحاب القرار بمستوياته المختلفة لتحقيق ما يمكن من إصلاح و تطوير . لنطور مثلا آليات لتعاون المتخصصين مع أماكن صنع القرار لنثري تفكيرهم و نمارس ضغطنا الاجتماعي عليهم باتجاه الإصلاح ، و بهذا يمكن أن يتسع مفهوم المشاركة و مفهوم الاحتساب بطريقة فعالة و ذات تأثير و مجرد أن يشعر الإنسان بجدوى العمل سيتعمق انتماؤه لما حوله و تتفجر طاقاته و عبقريته ، و نستطيع أن نقول الشيئ نفسه في مجال ما يسمى بالأسلمة أو حوار الثقافات بحيث تتطور لدينا وسائل التفاعل الثقافي التراكمي و التخصصي . و المبادرات من هذا النوع لها من الأهمية و التأثير أكبر مما لبيان المثقفين أو غيره باعتبارها مجرد مواقف متقطعة ، و ما أعلمه هو أن اتجاها عاما ينمو نحو تطوير مواقف عامة مشابهة لبيان المثقفين بأدوات مختلفة و لدى شرائح متعددة من القطاع الثقافي .


س2- نظر للبعض لبيان المثقفين كبادرة رائعة لتآلف ثقافي وطني ... و بادرة نحو الحوار مع الذات قبل الآخر ... إلا أن تراجع كثير من المشاركين و خاصة بعض المشايخ ... جعل البعض يرى أن هذا البيان و مبادرته إن هو إلا فقاعة صابون حالمة ... ما رأيكم؟
لك عاطر التحايا ... صلاح

ج- قياس مستوى المبادرة لا يجوز أن ينحصر في تراجع هذا الرمز أو ذاك المهم هو الموقف الأول فهو المعبر عن القناعة ، أما المواقف التالية فهي ناتجة عن الإكراه بالتعبير الفقهي ، و الاستجابة للإكراه مؤشر مؤسف بلا شك لكنه لا يحجب حقيقة وجود التغير ، و الموقف يتطلب رحابة صدر تتقبل التحول الإيجابي و تسبتشر به حتى تتواصل عمليات بناء الثقة ، و من الناحية الأخرى فإن تضخيم علاقة التراجع بجميع عناصر الموقف ليس موضوعيا فمصدر الأزمة في الأساس هو الموقف من ضرب أمريكا أو استراتيجية الجهاد ، و هذا العنصر بمضمونه العسكري قضية مهمة لكنه لا يحجب العناصر الأخرى الأهم و على رأسها التعددية التي كانت أهم محتويات البيان إضافة إلى مبدأ التعايش بغض النظر عن تفاصيله و قيوده فالقضيتين أعني التعددية و مبدأ التعايش لم يعارضها إلا أصوات محدودة بينما كانت الغلبة يحركها الموقف من أمريكا ، والموقف من أمريكا المتعدية أصبح ظاهرة عالمية لا تختص به الفئات التي عارضت البيان ، أما التخريجات الفقهية للمعارضة فليس فيها ما يطرد فالبراء مثلا مفهوم يقتضي لوازم أخرى منها تطبيقه في جميع مجالات انطباقه و منها ما يتعلق بقضايا محلية فلماذا لم يتحدث هؤلاء عنها ، لماذا لم يعلنوا موقفهم في تجمع القوات الأمريكية في القواعد الخليجية في السعودية و قطر و الكويت و عمان و هي كلها في جزيرة العرب ، لم ينطق أحد من هؤلاء بشئ في هذا بربع مستوى ما كتب في البيان ، و عدم اطراد المفهوم يعني التناقض في تصوره أو يعني الانحراف في تطبيقه و أحد هذين الاحتمالين لازم و عدم الخروج منه يعني التساوي في الموقف من المفهوم إما تنظيرا أو تطبيقا ، و مرادي من هذا الاستطراد بيان وهن الموقف من الناحية المبدئية أو التقعيدية فلم يبق سوى تفسير الموقف بالسياق و هو ما ذكرته بشأن الاختلاف في الجانب العسكري للموضوع ، و في كل الأحوال فإن صلابة الإرادة شرط للتغيير الإصلاحي بلا شك

أباالخــــــيل
03-10-02, 12:50 pm
أخي الكريم عبد الله بن الخيل مع السلام و التقدير .

السؤال الأول"
س ماسبب ضيق الساحة بالمفكر،و تصويبه بالسهام لظمان تغُـيّبه عن المجتمع كالعصرنةوربما الزندقة،والعلمنةً وهل لهذا أصل عندالسلف؟

ج- الحساسية من الفكر و الضجر منه مرتبطة بالأزمات الفكرية التي عصفت بأصول و نصوص شرعية فصار التشبث بالعلم الشرعي أو المنقول التراثي وسيلة مقاومة تعمل بإجمال و بدون معاناة للتفاصيل و البحث الطويل و بهذه الوسيلة تمت مقاومة تيارات كثيرة كالمانوية و الدهرية و الزندقة في فترات تاريخية مختلفة فذهبت غير مأسوف عليها لكن ترتب على التركيز على هذه الوسيلة أعني المقاومة السلبية ضمور في العلم الشرعي و إن شئنا فلنقل تسببت المواقف السلبية في تدهور الفكر الإسلامي في مراحل عديدة .
السؤال الثاني"
س هل لوقوف السلفية، وبالذات المذهب الحنبلي إلى جانب السياسين في غالب الأزمان الماضية دورفي ترسيخ الأحادية، ونبذالرأي الآخر؟

ج- أما علاقة السلفية بالسياسة و أثر ذلك على الاستبداد الفكري فهذا يعيدنا مرة أخرى إلى مصطلح السلفية لأن طائفة من الشخصيات المرجعية سلفيا عارضت و قاتلت السلطان و شخصيات أخى والت و حاربت المعارضين بل حاربت مصالح المجتمع كما في علماء السلاطين المداهنين ، و لذلك فالسبب أشمل من السلفية إنه ثقافة الاستبداد و الطاعة في غير المعروف . و لهذا لما جاءت النظم العسكرية أوجدت آحادية شمولية لا مثيل لها في تاريخنا رغم أنها نخب علمانية تقريبا .


أخي الدكتور محمد العثمان مع السلام و التحية

اول الأسئلة = يدندن الاسلاميون المستنيرون ( العقلانيون ) حول ما اسموه قراءة شرعية لمستجدات العصر , لكنهم يمالئون السائد الفقهي وخاصة السلفي منه .

س هل تعتقد أنه بمثل هذه الآلية من التفكير يمكن ان نصل إلى فعل ناجز للاصلاح الفكري ؟

ج- نعم أتفق معك أن ممالأة الخطأ سبب لبقائه و تعميقه و هذا القدر أتفق معك فيه ، لكن علينا أن نتذكر ضرورة التفيق بين الخطأ السائد واجب التغيير الفوري و بين الخطأ السائد الذي لا يمثل أولوية عاجلة . و لهذا فإن الإصلاح في ظني يجب أن يبدأ بالقضايا الأهم من ناحية و بالقضايا التي يجتمع عليها القدر الأوسع من الناس حتى لا يتحول التصحيح إلى تيار منعزل ، أما المداهنة أو حتى التزلف الفقهي إلى الناس فهو بلا شك تضييع للأمانة و تتضليل للناس . و ما يمكن أن يحقق الأثر و الفائدة هو العمل المنتظم الواقعي الذي يراعي الأولويات و يجتمع عليه أكبر قدر من الرواد حتى تستثمر مسائل الاجماع بشكل عاجل .
ثاني الاسئلة = يبرهن الطرح الاسلامي سواء العقلاني منه او السلفي , أنه لايستطيع الخروج من القمقم الذي حبسته فيه السياسة ( التاريخ والجغرافيا )
س فهل ترى العلمنة هي البديل الاوفق لإصلاح الفكر .
ج- أما عن حبس السياسة و الجغرافيا للطرح الإسلامي و تسؤلك عن العلمنة كبديل فلنطرح السؤال بشكل آخر هل تستطيع العلمانية التحرر من السياسة و الجغرافيا ، بصيغة أخرى هل طرح علمانيونا الديموقراطية و ضحوا من أجلها ؟. هل طرح علمانيونا رؤية تنموية متحررة من ( سياسياتنا و جغرافيانا ) أو متحررة من جغرافيا و سياسيات الغرب ، أي هل نضجت لدينا رؤية كالرؤية التي نضجت في ماليزيا أو سنغافورا أو كوريا مثلا ؟.
و لهذا فالأزمة أعمق من التيارات هي أزمة مجتمع بتياراته لدينا رغبة في العمل السهل القصير و لدينا جموح نحو التعميم ، و لهذا فلا مخرج من تنمية فكر إصلاحي يحقق الدنيا و يرعى الدين . و أشكرك أخي الكريم على تفضلك بالمشاركة معتذرا عن التأخير فقد تداخلت المشاركات و خلطت بين الصفحات .

أخي الكريم التنوير مع السلام و التحية .
س- هل هناك تيار تنويري عصري في السعودية ؟ و‘ذا كانت الإجابة بنعم فمن رموزه؟ وما هي أطروحاته؟

ج- أختلف معك في التسمية فما ألاحظه هو ارتفاع وتيرة المطالبة بالتصحيح و الإصلاح الفكري لتجاوز التشديد غير المستند للشريعة ، و توسيع ما وسعه الله تعالى و رسوله من المباح ، و الأفضل أن يسمى هذا باسمه الشرعي لأن هذه التسمية توفر له المرجعية و الحدود ، و بهذا المعنى نعم في المملكة تيار إصلاحي رأينا بعض آرائه ، و هناك آراء أخرى لم تظهر أو لم تبلور ، ففي الأيام الأخيرة سمعنا بمحاضرة الشيخ عبد الله المنيع عن التأمين مثلا ، و في وزارة العدل مجموعة كبيرة من القضاة تعمل على تقنين مجموعة من الأنظمة و يشارك فيها فقهاء عارضوا تدريس الأنظمة في كليات الشريعة ، و طرحت أفكار و أعمال مخالفة لما كان عليه العمل فتجد في مجلات إسلامية استضافة لرموز علمانية لديها تطرف ، و هذه تحولات بلا شك . و يصعب في هذا المقام الحديث عن اطروحات محددة فما يجري الآن تحول عشوائي من حيث الموضوعات لكنه يشير إلى تغير مهم ، أما الرموز فالظاهرة أهم من حصرها في رموز فلدينا مراجعة واسعة النطاق و أشرت إلى مؤسسات و شخصيات إضافة إلى رموزه الشباب من الدعاة و المثقفين الإسلاميين .

س- نرى هذه الأيام تبلور تيار جديد في السعودية لمن كان يتبنى الأطروحات السلفية قبل أزمة الخليج
ولكن معالمه هلامية لم تتحدد بعد فهل لك أن تبن لنا أصوله الفكرية بشكل منضبط بحيث يمكن محاكمته للنصوص الشرعية ؟

ج- تحديد الأصول الفكرية للتيار الذي يتشكل الآن صعب لأنها في طور التشكل لكن يمكن الإشارة إلى جملة منها ، فمنها العناية بالائتلاف القائم على الحقوق الشرعية ، و منها إحياء فقه الكليات و المصالح الشرعية الكبرى بحسب تدرجها ، و منها تنشيط الاصلاح المتعلق بالدنيوي من الفقه ، و منه إحياء الحوار مع المخالفين .... إلخ .

س- من يتهم بأنه من العصريين السعوديين وأنت منهم هل لهم ردود واضحة على العصريين المشهورين بها دون مواربة؟

ج - ألا تلاحظ أخي الكريم أنك مشدود إلى رغبة في تصنيف الأشخاص من خلال موقفهم من رموز أخرى ، لماذا لا يكون الحكم من خلال القراءة المتأنية للآخرين حتى تستطيع الخروج بحكم موضوعي ، و مع ذلك فأود لو تقرأ - كنموذج - مقالاتي في مجلة البيان حول الإصلاح التشريعي فقد تناولت فيها جانبا من الدعوات الليبرالية في مجال التشريع و ناقشت بعضها فربما تتضح لك بعض الجوانب التي تشير إليها .
و أريد أن أذكر هنا بأن الدعوة إلى الإصلاح الآن تأتي في سياق مختلف جدا عن دعوات الإصلاح التي نشأت في القرن التاسع عشر و النصف الأول من العشرين لأن تلك المرحلة مرحلة تراجع كبير أما الآن فنحن في مرحلة صعود فكري كبير و يكفي أن تقارن المكتبة التشريعية لترى الفرق بين ما كان متاحا في عهد السنهوري و منصور فهمي مثلا و بين ما هو متاح الآن ، و قارن بين ما كتب في الربا في ذلك الوقت و ما كتب الآن ، و ما أريد الوصول إليه هو أنه لا قلق على الهوية و الشريعة كما أن لدينا آلاف الباحثين في المجالات المختلفة المتعلقة بالشريعة ، إذن فليست الليلة كالبارحة !!.

س - أنت ممن يتبنى الحوار كوسيلة موضوعية للتأثير في الآخر فماهو سر تركك للحوار مع السلفيين الذين تختلف معهم في أطروحاتهم ونقدهم الشديد للواقع؟

ج - أخي الكريم كيف حكمت بأنني تارك للحوار مع السلفيين ؟. بل لدي علاقات و حوار متواصل معهم ، لكن إذا أردت الحوار عبر الشبكة فهذا حوار غير مثمر لأنه بالتراشق أسبه منه بالبحث العلمي ، كما أن لدي من الأبحاث في الموضوع ما أستشير عليه و أتحاور حوله مع كثير من طلبة العلم .
س- بعد سكون عاصف بيان التعايش وبعد أطلاعك على بيانات الألمان والأمريان المعنون له " ليس باسمنا "
ألا تشعر بالضعف الشديد الذي كان يتسم به بيان التعايش ومدى الدونية التي أردتم أظهار الأسلاميين بها؟

ج - لم يكن ضعف بيان التعايش خافيا لكنه ثمرة العمل الجماعي الواسع ، و ما أريد تذكيرك به هو أن بياني الألمان و الأمريكان كتبا في بيئة ديموقراطية تسمح للمثقف بالمشاركة في الحياة العامة و نحن نكتب بياناتنا في ظل ثقافة الشيوخ أبخص و الحجر الرسمي للمبادرات الثقافية خاصة الجماعية فكيف يتجرأ الموقعون على المشاركة في بيان و هم تحت هذه الهواجس ؟.

س- لماذا لم تتبنوا بيان الشيخ سفر الحوالي " عن أي شئ ندافع " وهو بيان موضوعي وعلمي أقوى من بيان التعايش لا أعني في الألفاظ ولكن في المضامين الفكرية والبعد عن المحاذير الشرعية ؟

ج- هدف بيان الشيخ مختلف عن البيان العام ، و ما أشرت إليه من الناحية الفكرية فهو وارد في كتب الردود و المناقشات أما بيانات المواقف فموضوعها مختلف .

س - هل تعتقد أن الدولة ستفتح لكم المجال لفتح المراكز الثقافية والأعلامية لبناء جيل واعد كما تبشرون به في بعض مجالسكم وأحاديثكم ؟

ج - يتجه اقتصاد المملكة نحو الانفتاح للعالم ، و من ضروريات هذا الانفتاح التحول نحو المجتمع المفتوح تدريجيا ، و التجارب الخاصة قد تنجح و قد تخفق لكن هذا لا يعني التوقف حتى تمنح لنا صكوك ضمان الموافقة و الاستمرار .
س- ما هو مشروعك الفكري الذي تريد طرحة في المستقبل ؟

ج - ما يشغلني هو العمل على إتمام مجموعه من الأعمال العلمية العملية في مجالات التشريع و الفقه الدنيوي و تحليل العلاقة بين الديني و الدنيوي عبر مراحل مختلفة ثم تطبيقها على واقعنا الراهن وربطها بأدوات الفكر الإنسان المعاصر و من ذلك على سبيل المثال ربط مقاصد الشريعة بما يسمى الآن بالسياسات أو البوليسز باعتبار هذه الأخيرة وسيلة من وسائل العالم الحديث في تحديد و فحص و قياس المصالح و المصالح هي الصلة الرابطة بين النظم التشريعية و النظم السياسية و العلاقة بين هذه و مقاصد الشريعة وثيقة فإذا أمكن تقديم نماذج نظرية و أمثلة تطبيقية في هذا المجال فسيقود ذلك إلى إثراء علم المقاصد من جهة و إثراء الفقه التطبيقي من جهة أخرى و تنشيط مجالات جديدة للفقه تمس مصالح الناس ، و مثل هذا يقال في الصلة بين العلوم السياسية الحديثة و القيم الشرعية في المحال السياسي كالعلاقة بين المؤسسات الاجتماعية و قيم العدالة و الفضيلة و التعبد ... ألخ .

أباالخــــــيل
03-10-02, 12:53 pm
أشكر القائمين على منتدى الوسطية - وعلى رأسهم أستاذنا العواجي - لاستضافتهم الشيخ عبدالعزيز القاسم.

شيخي الفاضل,

س- ما هو إنطباعك عن حركة الإخوان المسلمين؟ وألا ترى أنها لو تغلغلت بشكل أعمق في مجتمعنا لساهمت في إصلاح الكثير من عيوبه.
بارك الله فيكم.

ج- أخي العزيز حركة الإخوان هي محرك العودة للهوية و أداة تهدئة الاكتساح الليبرالي المتطرف الساذج كما ثبت لاحقا في الثلث الأول من القرن الماضي ، و لا يجحد فضلها إلا مكابر بيد أن هذا لا يعني تجاهل أزماتها و على رأسها نظام الحكم المستبد فيها فقد تحولت إلى مشيخة تشبه مشيخات الدول و الإمارات ، و من مصادر أزماتها مركزية الترخيص للجماعة حتى ترتب على ذلك إيجاد حالة من الإنتماء المنفصل بين أفراد الجماعة و مؤسسات المجتمع فليست العلاقة علاقة مفاصلة و لا هي علاقة مشاركة في البناء فتحول الوجود الفردي إلى وجود متردد بين مشروعين و ترتب على ذلك إعاقة هائلة في فاعلية الإنسان و في آفاق مشروعاته و لهذا تركز غالب هذا الطيف على العمل الذي يحقق مزيدا من العمق الاجتماعي أكثر من التغيير العام المنتمي للمؤسسات الاجتماعية ، و هذا ثمرة تردد شرعية حضور الجماعة و لاشك أن المسئولية تقع على عواتق الدول التي حرمت الناس من التجمع في مؤسسات أهلية فعالة فتحول الناس إلى الانتماءات الفرعية . و في ظني أن الحركة ليس لديها ما تقدمه للفكر في المملكة أكثر مما قدمته في العقود الماضية ، و ما نحتاجه حقا هو فكر العمل والبناء الدنيوي المتوائم مع الشريعة الفكر القادر على الانتماء إلى المجتمع و مؤسساته بما فيها الدولة ، و من خلال هذا الانتماء الناصع يتم العمل بجد و دأب على الإصلاح آخذين في الاعتبار معضلة الممكن من جهة و التأثير من جهة أخرى و وسائل ذلك عظيمة و فعالة فلنأخذ مثلا وسائل تجميع الناس في مؤسسات مصلحية و مهنية كانقابات و جماعات المصالح مثل المصدرين و المزارعين .. لو وجدت هذه المؤسسات لاستطاعت أن تنتشل سياسات الدولة المتحجرة بسبب الروتين و عدم المحاسبة و المراجعة لتضعها في مصاف الفكر العالمي تأثيرا و دقة و فاعلية ، و مثل هذه المؤسسات لا تعتبر من الكبائر السياسية و هو من أفضل وسائل تغيير البنى التحتية فكرا و مهارات و ممارسة و أخلاقا ، لكننا اشتغلنا فترة طويلة بأفكار غيرنا فالشاب الحدث يردد أخي أنت حر و راء السدود و هو إمام مسجد يعانقه المصلون و الجمهور صباح مساء فتأزمت نفسته في غير مبرر حتى المواجهات التي تمت مثل أحداث 1400هـ لا يمكن اعتبارها تكرارا لحادث المنشية و تداعياته أو أحداث الستينات فضلا عن أحداث حماة و غيرها و رغم ذلك فقد ترك كل ذلك بصماته على البنية النفسية لثقافتنا ، و لا شك أن مشروع التحديث و خطط التنمية تتحمل جزء مهما من مسئولية هذا المناخ النفسي و لكن ا لأمور تتحول بشكل واضح فلنثق في قدرتنا على صياغة ما يصلح لنا . مع تواصل النقد و المراجعة فهي ضرورية للبناء و هي قبل ذلك فريضة شرعية علينا أن نصدع بها و على أنفسنا أن تتوطن على قبولها .

و تقبل سلامي و تقديري و السلام .


الأستاذ عبد العزيز
كنت ممن تبنى مشروع مذكرة النصيحة التي أنظر إليها كبادرة معارضة سياسة صحية و دفعت ثمن تلك المبادرة و اقتربت كثيرا من رموز التيار الاسلامي (أو أصنامه إن أردت) و رغم خذلان معظم أولئك الرموز لكثير من أبجديات المشروع عدت لتكرر المأساة و أنت الخبير عن طريق بيان المثقفين الذي ارتد في النهاية عليك و على أمثالك من الشرفاء الفرق هنا أنه تم بانتهازية فجة استدراج بعض من لا يصنفون كاسلاميين ثم التخلي عنهم في نهاية المطاف عن طريق استصدار بيانات التوبة و صكوك الغفران ، سؤالي بصراحة متناهية
س- هل لا تزال تأمل في أولئك الرموز رغم تواضع قدراتهم و تهافت مشاريعهم بل و انتهازية بعضهم؟ شكرا لك و للوسطية


ج- أخي الفاضل جوابي بالتأكيد نعم آمل في الإخوة العلماء الذين أشرت إليهم كل خير و معيار التصحيح يختلف من شخص إلى آخر نوعا و زمانا و أسلوبا ، و ما أشرت إليه من استصدار الغفران كان مؤلما خاصة في صياغته التي صدر بها ، و فيه ما يخالف أصولا فالبيان التوضيحي مثلا حصر تكريم الإنسان الكافر في الإرادة الإلهية الكونية ، بمعنى أن الله أكرم الإنسان الكافر إكراما لا يمس التشريع أي لا تكليف للإنسان فيه بل يتعلق بأفعال الله و تدبيره للكون ، ولا شك مطلقا في أن هذا التأويل مخالف لنصوص شرعية كثيرة و هو تحريف لمعنى الآية بغير دليل ، فالتكريم الشرعي قد وردت به نصوص كثيرة منها توجيه خطاب الدعوة إليه توجيها رفيقا ، و منها تحريم سفك دمه معاهدا و مستأمنا و هذا بالإجماع و تحريم دمه ما لم يستوجب القتال بسبب سوى الكفر و خالف في هذا الشافعي فجعل الكفر سببا للقتل ، و قد ناقش العلماء هذا القول و من ذلك ما قرره ابن تيمية و غيره ، و من تكريمه الوقوف لجنازة الكافر كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم ، و منها تحريم المثلة به ، و هذه كلها تندرج في التكريم الشرعي بل إن آية التكريم في سورة الإسراء قرنته بأدوات مادية يستوي في استخدامها المسلم و الكافر و هي الحمل في البر و البحر ، والأصل في ذلك تحليل معنى التكريم و استقراء تطبيقاته في النصوص لتحديد المعنى الدقيق المقصود بدلا من افتراض التطابق بين التكريم و إقرار الكفر ثم نفي التكريم بمجرد الافتراض الذي لا دليل عليه ، هذا نموذج واحد لما في البيان من صياغة غير محررة ، و لكن المدخل الأكثر التوضيحي هو وضعه في سياق مراعاة الحاجة إلى اجتماع الكلمة على الحد الأدنى و تقدير هذه الأمور الشائكة فيه فسحة للاجتهاد و الاختلاف ، و قد توافقني أن ما يهمنا في الأساس هو صدور الموقف الأساسي باعتباره هو المعبر عن القناعة ، أما صياغة البيان فقد كانت عملا توفيقيا بدليل التدافع في مناقشات صياغته و التفاوض الذي استمر أياما . أما ما وصفته بتواضع القدرات و الانتهازية فأنا أخالفك الرأي فالقدرات عظيمة و قد ظهرت في قضايا سابقة ، و أعظم رصيد لهم هو الثقة فيهم و إطلاعهم الشرعي و حملهم للقضايا العامة ، و لماذا نعتبر بعض المواقف انتهازية ، نعم قد توجد هذه الخصلة في مواقف معينة لكن العدل يقتضي وزن العمل في سياقه بدلا من تجزئته و الحكم من خلال بعضه ، و من ناحية أخرى فإن خطاب الدعوة لم يعتد النقد الإيجابي فالناس مع الدعاة إما مندفع في التعظيم و التعصيم – إذا صح التعبير – أو مبالغ في التهوين و الإلغاء ، و لو تطور لدينا معشر الدعاة و المثقفين خطاب نقد منصف و إيجابي أي خطاب نقد من أجل البناء بعيدا عن التهوين أو التهويل لأدى هذا الخطاب النقدي إلى بناء مؤسسة رقابة ثقافية دعوية تردع نوازع النفس الميالة نحو شهواتها و لأدى ذلك إلى ترقية للخطاب الثقافي و تراكمه و إثرائه . و هذا أمل ننتظره جميعا من منابر النقد و المراجعة . أما إن ذهبنا نجمل الأحكام و نتجاهل الحسنات و القدرات فسنذهب نقطع أوصالنا بأيدينا ، و هذا عينا هو الذي أوقعنا في كثير من المهالك فلو يذهب الإخوان مع الملك عبد العزيز إلى النهاية لكان مؤتمر الرياض مؤتمرات وطنية و لكانت الشورى مؤسسة حقيقية ، و لو كان صاحب الرأي من العلماء يعطى حقه و يؤخذ منه الذي عليه لما تغولت المؤسسة الدينية إلى الحد الذي يحمل الناس على فتوى رجل واحد ناسفا بذلك فقه الصحابة و الأمة ، و لو كان خطاب النهضة مفتوحا للجميع لما تشرذمت فئات المجتمع بين تحديث و حراسة هوية و هكذا في المجالات الأخرى .
و تقبل دوما تحياتي و تقديري لمبادراتك النقدية الصادقة .

أباالخــــــيل
03-10-02, 12:55 pm
التميمي

كما تعلمون هناك فجوة تتسع مع الوقت بين علماء السلف والمجتمعات الإسلامية فرضها واقع العصر بإيجابياته وسلبياته كما فرضها العجز عن تبني فكر إسلامي مرن يتعاطى مع المتغيرات ويتماشى مع معطيات المرحلة القائمة والمستقبلية بحيث يمكن تلك المجتمعات من التفاعل مع واقع العصر ومتغيراته000 دون الإضطرار إلى التخيير بين التخلي عن التعاطي مع مكتسبات الحضارة القائمة 00أو التخلي عن الإسلام كمصدر للتشريع الإجتماعي والإقتصادي والحقوقي والمدني بشكل عام
س فهل ترون حتمية قيام حركه تصحيحية إجتهادية تفعل حقيقة صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان ؟؟

ج- أخي الكريم أوافقك الرأي في ملاحظة اتساع الفجوة بعض العلماء و المجتمعات في بعض المشاهد منها مثلا اتجاه بعض الفقهاء إلى التوسع في الحظر و التحريم عند الاشتباه أو التردد مع أن الأصل أن القول بالحرمة يساوي القول بالإباحة في نسبة الحكم إلى الله تعالى و لهذه القضية نماذج كثيرة قد أعود لها في بعض الإجابات ، و التوسع في الاحتياط و الحظر يؤدي إلى تضييق المباح و هو الأصل في معاملات أو العاديات كما يقول الشاطبي ، و هذا لا يعني أن المطلوب هو المرونة بمعنى التهاون في حدود الشرياعة و حلالها و حرامها بل المطلوب فقط هو بذل الجهد في تحرير محل الفتوى و تحليله بحيث تنصب الأحكام على مناطاتها بدقة فإذا قيل بتحريم اللهو و أن حياة المسلم الأصل شغلها بالعبادة فنحن أمام تجاهل مباشر لمشروعية اللهو أو الساعة و ساعة كما في الحديث و الشأن هنا هو ضرورة تحرير ما يتنزل عليه التحريم حتى لا يتجاوز الحكم محل الحرمة إلى مواطن إباحة و حتى لا تنزل الأحكام على اللوازم و غير ذلك من أسباب توسيع الحظر و مثل هذا يقال في التعامل مع القطاعات الأخرى مثل المصارف أو الإعلام أو العلاقات الدولية ... و منشأ الخلل في الغالب هو سيطرة النزعة الفردية في الفتوى حتى في المؤسسات الجماعية و قد تداول الناس نماذج من الحوارات العلمية في بعض المجالس و سيطرة بعض الآراء المتشددة فيها بمجرد قوة الشخصية و نحو ذلك . و قد حدث بالفعل ما ألمحت إليه فقد تخلت بعض مؤسسات المجتمع عن التقيد ببعض الآراء الفقهية و قفزت مباشرة إلى البديل الغربي بعجره و بجره و كان يمكن تحليل عناصر الواقع و التعامل معها بدقة ، و هذه الجزئية بالضبط هي محور ما يسمى بأعمال الأسلمة في المجالات المختلفة فهي نوع من التعامل مع الحلول الغربية بتالتفريق بين عناصرها المباحة و عناصرها المحرمة ففي المصارف تتجه الجهود نحو استثمار المعارف العظيمة التي ابتكرتها المصرفية الحديثة لرفع كفاءة المال و استغلال لحظات وجوده بأقل أجزاء الزمن و مع استثمار هذه القدرات الحديثة تبقى الإضافة الإسلامية في السعي الحثيث نحو تطوير التعامل وفق مبدأ المشاركة في المخاطر و الربح بدلا من التعامل بالفائدة المجردة و الطريق صعب و طويل فهذا المسار يتطلب تطوير آليات هائلة للتحكم في مخاطر المشاركة و هو في غاية الصعوبة . و ما قصدته بهذا الاستطراد هو التمثيل على أن البديل للجمود و التشديد و الاحتياط هو الإيغال برفق في فهم عناصر الواقع و استثمار المباح منه و تعديل المحظور ، و هذا البديل يقوم في الأساس على الإبداع و التطوير و ليس بالضرورة على المرونة أو التهاون .

س- ثانياً : هل ترون أن التلقين الجامد للعلم الشرعي في مراحل التعليم العام وسيلة مقبولة لتحصين الشباب فكرياً وسلوكياً بما يمكنهم من الإقتناع بمرجعية الإسلام كفكر قادر على مجاراة الحضارات القائمة والتفاعل الإيجابي معها وليس التصادم معها 00بمعنى هل لمنهجية التعليم القائم القدرة على تفاعل الشباب مع الحضارات القائمة على أساس أن دينهم ليس كما يتصورون أو يصور لهم يمثل حاجزاً يقف دون تعاطيهم مع مكتسبات الحضارة بل هو أداة فاعلة تسهل التفاعل الإيجابي مع تلك الحضارات للتمتع بإيجابياتها وأقتناء خلاصتها للحاق بركب الأمم الأخرى 00بدلاً من التقوقع والإنزواء في الزاويا القصية المظلمة وشعورهم بمركب النقص في ظل حقيقة أنه ليس لمجتمعاتهم أي حضور أو فعالية أو مساهمة بإنجازات العصر الحضارية ؟؟

ج- لا أحد في ظني يرى أن التلقين نهاية التعليم بل يعتبرونه بداية لضبط العلوم و الإشكالية هنا التلقين واقعيا تحول إلى هدف فالمعلومة على هذا المنهج التعليمي وسيلة تقدم ليمكن استثمارها تدريجيا بينما الواقع أن المعلومة أصبحت غاية و ذلك من ناحيتين :
الأولى أن المعلومة التي تقدم ليست متناسبة مع أسئلة الواقع و إشكالياته فالطالب قد يعيش عمره دون يستطيع بناء عقلية فقهية تحليلية تركيبية أي قادرة على هضم الفروع و المعلومات الخام ثم استخلاص المبادئ منها ثم تحليل الوقائع و الربط بينها و إذا لم تتشكل هذه الملكة فالمعلومات تبقى ذخيرة أرشيفية جامدة و هذا هو الواقع في قطاع من الناشئين على التلقين ، و ترتب على هذا أن المعلومات - في مجال العقيدة مثلا - لا يستطيع الحافظ أن ينفذ من خلالها إلى الإشكاليات العقدية المعاصرة ، بل وصل الأمر إلى اعتقاد طائفة من الحفاظ أن العلم الشرعي شيئ آخر غير الفكر و لهذا يتحسس بعض طلبة العلم من كلمة الفكر أو الثقافة و لو أجهد نفسه قليلا لاكتشف أن الفكر أو الثقافة في النهاية هي إما أخبار أو قيم و إنشاءات و هذا يعني أن موضوعها و موضوع العلم الشرعي واحد فالموضوعات النظرية في العلوم الإنسانية يمكن عكس أي نتيجة فيها بحيث يصاغ منها سؤال فيكون جوابه نوع من الفتوى أو الخبر الشرعي عند الذي أجاب على السؤال فما دام المحل واحدا فهي متداخلة و يبقى مصدر الخلط هو عدم القدرة علىالربط بين العلم الشرعي التراثي و الإشكاليات الحديثة و هذا عجز عن تفعيل العلم و ليس تناقضا بين العلم و الفكر من حيث النسبة بينهما بغض النظر عن مخالفة هذه الفكرة للشريعة أو موافقتها لها ذلك أن الفكرة إذا تم نقدها و تجريدها مما يناقض الشريعة صارت الفكرة شرعية أو علما شرعيا ، و من هذا يتبين كيف يتسبب التلقين في تضييق مفهوم العلم بل و افتراض الصدام بطريقة مجملة تعود في النهاية إلى ما يشبه التوسع في تحريم المعاملات بمجرد الاحتياط رغم التعدي بتضييق مباح لم تثبت حرمته . و لهذا فأنا اتفق معك فعلا بأن نتيجة التلقين النهائية تنتهي إلى إضعاف العلم الشرعي و توهين اليقين .


ثالثاً : أخبرنا الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه بأننا خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر
فهل ترون حفظكم الله أنه يحق لفئة من المجتمع مهما كانت مواصفاتها ومهما حسنت نواياها 00أن تتولى مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 00وهل لفئة دون أخرى أن تنبري لتكون المعنية الوحيدة عن حماية الفضيلة ومكافحة الرذيلة وأن تخضع مقاييس الفضيلة والرذيلة لمقاييس فئة رغم أن تلك المقاييس مختلف حولها بين أبناء الإسلام 00أو لنقل أنه مختلف حول درجات تصنيفها
أنا حسب علمي أن الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه هو من أسس هيئة الحسبة
س- فهل تعتقدون أن حراسة الفضيلة ودرء الرذيلة يمكن أن يكلف به فئة من المجتمع في وقتنا الحاضر ؟؟ وهل ترون أن هذا يحضى بقبول المجتمع حالياً وفي المستقبل ؟؟

ج- طبعا يمكن أن يكلف بالحسبة فئة من الناس لكن الخلل في ضعف تنظيم مفهوم المنكر الذي يجب تغييره
و المشكلة التي تضاعف هذا الخلل في المملكة أن الجوانب الواسعة لحماية الفضيلة لم تنظم تشريعيا و قد ترك الفراغ التنظيمي في الاختصاصا و المسئوليات مساحة واسعة لممارسة المنكر و لنأخذ مثلا المساحة التي تغطيها أدبيات ما يسمى بالأخلاق التطبيقية مثل أخلاق الطبيب و المحامي و المهندس و الموظف و المحامي .. فهذا المجال لم يتم تنظيمه بشكل فعال و أدى ذلك إلى وجود انحرافات خطيرة في هذه المجالات لا تطالها يد المحاسبة بشكل فعال و كم اشتهر في المجتمع استغلال طبيب ما لمرضاه في جرائمة غير أخلاقية و ينتهي به المطاف إلى خطاب تنبيه أو نقل مع أن هذه الجرائم لو حدثت في مجتمعات أخرى لأدت إلى عقوبات لا تقل عن الحرمان المؤبد من ممارسة المهنة . في هذا الفراغ التنظيمي بدت الهيئات و كأنها تقاتل في مجتمع لا تعبأ مؤسساته بالفضيلة ، و هذا البعد مهم في الحديث عن تجاوزات الهيئات مع أن المحاسبة يجب ألا يستثنى منها أحد .

رابعاً : تعلمون حفظكم الله أن تشريع الحدود ينطلق من توفر مقومات محددة وفي إطار تطبيق شامل للإسلام 00فإن عجزت الدولة عن التطبيق الشامل فيمكن للمجتهد إسقاط حد ما 00وقد فعلها الفاروق رضي الله عنه عام الرمادة فعطل حد السرقة
وقد أشرت أنا هنا في مقال سابق إلى أن لدى بنوكنا كما يعلن المسؤلون اكثر من ثمانمائة مليار ريال لو حصلت زكاتها ووزعت بالعدل فلن يبقى من تضطره الفاقة للسرقة
كما أن عجز الأنظمة عن حل المشاكل بين أفراد المجتمع وأعتساف الواسطات والشفاعات وغمطها لحقوق البعض وأستلابها لتؤول للخصوم دفعت بالبعض إلى اليأس والإحباط والإجرام وارتكاب جرائم كالقتل مثلاً
س-00فهل ترون عدالة تطبيق حد القتل في ظل عجز الأنطمة والمحاكم عن ترسيخ العدل والإنصاف وكفل حقوق الناس ؟؟ .

ج- اختلف معك في ما تفضلت به فالأسباب التي تعلق بها الحدود لا يجوز أن تكون نوعا من التحويل للسياسات العقابية ، و الإنحراف الذي تشير إليه لا يجوز أن يعالج بإنحراف آخر يتعدى على الحدود الشرعية الثابتة بالنصوص القطعية بل الواجب مواجهة الإنحراف و التعدي على حقوق الناس و بخاصة على الفقراء بتطوير أدوات النصح و الضغط و المحاورة بحيث تسمع أصوات المحرومين ، و الغالب أن الحديث في قضية الحدود يأتي تحت ضغط الاتجاه الغربي العام في استشناع العقوبات الجسدية ، و المفاضلة بين العقوبات الجسدية و الحبس قضية شائكة حتى في الدراسات الغربية في علمي الجريمة و العقاب ، فكيف يمكن أن نعتبر القضية محسومة بالشكل الذي تفضلت به ؟. و تقبل تقديري و سلامي .

أباالخــــــيل
03-10-02, 12:59 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

س- عمليا وليس نظريا، هل السلفية أكثر من مذهب في العقيدة؟

ج- أخي الكريم من الناحية العملية لا توجد سلفية بل هي مواقف متنوعة و تعددية واضحة تشمل العقيدة و غيرها ، فالإمام مالك إمام سلفي و له رأي في أحاديث عديدة يخالفه السلفيون ، و موقف ابن تيمية من الفلسفة يخالف مذهب الإمام أحمد فقد خاض في أبحاثها و ناقش دقائقها ، و للإمام أحمد موقف من السلطان خالفه في الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، و موقف علماء المملكة من العلاقة بين المصلحة و النص يخالف كثيرا موقف الإمام أحمد ، و هذه كلها عناصر أساسية في السلفية كما اصطلح عليها اليوم رغم أن هذا المصطلح أي السلفية جديد الاستخدام و صياغته الصرفية مشتقة من الصيغ الغربية التي تكتب بها الأسماء المذهبية و هي المختومة بالأحرف ism مثل الرأسمالية و النسوية و العلمانية و لن تجد في التراث إمام ينقل عنه مصطلح السلفية حسب ظني و لهذا يقال أهل الحديث أو علماء السلف و الفرق الجوهري بين التعبيرين هو مصدر الأزمة و إن شئنا فلنقل هو من آثار سبب الأزمة فالصيغة الصرفية هذه توهم الشمولية رغم أن الأصل لا يمتد إلى هذا ذلك أن المعاملات أو العاديات أصلها الإباحة و ترد عليها القيود الشرعية بمعنى أننا نشترك مع العالم في تذوق الجمال الشعري مهما كانت أدوات إثارة هذا الجمال من الناحية اللغوية و العلاقات المجازية هذا القدر حق إنساني مشترك و تأتي القيود لتحرم فاحش القول و تكذيب خبر الوحي .. إلى آخره لكن إذا أخذنا بالمفهوم الشمولي الذي جلبته لنا التيارات الحديثة فسنقول أسلمة الشعر و سنقول بأن الفن يجب أن ينبع من تصورنا للكون و الإنسان و بعبارة إخرى سنقوم بمركسة لميدان الإباحة أو بالتعبير الماوي سيتم تأميم الثقافة ، و من طرائف هذا التفكير أن أحدهم كتب مطالبا بأسملة الشعر الجاهلي ؟! و كأن الأمة لم تكتشف التأميم إلا مع التيارات الإسلامية التي أصابها غبار الماركسية في مراحل الإنكسار ، و عندما تداخل الفكر السلفي في المملكة مع الفكر الإسلامي المتأثر بالماركسية بذلت جهود في تأصيل هذا التفكير الجديد و ذهبنا نتتبع الأدلة لنفرض هذا الاتجاه على النصوص و الآثار ، فأخذت السلفية من هذا الواقع اتجاها شموليا أصبح يقدم أفكار لا تسعفه فيها النصوص فاتجه لتوليد أدوات جديدة تعينه على هذا التحول فظهرت مصطلحات اختلاف المناهج و بعض أفكار التميز ، و من هنا فالفكرة التي تسمى سلفية اليوم متلبسة بنوع من الشمولية العصرية ، و آية ذلك ما نجده من فرق بين موقف كبار السن علماء و متدينين من مخالفيهم أو من الواقع فهؤلاء نرى فيهم مواقف أكثر تحديدا تجاه مخالفات الشريعة القائمة بينما نجد في السلفية الجديدة موقفا شموليا فالحل لدى الكبار أو المتدينين تدينا فطريا هو إزالة المنكر و الحل عند الآخرين هو الدولة الإسلامية و أسلمة الثقافة و الحياة و عند تفحص هذا تجده ينتهي إلىمواقف شمولية محور الحقيقة فيها هو الجهة أكثر من الموضوع و لهذا فما تمارسه بعض المؤسسات الإسلامية من استبداد و غياب شبه تام للشفافية يعتبر من الحكمة و الثقة في أهل الثقة رغم كل ما يدور همسا من معلومات عن وجود الانحراف بدرجة تشبه ما يوجد في المؤسسات العادية ، و النهاية إذن هي أن السلفية يراد لها اليوم أن تتحول إلىمذهبية شمولية حتى من الناحية العملية ، و هذا التوهم هو الذي أدى إلى الضمور الفكري الفاضح لهذه المذهبيات الشمولية ذلك أن قطاع الإباحة قطاع إنساني مشترك فإذا أردنا إلغاءه فسيسقط من معارفنا و لن تسد الشريعة و فقه الأمة مسده لأنه من الجانب الذي تركه الشرع لنا فقال صلى الله عليه و سلم أنتم أعلم بأمر دنياكم ، و وفي مجال المعرفة آيات الإحالة إلى الكون أعظم من أن تحصى و آيات الأمر بالسعي في الأرض و الابتغاء كثيرة أيضا و الابتغاء هو الطلب الحثيث ، و في المجال السياسي نجد نصوص الشورى و تطبيقاتها الكثيرة و في مجال العقود الأصل الإباحة و في مجال العاون الاجتماعي الأصلل الندب إن لم نقل الوجوب و في مجال الجمال الأصل الاستمتاع به و هكذا يحيلنا الشرع إلى الإنسان في ميدان الإباحة و تريد أغبرة المركسة التي تلبستنا أن نعود في هذه الميادين إلى النصوص و أفكار السلف بعبارة أخرى ما تورع النبي صلى الله عليه و سلم من تولي قيادته و تركه لنا نريد نحن إسلاميي اليوم أن نتصدى له نحن و أن نقوم بإسقاط كل من يحاول التصدي للقيام به ، و أختم في هذه الفقرة بالتأكيد على عدم التعميم لكن العبرة بالظاهرة العامة خاصة من ا لناحية العملية .

س- هل هناك تيار فكري سلفي؟ ومن يمثله، من يسمون بالسروريين الذين هم اقرب الى الإخوان المسلمين فكريا منهم الى السلفيين المسمون (الجاميين)، ام المؤسسة الدينية الرسمية، ام جماعة عبدالرحمن عبدالخالق، ام السلفيون العلميون في الكويت، ام جمال سلطان؟

ج- أظن إجابة هذه النقاط وردت في الفقرة السابقة أما ما يتعلق بالأسماء التي ينفيها من تلصق بهم فإن شأء أسئلة الثقافة تجاوزها ، و إذا كانت السلفية ليست سلفية واحدة فتبقى الأسماء تطبيقات لقاعدة واحدة ، بل أزيد إن سلفية الرمز الواحد تتقلب - إذا أرنا أن نعتبر السلفية موقفا شموليا معصوما يعرف من يخالفه بنزع صفة أو اسم السلفية عنه - فلمعظم الرموز مواقف مناقضة لأصول كبار في السلفية و لنأخذ من كفررهم العلماء الكبار ثم تراجعوا عن تكفيررهم ، و لنأخذ مثلا اعتراف ابن تيمية بأن الآمدي تغلب عليها لحيررة و الشك ثم دفاعه عنه و اعتباره من المجتهدين المأجورين المعذورين رغم أن القضية تمس أصل الأصول و هو الإيمان بالله الواحد تعالى و لنرجع إلى هذا في سير أعلام النبلاء و مجموع الفتاوى ، و لننظر مثلا في أزمة الموقف من الدولة العثمانية و حملات التكفير التي تمت بسببها ثم لنقارن ذلك من الموقف بالتحالف مع الأمريكان و الروس و الصينيين فهذه المواقف شديدة التناقض و ما يجرري حاليا هو إرغام الناس على الإيمان بها جميعا ، و لهذا فلن يسلم لنا سوى العود للأصول الشرعية بالتحاكم للنصوص و عذر المجتهد المخطئ و بذل الأسباب لتحصيل القوة الفكرية التي نحمي بها أصول الشرع و إقناع المخالفين بدلا من اللجوء إلى مخازن الذخيرة و تبادل الطلقات التكفيرية .

حفظكم الله ورعاكم وسدد خطاكم.
و أشكر لك مشاركتك أخي الكريم



اسئلتي اليك حفظك الله هي:
بعد احداث سبتمبر تشكلت الفئوية للاسلاميين اي بمعنى تحزب كل انصار فريق في مجتمعنا
الغريب في الموضوع ان الجميع قد استقى نبعه من معين واحد
الاغرب ان هذا الخلاف والحدة لم يظهر على السطح ويلمس اضطرابه الا بعد الحادث المشؤوم

س/ هل هذا توجه مدفوع من السياسين كما حدث سابقا للفئة القديمة
اذا كانت الاجابة بلا ارجو ان ترجع الي اجاباتك السابقة حفظك الله

ج - لا أعلم إن كنت أخي الكريم مصرا على تلقيمي الإجابة بنعم ، لكن ما أعلمه أن ما جرى بعد أحداث أيلول امتداد للاتجاهين الموجودين قبل الحادث فالموقف من الجهاد قديم ، و للشيخ سفر - على سبيل المثال - موقف معروف منذ بداية الجهاد ، بل كانت هناك تجاذبات قبل أيلول في الاتجاه نفسه و لو راجعت موقف الإسلام اليوم لوجدت بحثا أو مقالا مطولا للدكتور عبد الله الصبيح يقرر موقفا واضحا في موضوع المواجهة يكشف عن اتجاه مخالف كثيرا للجهاديين و قد قامت في الموقع نفسه حوارات حول الفكرة و معارضيها و كان ذلك قبل الحادث بفترة قصيرة ، و السياسيين لهم موقف من الجهاديين فقد ترى في تقارب الموقفين ما يشير إلى تدخل السياسيين ، و الواقع أن الصلة تكمن في التوجه العام الذي يتبلور منذ ما بعد الاعتقالات خلاصته وجوب تجنب المواجهات و تنشيط الحوار على مختلف المستويات ، و لهذا ظهرت جهود جديدة في الحوار الثقافي بين الدعاة و المثقفين و ها قد رأينا مجلات إسلامية تحاور المخالف الذي كادت أن تحصر علاقتها بتكفيره و تطلب منه طرح رأيه في مطبوعات تنفق عليها بنفسها فهذا التحول يفسر التغير العام كما تلاحظ ، و هناك أيضا تحسن كبير في العلاقة مع الدولة و قد بدت آثاره منذ أحداث أيلول فقد تطورت بشكل كبير القناعة بالعمل الهادئ و تجنب المصادمة ، و مستقبل هذا الواقع مرهون بالقدرة على الإقناع و إنضاج الأفكار العملية الواقعية من جهة و المبادة إلى القضايا الممكنة و الأكثر إلحاحا و العمل على تحسين وسائل التعامل غير الصراعية حتى تتطور آليات إصلاح تنموية ، و ليكون الخلاف و التجاذب على قضايا محددة ، و ذلك لنتحول من الصراع المسيس إلى التفاعل المثمر ، و في هذا المناخ يصعب الحديث عن دافع و مدفوع كقاعدة عامة .

س/ لماذا تظن هذه الفئة انها الان محاربة هل هو لذر الرماد في العيون؟

ج - لأنها تتبنى - بشكل ما - العلاقة بالجهاديين و هم بلا شك محاربون الآن .

س/هذا الخلاف بين الاسلاميين وفي مجتمع مثل مجتمعنا الن يكون له تاثير سلبي
ربما يتصاعد بين انصار كل فريق ويصل الي مرحلة التكفير لاقدر الله
اعرف اجابتك مسبقا لكن كيف تعرف ان انصار كل فريق وليس القادة سوف تلتزم بضوابطة؟

ج - بلى هذه الخلافات خطيررة بالفعل و قد تؤدي إلى المهالك و ولكن المعالجة لا تملكها جهة واحدة بل هي مزيج معقد بعضه مرتبط بالمبادرات الثقافية ، و أكثره مرتبط بالسياسيين خاصة في مجال تنشيط الإصلاح في المؤسسات الرسمية و إنضاج مشروع وطني يستطيع شد الجمهور إليه بحيث تتحقق التعبئة العامة على القضايا الوطنية الكبيرة ذلك أن معظم التخببط القائم فكريا مرتبط بشكل ما بتدهور المشروع الوطني التنموي القادر على تحقيق مصالح الناس و تطلعات مع المحاافظة على قيم الشريعة و الهوية .


س/ما يعاني منه بعض الاصلاحيين الاسلاميين الان وانقسام المجتمع عليهم ماهي الا بوادر ازمة قادمة
تلوح في الافق هل تكيف الادلة والتذرع بالفقه هو المخرج للجميع

ج - يجب ألا نضخم الوضع الحالي فهو مرحلة تحول تغيرت فيها عناصر مهمة و تحتاج إلى وقت تتضح فيها الرؤية للمترددين و المتشككين فإذا تبينت لهم حدود التحول و نهاياته و فهمت آهدافه ستتجه الأمور نحو الاستقرار بشكل أكبر ، لكن علينا ألا ننسى مخاطر الاضطراب الإقليمي و آثاره على الساحة الثقافية المحلية فمثللا لو تزعزع العراق و نشطت تيارات المقاومة و الجهاد ضد الوجود الأمريكي فيه سيؤدي ذلك بالضرورة إلى تنشيط الدعوة إلى الجهاد و مناج الجهاد و الاحتلال لا يحتمل أجواء الحوار و التحليل الفكري و الفقهي و التعاون و التعدد بل هو بيئة تجنيد و تعبئة و عسكرة و هذه الظروف لا يشتغل فيها سوى الونين المتناقضين فإما مع أمريكا أو مع المجاهدين إما القتال أو الفرار .. و الموقف من هذه الناحية مثير للقلق بلا شك ، كما أن استفحال مشاكل البطالة و تعثر الحقوق له آثاره المنشطة بقوة للأزمة الفكرية بلا شك .

س اخيرا/لماذا هناك انتقائية مذهبية وزمنيه وحتى فقهية

ج - الانتقائية موجودة لدى الجميع تقريبا و سبها العلاقة المتينة بين الرأي و المصلحة و الرأي و الهوى والرأي و العصبية و غير ذلك من أسباب تغليب الذاتي على الموضوعي ،
س-هل من الممكن فتح باب الاجتهاد والعودة الي المنبع الاصلي القران والسنة؟
ج- باب الاجتهاد مفتوح من أغلقه ؟. لكن أين الباحثون الجادون ؟. و باب الاجتهاد لا يفتح عبر التعليقات النقدية و المقالات الخطابية فهذه أدلوجات في مواجهة أدلوجات ما يغير حقا هو العمل الجاد . و بالعمل الجاد و الترتيب الجيد يمكن عمل الكثير كما جرى في قطاعات كثيرة .

ارجو المعذرة اطلت عليك بالرغم من ان في جعبتي الكثير
وان غلبني حلمك تجرات عليك مرة اخرى

أباالخــــــيل
03-10-02, 01:09 pm
س-- في ظل إفلاس الفكر الذي تستند إليه حركات الإحياء الديني وبدائيته وخوائه، وتهافت الفكر العلماني وبدائيته وخوائه. ما المخرج برأيك من هذا الإفلاس وهذا التهافت.؟! وكيف نربط دعوات كاعادة فتح باب الاجتهاد، واحياء علوم الفلسفة والكلام، وتطبيق الدعوات الرومانطيقية التي تدعو الى تطبيق أسس فقه الاختلاف، والتعددية المذهبية، والانتصار لفكر عصور التدوين بدلا من فكر عصور الانحطاط، ..، كيف تربط جميع تلك الدعوات السابقة الى السؤال المباشر.؟!

ج- دعنا نصف حالة الفكر الإسلامي بالأزمة و ليس الإفلاس ، ذلك أن تحولات تجري داخله و هي تحولات جادة و تزداد عمقا باطراد ، و من هذه حاله فمن الصعب نعته بالإفلاس ، و لو أخذنا مفهوم الفكر العلماني بمعناه الواسع أي الفكر الذي لا يرفض مرجعية الشريعة في الكليات و أزمته تكاد تتركز مع الفكر أو الفقه أو بعض الأصول هذا الفكر رغم الاختلاف معه فهو يشهد حركة مراجعة واسعة و الجميع يبحث عن مخرج ، و هذه الحركية مأزومة بلا شك لأنها تكرر قضاياها و تعيد أسئلتها مرارا لكنها مع ذلك تتحرك و من أوضح إمارات حركة هذه التيارات تطور لغة الخطاب يينها و تقارب قناعاتها بضرورة الاتجاه نحو القضايا الكبرى .

إن الأزمة الحقيقية تكمن في رداءة الأداء الحكومي و المؤسسات السياسية فهذه تملك سلطات واسعة و مؤسسات ترغيب و ترهيب تكاد تلغي حضور الإنسان إلا في فلكها أو ما يقاربه ، و مع رداءة أداء مؤسسات الدولة العربية تراكمت المعضلات و تضآءل العقل العملي التنموي و تبعثرت القدرات و لم تنشأ وسائل التراكم المعرفي و الاقتصادي و المهاري بالشكل الكافي ، و قد كان يظن على نطاق واسع أن أزمة الدول العربية فكرية مجردة لكن النمور الآسيوية برهنت على ضخامة قدرة الدولة و سياساتها التنموية على إيجاد آلية للنمو تستطيع استيعاب التناقضات الفكرية و توجيهها نحو أهداف مشتركة بالقدر الأدنى من الصراع ، و المؤسف حقا أن ضعف هذه القدرات أدى إلى تراجع هائل في قدرة العرب حتى على تقديم خطاب دعوي مؤثر في المجتمعات غير المسلمة بل نقلت النخب العربية المهاجرة مشكلات العالم العربي لتفرضها على المجتمعات الأجنبية ، ألا نستنتج من هذا أن القضية الفكرية مرتبطة بدرجة واضحة مع سياسات و أداء المؤسسات الحكومية مع عدم التغاضي عن دور المجتمع الأهلي ، فمثلا ألا تستطيع الجمعيات الإسلامية التخطيط لتجميع الطاقات الفكرية لدراسة و مناقشة المسائل الإشكالية و إدارة الحوار بطريقة ترفع مستوى الوصول إلىالقدر المشترك دلا من التقاذف بالآراء الحادة الجذرية فأين هذا الدور؟. و مثله يمكن أن يقال عن آليات تدريب المجتمع على التعامل مع مصالحه مثل جماعات الضغط ، فإذن ليست القضية مجرد ضعف فكري بل تدهور سياسي للمؤسسات الحكومية و الأهلية .

س- مالموقف من فكر محمد أركون ؟!

ج- ما قدمه محمد أركون يمثل العلمانية المتطرفة بلا شك ، بيد أن الاتجاه العام لهذا الفكر لا يمكن مواجهته إلا بأعمال جادة مماثلة ، إذ لا يكفي النقد المجمل ، و سيؤدي ذلك العمل المفصل إلى تحرير القضايا الإشكالية بحيث يستوعبها الفكر الإسلامي قبولا أو ردا موضوعيا .

س- سمة "انتقائية" الأحكام والآراء الفقهية أضحت طاغية على مضمون الخطاب السلفي المحلي، ومنها الموقف من الغير مسلم، وتقليده، وأحكام فقهية ككشف أو غطاء المرأة لوجهها، أو الاستماع لطيب الغناء، الخ .. فالى ماذا تعزو أسباب تلك الانتقائية ؟!

ج- انتقائية الفقه المحلي التي تشير إليها ظاهرة متفق على ملاحظتها ، و المناخ العام في المملكة يدفع للتشديد إذ لا عاقبة له ، و لهذا لا يتجرأ كثير من العلماء على التصريح بآرائهم رغم وجودهم في هئية كبار العلماء مثلا أو في كليات الشريعة ، و هذا المناخ العام أصبح وسيلة يتلاعب بها صغار الشباب فياتي السؤال إلى المفتي و قد كتب بصيغة لا تتضمن سوى إدانة أي إجابة لما يخالف رأي السائل و تحولت الفتوى إلى سلاح للمواجهة أكثر من كونه وسيلة لبيان الحق ، و يكفي أن نقرأ في مقدمات بعض العلماء للكتب التي تعرض عليهم لنجد تلك المقدمات تقدم لرأي و نقيضه ، لكن العلاج لن يكون من خلال انتقاء المسائل التي أشرت إليها ثم إرباك الناس بها بل الوسيلة الجادة في نظري هي الدراسة العلمية للأصول التي تصدر عنها الفتاوى و استقراء مدى اطرادها ، ثم مقارنتها بأصول الفتوى في تلك المسائل المقررة لدى فقهاء الأمة ، و بذلك يمكن أن تعالج المسائل بطريقة كلية دون أن يتحول النقد إلى نوع من تتبع الرخص و مسائل الخلاف و دفع الناس إلى ما يخالف الفتوى فيها .

أباالخــــــيل
03-10-02, 01:12 pm
سؤال للشيخ عبد العزيز القاسم
س ـ اطلعت على كتابات الشيخ حسن المالكي، وقد التقيته ذات مرة في جمع من الناس، ورأيت الرجل بالغ التهذيب والتواضع. وأما كتاباته ففيها الجرأة في الطرح والنقاش، واستعداد للإعتراف بالخطأ. لقد ناقش قضايا مسكوت عنها، فلماذا كان نصيبه هذا التهريج ضده حتى وصل الأمر الى التحريض والنجاح في إخراجه من عمله؟ وكيف تقيمون أفكاره، وهل تعترضون على شيء محدد منها؟ وإذا كان هذا مصير دعاة الإصلاح داخل الجماعة فكيف لها أن تتطور وتتقدم وتمارس عملية الإجتهاد.


ج- الأخت الكريمة هانية مع السلام و التقدير ، الشيخ حسن المالكي طالب علم قابلته و قرأت عددا من كتبه ، و قد طرح انتقادا لقضايا معه فيها الحق و كان فيها مهذبا و متحريا للعدل مثل إشكاليات التكفير و مسائل العقائد ، لكنه أشغل نفسه في قضايا رفع التعديل عن الصحابة حتى صارت القضية لديه أولوية ، و لو كان كلامه فيها موافقا كله للحق لكان الاشتغال بثلب مذموما فكيف و قد توسع في ذلك ، ثم ألا يكفينا ما نحن فيه من أزمات حتى نبعث قضايا التاريخ لنجعلها محلا لهدر أوقاتنا ، ومن جهة أخرى هل يمكن أن تكون فترة الفتنة مدخلا لجمع الكلمة حين نقول بأن محن المسلمين بدأت في بالفتنة و تداعياتها .
أما فصله من عمله فأعتقد أنه ظلم واضح لا يحل لأحد أن يتعدى على الشيخ بمثله و لن يكون في منزلة غلط الخوارج و مع ذلك لم يمنعوا حقهم في بيت المال فضلا عن حقهم المكتسب في العمل ، و يتضاعف الظلم إذا كان مبنيا على أسباب تعسفية ، و العجيب أن يستنكر التعامل مع مثله بالعدل و نحن نستجلب من مشارق الأرض و مغاربها شتى ملل الأرض حتى أصبحنا نألف معاشرة البوذي و النصراني و السيخ و غيرهم فإذا رأينا مثل المالكي عاملناه بما نتورع عنه في تعاملنا مع المشركين و أهل الكتاب و هذا من الإنحراف البين عن العدل و حقوق المسلمين الواجبة بالكتاب و السنة . و المعاملة بالعدل لا تعني ترك بيان الحق و الرد على الأخطاء لكن أن نتجنب مناظرته و الرد عليه ثم نسعى إلى إنزال الظلم به هذا من العجز عن البيان و الجرأة على الظلم .

س ـ بلغني أنكم وبعض الأخوة قد عقدتم لقاءات مع مشايخ من الشيعة، فكيف رأيتهم، وهل ما يكتب عنهم في المنتديات يعبّر حقاً عن حقيقتهم كأتباع مذهب مختلف؟

ج- نعم قابلت عددا من الشيعة السعوديين و غيرهم فوجدتهم شيعة أصحاب مذهب مختلف ، لكن كثيرا ما يكون المدون في الكتب محل خلاف أو مراجعة ، و السؤال الأهم هو أين تكمن المصلحة الشرعية هل هي في التعامل بالعدل و المجادلة بالتي هي أحسن و ترتيب البدع بحسب مكانها في الشرع و المجاهدة في التوعية مع استحضار رحمة الله تعالى و هدايته لكل أحد أم في الهجر و المنابذة هذا من جهة الدعوة و من الناحية الأخرى فإن الشيعة مسلمون يشهدون الشهادتين و يصلون الفرائض و ما فيهم من البدع لا يهدر ما يكتسبونه من حقوق بالشهادتين ، ما لم يستوجب الإهدار بواحد من أسبابه الشرعية ، و التجربة التاريخية تكشف بجلاء أن المخالطة و الدعوة بالحسنى و إعطاء الحقوق خير من المنابذة و العزل و تعريضهم للظلم ، و لنقرأ التاريخ لنلاحظ ذلك جليا فأين مصر الفاطمية بعد الدعوة و الإصلاح و أين انتهى الدروز بعد حملات المماليك عليهم في جبال الشام ؟.


كتب بواسطة التميمي on 18-09-2002 01:34 AM:
إلى الشيخ الفاضل عبدالعزيز القاسم
أضنني أسأت تعبيراً فأسات فهماً لسؤالي حفظك الله
إن ما كنت أريد الذهاب اليه 00ليس المطالبة بايقاف الحدود أو دعماً لضغوط مدعي حقوق الإنسان في تقبيحهم وتصويرهم لبشاعة الحدود الإسلامية من قطع لليد وتنفيذ حد القتل بالقاتل 00الخ
إن ما حاولت أن أقف على رأيك حوله هو 00تقصير التطبيق الإسلامي الشامل من حيث واجبات الحكومات والمواطنين وحقوقهم 0000 وما مثلت به بسوالي السابق إنما هي نماذج أو مؤشرات حاولت الإستدلال من خلالها على إهتزاز التوازن بين الواجبات والحقوق 00فإذا كانت دولة ما من الدول الإسلامية تكرس أنظمة تستلب الحقوق وفي ذات الوقت تفترض إلتزام الرعية بالواجبات مع إستحالة تحقيقها في ظل هذا الإستلاب 00فهل من الأولي تصحيح الخلل أو تجاهله وتحميل الرعية مالا طاقة لبشر به
ولأعطيكم مثلاً آخر لايخص أبن الوطن بل الوافد وقد تعرضت له هنا في موقع آخر
س- أيجوز أن نسمح لانفسنا بإستقدام الحالمون بالثروة من بلاد الأرض 00يبيعون من أجلها ما تحت أيديهم بل يحملون أنفسهم ديوناً يعلمون علم اليقين أنهم لو بقوا في ديارهم العمر كله فلن يتمكنوا من سدادها 00ثم يفاجأون هنا بكفيل عاطل يطلب منهم أتاوة شهرية يفرضها عليهم دون توفير عمل شريف لهم 00هل يجوز لنا ونحن ندرك سلفاً المأزق الكبير الذي ورطنا به أؤلئك المستقدمين 00وندرك سلفاً أن إحتمال إضطرارهم للإجرام هو الغالب 00أيجوز لنا أن نستقدمهم وندفعهم للإجرام وكأننا نستمتع بإستدراجهم إلى حيث يؤول بهم المطاف إلى قطع اليد أو القتل
__________________
مالك ابن الريب التميمي

كتب بواسطة عبد العزيز القاسم on 18-09-2002 02:03 AM:
أخي التميمي مع السلام و التقدير

ج- معذرة على سوء الفهم ، ما تفضلت به بشأن التوازن بين الحقوق و الواجبات هو مربط الفرس و هو أساس معظم مصائب الأمة فالسياسي يسأل عن حقوقه لكنه يعاقب من يطالبه بواجباته ، بل تستطيع اختزال جوهر دولنا الحديثة في مؤسسات حماية الحاكم و ترفيهه و تمجيده في الوقت الذي تهاوى فيه الإنسان و تبثررت حقوقه حتى إن مؤسسات الدولة نفسها صارت لا تستسيغ الحديث عن الإنسان كمرجع أساسي لتقييم عملها و اختصاصاتها . و يمكن أن نقول ما يشبه هذا عنالمثقف فهو لا يحتمل النقد و لا المعارضة ، و مثله الداعية و الشيخ و هكذا تتضخم مثلا حقوق الأب و الزوج على حساب الابن و الزوجة ، فما تفضلت به من وجوب التوازن اتفق معك عليه ، و هنا تظهر أهمية فتح المنافذ لتنشيط التوازن و على رأسها المؤسسات الأهلية باعتبارها وسيلة منظمة للعلاقة بين الأطراف المتعددة .. إلى غيرر ذلك من وسائل . و أشكرك على التعقيب . و السلام


الأستاذ : عبد العزيز ..
مشاركتك لنا في هذا الحوار المفتوح هو إسهام كبير في ردم فجواتٍ كبيرة أخشى ما أخشاه أن يأتي يوم لا نستطيع لها ردماً مهما بذلنا لردمها من جهود رسمية كانت أو شعبية ..


أخي الفاضل :

س- ألا ترى أن التدوين التاريخي ( الفكري ) منه بالذات لمسيرة الصحوة خاصة من رموز الصحوة البارزين كأمثال الشيخ سفر والشيخ سلمان ، أو ممن له إطلاع على حركتها عن كثب من أمثالكم سيساهم في حل كثير من القضايا الفكرية الخاطئة التي نعاني منها الآن ، وسيُعَرّفنا على خط هذه المسيرة ، وفهم كيف جاءت المراجعات الأخيرة . كما سيبعث إلى طاولة النقاش العديد من الأسئلة والاستفسارات التي ستكون في صالح العمل الإصلاحي ؟.

أخي الأستاذ محمد النافع مع السلام و التحية .

ج- معذرة فقط فاتني سهوا التعليق على مشاركتك الكريمة . و اتفق معك على أهمية التأريخ للصحوة خاصة من الناحية الفكرية ، و حسب علمي فإن بعض المهتمين يقوم حاليا بشيء من ذلك خاصة على مستوى التتبع الفكري و رصد أهم تطوراته و ملابساتها ، و أتمنى من المهتمين المعاونة في هذا العمل فهو مفيد جدا كما تفضلت . و السلام .


كتب بواسطة الآسي on 20-09-2002 04:34 AM:
تحية عطرة إلى المبدع والمتميز الشيخ عبد العزيز وللأخوة جميعا .

السؤال الأول :-

كلمة ( الفكر ) من أكثر الكلمات تداولاً في هذا الوقت ؛ فهل هناك حد وتعريف جامع مانع لهذه الكلمة .

أخي العزيز الآسي مع السلام و التحية .

ج- يصعب تعريف الفكر تعريفا كما تذكر ، لأن التفكر حالة متواصلة لتحليل الواقع و الآراء و النصوص و تأمل سياقاتها و علاقاتها بما حولها من أحداث و ملابسات ، و هو نوع من الفقه إذا كان معنيا بربط ذلك بدلالات النصوص الشرعية فتحليل النظم الاقتصادية و تحديد أصولها النظرية و مقارنتها بأصول الشريعة نوع من الفقه الاقتصادي أو لنق بأنه فقه كلي في مجال المعاملات ، و مثل هذا يقال عن العلوم الأخرى . و مشكلة الفكر حاليا أنه يوضع في مقابل العلم الشرعي بمعناه التراثي أو الفروعي .

السؤال الثاني :-

كونك أحد المشتغلين في سلك المحاماة ؛ ما هي الصفات التي يجب أن تتوفر في العاملين في هذا المجال ؟
وما هي المؤهلات المطلوبة ؟
وهل يمكن لخريجي كلية اصول الدين العمل في هذا المجال ؟

ج- المؤهلات المطلوبة لترخيص المحامي هي شهادة كلية الشريعة أو الحقوق أو ما يعادلهما . و لا تكفي شهادة كلية أصول الدين .

كتب بواسطة حسام الجميلي on 25-09-2002 04:57 PM:
الأخ الشيخ عبدالعزيز القاسم


في ظل الإحباط الذي أصاب كثيرا من الشباب , سواءا كان هذا الإحباط ناتجا عن ظروف الأمة الحالية أو الظروف الداخلية, وفي غياب الأفق السياسي والإقتصادي والتنموي على الصعيد الداخلي.

س- هل تملكون مشروعا اصلاحيا يملأ عقول الشباب ووجدانهم ويقدم خيارا عمليا مقابل الخيارات الإستئصالية ذات الصوت الأعلى في الساحة ؟


أخي حسام الجميلي مع السلام و التقدير .

ج- الجواب لا أملك مشروعا إصلاحيا يملأ عقول الشباب ... لكنني أدعو مع غيري من المنادين بالتصحيح إلى فتح آفاق العمل الممكن ، خاصة في مجال العمل المؤسسي ، و الإندماج في الهموم الاجتماعية من خلال مشروعات تطبيقية ، ففي مجال العلم الشرعي أظن أننا بالغنا في حبس الشباب في المدونات الفقهية التراثية بعيدا عن هموم الفقه العملي ، و لهذا نقرأ في الرد على المتكلمين مئات الصفحات ثنيا للركب عند العلماء و نتجنب دراسة الأصول النظرية الفكرية للنظم التي تحكمنا و تدير حياتنا اليومية ، و نتحدث كثيرا في الرقائق العامة و نتحاشى تقديم إجابات عملية للأخلاق العملية في ميادين الحياة المختلفة كالأخلاق الطبية و المهنية و أخلاق السلطة الوظيفية ... ، و نشرح آلاف الصفحات من فقه فروع التراث و نصرف الهمة عن معرفة الفقه الذي يدير مؤسساتنا و حياتنا ، و نتعلم التفريق بين آراء الماوردي و الآمدي و نصرف النظر عن اتجاهات خططنا في التنمية و سياساتنا الوطنية ، و نركز على زجر الناس من خلال التصعيد الفقهي و نتجاهل فاعلية العمل الحديث المنظم مدنيا ، و ترتب على ذلك انزلاق المتدينين إلى نوع من الغربة فرضوها على أنفسهم عن واقعهم و مؤسساتهم ، و للعودة إلى ذلك أظن أننا بحاجة إلى العودة إلى أدوات التعامل مع الحياة كما هي ثم استيعاب السياسات و الاتجاهات العامة التي تحركها و وسائل التغيير في ذلك و دراسة مهارات مقارنة و نقد السياسات و التشريعات و تقديم فكر فعال و عملي في هذه الميادين مواءما مع كليات الشريعة و مقاصدها ، و هذه الوسائل أكثر تأثيرا من مجرد الكتابة في تحريم التحاكم إلى الطاغوت .. هذا في مجال التشريع و لو تحدثنا في مجال النهضة العملية فيمكن الحديث عن تنشيط المؤسساتالأهلية و الضغط باتجاه تنميتها و تفعيها ليكون للقطاعات مؤسسات أهلية تطور خبرات العاملين فيها و تقدم صوتهم للمؤسسات الحاكمة و تدافع عن مصالحهم بدلا من بعثرتهم التي تؤدي إلى السلبية و الاحباط و تقود إلى التفكير الجذري ، و هكذا يقال ما يشبهه ذلك في الميادين الأخرى ، فالمهم هو استنهاض الهمم للعمل خارج هاجس الحظر و الوجوب - الذي يقوم به من يكفي حاليا - حتى لا نتحول إلى ظاهرة اعتراض تكتفي بالاحتجاج فتعجز عن العمل .



و في الختام أشكر منتدى الوسطية الذي أتاح لي فرصة التواصل مع هذه المشاركات ، و أسأل الله للجميع الخير و السداد لما يرضيه تعالى و تقدس . و صلى الله على نبينا محمد و آله و صحبه و سلم .


-
__________________
azalgasem@hotmail.com

ابونورة
03-10-02, 03:59 pm
شـــكر الله فضيلة الشيخ المفكر عبدالعزيز القاســم هذه الإجابات ، وشكر الله ناقل هذا الحوار الاستاذ اباالخيل والذي دائما ما يتحفنا بالمفيد والعميق فكراً .