تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ثقافة الإتقان !


أديب أهله
10-08-09, 11:46 am
ثقافة الإتقان !



ما زال اليابانيون يتبوأون أعلى مناصب الإتقان في نظر الكثيرين ، وحينما تذكر أن البلد المصنع لهذه السلعة أو تلك هو اليابان ؛ فكأنك أعطيت المشتري شهادة ضمان على جودته ، حتى وإن كان ثم ما هو أجود منه ، ولكنها السمعة التراكمية والمستحقة لهذا البلد جعلته يغرد خارج السرب وحده ، ولا غرو فهم ينشرون ثقافة "الكايزن " وهو مبدأ يرسخ مفهوم "التحسين المستمر" ، لذا كانوا ومازالوا سادة الإتقان في هذا الزمان ، وقد انتشر في الثقافة العملية المعاصرة فن جديد يسمونه "الجودة الشاملة" وهو مفهوم يسعى باختصار لإتقان العمل ، وما زالت الدول العربية –ممثلة بالحكومات- تسير في مؤخرة الركب ، وليتها تسير بانتظام لكان الأمر مقبولاً ، ولكنها شوهت مسيرة كل ما هو جميل وجيد في كل مجال ؛ وهي لم تتقن شيئاً سوى إخضاع المواطن واستعباده !


ولو تأملت حال العظماء في كل عصر ومصر ، لوجدت أن الإتقان هو منهجهم ، والجودة هي غايتهم ، إذ لولا إتقانهم لعملهم لما عاش ذكرهم ومات غيرهم ، ولولا الإتقان لما كان لعامل من فضل على آخر ، بل حتى في مهاوي العلوم ستجد أن المتقنين قد خلدوا أسماءهم في سجل التاريخ ؛ ففتش في عالم الموسيقى والرقص والتمثيل والكرة وغيرها ستجد أنك لا تذكر إلا المتقنين فقط !


كثيرا ما نجد ثقافة الإتقان في عالمنا غائبة ، ولو قلبت طرفك فيمن حولك باحثاً عن المتقنين لانقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير ، مع أن صغيرنا قبل كبيرنا يعرف الحديث القائل : إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ! ، ولكن هل ثم ثقافة للإتقان وفقه له ؟!


بل حتى في الثقافة التي يفرضها علينا "الوليدان" : وهي ثقافة مشوهة تثير القرف والاشمئزاز لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ؛ فالموسيقى قبل أن تحتكرها الشركات وتدخلها إلى عالمها المادي أخرجت عظماءحسب تصنيف أهل الاختصاص – بغض النظر عن شرعية فعلهم – ولكنهم أبدعوا وأتقنوا فنهم واحترموا من يستمع إليهم ، بخلاف مطربي روتانا هذا الزمان الذين ظهرت عوراتهم - حساً ومعنى- لمن ابتلاه الله بالاستماع إليهم وكان يملك القليل من الذوق الفطري الأصيل !


وقل في التمثيل مثل ذلك ، فلو تأملت حال السينما– وهي حديث الناس هذه الأيام – لوجدت أن المناحة التي ناح بها علينا "مناحي" هي عمل أقل مايوصف به أنه مهزلة ، إذ لو شاهد أحدهم فيلم "القلب الشجاع" أو "التايتنك" أو غيرهما مما أتقنته استديوهات هوليوود ؛ لما قبل أن ينزل إلى هذا المستوى من المشاهدة ! ، وليس الحديث هنا عن المناحات إذ غالب أفلامنا مناحة ، ولكن الحديث عن ثقافة الإتقان حتى في الدرك الأسفل من الفنون !


ولو أخذت عالم الروايات –أيضاً- لما اختلف عليك الحال ، فحين يقرأ العاقل رواية كرواية "اسم الوردة" للإيطالي "إيكو" أو " اسمي أحمر" للتركي "باموق" أو " الإخوة كارامازوف " للروسي "ديستوفسكي" وغيرها من روائع الأدب العالمي ، فهل سيحترمه عقله حين يستهلك قدراً من طاقاته في قراءة ترهات "بنات الرياض" أو مغامرات عجوز الشميسي الجنسية ؟!


بعد متابعات كثيرة تولدت عندي قناعة : أن فن التمثيل والرواية والرسم : فن غربي ، وأن العرب لا يملكون منه إلا الفتات فهل في الفتات نفع ؟! ولن أخبرك بجديد لو قلت لك : أن الأمر في البرامج الفضائية ليس ببعيد ، ففي حين يستنسخ المنسلخون برامج على غرار "ستار أكاديمي" و "سوبر ستار" والبرامج الفضائحية ، وهي مسخ – لا نسخ – لبرامج غربية معروفة للمتابع ، لا نجد من يقوم باستنساخ برامج مبدعة مثل "أميريكان انفينتور" أو حتى "بريتينز قوت تالنت" فما السر يا ترى ؟


الإتقان عند العرب : أن تكون مبدعاً بعمل لا شيء !
الإتقان عند الغرب : أن تكون مبدعاً بعمل أي شيء !


والسؤال: هل ثقافة الإتقان غائبة أم مُغيبة ؟!

عاشق ديرتي بريده
10-08-09, 11:51 am
احسبك صدق اديب قلت الله يستر عليه بس بالأخير طلعت اديب نقل مواضيع !!

Netizen
10-08-09, 12:21 pm
السلام عليكم

كثير ما أطرح على نفسي هذا السؤال لكن لا أجد إجابة .
لدي وجهة نظر أتمنى أن تعطيني رأيك حولها
1
أعتقد إنه لا يمكن بحال من الأحوال الدخول مباشرة لمرحلة الإتقان . لأنه في البداية لا بد أن يكون هناك تقليد للأخر بعدها يكون هناك إنتاج بعدها يتم التعلم من الأخطاء أي تبدأ مرحلة الإتقان. على سبيل المثال تويوتا عندما بدأت كانت بسيطة .. لكن بالرغم من ذلك استمرت في العمل والإنتاج... تعلمت من أخطائها فمرة أوجدت "الكيزن" و مرة أخر "البوكا يوكا" و "فيشوال وورك بليس" إلى أن تكون لديها ما يعرف بالجودة الشاملة.

2
تأخر الدخول في تبني فلسفات الجودة الشاملة هو عدم وجود المنافس.

3
أن ثقافة الإتقان هي شيء فطري في بعض الشعوب . بمعنى أننا نحتاج جهود مكثقة لغرسها في شعوبنا. كما فعلت الدول الغربية عندما حاولت الإقتباس من التجارب اليابانية.
وشكرا

أديب أهله
10-08-09, 09:08 pm
احسبك صدق اديب قلت الله يستر عليه بس بالأخير طلعت اديب نقل مواضيع !!

يا من عشق داره وناديه ، ادعيت بأني سارقٌ ، وعلى المدعي البينة فهاتها جعلك ممن يتبينون الحق ويعملون به ، وبارك الله فيك أيها الأمين ، لك احترامي وشكري أيها العاشق :for12:

أديب أهله
10-08-09, 09:30 pm
السلام عليكم

كثير ما أطرح على نفسي هذا السؤال لكن لا أجد إجابة .
لدي وجهة نظر أتمنى أن تعطيني رأيك حولها
1
أعتقد إنه لا يمكن بحال من الأحوال الدخول مباشرة لمرحلة الإتقان . لأنه في البداية لا بد أن يكون هناك تقليد للأخر بعدها يكون هناك إنتاج بعدها يتم التعلم من الأخطاء أي تبدأ مرحلة الإتقان. على سبيل المثال تويوتا عندما بدأت كانت بسيطة .. لكن بالرغم من ذلك استمرت في العمل والإنتاج... تعلمت من أخطائها فمرة أوجدت "الكيزن" و مرة أخر "البوكا يوكا" و "فيشوال وورك بليس" إلى أن تكون لديها ما يعرف بالجودة الشاملة.

2
تأخر الدخول في تبني فلسفات الجودة الشاملة هو عدم وجود المنافس.

3
أن ثقافة الإتقان هي شيء فطري في بعض الشعوب . بمعنى أننا نحتاج جهود مكثقة لغرسها في شعوبنا. كما فعلت الدول الغربية عندما حاولت الإقتباس من التجارب اليابانية.
وشكرا


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، دخولي إلى هذا المنتدى من باب المصادفة لا أكثر ، ولو لم يكن من فائدة إلا أن أتعرف على عقلك لكفاني فكيف بروحك التي تبدو لي جميلة ، وأما رأيي فيما تفضلت فهو كما يلي :

أولاً : الإتقان يا أخي مفهوم كامل وشامل يبدأ من علاقة الإنسان بنفسه وبأهله ومجتمعه وأمته كل هذا في محيط علاقته بربه التي الغاية من خلقه ، فالإتقان يا أخي مطلوب في العبادة التي هي زاد الآخرة ، كما هو مطلوب في العمارة التي هي زاد الدنيا !

ثانياً : يا عزيزي الإتقان لن يأتِ كما تفضلت مباشرة ، ولكنه وليد تعلم وجهد وإرادة ، ومن أبواب التعلم : التقليد والمحاكاة ؛ دون ذوبان أو نسيان ، وهي مرحلة لا بد منها لكل ناشيء ، بل حتى في أبواب العبادة يكون التقليد فيها المدخل الرئيس لها ، فالطفل يحاكي أبويه وذويه ، وما وجد القدوات إلا من هذا الباب ، فالإتقان مرحلة متأخرة !

ثالثاً : وقولك أن عدم وجود المنافس سبب لانتفاء الجودة ، هو حق لا مرية فيه ، فالاحتكار سببه دمار الأخلاق ، وبزوغ نجم الإستغلال في سماء الحاجة ، أما عند تعدد الخيارات فإن العيوب تقل تباعاً !

رابعاً : تقول أن الإتقان شيء فطري عند بعض الشعوب ؛ ولكن اسمح لي أن استحث عقلي لمخالفتك ، وإن كان قلبي قد عقد العزم على موافقتك ، فالإتقان عند الشعوب التي تقصد أظنه نتاج طبيعي لعصر الماديات الذي نعيش فيه ، فهم يعلمون أنه لم ولن تتحسن أحوالهم ؛ ما لم يتقنوا شيئاً يجعلهم يتكففون منه ، وينشدون من خلاله رغد العيش والمتعة أيضاً ، ولو تأملت حال أبناء الأثرياء والمتنفذين لوجدت أنهم لا شيء يذكر في الغالب ، لذا أنا أرى أن الإتقان ثقافة تكتسب عن طريق التربية أو الدين أو العقل الجمعي للمجتمعات ، أو عن طريق الأنظمة !

شرفني الحديث معك ، جعلك الله أفضل وأجمل مما أنت عليه :for12: