المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة بداية شهر رجب


صالح المزعل
26-06-09, 12:42 am
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الخامسة من شهر شوال بتاريخ [ 3 / 7 / 1430 هـ ] موضوعها ( شهر رجــب )
الحمد لله الذي منّ علينا بالحنيفية السمحة ، وشرع لنا فيها ما يقرِّبنا إليه ويُدنينا، وأكرمنا بالرسالة الخاتمة، وأودع فيها ما يكفينا عن غيرها ويُغنينا، أحمده تعالى وأشكره، أتمّ علينا نعمتَه ورضيَ لنا الإسلامَ دينا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهنا ومليكنا وناصرنا وهادينا، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله أنعِم به نبيًّا أميناً، وأكرِم به رسولاً مبيناً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كانوا بالحق وللحق أنصاراً مياميناً، والتابعين ومن تبعهم صدقاً وإحساناً ويقيناً، وسلم تسليما.
أما بعد :-
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى اتقوا الله الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءاً واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً }
اتقوا الله أيها المسلمون وتيقنوا أن لله تعالى الحكمة البالغة فيما يصطفي من خلقه فالله يصطفي من الملائكة رسل ومن الناس ، ويفضل من الأوقات أوقاتاً ، ومن الأمكنة أماكن
ففضل الله تعالى مكة على سائر البقاع ثم من بعدها المدينة مهاجر خاتم الأنبياء محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، ثم من بعدهما بيت المقدس مكان غالب الأنبياء الذين قصّ الله علينا نبأهم ، وفضل الله تعالى بعض الشهور والأيام والليالي على بعض فعدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق ، السماوات والأرض منها أربعةٌ حرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثلاثةٌ متوالية وشهر رجب بين جمادى وشعبان ، وخير يومٍ طلعت فيه الشمس يومكم هذا يوم الجمعة وليلة القدر خيرٌ من ألف شهر فعظّموا أيها المسلمون ما عظّمه الله فقد ذكر أهل العلم أن ثواب الحسنات يضاعف في كل زمانٍ و مكانٍ فاضل وأن عقوبة السيئات تعظم في كل زمان ومكان فاضل
وشاهدوا هذا في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى { يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } وقال الله تعالى في المسجد الحرام { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }
أيها المسلمون إنكم في هذه الأيام في أوائل شهر رجب أحد الأشهر الأربعة الحرم فلاتظلموا فيهن أنفسكم التزموا حدود الله تعالى أقيموا فرائض الله واجتنبوا محارمه أدوا الحقوق في ما بينكم وبين ربكم وفي ما بينكم وبين إخوانكم من الخلق وأعلموا أن الشيطان قد قعد لأبن آدم كل مرصد وأقسم لله ليأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين أقسم لله تعالى بعزة الله ليغوينهم أجمعين إلاعباد الله المخلصين .
أيها المسلمون إن الشيطان لحريصٌ كل الحرص على إغوائكم وإضلالكم يصدكم عن دين الله يأمركم بالفحشاء والمنكر يحبب إليكم المعاصي ويكره إليكم الطاعات يأتيكم من كل جانب ويقذفكم بسهامه من كل جبهة إن رأى من العبد رغبةً في الخير ثبطه عنه وأقعده فإن عجز عنه من هذا الجانب جاءه من جانب الغلو والوسواس والشكوك ، وتعدي الحدود في الطاعة فأفسدها عليه فإن عجز عنه من جانب الطاعات جاءه من جانب المعاصي فينظر الشيطان أقوى المعاصي هدماً لدين الإنسان فيوقعه فيها فإن عجز عنه من هذا الجانب حاوله من جانبٍ أسهل فأوقعه فيما دون الكفر من المعاصي فإذا وقع في شرك المعاصي فقد نال الشيطان منه بغيته لأن المرء متى كسر حاجز المعصية أصبحت المعصية هينةً عليه صغيرةً في عينه يقللها الشيطان في نفسه تارة ويفتح عليه باب التسويف تارةً أخرى يقول
الشيطان له هذه معصيةٌ هينّة افعلها هذه المرة وتب إلى الله فباب التوبة مفتوح وربك غفورٌ رحيم فلا يزال يعده ويمنّه

وما يعده الشيطان إلا غروراً فإذا وقع في هذه المعصية التي كان يراها من قبل صعبةً كبيرة وهانت عليه تدرج به
الشيطان إلى ما هو أكبر منها وهكذا أبداً حتى يخرجه من دينه كله ولقد أشار نبينا وإمامنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم إلى هذا التدرج فيما رواه الإمام أحمد عن سهلٌ بن سعدٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه سلم قال : ( إياكم ومحقّرات الذنوب فإنما ما مثل محقّرات الذنوب كمثل قومٍ نزلوا بطن وادٍ فجاء هذا بعود وهذا بعود حتى أنضجوا خبزهم وإن محقّرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه) أيها المسلمون :- حاسبوا أنفسكم إحذروا مكائد الشيطان ومكره فإنه يتنوّع في ذلك ويتلوّن فهذا يأتيه الشيطان من قبل الإيمان والتوحيد فيوقعه في الشك أحياناً وفي الشرك أحياناً ، وهذا يأتيه من قبل الصلاة فيوقعه في التهاون بها والإخلال ، وهذا يأتيه من قبل الزكاة فيوقعه في البخل بها أو صرفها في غير مستحقها ، وهذا يأتيه من قبل الصيام فيوقعه فيما ينقّصه من سيئ الأقوال والأفعال ، وهذا يأتيه من قبل الحج فيوقعه في التسويف به حتى يأتيه الموت وما حج ، وهذا يأتيه من قبل حقوق الوالدين والأقارب فيوقعه في العقوق والقطيعة ، وهذا يأتيه من قبل الأمانة فيوقعه في الغش والخيانة ، وهذا يأتيه من قبل المال فيوقعه في اكتسابه من غير مبالاة فيكتسبه عن طريق الحرام بالربا تارة وبالغرر والجهالة تارة وبأخذ الرشوة أحياناً وبإهمال عمله تارة وبأخذ انتدابات وغيرها مما يأخذه بغير حق وهو لم يقم بذلك العمل إلى غير ذلك من أنواع المعاصي وأجناسها التي يغر بها الشيطان بني آدم ثم يتخلّي عنهم أحوج ما يكونون إلى المساعد والمعين أيها الأخوة أيها المؤمنون استمعوا لقول الله عز وجل في غرور الشيطان لأبوينا آدم وحواء حين أسكنهما الله تعالى الجنة وأذن لهما أن يأكلا رغداً من حيث شاءا من أشجارها وثمارها سواء شجرةٍ واحدة عيّنها لهما بالإشارة {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة} ولكن الشيطان وسوس لهما وقال { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} أي أنزلهما من مرتبة الطاعة وعلو المنزلة بغرور ) فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِوَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} واسمعوا خداعه إلى قريشٍ في الخروج إلى بدر وتخليه عنهم حيث يقول الله تعالى في ذلك { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وأسمعوا لقول الله عز وجل في خداع الشيطان لكل إنسانٍ وتخليه عنه حيث يقول الله تعالى {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ } وأسمعوا قول الله تعالى عن الشيطان يوم القيامة في نهاية المطاف { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
أيها المسلمون هذا موقف الشيطان ممن خدعه وممن غره وأهلكه فأوقعه في معصية الله ولهذا قال الله عز وجل محذراً عباده منه )إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)
أيها المسلمون فإن قلتم كيف نعرف ما أمر به الشيطان؟ كيف نعرف الذي يسلط علينابه؟ فإننا نقول إن كل ما تجدون في نفوسكم من تكاسلٍ عن الطاعات وتهاونٍ بالمعاصي وميلٍ إليها فإنه من الشيطان ونزغاته لقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} وقال تعالى { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاء} فإذا رأيتم من أنفسكم ميلاً إلى المعصية وإلى ترك الواجب فإنها هذا من أوامرالشيطان فاستعيذوا بالله منه فإن في ذلك الشفاء والخلاص أعوذبالله من الشيطان الرجيم { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)





(( الخطبة الثانية ))
الحمد لله أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله فبيّن الحق وأوضحه وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين..أما بعد فإننا أيها المسلمون في شهر رجب أحد الأشهر الأربعة الحرم التي قال الله فيها { مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ فلا تظلموا فيهن أنفسكم } والتي حرّم الله تعالى فيها القتال إلا مدافعةً عن النفس هذه الأشهر التي أحدها رجب ليست مخصوصةً بشيءٍ معينٍ من العبادات إلا شهر المحرم فإنه ورد فضلٌ في صيامه وشهر ذي الحجة فإن فيه أداءً النسك أما رجب فإنه فلم يرد في تخصيصه بصيامٍ ولا قيام لم يرد حديثٌ صحيحٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم كل الأحاديث الواردة في فضل الصلاة في رجب أو في فضل الصيام في رجب كلها أحاديث ضعيفة جداً بل قد قال بعض العلماء إنها موضوعةٌ ومكذوبةٌ على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحل لأحد أن يعتمد على هذه الأحاديث الضعيفة بل التي قيل إنها موضوعة لا يحل لأحد أن يعتمد عليها فيخص رجب بصيامٍ أو صلاة؟ لأن ذلك بدعة وقد النبي صلى الله عليه وسلم (كل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار) فلا يجوز لأحدٍ أن يخصّص زماناً أو مكاناً بعبادة لم يخصّصها الله ورسوله tبها لأننا متعبدون بشريعة الله لا بأهوائنا ولا بميولنا
وعواطفنا إن الواجب علينا أن نقول سمعنا وأطعنا نفعل ما أمر الله به ونترك ما نهى الله عنه ولا نشرّع لأنفسنا عباداتٍ لم يشرعها الله ورسوله ، إنني أقول لكم مبيناً الحق إن شهر رجب ليس له صلاةٌ تخصه لا في أول ليلة جمعة منه وليس له صيامٌ يخصه في أول يومٍ منه ولا في بقية الأيام وإنما هو كباقي الشهور فيما يتعلق بالعبادات وإن كان هو أحد الأشهر الأربعة ..
أيها المسلمون إن في ما جاء في كتاب الله وفي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة كفايةً عما جاء في أحاديث ضعيفة أو موضوعةٍ مكذوبةٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الإنسان إذا تعبّد لله بما ثبت أنه من شرع الله فقد عبد الله على بصيرة يرجو ثواب الله ويخشى عقابه اللهم إنا نسألك أن ترزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً وذريةً طيبةً يا رب العالمين اللهم علّمنا ما ينفعنا وأنفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم }
اللهم أعن أبنائنا الطلاب على ما تبقى من الإمتحانات ، ووفقهم يألهنا لخيري الدنياء والآخرة واجعل النجاح حليفهم وحقق آمالهم الخيرة يارب العالمين ، اللهم أقر عيوننا بصلاحهم ، واجعلهم ذخراً لأمتهم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون..

كفاني عذاب
26-06-09, 06:46 pm
جزاك الله الف خير