مشاهدة النسخة كاملة : رَذَاذُ مَطَرْ..!! " لُغَةُ الحُرُوف عَلَى نَافذَتي "..!
فاطمة العنزي
16-06-09, 02:29 am
رَذَاذُ مَطَرْ..!!
" لُغَةُ الحُرُوف عَلَى نَافذَتي "..!
.
.
رَذَاذ.. منْ ذكرَى آفلة مُبللة بعطُور الأَحبة وَ رسَائل الوجدَان ..!
رَذاذ.. هيَ حُروف تجُوب الدّنيا وَتستقر بينَ دفتي كتَاب الرّوح..!
رذَاذ .. هيَ أشوَاق وَنبرةُ حنين تُصَافح معَالم وَآثار وأمَاكن كُتب لها..
أن تستوطِن بُنيات فِكري..!
رَذاذ .. أنشُودة المَطر وَحُلم عذْب هَوى؛ منْ سَمَاء الخيَال علَى أرضِ الوَاقع..!
رَذَاذ .. شُعُور بالاغترَاب وَأمواج هَادِئة لامستْ الصّخورفأحَالتها إلى حُروف تقفْ
في وجْه الغُرْبة ..!
رَذَاذ .. مسَاحَة منْ هذَا الكَون الوَاسع ..بذرَّاته المنتَشرة يكتُبني وَأكتبُه في
سُطُور تتوحّد نسَمَاتُه كَرذَاذ مَطَر عَلى نَافذَتي تُعيد لي ..معْنَى كلمَة حَياة وَإنتظَار
..!سأكُون هُنَا مَع .. رَذَاذ مَطَر وَحُروفٌ عَلَى نَافذَتي ..!!
مجرّد رَذَاذ وَحُروف في قَالب مَليء بمُتناقضَات الحَياة عَلى زُجاج نَافذَتي..!
بقلم / بنت الرافعي
فاطمة العنزي
16-06-09, 02:32 am
( 1 )
أوَ تَسْألين ..؟!
مَاذَا يَحْدثُ للمَرء في لحَظات الغيَاب..!
دَعي " قُصَاصَاتي" القديمَة تُجيبُك لعلهَا تَكُون هيَ الأخْرَى أدْمَنتْ لحَظات الغيَاب..!
عندمَا ترسمُك اللحظَات الجَميلة كَرائعة من رَوائع بلادُ الأندَلس كَـ ( بَلنسيَة ) ..!
وَيَأتي عليك الزمَان, فَيُطل بحُسنه نيسَان , وتُعَانقُ الوُرود أسْوَار المَدينة الفَسيحَة ,
وَكأنّ أُولئكَ المَارة الذينَ أربكَهُم كَثْرَة الإنتظَار يَصيحُ الغيَاب في وُجوههم كَرَضيع
فَقَد أمَّه لأول وَهلة منْ دهشَة الفَقْد ..
في لحظَة غيَاب سَوْف تَجدي كُل الأصْوَات خَافتَه وَمَراسيمُ الحُزن تُعلن قُدُومهَا..!
عنْدَها لنْ تَرَي إلا إبتسَامَة مشْنوقَة تَقُول لا زلت ُعَلى قَيْد الحَيَاة..!
فاطمة العنزي
16-06-09, 02:35 am
( 2 )
حينَمَا يَتَلاشَى الهُدوء الذي يَسْكن المَكان , أستمعُ لوَقع قَطَرات المَطَر .
وكأنّ نوراً خافتاً يزُور ذَلك الرّذَاذ الذي لايُغادر نَافذَتي..!
يلوحُ لي مَابين أفُق النّفس , وَسَاحة الرّوح وَميضُ لقَاء..!
وأعلمُ بأنّ صَافرات الإنذَار المُفاجئَة قدْ لاتستوعبُ كل لحَظات الغياب المُر..!
َفقَد يُوجد حَريق ..! غَير أنّي لا أرَى إلا رَمَاد وَبَقَايا سَنَابل أهَدَتني بعضَ
رُوُح وشَيء لا أدْري مَاهو لكنّه يَبدُوا كَأعراض منْ خَفَقات قلب هَادئ ,
وحُلم جَميل أنتظره كوعُود الخَير ..!
لازلت أسَأل نفسي.. هلْ أجيد لغَة الإنتظَار عَلى أعتَاب الفرَاق ..؟
فحينَما يَكون الغياب جُزء لايتجَزَأ منْ معَاني الغُربة وَتكون الأفكَار
في محتَواها آمنة هُنا ( فقط ) أتذكّر جَيداً أنّي كتبتُكِ على وَرَقة خَضْراء بِلوْن
أبيضْ ( قَدْ تَكوني هُنَا في يَوم مَا ) ..
وَ شُكراً للبيَاض لأنّه يَكتبك سَاعة صَفَاء..!!
فاطمة العنزي
16-06-09, 02:38 am
( 3 )
إنّي لا أَخَالُك في كُل مَرّة تَغيبينْ إلا كَهذَا البَيت منْ الشّعر..!!
يَزيدُك وَجهه حُسْناً // إذَا مَازدتَه نَظَراً
لازلتُ أتمَعن كَثيراً في وُجوه الرّاحلين , وَ أُولئكَ المُنتظِرين عَلى قَارعَة
الطرِيق.. وَكَأني بِذَاك الرّصيف يُشير عَلَى بَقَايا أثَار لَهُم ..
وتلكَ الأشجَار المَكسُوة هيَ الأخْرَى بالفَقْد تَشكي بعَادُهم وَكل وَرْدَة
في شَوارع المَدينَة تَفُوح بشَذَا عطْرهم وَكَأنهم تَلبَسُّوها فكانتْ هيَ مُجرد ظلال ..
وكأنّ كُل جَمَال كَوْني يَذْكُرُهم , حَتى الهَوَاء الذّي لايلبثُ إلا أَنْ يتجه نَحْوَهم
فنسَائمهُم وأطيافُهم أصْبَحت كالفَجر بينَ يدَي الصّبَاح.. وَكالشّمْس
في إبهَاج النّفس وَهيَ تُقَبّلُها لأوّل مَرّة..!!
في عين الرّبيع كَانَ هديرُ أروَاحهم المُتشَربة جَمالاً وَنقاءً وَوفاء..!
وكأنّ أصَواتهم المُنَتشية سحْراً ؛ كَمَا الحُلم المُعَلق في سمَاء القَدر..!
ارتفعَ البَحث عنْهُم وَانخَفَضَ مُؤشر تَوقع وُجُودهُم ..!
هنَا لا يُحْفَل بالحَياة كَثيراً وَهم يَتقَوقعُون في ظُلمات الغياب وَالنّفس تتُوق
لمرآهُم والجَمَال يُناديهم حَيثُما ارتَحَلُوا وَحَلّوا..!!!
فاطمة العنزي
17-06-09, 02:05 am
( 4 )
أتقُولين مَسَاء الغُربة ( الفقد ) ..؟!!
وَهَل تَعْلمِين .. أنّ الرّذَاذ الذي يُعانقُ ذَلكَ الخَيط الرفيع منْ مَعَاني حُرُوفي يَصْفعُني
بحجم اللانِهايَة وَ ذَاك الغِياب القَاتل..؟!!
وهلْ تعْلَمين.. بأنّ إَسْتقَالة منْ حَرف كَادَ يُجْبرني بصَفْعَة أُخْرَى عَلى وَرقة بَيضَاء أيضاً..؟!
وكَم ضحكَت وَبكتْ تلكَ الرّوح المملؤة بك كالشّمعة تَماماً فضحكُها في نُورها المُنبعث وَبكاؤها
في قطراتها المتتالية على حُدود الغربة ..؟!
لا أُريدك بأَن تَكُوني مُجرد رُؤيَا عَابرة , هُناك رُوح دَائمةُ النّزوع إليك..!
وَحُروفي لاتستَقر عَلى حَال فهي دَائمةُ الوُلوج لمعَانيك الجَميلة , ولأطيَافكِ المُلتفّة حَول
ذاكرتي كَالنّدى عَلى أورَاق الوَرد ..!
هل تذكرِين لوْحة الآمَال ..؟!
تلكَ التي رأيتكِ فيهَا تَبسُمين وَأنتِ ترسمِين بفُرشَاتك المُلونة ؛على لوَحة مسَائية كأجْمَل الفراشَات
وَكأنك وَاقفة أَمَام شَاطئ جَميل يُناغِي خُيُوط الشّمس قُبَيل الأصيل..!
لا أتذكّر مَنْ ذلك الفَيلسُوف الذي اختَرقَ حَرفي لأول وَهَلة حَتى ماعدتُ أَنَا ( كَأنَا )
بلْ أمسيتُ و أَنَا ( كَأنتِ ) فكنتُ شُعُوراً بينَ سُطُوره وَكنْتٍ عَلى نَافذة أيَامي كَرَذاذ ..!
المسَائل الحسَابيَة أرَاها تَكتبني وَإيّاك كَمثلث الفَراق برسْم هَنَدسي ( غيَاب , غُربة , إنتظَار)
جعلتُها بجَانب تلكَ اللوحَة التي رُبمَا أَعَادت لي بعضُ توَازن و شَيء منْ حَنين آفل ..!
وآهٍ.. ما أطَولَ مسَاء البَينْ..!!
فلم تكُن تلكَ المَلامحُ هيَ نفسُها المُؤديَة إليْكٍ , وَلايَزال صَوت مُنبه تلكَ السّيارة يُزعجني..!
مسَاء الغُربة وَلحظَة تَغتَال هُدوئي في مَمَرّات الانتظَار..!
فاطمة العنزي
17-06-09, 02:11 am
( 5 )
عندَمَا أشْعُر بوجُودك يَخطرُ عليّ ( العِيدُ ) بحُلتّه الوَرديّة , وَكَأنك تَأتين منْ تلكَ الفَرْحَة
التّي أرَاها تَطيرُ كفَرَاشة عَلى وَجه طفلَة حَسْناء تُمسك بإحْدَى يَديهَا ( لُعْبة ) وبالأخْرَى
حَلْوى , وَتُعجبُها قصّة ( لُوسي ) اليتيمَة الصّغيرَة ..!
قُولي بربُك..!!
كَيفَ يأتي العيد وأنت تَغْرَقين في الغيَاب ..؟!
كيفَ ترسمُني الفَرحَة وَأنَا لمْ أرَى لك طَيفاً ..؟!
أتعْلَمين مَا لفَرْحَة بالنسّبة لي..؟!
" هيَ حينَمَا ألتقيك وَأُقبّل جَبينك الطّاهر, وَأَضعُ يَدي في يَدك لتسْقُط أورَاق الخَريف..
ويأتي علينَا الرّبيع وَأنا أَحضِنُ أمَانيك الجَميلة ..وَأنظرُ إلَى عَينيك ( العسَليتين ) الضّاحكَتين
وأنت تَروينَ لي قصّة ( الطفلُ وَالبَحر) فَأبحِرُ - أنَا وَأنتِ - وَكَأننا عَلى قَارب صَغِير
تحْملنَا النسّائمُ العَليلة إلى شَاطئ تَحُفه أنْوَار قُدُومك..! "
إنك حينَما تَأتين أشْعُر بأشْوَاق الرّوح تنفذُ إلى قَلبِي مِنْ جَديد.. لتُعطيني رَشفةَ حَياة..!
وحينمَا تأتِين أتَعَلّم منْ دَلالك الفطريّ... " مَعنَى منْ معَاني عظمةُ الخَالق" ..عَلى هَيئة
طِفلَة تُهدينِي ( زُجَاجة عِطْر) فَيمتلئ الكَون منْ شَذَاها , وَيشّعُ نوراً منْ سَنَاها ..!
إنّها أنتِ ومنْ سِوَاكِ..!!
أتعلمينْ لمَاذَا..!
لأنكِ البَراءة البيضَاء في أسمَى حَالتِها وسِرُّ الجَمال في أعَلى درجَاته وَكَأنك
(جنةُ الله في أرضه )..!
وَكَمْ تَأسُرينَ الجَمَال .. !
فإليكِ حيثُ مولدُ النّور عَلَى وَجْهُك المشْرِق , وَرائحةُ اللقَاء تَعبِق كلّما لاحَ
الفجرُ بحُسْنه , ولازلتُ أنتظرُك..! فمتَى القُدُوم يارَائحَة الأمْس الجَميل ..؟!
فاطمة العنزي
17-06-09, 02:16 am
( 6 )
كيفَ هُوَ الحَديثُ دُون ذِكركُم ؟!
هَا أنَا ذِي أردد هَذا البَيت وَأتذَكّر عيشَا مَاضيَا جَميلاً..-
" يكونُ أجاجـاً دُونكم فإذا انتَهى // إليكمْ تلّقى طيـبكُم فَيطيبُ ً
أخبرينِي.. أيتّها الغُربة أينَ بَقايَا الأحبَاب أمْ كَانوا سَرَاب؟!
أخبرينِي.. أيتّها الغُربة أينَ منْ كَانوا شُمُوساً .. كيف أفلُوا ؟!
أخبريني.. يا صَفَحات , وَيا وَرَقَات , وَيا نسَمَات ..أينْ طِيُبُهم ؟!
وسَأخبركِ حِينَها كيفَ حالُ الأمسِ دُونَهُم..؟!
فوَالله مَا أشْرَقتْ شمسٌ وَلاغربتْ إلا وَأمنِّي الرّوح فِي وصَالكم
والعَينُ فِي مَرآكم ..!
ومَا تَحدثتُ حَديثاً بينَ جُلاّسي وَلاسَمِعتُ منَادياً للخَير.. إلا وَتذّكرتُ
شَهد حديثِكُم , وقِطَاف عَطَايَاكُم , وَجَمِيل نُصحِكم وَعبقِ مَوَدَتكُم ..!
ألا مَا أطيبَ المَكان الذي حَوَى قُلوبكم العَابقة بالطّهر..!
وَمَا أجمَل الزّمان حِين رسمَ عَلى جبِين المسَاء ضَياءَكُم ..!
ولايزالُ الرّذَاذ يهتِكُ ستَار نَافذَتي , وَيُوحِي لتلكَ الحُرُوف سَحاب
وَظُلمة ورَعدٌ وَبَرق..!
ولا أقول إلا :-
"بنتُم وَبنَّا فمَا ابتلتْ جَوَانحُنا // شَوقاً إليكُم وَلا جَفّتْ مَآقِينَا
"
" // ..جميع الأبيات مقتبسة"..//
فاطمة العنزي
17-06-09, 02:21 am
( 7 )
يلومُونَني وَيَقُولون : إنّ الحَديث عَن المَاضِي عبثٌ وجنُون وَضربٌ من الخيال..!
وليكن ذلك.!!
أتَعلمينْ أيتّها الحُروف.. وأنَا أرسِلُك (كَرِوَاية وَفَاء) مُتشبِثة عَلَى نَافِذَتي بِأنّ حَدِيثَهم
مَاعَاد يُجِدي فأنَا كَمنْ سَمِع منْ هُنَا وَأخرَجهُ منْ هُنَا ..!
أجلْ مَاعَاد يُجْدِي ..! سَوف أكتبُ عنْ لحَظَات كَان فِيهَا الوَفاء سَيّد المَوقِف..!
وَسَوف أكتبُ عنْ أروَاح أظَهرَها الكَون كنُور تُضِيء عتمَة اللّيَالي..!
..هُم لايَعلمُون بِأنّ الحَديث عَنْ أولئكَ الذّين استَوطَنُوا أفئدتَنا هُو الوَفَاء القَابل للزّيادة
مَع مُرور الأيَام , وَالجِسْر المُمتَد عَلى بَحر الوِصَال , وَالشّلال الذّي يَكتنز كُل ذرّات
الحَيَاة , وَالسّماء الثامنة للروح وَهُم نُجُومُها ..!
..تُلهمني تِلكَ المَدِينَة حِينَمَا أطُوفها ليلاً فيتجَلى لِي مَابين مَبَانِيها شَيئاً من أطَيافهم
وَأَصوَاتهم ,..كَمْ كانتْ ذِكرَاهم تُبللني حَنِيناً ؟! .. فَالحَقيقَة أنْ تَجتمِع تِلكَ الأرواح
فِي دَولَة الجَمَال ليجعَلُوا فِي مَدِينة النّور أكبَر مستعمَرة إنسَانية عَرفتَها البشَرية
لايقطُنُها إلا الأنقَياء " .. وَلكنّها ليسَتْ كمدِينة أفلاطُون تَماماً ..!!
..هذهِ المَدينة يَسْكُنُها فُقَراء وَأغنيَاء المَشَاعِر وَمُتبلديّ الأحَاسِيس ..! وَلكنْ حِينَ
ينشَقُ الزّمَن عنْ أنَاس خُلِقوا منْ تُراب وَلهُم نُفوسُهم كَـ (كِيزَان السّماء ) ..
لايَحمِلون ضَغَائن الأمس وَلاهَمّ اليَوم وَلاعَنَاء الغَد , فِي طَلعتِهم سَحْنة مَلَك وَبَينَ
أََروَاحِهِم نُور الله , ومنْ أفَواهِهم مِسك أُذفُر , ..! هُم أنَاس لكنّهم ألمَاس , فَحِينَ
يُحيطُون بك تشْعُر بأنّ الأرْضَ تهتَز فَرَحاً بِهِم ,وَفِي غِيَابِهم تَبْكِي السّماء وتذْبُل
زُهورالرّوض لرَحيلهِمْ ..!
هنَا فقَط يَكُون للمَدِينة ضِيَاء وتوَهُج , وتجَليَاتٌ أخْرَى وَذكرَى علَيهَا ينحتُون..!
َ
..يَارذاذَ الحُرُوف ويَا غيمَات الأمَانِي لقدْ كتبتُ لهُم (رسَائِل الوَفاء) عَلى حُصُون
وَقلاع تِلكَ المَدِينة حتّى يَكُون لنَا هُنَاك ( هَنَاءُ اللقَاء ) ..!
وأخبِريهم يَاحُروف بَأن الصّوت يهتفُ بالدُّعاء لهُم ,وَمَامرّ طَيف لهُم إلا وَكَان
نصيبُهم اشتيَاق فِي بقعَة منْ القَلب لاتحفَلْ إلا بِهِم وَلَهُم .. !!
وليسَلمُهُم الرّب أينمَا كَانُوا..!
وهذه همسَة مَع نسِيم الفَجَر:
ألا يانسِيم الفجر سَلّم عَلى فجرِي // فقدْ غابَ الليلُ الطّويلُ منْ الهجْر
تضيءُ الليّالي بالنُّجوم وبدرُها // وليل الجَفَاء منْ غير نَجم وَلابَدر
هكذَا هُو الليّل دُونَ طُيوفِكُم , لانَجْم وَلابَدْر.. !!
فاطمة العنزي
17-06-09, 02:25 am
( 8 )
..حِينَ يَهفُو القَلم لِيَكتُب لكُم بَرِيقاً منْ الذّكرَى عَلَى صَفَحَات العُمر المُتعفّرة
بالوَحشَة لكُم وبِكُم , يتَهَادى زَمَان الصّمت وَيَحلُ الهُدُوء مِنْ جَديد , وَكَأنّما
أهزُوجَةُ الشّوق تسُوقُها رِيَاح الصّبر ..!
مَا أجَمَل النّجم حِينَ يسَامر طُيوفَكم ..!!
ومَا أَبْهَى الفَضَاء حِينَ تسْبَح فِيهِ أنفَاسكُم ..!!
ومِا أبْدَع المسَاء حِينَ يَرْتوي حَنيناً لِوصْلكُم..!!
..ومَا ابتِهَالٌ صَعَدَ وَعانقَ الجَوْزَاء إلا وَكانَ يَهمِسُ لكُم " أنْ كُونُوا للدّنيا نُجُوماً
ولاتغِيُبوا , فمَا الغِيَاب إلا وَهْم وَالحَقيقَةُ وُجُودكم ..!
ومَا الغُربَة إلا مَدِينة وَأنتم أسْوَارها المَنِيعَة.."
منْ جَوف الظّلام وَبَينَ الشّمعَة والشّمعَة ؛ كَان الوَرَق المُسَجّى عَلَى عَتَبة الرّوح
يَكْتُب الأمَان لكُم بحُدَاء الأنُس وَالبهجَة .
..ومنْ محبَرَة الأمْسِ كانَ دِيوَان " الحَنِين " عَلى كُل صَفحَة مِنْهُ مَلامِحُ ضَيّاءَة
وكأنّكُم ذاكَ الزّمَان الذّي يَخْفِقُ يَاسَمِيناً يشْبِهُكم ..!
فهلْ تَعُودون ؟!..
..أيتهَا البَرَاءَة التّي تَسْكُن رَذَاذَ المَطَر , وَتَبْتَل لهَفةً فَيعْمُرهَا الشّوق كَصَرح
مُمَرّد منْ قَوَارِير .. ادلفِي بَينَ أيَامِهم كَزَائرَة الأمْسِ الجَمِيلة , وَكُونِي لهُم
كمشْكَاة لاتَحْوِي إلا زنْبَقَ أنفَاسِهِم وَبَتَلات أرَواحِهِم ..!
فاطمة العنزي
17-06-09, 02:30 am
( 9 )
أيتُها الغُرْبة أمَا زِلت تَلوِين أعنَاق الأبريَاء..؟!
إنّي أتذكّر جَيداً حِين رَأيت ذلكَ الغَريب كَيف تَعصِف بِه لحَظات الإنتظَار؟!
كيفَ تُوَاري وَجْنتَاه دُموع الألَم والحسرَة ؟!
كيفَ تمُر عَليه السّاعَات وَالدقَائق وَهُو يَكتُم فِي خَوف عَبَراته؟!
فلاثمّةَ مَنْ يسمَعُه أو يُجِيُبه..!
ومَامِن رِسَالة حُبلَى بالذكرَيات الجَمِيلة إلاّ وتقُول :
أينَ أنَا من حَياتك أيّها السّاكن فِي آخر ممَرات الإنتظَار..؟!
ومَامِنْ كَلمات فِي دَليل النسْيَان إلا وَكانَ لهَا صَدى مَحْمُوم يضجّ بالمَعاني الحَزِينة
وكأنمَا هِيَ ظلٌ مَمدُود فِي أعلَى رُوحِه يتفَيأه كُلما لاحَ لهُ شفقُ الأحبّة..!
أو هزّهُ انبثَاق فَجر كُلمَا جَاء صَوت الحَق مِن مَكَان بَعيد..!
وكم كَانَ السّراب يُنَادمه وَتصرَخ بين جَنبيه رُوحه التّواقة بأنّ الأحبّة
في انتظارِه ولهُم مَوعِد معَه لن يُنسى وسَيكتُبه التارِيخ فِي أعَلى صَفَحاته..؟!
فكلُ تلكَ السّاعات قدْ تُصبح فِي يَوم مِن الأيَام حُطام وكأنها نسْياً منسياً..
وكلُ قِطَع الجَفاء المحْشُوة بالأنِين هِي الأُخْرى تُودع جُدران ذَلك السّجن
المُظلم إلا منْ جَبِينه السّاطع..!
وكل تلك الدّمُوع المُهَراقة تُهَاجر كسرب الطّيور إلى بِلاد نَائية
لامَاء فِيهَا ولا عُشب وَلانَار..!
وحِينَ تَسير عَربَة الحَياة تَارِكة بصمَاتُها تَكُون الرّوح كَمدِينة مليئَة بالأفَرَاح
تنبعثُ من أعمَاق الوجدَان وَكأنهَا لَيلَة بِصُحْبة نُور القمَر أو نَهار تَلتقِي فيهِ معَاني
الذات بكل قُوَاها لتخضَع لأول دَرس فِي الحَياة..!
فيا أيتّها الغُربة كم منْ الدروس فِي جُعبَتك تعلمها ذلك النائِي..!
فأنَا لازِلتُ سائِحَة بينَ أرَواح الغُرباء أروِي عَلى مَدَى البُعد رَسَائِلهم
وأسْتَرِقُ منْ أيامِهم لحَظَات الفَرح حَتى أثبتَها فِي رسَائلهم فَلا تفْنِيها ثوانٍ منْ الألَم..!
وَ يا أيتّها العَين التّي أرقَها السّهَاد وَشَطر بصرُها كَثرةُ البُكاء..!
ويَا تلكَ النظّرة التّي باتت تنتظرُ ساعةَ توكِيد بَراءتها ..!
لكِ الله ماطَرَفتْ عَين وَعينُ الرّحمَن لاتنَام وَلك البَراءةُ مَا أومَضَ بَارق بِعَدل..!
ولك التحَايا مَحفُوفة بالرّحَمات..!
واعْلمي..أنّ العَليَاء لاتُوهَب إلا لكل صَابر مُتجَلد يَعيشُ عِيشَة الغُربَاء
وتزجُره صُرُوف الزّمان..
فطُوبى للغُرباء فمَا زَالتْ الرّوح تَخْلق لكُم مَع كلّ صُبح عِطَرا جديداً
منْ الذِّكْرَى يعَانِق أروَاحَكم..!
فاطمة العنزي
17-06-09, 02:38 am
(10)
الوَريقَات التّي كنتُ أحمِلُها حَتّى هِيَ الأخْرَى تَعِبتْ مِنّي كَثيراً ؛حَتى ألقتْ فِي
وجهِي كل صَراخاتِها مُتتابعة عَبر مسَافات السّطور, وَالتي شاَخ فِيهَا
رجعُ الصّدى..!! وكأنّها تَسْأل ألوَان الحَيَاة منْ هيَ؟!!
فتأملتُها جليةً فِي "مذكِرَاتي السَّبع" والتَّي تحْوِي كُل وَاحدةٍ منْهَا سَبع صَفحَات
فقط , هيَ منْ أجمَل الذكْرَيات مُلونَة بأبجدِيَّة غَائِبَة .!!
..في يُوليو ( تمُوز ) 2008 كَان مَوعِد الصّفحات مَع حُروف لأولِ مرَّة يتِم
تدوينُها فِي أضْوَاء تلكَ المَدينة, وَكنتُ حِين أردتُ كتَابتَها؛ وَكَأنّ فراغاً وَرائحَة
انكفَاء غَريبة تَجتَاح المَكان منْ حَولي وَبعد المسَافة يثقِلُ قَلمي ..!!
وأنظرُ كمَن ينظُر منْ مَكَان قصِي وَبلهَفة المُشتَاق.. إِلى كل زَاويَة فِي ذَلك المَكان
غيرَ أنّ دمُوع البَين سَرقت منّي كُل فرحَة ودعتُها وجهكِ البَرِيء ,وَكَأني لنْ أعُود
إلى تلكَ الدّيار..!!
حقاً جَربتُ غُربة الحَرف وَالمَكان والفِكر , وَلكنّي استمتِعُ كثيراً بالحَياة لأننَي
في كُل يومٍ منْهَا فِي درس وَتجرُبة وصَفَعات اعتادتْ عَليها أيَامِي ..!!
صَدقينِي يامنْ بَكيتِ يوماً لفرَاقي وَحَتّى اليَوم لمْ أجِد لكِ بعضُ عُنُوان يَدلني ..
عَلى بقاياكِ في تلكَ المَدينة التّي سَطرتُها صَفحَاتي السّبع وَخرَجت بِنتَائج أسْميتُها
" علمتنِي الحَياة "..وَلكنْ أينَ أنتِ ..!!
إنّها مُجرد نُقاط رُبمَا لنْ تزِيدُكِ منّي فِي شَيء منْ غِياب وغُربة وانتظَار يُعِيد
نَفسَه في كل ليْلَة مطريّة ..!!
لاتعتبِين عَليّ كثراً أيتُها النَائية عَن عَيني القَريبَة إِلى رُوحي فَما يَزال ذَلك الكِتاب
الذّي أهديتِنِي إيّاه أحْمِله بينَ حَنايا الرّوح وأمسّد بِحنَان جَبِينَه المُترهّل مِن الفَقد..!!
سَبع ليالٍ حُسُوماً وأنَا أقَلّب صَفَحاتي السّبع دُون حَرف وَالألمُ طَويتُه بَعِيداً حَتّى
أتانِي صَوتكِ ذاتَ مسَاء ( كزهَرة يُوليو) التّي أحَالت السّاعَات الطوِيلَة إلى لحَظات
تجرُّ أَذيالها بِسُرعة البَرق.
وَفِي كُل مسَاء أتوِّج حُروفي رَذَاذ مطرٍ علَى نَافذَتي التّي أقلتْ أطناناً منْ وَحي
الأَلم عَلى مسَاحَة حُلم أخضَر ..!! وآااهٍ ثم آااهٍ .. فكم للغُربَة منْ وَطَن ..؟!!
.
.
انتَهَتْ ..!!
بتاريخ وزمان 26-05-2009, 03:39 am
من أوراق مغتربة..!!
ام غميزه
17-06-09, 02:40 am
الكاتبه القديره..بنت الرافعي..
سجليني اول المعجبين بهذا المتصفح..
وسمحيلي ان ابات دائما على هذه الكلمات..
متابعه..
فاطمة العنزي
20-06-09, 03:22 am
الكاتبه القديره..بنت الرافعي..
سجليني اول المعجبين بهذا المتصفح..
وسمحيلي ان ابات دائما على هذه الكلمات..
متابعه..
الكريمة / أم غميزه
لكِ من الشكر أوفره وأجمله,
مرورك بحد ذاته يشرفني..
تقديري
vBulletin® v3.8.8 Alpha 1, Copyright ©2000-2025, vBulletin Solutions, Inc Trans by mbcbaba