تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الحجاز ... ليس فقط مكة وجدة


إبداعات
13-05-09, 11:12 am
د.عبدالله مرعي بن محفوظ
‏ أرسل لي أحد الزملاء التاريخيين ملاحظة تاريخية على ‏بعض مقالاتي حول استخدامي مصطلح أهل الجنوب في ‏مناطق تقع ضمن حدود الحجاز تاريخيًا، وقال إن إطلاق ‏لقب (أهل الحجاز) على قاطني جدة ومكة مستحدث ‏وتشكل خلال العهد العثماني فقط لأسباب إدارية في ذلك ‏العهد، وقال إن منطقة الحجاز هي في الأصل سلسلة ‏جبال السروات التي تبدأ‎ ‎جنوبًا من اليمن وتمتد شمالاً ‏إلى قرب الشام، وسميت حجازًا لأنها تحجز تهامة‎ ‎والغور عن نجد.‏
وانأ أقرأ هذه الملاحظة، تذكرت القصيدة الوطنية لمعالي ‏الدكتور غازي القصيبي التي تبدأ مطلعها «أجل نحن ‏الحجاز ونحن نجد، هنا مجد لنا وهناك مجدُ»، وقلت إن ‏شخصية علمية وأدبية مثل القصيبي، لن تضع ملحمة ‏وطنية في إطار محدد أو لمنطقتين دون الأخرى، وبعد ‏البحث عن الإطار الاشمل للحجاز وجدت أن مدنها ‏توزعت على أربع مناطق وهي منطقة (مكة)‏‎ ‎وتضم ‏مكة ورنية وتربة والخرمة والطائف والهدا والسيل، ‏وجدة ورابغ والليث والقنفذة والكامل والجموم وبحرة ‏ومستورة وصعبر وجعرانة وبريمان والخرار وعين ‏شمس وابحر وعسفان والمثناة وذهبان، وفي منطقة ‏‏(المدينة)‏‎ ‎ينبع وأملج والعلا وبدر والحناكية ومهد الذهب ‏ومدائن صالح وخيبر ورأس ابو مد ورأس‎ ‎بريدي، وفي ‏منطقة (تبوك) مدينة أملج والقرى التابعة لها، وبعض ‏المؤرخين يؤكدون أن أبها في منطقة (عسير) ضمن ‏حدود الحجاز.‏
هذا الوصف الجغرافي يتوافق مع ما ذكره المؤرخون ‏من المتأخرين والمتقدمين، فقد ذكر المورخ الهمداني بأن ‏جبل السراة من أعظم‎ ‎جبال جزيرة العرب، ويمتد من ‏قعرة اليمن حتى أطراف وادي الشام لذا أسماه العرب ‏‏»حجازًا» لأنه‏‎ ‎حجز بين تهامة ونجد، ثم جاء البكرى من ‏بعده والذي قال بأن الحجاز‎ ‎اثنتا عشرة دارًا وهي: ‏المدينة، وخيبر وفدك، وذو المروة، ودار بلي، ودار ‏أشجع ودار‎ ‎مزينة، ودار جهينة، ودار بعض بني بكر بن ‏معاوية، ودار بعض هوازن، وجل سُليم، وجل‎ ‎هلال، ‏وحد الحجاز (الأول) بطن نخل وأعلى رُمة وظهر حرة ‏ليلى، والحد (الثاني) مما يلي الشام‎ ‎شغب وبدا، والحد ‏‏(الثالث) مما يلي تهامة وبدر والسقيا ورُهاط وعكاظ، ‏والحد (الرابع) مما يلي ساية‏‎ ‎وودان، ثم ينعرج إلى الحد ‏الأول بطن نخل وأعلى رُمة، وانتهى بان مكة من تهامة ‏وليست من الحجاز، والمدينة من‏‎ ‎الحجاز، كذلك قال ‏ياقوت الحموي في معجم البلدان إن «الحجاز» يمتد من ‏تخوم صنعاء من العبلاء وتباله إلى تخوم الشام وأن ‏فلسطين من الحجاز، ولا يختلف رأى المورخ الحميري ‏في تحديده عن الهمداني أو البكري أو ياقوت الحموي.‏ ‎
وإذا ذهبنا الى آراء المؤرخين والجغرافيين المعاصرين، ‏نجد أن فؤاد حمزة ذكر بأن جبال السراة هي التي تقسم ‏جزيرة‎ ‎العرب إلى قسمين شرقي وغربي، وهي محاذية ‏لساحل البحر الأحمر من شمال مدين إلى‎ ‎اليمن، وقد ‏سميت حجازًا لأنها حجزت بين ساحل البحر الأحمر ‏وهو هابط عن مستواها بين‎ ‎النجاد الشرقية المرتفعة ‏بالنسبة إلى الساحل الغربي، وقد سمي القسم الهابط عن ‏مستوى‎ ‎الحجاز إلى الغرب (بتهامة)، وسمي القسم ‏الشرقي منه (نجدًا).‏
وكذلك وضح المؤرخ «عمر رضا كحالة» في كتابه ‏‏»قبائل العرب»، بأن الحجاز إقليم مستطيل اختلف في ‏حدوده السياسية باختلاف العصور والدول كما‎ ‎تعددت ‏الأقوال في حدوده الطبيعية، ولكنه استشهد بكتاب حافظ ‏وهبه، بأن الحجاز يمتد من‎ ‎معان مارًا برأس خليج ‏العقبة إلى نقطة بين الليث والقنفذة على شاطئ البحر ‏الأحمر، واستشهد بكتاب «شرف البركاتي» الذي يحدد ‏الحجاز غربًا بالبحر الأحمر وشرقًا بالبادية‏‎ ‎الكبرى ‏وجنوبًا بلاد قبيلة بني مالك بجبل السراة ووادي دوقة ‏على الساحل، وشمالاً من‏‎ ‎جهة البحر الأحمر العقبة.‏
وبعد عرض ونقاش لآراء المؤرخين‎ ‎والجغرافيين نجد ‏أن الرواة العرب أدركوا الأسس الجغرافية لتحديد‏‎ ‎الحجاز فاعتبروه الحد الفاصل بين تهامة ونجد غير أن ‏التوسع في الجهة الشرقية كان‎ ‎متأثرًا بالتنظيمات ‏الإدارية في كل مرحلة، ولكن من الواضح تاريخيًا أن ‏الحجاز لا يقتصر على‏‎ ‎الجبال الممتدة من خليج العقبة ‏إلى عسير بل يشمل تهامة كذلك، وتقدر المسافة من ‏الشمال‎ ‎إلى الجنوب بسبعمائة ميل طولاً، ومائتين ‏وخمسين ميلاً عرضًا. إلا أنه ينبغي‎ ‎الإشارة إلى أن هذه ‏الأطوال قد تتفاوت من موقع إلى آخر بحسب قرب ‏الجبال وبعدها عن‎ ‎البحر، ويشمل القسم الشمالي من ‏الحجاز أرض مدين «وحسمي»، وهي الجبال‎ ‎الواقعة ‏شمال تبوك مما يلي أيلة «العقبة».‏
ختامًا ليس من الصعوبة تحديد بداية ونهاية حدود ‏الحجاز‎ ‎بدقة، لأن التاريخ يعد من العلوم المهمة التي ‏ارتبطت بعلم الجغرافيا، والتي تشكل الأساس المعرفي ‏في التحديد، والتاريخ يعبر عن وجودنا وانتمائنا ‏والعنوان الذي نعتز به والهوية التي ننشدها، لذلك فإن ‏التاريخ قادر على إيضاح ما التبس من خلال الوظيفة ‏التي ينفرد بها، والحقيقة التي تنتسب إليه.‏
المصدر: صحيفة المدينة، الأربعاء 13 مايو 2009
رابط المقال:
http://al-madina.com/node/137402 (http://al-madina.com/node/137402)

بابا سنفور
13-05-09, 12:14 pm
منقووووووووووول
ياحلو
ضف كشيشك