مشاهدة النسخة كاملة : فتاوي تخص يوم الجمعة
المتأمل
23-04-09, 08:44 pm
أنقل إليكم أخواني وأخواتي بعض الفتاوي التي تخص يوم الجمعة أجاب عليها فضيلة الشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى :
س1:سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : متى تبدأ الساعة الأولى من يوم الجمعة؟فأجاب : " الساعات التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم خمس : فقال : ( مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ. فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً. وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِالثَّانِيَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً. وَمَنْ رَاحَ فِيالسَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشاً أَقْرَنَ. وَمَنْرَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً. وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً ) ، فقسَّم الزمن من طلوع الشمس إلى مجيء الإمام خمسة أقسام ، فقد يكون كلقسم بمقدار الساعة المعروفة ، وقد تكون الساعة أقل أو أكثر ؛ لأن الوقتيتغير ، فالساعات خمس ما بين طلوع الشمس ومجيء الإمام للصلاة ، وتبتدئ منطلوع الشمس ، وقيل : من طلوع الفجر ، والأول أرجح ؛ لأن ما قبل طلوع الشمسوقت لصلاة الفجر " س2 : هل يصح الجمع بين صلاة العصر والجمعة؟أجاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : لا يصح ذلك لوجوه :
الأول : أنه قياس في العبادات .
الثاني : أن الجمعة صلاة مستقلة منفردة بأحكامها تفترق مع الظهر بأكثر منعشرين حكما , ومثل هذه الفروق تمنع أن تلحق إحدى الصلاتين بالأخرى .
الثالث : أن هذا القياس مخالف لظاهر السنة , فإن في صحيح مسلم عن عبد اللهعباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر , وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر, فسئل عن ذلك , فقال : أراد أن لا يحرج أمته .
وقد وقع المطر الذي فيه المشقة في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولم يجمعفيه بين العصر والجمعة كما في صحيح البخاري وغيره عن أنس بن مالك أن النبيصلي الله عليه وسلم استسقى يوم الجمعة وهو على المنبر , فما نزل من المنبرإلا والمطر يتحادر من لحيته , ومثل هذا لا يقع إلا من مطر كثير يبيح الجمعلو كان جائزا بين العصر والجمعة , قال : وفي الجمعة الأخرى دخل رجل فقال : يا رسول الله! غرق المال , وتهدم البناء , فادع الله يمسكها عنا . ومثلهذا يوجب أن يكون في الطرقات وحل يبيح الجمع لو كان جائزا بين العصروالجمعة .
فإن قال قائل : ما الدليل على منع جمع العصر والجمعة ؟فالجواب : أن هذا السؤال غير وارد ؛ لأن الأصل في العبادات المنع إلابدليل , فلا يطالب من منع التعبد لله بشيء من الأعمال الظاهرة أو الباطنة , وإنما يطالب بذلك من تعبد به لقوله منكرا على من تعبدوا الله بلا شرع : ? أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْبِهِ اللَّهُ ? ( (الشورى:21(
وقال الله :الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُعَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ? ( المائدة:3)وقال النبي صلي الله عليه وسلم : « من عمل عملا ليس فيه أمرنا فهو رد » متفق عليهوعلى هذا : فإذا قال القائل : ما الدليل على منع جمع العصر مع الجمعة ؟قلنا : ما الدليل على جوازه ؟ فإن الأصل وجوب فعل صلاة العصر في وقتهاخولف هذا الأصل في جمعها عند وجود سبب الجمع فبقي ما عداه على الأصل , وهومنع تقديمها على وقتها .
فإن قال قائل : أرأيتم لو نوى بصلاة الجمعة صلاة الظهر ليتم له الجمع ؟فالجواب : إن كان ذلك إمام الجمعة في أهل البلد أي أن أهل البلد نووابالجمعة صلاة الظهر فلا شك في تحريمه وبطلان الصلاة ؛ لأن الجمعة واجبةعليهم , فإذا عدلوا عنها إلى الظهر فقد عدلوا عما أمروا به إلى ما لميؤمروا به ,فيكون عملهم باطلا مردودا لقول النبي صلي الله عليه وسلم : « من عمل عملا ليس فيه أمرنا فهو رد » متفق عليهوأما إن كان الذي نوى بالجمعة الظهر كمسافر صلى الجمعة وراء من يصليهافنوى بها الظهر ليجمع إليها العصر فلا يصح أيضا , لأنه لما حضر الجمعةلزمته , ومن لزمته الجمعة فصلى الظهر قبل سلام الإمام منها لم تصح ظهره . وعلى تقدير صحة ذلك فقد فوت على نفسه خيرا كثيرا وهو أجر صلاة الجمعة .
هذا , وقد نص صاحبا المنتهى والإقناع (من علماء الحنابلة) على أن الجمعةلا يصح جمع العصر إليها ، ذكرا ذلك في أول باب صلاة الجمعة .
وإنما أطلت في ذلك للحاجة إليه , والله أسأل أن يوفقنا للصواب , ونفع العباد , إنه جواد كريم" اهـ.
س3 : ما حكم من ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات متتاليات ؟ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال «مَنْ تَرَكَ ثَلاَثَجُمَعٍ تَهَاوُناً بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» وقال:«لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ. أَوْلَيَخْتِمَنَّ الله عَلَى? قُلُوبِهِمْ. ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَالْغَافِلِينَ»رواه مسلمس4: في يوم الجمعة فيه ساعة يستجيب الله فيها لمن دعاه ، متى تبتدىء هذه الساعة ومتى تخرج ؟وقد اختلف في هذه الساعة اختلافاً كثيراً حتى أوصل الحافظ ابن حجر الأقوال فيها إلى أكثر من أربعين قولاًالأول : أنها من حين يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقام الصلاة .
الثاني : ما بعد العصر إلى أن تغرب الشمس .
قال الشيخ (ابن عثيمين) : وأرجى ساعات الجمعة في الإجابة هي وقت الصلاة لما يأتي:أولاً: لأن ذلك جاء في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.وثانياً: أن هذا اجتماع من المسلمين على عبادة واحدة، بقيادة واحدةبإمام واحد، وهذا الاجتماع يكون أقرب إلى الإجابة، ولهذا في يوم عرفة حينيجتمع المسلمون على صعيد عرفة يدنو جل وعلا ثم يباهي بهم الملائكة، ويجيبدعائهم.س5 : متى تبتدئ هذه الساعة ؟ومتى ندعوا ؟الجواب : تبتدىء من دخول الإمام إلى أن تنقضي الصلاة، فلننظر الان متى ندعوا :
1- إذا دخل الإمام وسلم وبعد ذلك شرع المؤذن بالأذان، والأذان ليس فيهدعاء بل فيه إجابة للمؤذن، وبعد الأذان فيه دعاء أي بين الأذان والخطبةفيه دعاء تقول بعد الأذان: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِالْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُمَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ » هذا يقال بعد متابعة المؤذن ثم تدعو بما شئت مادام الخطيب لم يشرع بالخطبة .
2- كذلك أيضاً بين الخطبتين تدعو الله بما شئت من خيري الدنيا والاخرة .
3- كذلك في أثناء الصلاة في السجود دعاء ، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد .
س6:يقول السائل بأنه موظف يعمل بالورديات وتفوته صلاةالجمعة وقد يفوته أكثر من جمعتين متتاليتين هل لهذا الموظف من رخصة مع أنهلا يستطيع أن يترك هذا العمل لقلة الوظائف وهي مصدر الرزق؟فأجاب رحمه الله : هذا العمل الذي أشار إليه لا شك أن فيه فائدتين فائدة خاصة وفائدة عامة.
أما الفائدة الخاصة فهي ما ذكر أنه مصدر رزقه والرزق على الله عز وجل لكنه سبب.
والثانية أن فيه حفظاً للأمن وللمصلحة التي وجه إليها ومعلوم أن الناس لوتخلوا عن هذه المصالح لحصل اختلال في الأمن وربما يحصل ضيق في الرزق إذاكانت مصادر الرزق قليلة في البلد وعلى هذا فيكون معذوراً في ترك صلاةالجمعة ولا يأثم بذلك لكن ينبغي للمسؤولين عن هؤلاء الذين يشتغلونبالورديات كما قال السائل أن يجعلوا المسألة دورية بحيث تكون طائفة منهميصلون الجمعة في هذا الأسبوع وطائفة أخرى يصلونها في الأسبوع الثاني وهكذالأن ذلك هو العدل ولئلا يبقى الإنسان تاركاً لصلاة الجمعة دائماً. س7:نحن نجلس يوم الجمعة للاستماع إلى الخطبة من أحدالمسجدين الحرم المكي أو الحرم النبوي عبر التلفاز فإذا انتهت قمنا لصلاةالظهر هل هذا صحيح وهل يجب علينا مراعاة آداب الخطبة ؟فأجاب رحمه الله : أولاً أين أنتم لا بد نسأل هل هم في مكة مثلاً وهل همحول مسجد تقام فيه الجمعة فإذا كانوا كذلك فلا يحل لهم أن يصلوا الظهر بليجب أن يحضروا الجمعة حتى لو كانوا مسافرين وهم في البلد يجب أن يحضرواالجمعة مع الناس أما إذا كانوا في مكانٍ لا جمعة فيه مثل أن يكونوا فيالبر واستمعوا إلى الخطبة ثم قاموا فصلوا الظهر فلا حرج وهذه الخطبة لايلزمهم استماعها يعني لهم أن يتحدثوا ولو كان الإمام يخطب لأن ذلك ليسإمامهم حتى يجب عليهم الإنصات له وبهذه المناسبة أقول لو أن الإنسان فيالبلد والبلد فيه جوامع متعددة وسمع أحد الجوامع يخطب وهو لا يريد أن يصلىمعه وإنما يريد أن يصلى في جامع آخر فإن الكلام والبيع والشراء لا يحرمعليه حينئذٍ لأن هذا الخطيب ليس الخطيب الذي يريد أن يصلى خلفه ولو سمعالخطيب الذي يريد أن يصلى خلفه وجب عليه الإمساك عن الكلام وترك البيعوالشراء وإن كان لم يصل إلى المسجد بعد.
فضيلة الشيخ: وإذا كانت السائلة امرأة؟فأجاب رحمه الله : إذا كانت السائلة امرأة فالمرأة لا تجب عليها الجمعةسواءٌ كانت في البلد أو خارج البلد. س8: بارك الله فيكم هذا السائل مقيم في المملكة يقولنحن عرب في البادية أي رحل ولا نقيم لنا في البادية صلاة جمعة علما بأنعندنا حفظة للقرآن الكريم ولكن الجماعة لا يقيمون صلاة الجمعة بحجة أنهمأهل بادية غير مقيمين فما حكم ذلك مأجورين؟فأجاب رحمه الله : البادية لا يصلون صلاة الجمعة لأن البوادي كانت حولالمدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم النبي صلى الله عليهوعلى آله وسلم بإقامة الجمعة فالمسافرون في سفرهم وأهل البادية في باديتهملا يصلون صلاة الجمعة وإنما يصلون بدلها ظهرا فإن كانوا مقيمين صلوا ظهراأربعا وإن كانوا مسافرين صلوا ظهرا ركعتين. س9:يقول هذا السائل إذا اغتسل المسلم للجنابة قبيل فجر الجمعة أو بعده هل يكفي هذا لغسل الجمعة ؟فأجاب رحمه الله : أما ما كان قبل الفجر فلا يكفي لأنه ما دخل اليوم وأمابعد الفجر فيكفي لكن الأفضل أن يعيده بعد طلوع الشمس حتى يتأكد أنه حصل فييوم الجمعة ثم إن العلماء رحمهم الله قالوا إن الأفضل أن يكون الاغتسالعند المضي إلى الصلاة فمثلاً إذا قدرنا أنه يذهب إلى الصلاة قبل الزوالبساعتين فإنه يغتسل في ذلك الوقت ووجه ذلك أنه إذا تطهر عند المضي صارأبلغ وأضمن من أن يحصل له وسخ بعد ذلك.
س 10:ما حكم الاغتسال يوم الجمعة وهل وردت فيه أحاديث ؟
فأجاب رحمه الله : الاغتسال يوم الجمعة واجب على كل بالغ عاقل لقول النبيصلى الله عليه وعلى آله وسلم : «الْغُسْلُ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاجِبٌعَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» متفق عليه .
فصرح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه واجب .
- لو اغتسل ليلا أو بعد الفجر ونوى به غسل الجمعة؟
فأجاب رحمه الله : إذا اغتسل قبل الفجر فلا ينفعه لأن اليوم لم يدخل بلاشك وإن اغتسل بعد الفجر ففيه احتمال لكن الأفضل أن يكون بعد طلوع الشمس.
المتأمل
23-04-09, 08:48 pm
س11: إذا دخل الإنسان يوم الجمعة والمؤذن يؤذن للأذان الثاني فهل يصلى ركعتين أم ينتظر حتى يفرغ المؤذن؟
فأجاب رحمه الله : إذا دخل الإنسان المسجد يوم الجمعة والمؤذن يؤذن للأذان الثاني الذي عند مجيء الخطيب فإنه يشرع في تحية المسجد وإن لم يتم المؤذن وذلك أنه إذا شرع في تحية المسجد صار مبادرا لتحية المسجد وإذا وقف ينتظر فراغ الأذان صار متأخراً في أداء التحية وأيضا إذا أتى بالتحية والمؤذن يؤذن تفرغ لسماع الخطبة وسماع الخطبة أوكد من سماع المؤذن وأيضا فإن بعض العلماء يقول إن المصلى يجيب المؤذن ولو كان في صلاته لأن الجميع ذكر وبناء على هذا القول فإنه إذا دخل في صلاته لا يفوته إجابة المؤذن وأما على القول الثاني أن المصلى لا يجيب المؤذن فإنه بإمكانه إذا فرغ من تحية المسجد أن يجيب المؤذن بعد فراغه إن لم يشرع الإمام في الخطبة فإن شرع في الخطبة فالاستماع لها أولى.
س12: يسأل عما يسمى بالسنة القبلية في يوم الجمعة ونرجو أن تبينوا لنا ما هو المشروع يوم الجمعة في دخول الجامع حتى الخروج منه؟
فأجاب رحمه الله : الجمعة ليست لها سنة قبلية وما يفعله بعض الناس من القيام بالصلاة إذا أذن المؤذن الأول فلا أصل له وإنما للجمعة سنة بعدها والذي جاءت به السنة أن يصلى في بيته ركعتين لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى في بيته ركعتين بعد الجمعة أو أربع ركعات لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعاً» رواه مسلم ، فالأربع ثبتت من قول الرسول عليه الصلاة والسلام والركعتان ثبتت من فعله فإذا صلى أربعاً فقد أحسن وإذا صلى ركعتين فقد أحسن ولكن إذا جاء الإنسان يوم الجمعة متقدماً إلى المسجد فإنه ينبغي أن يصلى حتى يحضر الإمام لأن الصلاة من أفضل العبادات ولهذا لما قال ربيعة بن مالك الأسلمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسألك مرافقتك في الجنة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». والسنة لمن أتى الجمعة أن يغتسل في بيته قبل أن يأتي إلى المسجد والاغتسال للجمعة واجب على القول الراجح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الْغُسْلُ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» متفق عليه . أي على كل بالغ فقول النبي عليه الصلاة والسلام واجب وتعليق الوجوب بوصف يقتضي التكليف والإلزام دليل على أن المراد بالوجوب هنا وجوب الإلزام لا وجوب التأكيد كما زعمه بعضهم فالصحيح أن غسل الجمعة واجب على كل من أتى الجمعة ويلبس أحسن ثيابه ويتطيب ويأتي إلى المسجد ويصلى ما شاء الله وكلما بكر الإنسان إلى المسجد يوم الجمعة فهو أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا حضر الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر وطووا الصحف وكانوا قبل مجيء الإمام على أبواب المساجد يكتبون الأول فالأول)
وإني أحث إخواني المسلمين أن ينتهزوا هذه الفرصة للتقدم إلى صلاة الجمعة بعد الاغتسال وأن لا يضيعوا هذا الوقت الفاضل بالتلهي والتسكع والنوم فيفوتهم خير كثير وإذا حضر الإمام وبدأ بالخطبة فإنه يجب الإنصات له ولا يجوز التكلم فمن تكلم والإمام يخطب فقد لغا ، وروى الشافعي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: مَنْ تَكَلَّمَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ كَانَ كَالحُمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً وَمَنْ قَالَ انْصِتْ فَلاَ جُمْعَةَ لَهُ ) أي إنه يحرم من أجر الجمعة ولا يجوز للإنسان والإمام يخطب يوم الجمعة أن يسلم على أحد إلى جانبه ولا يرد السلام ولا يشمت العاطس ولا يُسكت المتكلم بالقول لأن ذلك سبب لحرمانه من ثواب صلاة الجمعة وإن كانت الجمعة تجزئ وتبرأ بها الذمة لكن يحرم من ثوابها.
س13: ما الواجب أن أفعله عند الدخول إلى الحرم المكي عندما يكون الإمام على المنبر لخطبة الجمعة هل يجب علينا الجلوس والإنصات إلى الخطبة أم نطوف ثم نجلس للاستماع؟
فأجاب رحمه الله : إذا دخل الإنسان المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة فإنه يصلى ركعتين خفيفتين ثم يجلس لما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب فجلس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أصليت قال لا قال : «قُمْ فَصَلِّ ركعتينِ وَتَجُوَّزْ فِيْهِمَا» متفق عليه . هذا هو الواجب على من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب وهو مبني على القول بأن تحية المسجد واجبة أما على القول بأنها سنة فإن له أن يجلس لكنه لا شك على خطر عظيم بمخالفته أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وداخل المسجد الحرام كداخل المساجد الأخرى لا يشتغل إلا بركعتين خفيفتين تحية المسجد ولا ينبغي له أن يشتغل بالطواف لأن الاشتغال بالطواف يؤدي إلى الاشتغال عن سماع الخطبة وهو خلاف مقصود الشرع. (
س14: هل هناك دعاء معين وارد أو ذكر معين يقوله المصلى بين خطبتي الجمعة وهل ورد أن خطيب الجمعة يدعو بين الخطبتين أم لا؟
فأجاب رحمه الله : ليس هناك ذكر مخصوص أو دعاء مخصوص لكن يدعو الإنسان بما أحب وذلك لأن هذا الوقت وقت إجابة فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً. لا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللّهَ خَيْراً، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» متفق عليه . وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى : «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلاَةُ». فهذا الوقت وقت إجابة فينبغي للإنسان أن يستغل الفرصة بالدعاء بين الخطبتين بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وكذلك يقال بالنسبة للإمام إنه يدعو بين الخطبتين لكن دعاءً سريا بما يريده من أمر الدنيا والآخرة وكذلك أيضا في صلاة الجمعة في السجود بعد أن يذكر الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل (سبحان ربي الأعلى) ثم يدعو بما شاء وكذلك أيضا في التشهد يدعو قبل السلام بما شاء بعد أن يدعو بما ورد الأمر بالدعاء به.
س15: ماحكم رفع اليدين حال الدعاء بين الخطبتين وعند الدعاء لخطبة الجمعة ؟
فأجاب رحمه الله : أما الدعاء في هذا الوقت فإنه خيرٌ ومستحب لأن هذا الوقت وقتٌ ترجى فيه الإجابة فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً. لا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللّهَ خَيْراً، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» متفق عليه . وساعة الصلاة هي أقرب الساعات لأن تكون هي ساعة الإجابة لما رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلاَةُ». فعلى هذا فينبغي أن ينتهز الفرصة فيدعو بين الخطبتين وأما رفع اليدين بذلك فلا أعلم به بأساً لأن الأصل في الدعاء أن من آدابه رفع اليدين فإذا رفع الإنسان يده فلا حرج وإذا دعا بدون رفع يد فلا حرج وهذا في الدعاء الذي بين الخطبتين أما إذا دعا الإمام في الخطبة فإنه لا يسن للإمام ولا للمأمومين أن يرفعوا أيديهم إلا في حالين.
الحال الأولى : الاستسقاء إذا دعا خطيب الجمعة بالاستسقاء أي بطلب نزول المطر فإنه يرفع يديه ويرفع الناس أيديهم .
والثاني : الاستصحاء يعني إذا دعا خطيب الجمعة بالصحو وأن الله يبعد المطر عن البلد فإنه يرفع يديه كذلك كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : «أَنَّ رجُلاً دخلَ المسجدَ يومَ جُمعةٍ من بابٍ كان نحوَ بابِ دارِ القضاءِ ـ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم قائمٌ يخطبُ ـ فاستقبلَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلّم قائماً ثم قال: يا رسولَ اللهِ هلَكَتِ الأموالُ، وانقطَعَتِ السبلُ، فادعُ اللهُ يُغيثُنا. فرفعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم يدَيهِ ثم قال: اللّهمَّ أغثْنا اللّهمَّ أغثْنا اللّهمَّ أغثنا. قال أَنسٌ: ولا واللهِ ما نرَى في السماءِ من سحابٍ ولا قَزَعةً » متفق عليه .
أي من سحابٍ واسع ولا قزعة أي قطعة غيم .
ففي هذين الموضعين يرفع الخطيب يديه في الدعاء في الاستسقاء والاستصحاء وأما في غير ذلك فلا يرفع يديه لأن الصحابة رضي الله عنهم أنكروا على بشر بن مروان حينما رفع يديه بالدعاء حال الخطبة وكذلك الناس لايرفعون أيديهم في خطبة يوم الجمعة لأن ذلك ليس مشروعاً لهم فهم تبعٌ لإمامهم فإذا لم يكن مشروعاً للإمام الخطيب فإن المستمعين كذلك لا يشرع لهم رفع اليدين في حال الخطبة.
س16: يقول السائل في أحد المساجد تخلف الخطيب عن الحضور لصلاة الجمعة وأخذ البعض من المصلين في الخروج من المسجد يبحثون عن مسجد آخر يصلون فيه صلاة الجمعة بينما جلسنا نحن والبعض من المصلين حتى جاء موعد الصلاة وصلينا صلاة الظهر رباعية ما هو الخطأ وما هو الصواب في ذلك جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله : الصواب في ذلك فعل من خرجوا من المسجد ليطلبوا مسجداً آخر إذا كان في البلد مسجد آخر وأما الذين مكثوا فكان الواجب عليهم أن يذهبوا إلى بيت الإمام ويسألوا عنه حتى يأتي فيخطب لأنه قد يكون نائما وليس عنده من يوقظه أو ساهياً ناسياً وليس عنده من يذكره فإن لم يكن فإنه يقوم أحدهم ويخطب بهم خطبتين تحصل بهما الكفاية ثم يصلون جمعة وأما صلاتهم ظهرا مع إمكان إقامة الجمعة فإن ذلك حرام عليهم ولا يحل لهم.
س17: لو تعذر على الخطيب يوم الجمعة إكمال خطبته إما لمرض مفاجئ ألم به أو نحو ذلك فماذا يكون على المصلين في مثل هذه الحالة؟
فأجاب رحمه الله : في مثل هذه الحال إذا كان الخطيب قد أتى بما يكفي في خطبته فإن الخطبة تعتبر كاملة فإن كانت الخطبة الأولى قام أحد المصلين فخطب الخطبة الثانية ثم صلوا وإن كانت الخطبة الثانية صلوا لأن الخطيب أتى بخطبتين من قبل وإن لم يكن أتى بما يكفي من الخطبة الأولى فإنه يقوم أحد الحاضرين ويستأنف بهم الخطبة ويخطب خطبتين ثم يصلى بهم.
فضيلة الشيخ: يعني أنه لابد من إكمال الخطبة؟
فأجاب رحمه الله : نعم لأن الخطبتين شرط لصحة صلاة الجمعة.
س18: ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من مس الحصى فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له) وهل هذا يعني أن صلاته لا تصح ؟
فأجاب رحمه الله : الحصى يعني بذلك الحجارة الصغيرة التي تكون كالحجارة التي ترمى بها الجمرات وكان مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مفروشا بهذه الحجارة ومراد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا من مس الحصى أي على وجه العبث واللعب كأن يشتغل أثناء الخطبة بمسح هذا الحصى والكتابة عليه وما أشبه ذلك مما يحصل من العبث فيقول عليه الصلاة والسلام « مَنْ مَسَّ الْحَصَى - أي على وجه العبث - فَقَدْ لَغَا». « وَمَنْ لَغَا فَلاَ جُمْعَةَ لَهُ » ففسر صلى الله عليه وسلم اللغو بأن الإنسان يحرم من فضيلة الجمعة وليس المراد أن صلاته لا تصح ونظير هذا قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ : أَنْصِتْ وَالإمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ» « وَمَنْ لَغَا فَلاَ جُمْعَةَ لَهُ » والمراد أنه يحرم ثواب الجمعة وليس المراد أن جمعته لا تصح وإنني بهذه المناسبة أحذر مما يتهاون به بعض الناس من الكلام والإمام يخطب يوم الجمعة فإن ذلك من المحرمات وقد شبهه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحمار يحمل أسفاراً فإن قال قائل إذا كان هناك الإمام يخطب يوم الجمعة ولكني لا أريد الصلاة معه وأريد الصلاة في مسجد آخر فهل يلزمني أن أنصت لخطبته فالجواب لا يلزمك فلو مررت بمسجد يصلى الجمعة وإمامه يخطب وأنت قاصد مسجدا آخر فليس عليك أن تنصت لهذا الخطيب الذي يخطب لأنه ليس الخطيب الذي تريد أن يوجه إليك النصيحة وكذلك لو فرض أنك تنتظر مجيء الإمام إلى المسجد فسمعت مسجدا آخر يخطب فإنه لا يلزمك الإنصات لخطبته لأنك لا تريد أن تتلقى التوجيه من ذاك الخطيب وإنما تريد أن تتلقى التوجيه من خطيب المسجد الذي أنت فيه.
وإنني بهذه المناسبة أقول إن ما يفعله بعض الناس اليوم من رفع الخطبة أو الصلاة من سماعات المنارة حتى يشوش على الآخرين أمر منكر نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سمع أصحابه وهم يصلون أوزاعا يجهر بعضهم بالقراءة فقال صلى الله عليه وسلم : (َلاَ يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعضاً. وَلاَ يَرفَعُ بَعضُكُم عَلَى بَعْضٍ في الْقِرَاءَةِ) وفي حديث آخر (ولا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ بالقُرْآنِ) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح . فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا إيذاء وصدق عليه الصلاة والسلام فإن هذا الصوت الذي يسمع من الخارج يؤذي المصلين في المسجد الثاني ويشوش عليهم الاستماع إلى إمامهم بل ربما ينصرفون إلى الاستماع إلى هذا الإمام الخارج وينسون الاستماع إلى إمامهم لكون الأول أحسن قراءة وأندى صوتا وهذا إيذاء لإخوانهم المسلمين وقد حذر الله من إيذاء المؤمنين فقال : ? وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ? (الأحزاب : 58).
فنصيحتي لإخواني الذين يفعلون ذلك أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يدعوا التشويش على إخوانهم ولا حرج فيما أرى أن تنقل الإقامة من المنارة لقول النبي عليه الصلاة والسلام «إِذَا سَمِعْتُمُ الإقامةَ فامْشُوا وَعَلَيْكُمُ السَّكِيْنَةُ » رواه البخاري . فإن هذا يدل على أن الإقامة تسمع من الخارج أي من خارج المسجد وإن كان بعض الإخوة قد كرهها وقال إن فيها ضررا وهو أن الكسإلى إذا قيل لهم قوموا إلى الصلاة بعد الأذان قالوا لم تقم الصلاة بعد سننتظر حتى تأتي الإقامة لكني أرى أنه لا بأس بها إن شاء الله أي لا بأس بنقل الإقامة من على المنارة إن شاء الله .
س19: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب فما هو الاحتباء؟
فأجاب رحمه الله : الاحتباء هو أن الإنسان يجلس على إليتيه وينصب ساقيه وفخذيه ويربط نفسه بسيرٍ أو شبهه فينضم بعضه إلى بعض ويكون أكمل راحة وهو إذا فعل ذلك يكون النوم إليه سريعاً فينام عن الخطبة وعن استغلال الوقت بقراءة القرآن أو الصلاة قبل مجيء الإمام ولهذا نهي عنه.
- هل النهي عن الاحتباء مع الخطبة أم قبلها؟
فأجاب رحمه الله : النهي عن الاحتباء لا يختص بالخطبة ولا بغير الخطبة ولكنه ينهى عنه إذا كان الإنسان يخشى أن تنكشف عورته مثل أن يحتبي بإزاره فإنه إذا احتبى بإزاره فربما تنكشف عورته وأما إذا كان لا يخشى انكشاف العورة فإنه لا بأس به لا في أثناء خطبة الجمعة ولا في غيرها.
س20: لاحظت في أحد المساجد أشخاصاً يتكلمون والإمام يخطب وهم في مؤخرة المسجد والإمام لا يراهم فهل أشير عليهم بالسكوت أم عليّ أن أتركهم حتى تنتهي الخطبة؟
فأجاب رحمه الله : الكلام حال الخطبة يوم الجمعة حرام بل إن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالحمار يحمل أسفاراً ولا يجوز أن نسكته بالقول أي لا يجوز أن نقول له أنصت لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ : أَنْصِتْ وَالإمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ» أي فقد فاتك أجر الجمعة ولكن لا حرج أن تنبهم بالإشارة بأن تضع أصبعك على شفتيك إشارة لهم لأنك لم تتكلم وفي منعهم من الكلام حال الخطبة فك شر على غيرهم لأنهم إذا صاروا يتكلمون أثناء الخطبة شغلوا الناس وشوشوا عليهم فإذا سكتوا بالإشارة زال هذا المحظور.
المتأمل
23-04-09, 08:50 pm
س11: إذا دخل الإنسان يوم الجمعة والمؤذن يؤذن للأذان الثاني فهل يصلى ركعتين أم ينتظر حتى يفرغ المؤذن؟
فأجاب رحمه الله : إذا دخل الإنسان المسجد يوم الجمعة والمؤذن يؤذن للأذان الثاني الذي عند مجيء الخطيب فإنه يشرع في تحية المسجد وإن لم يتم المؤذن وذلك أنه إذا شرع في تحية المسجد صار مبادرا لتحية المسجد وإذا وقف ينتظر فراغ الأذان صار متأخراً في أداء التحية وأيضا إذا أتى بالتحية والمؤذن يؤذن تفرغ لسماع الخطبة وسماع الخطبة أوكد من سماع المؤذن وأيضا فإن بعض العلماء يقول إن المصلى يجيب المؤذن ولو كان في صلاته لأن الجميع ذكر وبناء على هذا القول فإنه إذا دخل في صلاته لا يفوته إجابة المؤذن وأما على القول الثاني أن المصلى لا يجيب المؤذن فإنه بإمكانه إذا فرغ من تحية المسجد أن يجيب المؤذن بعد فراغه إن لم يشرع الإمام في الخطبة فإن شرع في الخطبة فالاستماع لها أولى.
س12: يسأل عما يسمى بالسنة القبلية في يوم الجمعة ونرجو أن تبينوا لنا ما هو المشروع يوم الجمعة في دخول الجامع حتى الخروج منه؟
فأجاب رحمه الله : الجمعة ليست لها سنة قبلية وما يفعله بعض الناس من القيام بالصلاة إذا أذن المؤذن الأول فلا أصل له وإنما للجمعة سنة بعدها والذي جاءت به السنة أن يصلى في بيته ركعتين لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى في بيته ركعتين بعد الجمعة أو أربع ركعات لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعاً» رواه مسلم ، فالأربع ثبتت من قول الرسول عليه الصلاة والسلام والركعتان ثبتت من فعله فإذا صلى أربعاً فقد أحسن وإذا صلى ركعتين فقد أحسن ولكن إذا جاء الإنسان يوم الجمعة متقدماً إلى المسجد فإنه ينبغي أن يصلى حتى يحضر الإمام لأن الصلاة من أفضل العبادات ولهذا لما قال ربيعة بن مالك الأسلمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسألك مرافقتك في الجنة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». والسنة لمن أتى الجمعة أن يغتسل في بيته قبل أن يأتي إلى المسجد والاغتسال للجمعة واجب على القول الراجح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الْغُسْلُ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» متفق عليه . أي على كل بالغ فقول النبي عليه الصلاة والسلام واجب وتعليق الوجوب بوصف يقتضي التكليف والإلزام دليل على أن المراد بالوجوب هنا وجوب الإلزام لا وجوب التأكيد كما زعمه بعضهم فالصحيح أن غسل الجمعة واجب على كل من أتى الجمعة ويلبس أحسن ثيابه ويتطيب ويأتي إلى المسجد ويصلى ما شاء الله وكلما بكر الإنسان إلى المسجد يوم الجمعة فهو أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا حضر الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر وطووا الصحف وكانوا قبل مجيء الإمام على أبواب المساجد يكتبون الأول فالأول)
وإني أحث إخواني المسلمين أن ينتهزوا هذه الفرصة للتقدم إلى صلاة الجمعة بعد الاغتسال وأن لا يضيعوا هذا الوقت الفاضل بالتلهي والتسكع والنوم فيفوتهم خير كثير وإذا حضر الإمام وبدأ بالخطبة فإنه يجب الإنصات له ولا يجوز التكلم فمن تكلم والإمام يخطب فقد لغا ، وروى الشافعي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: مَنْ تَكَلَّمَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ كَانَ كَالحُمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً وَمَنْ قَالَ انْصِتْ فَلاَ جُمْعَةَ لَهُ ) أي إنه يحرم من أجر الجمعة ولا يجوز للإنسان والإمام يخطب يوم الجمعة أن يسلم على أحد إلى جانبه ولا يرد السلام ولا يشمت العاطس ولا يُسكت المتكلم بالقول لأن ذلك سبب لحرمانه من ثواب صلاة الجمعة وإن كانت الجمعة تجزئ وتبرأ بها الذمة لكن يحرم من ثوابها.
س13: ما الواجب أن أفعله عند الدخول إلى الحرم المكي عندما يكون الإمام على المنبر لخطبة الجمعة هل يجب علينا الجلوس والإنصات إلى الخطبة أم نطوف ثم نجلس للاستماع؟
فأجاب رحمه الله : إذا دخل الإنسان المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة فإنه يصلى ركعتين خفيفتين ثم يجلس لما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب فجلس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أصليت قال لا قال : «قُمْ فَصَلِّ ركعتينِ وَتَجُوَّزْ فِيْهِمَا» متفق عليه . هذا هو الواجب على من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب وهو مبني على القول بأن تحية المسجد واجبة أما على القول بأنها سنة فإن له أن يجلس لكنه لا شك على خطر عظيم بمخالفته أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وداخل المسجد الحرام كداخل المساجد الأخرى لا يشتغل إلا بركعتين خفيفتين تحية المسجد ولا ينبغي له أن يشتغل بالطواف لأن الاشتغال بالطواف يؤدي إلى الاشتغال عن سماع الخطبة وهو خلاف مقصود الشرع. (
س14: هل هناك دعاء معين وارد أو ذكر معين يقوله المصلى بين خطبتي الجمعة وهل ورد أن خطيب الجمعة يدعو بين الخطبتين أم لا؟
فأجاب رحمه الله : ليس هناك ذكر مخصوص أو دعاء مخصوص لكن يدعو الإنسان بما أحب وذلك لأن هذا الوقت وقت إجابة فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً. لا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللّهَ خَيْراً، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» متفق عليه . وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى : «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلاَةُ». فهذا الوقت وقت إجابة فينبغي للإنسان أن يستغل الفرصة بالدعاء بين الخطبتين بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وكذلك يقال بالنسبة للإمام إنه يدعو بين الخطبتين لكن دعاءً سريا بما يريده من أمر الدنيا والآخرة وكذلك أيضا في صلاة الجمعة في السجود بعد أن يذكر الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل (سبحان ربي الأعلى) ثم يدعو بما شاء وكذلك أيضا في التشهد يدعو قبل السلام بما شاء بعد أن يدعو بما ورد الأمر بالدعاء به.
س15: ماحكم رفع اليدين حال الدعاء بين الخطبتين وعند الدعاء لخطبة الجمعة ؟
فأجاب رحمه الله : أما الدعاء في هذا الوقت فإنه خيرٌ ومستحب لأن هذا الوقت وقتٌ ترجى فيه الإجابة فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً. لا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللّهَ خَيْراً، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» متفق عليه . وساعة الصلاة هي أقرب الساعات لأن تكون هي ساعة الإجابة لما رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلاَةُ». فعلى هذا فينبغي أن ينتهز الفرصة فيدعو بين الخطبتين وأما رفع اليدين بذلك فلا أعلم به بأساً لأن الأصل في الدعاء أن من آدابه رفع اليدين فإذا رفع الإنسان يده فلا حرج وإذا دعا بدون رفع يد فلا حرج وهذا في الدعاء الذي بين الخطبتين أما إذا دعا الإمام في الخطبة فإنه لا يسن للإمام ولا للمأمومين أن يرفعوا أيديهم إلا في حالين.
الحال الأولى : الاستسقاء إذا دعا خطيب الجمعة بالاستسقاء أي بطلب نزول المطر فإنه يرفع يديه ويرفع الناس أيديهم .
والثاني : الاستصحاء يعني إذا دعا خطيب الجمعة بالصحو وأن الله يبعد المطر عن البلد فإنه يرفع يديه كذلك كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : «أَنَّ رجُلاً دخلَ المسجدَ يومَ جُمعةٍ من بابٍ كان نحوَ بابِ دارِ القضاءِ ـ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم قائمٌ يخطبُ ـ فاستقبلَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلّم قائماً ثم قال: يا رسولَ اللهِ هلَكَتِ الأموالُ، وانقطَعَتِ السبلُ، فادعُ اللهُ يُغيثُنا. فرفعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم يدَيهِ ثم قال: اللّهمَّ أغثْنا اللّهمَّ أغثْنا اللّهمَّ أغثنا. قال أَنسٌ: ولا واللهِ ما نرَى في السماءِ من سحابٍ ولا قَزَعةً » متفق عليه .
أي من سحابٍ واسع ولا قزعة أي قطعة غيم .
ففي هذين الموضعين يرفع الخطيب يديه في الدعاء في الاستسقاء والاستصحاء وأما في غير ذلك فلا يرفع يديه لأن الصحابة رضي الله عنهم أنكروا على بشر بن مروان حينما رفع يديه بالدعاء حال الخطبة وكذلك الناس لايرفعون أيديهم في خطبة يوم الجمعة لأن ذلك ليس مشروعاً لهم فهم تبعٌ لإمامهم فإذا لم يكن مشروعاً للإمام الخطيب فإن المستمعين كذلك لا يشرع لهم رفع اليدين في حال الخطبة.
س16: يقول السائل في أحد المساجد تخلف الخطيب عن الحضور لصلاة الجمعة وأخذ البعض من المصلين في الخروج من المسجد يبحثون عن مسجد آخر يصلون فيه صلاة الجمعة بينما جلسنا نحن والبعض من المصلين حتى جاء موعد الصلاة وصلينا صلاة الظهر رباعية ما هو الخطأ وما هو الصواب في ذلك جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله : الصواب في ذلك فعل من خرجوا من المسجد ليطلبوا مسجداً آخر إذا كان في البلد مسجد آخر وأما الذين مكثوا فكان الواجب عليهم أن يذهبوا إلى بيت الإمام ويسألوا عنه حتى يأتي فيخطب لأنه قد يكون نائما وليس عنده من يوقظه أو ساهياً ناسياً وليس عنده من يذكره فإن لم يكن فإنه يقوم أحدهم ويخطب بهم خطبتين تحصل بهما الكفاية ثم يصلون جمعة وأما صلاتهم ظهرا مع إمكان إقامة الجمعة فإن ذلك حرام عليهم ولا يحل لهم.
س17: لو تعذر على الخطيب يوم الجمعة إكمال خطبته إما لمرض مفاجئ ألم به أو نحو ذلك فماذا يكون على المصلين في مثل هذه الحالة؟
فأجاب رحمه الله : في مثل هذه الحال إذا كان الخطيب قد أتى بما يكفي في خطبته فإن الخطبة تعتبر كاملة فإن كانت الخطبة الأولى قام أحد المصلين فخطب الخطبة الثانية ثم صلوا وإن كانت الخطبة الثانية صلوا لأن الخطيب أتى بخطبتين من قبل وإن لم يكن أتى بما يكفي من الخطبة الأولى فإنه يقوم أحد الحاضرين ويستأنف بهم الخطبة ويخطب خطبتين ثم يصلى بهم.
فضيلة الشيخ: يعني أنه لابد من إكمال الخطبة؟
فأجاب رحمه الله : نعم لأن الخطبتين شرط لصحة صلاة الجمعة.
س18: ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (من مس الحصى فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له) وهل هذا يعني أن صلاته لا تصح ؟
فأجاب رحمه الله : الحصى يعني بذلك الحجارة الصغيرة التي تكون كالحجارة التي ترمى بها الجمرات وكان مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مفروشا بهذه الحجارة ومراد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا من مس الحصى أي على وجه العبث واللعب كأن يشتغل أثناء الخطبة بمسح هذا الحصى والكتابة عليه وما أشبه ذلك مما يحصل من العبث فيقول عليه الصلاة والسلام « مَنْ مَسَّ الْحَصَى - أي على وجه العبث - فَقَدْ لَغَا». « وَمَنْ لَغَا فَلاَ جُمْعَةَ لَهُ » ففسر صلى الله عليه وسلم اللغو بأن الإنسان يحرم من فضيلة الجمعة وليس المراد أن صلاته لا تصح ونظير هذا قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ : أَنْصِتْ وَالإمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ» « وَمَنْ لَغَا فَلاَ جُمْعَةَ لَهُ » والمراد أنه يحرم ثواب الجمعة وليس المراد أن جمعته لا تصح وإنني بهذه المناسبة أحذر مما يتهاون به بعض الناس من الكلام والإمام يخطب يوم الجمعة فإن ذلك من المحرمات وقد شبهه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحمار يحمل أسفاراً فإن قال قائل إذا كان هناك الإمام يخطب يوم الجمعة ولكني لا أريد الصلاة معه وأريد الصلاة في مسجد آخر فهل يلزمني أن أنصت لخطبته فالجواب لا يلزمك فلو مررت بمسجد يصلى الجمعة وإمامه يخطب وأنت قاصد مسجدا آخر فليس عليك أن تنصت لهذا الخطيب الذي يخطب لأنه ليس الخطيب الذي تريد أن يوجه إليك النصيحة وكذلك لو فرض أنك تنتظر مجيء الإمام إلى المسجد فسمعت مسجدا آخر يخطب فإنه لا يلزمك الإنصات لخطبته لأنك لا تريد أن تتلقى التوجيه من ذاك الخطيب وإنما تريد أن تتلقى التوجيه من خطيب المسجد الذي أنت فيه.
وإنني بهذه المناسبة أقول إن ما يفعله بعض الناس اليوم من رفع الخطبة أو الصلاة من سماعات المنارة حتى يشوش على الآخرين أمر منكر نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سمع أصحابه وهم يصلون أوزاعا يجهر بعضهم بالقراءة فقال صلى الله عليه وسلم : (َلاَ يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعضاً. وَلاَ يَرفَعُ بَعضُكُم عَلَى بَعْضٍ في الْقِرَاءَةِ) وفي حديث آخر (ولا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ بالقُرْآنِ) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح . فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا إيذاء وصدق عليه الصلاة والسلام فإن هذا الصوت الذي يسمع من الخارج يؤذي المصلين في المسجد الثاني ويشوش عليهم الاستماع إلى إمامهم بل ربما ينصرفون إلى الاستماع إلى هذا الإمام الخارج وينسون الاستماع إلى إمامهم لكون الأول أحسن قراءة وأندى صوتا وهذا إيذاء لإخوانهم المسلمين وقد حذر الله من إيذاء المؤمنين فقال : ? وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ? (الأحزاب : 58).
فنصيحتي لإخواني الذين يفعلون ذلك أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يدعوا التشويش على إخوانهم ولا حرج فيما أرى أن تنقل الإقامة من المنارة لقول النبي عليه الصلاة والسلام «إِذَا سَمِعْتُمُ الإقامةَ فامْشُوا وَعَلَيْكُمُ السَّكِيْنَةُ » رواه البخاري . فإن هذا يدل على أن الإقامة تسمع من الخارج أي من خارج المسجد وإن كان بعض الإخوة قد كرهها وقال إن فيها ضررا وهو أن الكسإلى إذا قيل لهم قوموا إلى الصلاة بعد الأذان قالوا لم تقم الصلاة بعد سننتظر حتى تأتي الإقامة لكني أرى أنه لا بأس بها إن شاء الله أي لا بأس بنقل الإقامة من على المنارة إن شاء الله .
س19: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب فما هو الاحتباء؟
فأجاب رحمه الله : الاحتباء هو أن الإنسان يجلس على إليتيه وينصب ساقيه وفخذيه ويربط نفسه بسيرٍ أو شبهه فينضم بعضه إلى بعض ويكون أكمل راحة وهو إذا فعل ذلك يكون النوم إليه سريعاً فينام عن الخطبة وعن استغلال الوقت بقراءة القرآن أو الصلاة قبل مجيء الإمام ولهذا نهي عنه.
- هل النهي عن الاحتباء مع الخطبة أم قبلها؟
فأجاب رحمه الله : النهي عن الاحتباء لا يختص بالخطبة ولا بغير الخطبة ولكنه ينهى عنه إذا كان الإنسان يخشى أن تنكشف عورته مثل أن يحتبي بإزاره فإنه إذا احتبى بإزاره فربما تنكشف عورته وأما إذا كان لا يخشى انكشاف العورة فإنه لا بأس به لا في أثناء خطبة الجمعة ولا في غيرها.
س20: لاحظت في أحد المساجد أشخاصاً يتكلمون والإمام يخطب وهم في مؤخرة المسجد والإمام لا يراهم فهل أشير عليهم بالسكوت أم عليّ أن أتركهم حتى تنتهي الخطبة؟
فأجاب رحمه الله : الكلام حال الخطبة يوم الجمعة حرام بل إن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالحمار يحمل أسفاراً ولا يجوز أن نسكته بالقول أي لا يجوز أن نقول له أنصت لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ : أَنْصِتْ وَالإمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ» أي فقد فاتك أجر الجمعة ولكن لا حرج أن تنبهم بالإشارة بأن تضع أصبعك على شفتيك إشارة لهم لأنك لم تتكلم وفي منعهم من الكلام حال الخطبة فك شر على غيرهم لأنهم إذا صاروا يتكلمون أثناء الخطبة شغلوا الناس وشوشوا عليهم فإذا سكتوا بالإشارة زال هذا المحظور.
المتأمل
23-04-09, 08:57 pm
س21: هل يجوز تحدُّث بعض المأمومين مع الإمام أو مثلاً إصلاح جهاز مكبر الصوت فيما لو حصل فيه عطل أثناء الخطبة لكي تعم الفائدة؟
فأجاب رحمه الله : التحدث مع الإمام فيما فيه المصلحة أو الحاجة لا بأس به فللإمام مثلاً أن يقول لمن دخل وجلس قم فصل ركعتين وله أن يقول لمن يتردد بين الصفوف أو يتخطى الرقاب اجلس فقد آذيت وله أيضاً أن يتكلم مع من يصلح جهاز مكبر الصوت إذا حصل فيه عطل أو يتكلم مع إنسان ليفتح الشبابيك إذا حصل على الناس غمٌ وضيق تنفس أو ما أشبه ذلك المهم أن الخطيب له أن يكلم من شاء للمصلحة أو للحاجة وكذلك لغيره أن يكلمه للمصلحة أو للحاجة.
س22: إذا سلم عليك الشخص والإمام يخطب ومد يده لك هل تصافحه لأنك تجد حرجاً كبيراً إذا لم تسلم عليه؟
فأجاب رحمه الله : نعم لك طريقان الأول أن تصافحه بدون كلام والثاني أن تشير إليه بأن الواجب الاستماع للخطبة وأنت انظر الرجل فمن الناس من لا يهتم إذا أشرت إليه أنه لا سلام في الخطبة ويعرف نفسه ويكف ومن الناس من يكون في خاطره فإن كان من النوع الأول تكفيه الإشارة وإن كان من الثاني فمد يدك إليه بدون أن تنطق والكلام يوم الجمعة والإمام يخطب محرم حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شبهه بالحمار يحمل أسفاراً فقال « مَثَلُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ مَثَلُ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارَاً ، وَالَّذِي يَقُولُ لَهُ أَنْصِتْ لاَ جُمُعَةَ لَهُ » رواه أحمد . والمعنى يقتضي هذا لأننا لو أبحنا لكل إنسان أن يتكلم ضاعت فائدة الخطبة مع أن الخطبة واجبة وواجب السعي إليها كما قال الله عز وجل ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ? ( الجمعة:9)
س23: إذا قام الخطيب يوم الجمعة وقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهل نرد عليه السلام؟
فأجاب رحمه الله : نعم إذا سلم الخطيب يسلم على جماعة والمسلّم على جماعة يجب عليهم أن يردوا عليه لكن الرد فرض كفاية فإذا رد الصف الأول أو بعضهم وسمعهم الخطيب كفى وهذا إذا كان الإنسان في المسجد أما إذا كان في غير المسجد نظرنا إن كان يريد أن يصلى في هذا المسجد الذي جاء إمامه فليرد عليه وإن كان لا يريد الصلاة فيه فإنه لا يرد لأن الخطيب إنما سلم على من في المسجد وعلى من يريد أن يصلى في هذا المسجد ومن ثم نقول لو أن إنسانا أراد أن يصلى في مسجد غرب البلد ومر بخطيب يخطب في وسط البلد فهل يجب على هذا أن ينصت لخطبة الإمام أو نقول إنه لا يريد الصلاة معه فلا يجب؟ الجواب الثاني أنه لا يجب عليه أن ينصت لهذه الخطبة لأنه لم يرد أن يصلى في المكان الذي فيه خطيبها ولهذا لو باع أو اشترى وهو يستمع إلى خطبة الإمام الذي لا يريد الصلاة معه كان البيع والشراء صحيحا لأن المسجد الذي يريده لم يبدأ فيه الخطيب بالجمعة بل لم ينادَ فيه للجمعة.
س24: كنا مسافرين ومررنا بقرية لنصلى الجمعة وأثناء بحثنا عن الماء خرج أحد الناس من المسجد ودلنا عليه والإمام يخطب فهل كلامه هذا يعتبر حراماً أم لا؟
فأجاب رحمه الله : لا يجوز للإنسان حال خطبة الجمعة أن يتكلم مع أحد إلاعند الضرورة مثل أن يرى شخصاً يقع في مهلكة أو نحو ذلك فينبهه لئلا يقع في المهلكة وهذه الصورة التي ذكرها السائل أنهم كانوا يبحثون عن الماء فخرج أحد الرجال من المسجد والإمام يخطب ودلهم على موضع الماء شبيهة بالضرورة لأن هؤلاء محتاجون إلى الطهارة بالماء ولكن لو أن هذا الرجل الذي خرج من المسجد ليدلهم على الماء لو أنه سكت وصار يرشدهم بالإشارة لجمع هنا بين عدم الكلام وبين دلالة إخوانه على موضع الماء فيكون هذا أحسن من كونه يتكلم معهم كلاماً يخشى أن يقع في المحظور إذاً نقول إذا حصلت مثل هذه الحادثة فإن الأولى والأفضل أن يسلك الدليل الذي دلهم على الماء في دلالتهم طريق الإشارة فيشير إليهم بيده فيرشدهم إلى المكان بالاشارة. (
س25: هل يجوز للمرأة أن تتكلم أثناء خطبة الجمعة أم أن الحكم خاص لمن تجب عليه الجمعة؟
فأجاب رحمه الله : التكلم حال خطبة الجمعة حرام لمن جاء إلى المسجد ليستمع هذه الخطبة أما من كان في بيته وليس من أهل وجوب الصلاة فإنه لا بأس أن يتكلم وكذلك لو كان الرجل قاصدا مسجدا يريد أن يصلى فيه وسمع في مروره إلى مسجده الذي أراد خطيبا يخطب في مسجد غير الذي يريد الصلاة فيه فلا حرج عليه أن يتكلم حينئذ لأنه لا يريد الاستماع إلى خطبة هذا المسجد والمرأة في بيتها لا حرج عليها أن تتحدث وتتكلم والإمام يخطب أما إذا حضرت إلى المسجد وأرادت أن تصلى مع الناس فإنه لا يحل لها أن تتكلم في حال الخطبة لأنه صار لها حكم الحاضرين في هذا المسجد.
س26: ذهبنا أنا وأصدقائي للعمرة في رمضان وكان يوم وصولنا إلى مكة يوم جمعة قبل صلاة الجمعة فطفنا حول الكعبة ثم جلسنا لكي نصلى الجمعة وبعدما بدأ يخطب الإمام وفي الخطبة كان بجنبي صديق لي فتكلمت معه لكي أسأله عن بعض ما بقي لنا من مناسك العمرة ولكن لم يرد علي فسكت ولم يكلمني وبعدما رجعنا إلى مدينتنا عرفت أن الذي يتكلم والإمام يخطب لا جمعة له هل علي أن أقضي الجمعة ظهراً أفيدوني أفادكم الله وشكراً ؟
فأجاب رحمه الله : الفائدة في هذا أنه لا يجوز للإنسان أن يتكلم والإمام يخطب ومن تكلم والإمام يخطب فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له والمراد بنفي جمعته أن يحرم من ثوابها وفضلها وليس المراد أنه لا تجزئ عنه وعلى هذا فصلاتك الجمعة مجزئة ولا يجب عليك إعادتها بل لا يشرع لك إعادتها لأن المقصود بنفي الجمعة نفي فضلها وثوابها ومع هذا نقول لك أيها الأخ السائل ما دمت جاهلاً بهذا الأمر حينما تكلمت فإنه ليس عليك إثم ولا يفوتك هذا الفضل لأن الله سبحانه و يقول ? رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ? فقال الله قد فعلت كما ثبت ذلك في صحيح مسلم وعلى هذا فجمعتك تامة وقد نلت أجرها لأنك حينما تكلمت مع أخيك كنت جاهلاً بالتحريم. (
س27: ما الحكم إذا عطس شخصٌ والإمام يخطب وأنت بجانبه فهل يجوز لك أن تشمته أم لا؟
فأجاب رحمه الله : لا يجوز لك أن تشمته لأن استماع الخطبة أهم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ : أَنْصِتْ وَالإمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ» مع أن الكلام أثناء الخطبة محرم ومنكر يجب إنكاره لكن لما كان هذا الإنكار يتضمن التشاغل به عن استماع الخطبة دل هذا على أنه لا يجوز للإنسان أن يتشاغل بكل ما يشغله عن استماع الخطبة.
س28: ما حكم التسوك والإمام يخطب يوم الجمعة؟
فأجاب رحمه الله : التسوك والإمام يخطب يوم الجمعة إن كان لحاجة كما لو بدأ النعاس فيه فتسوك لطرد النعاس فهذا طيب ويراد به الخير وإن كان لتغير رائحة الفم كما لو ازداد تغير الرائحة بسبب سكوته وتسوك لإزالة الرائحة الكريهة فلا حرج وفيما عدا ذلك لا ينبغي أن يتسوك لأن هذا يشغله عن استماع الخطبة وربما يشغل غيره أيضا ممن يصوب النظر إليه.
س29: هل الأفضل للإمام يوم الجمعة أن يبكر للمسجد مثل بقية المبكرين من المأمومين أم أن الأفضل البقاء في البيت أو خارج المسجد حتى إذا دخل صعد المنبر ما هو الأفضل والسنة في ذلك؟
فأجاب رحمه الله : الأفضل والسنة في ذلك أن يبقى الإمام في بيته أو في أي مكان وأن لا يحضر إلى المسجد إلا عند حضور وقت الصلاة هذا هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا ينبغي العدول عن هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمجرد استحسان الإنسان للشيء فالإمام الذي يبقى ولا يأتي إلى المسجد إلا إذا جاء وقت الصلاة أفضل من الذي يتقدم ويحضر مبكراً
س30: أحياناً يؤذن لصلاة الجمعة قبل الزوال بربع ساعة حين صعود الخطيب المنبر والسؤال هل يجوز أن يصلى أهل الأعذار المرأة والمريض في هذا الوقت؟
فأجاب رحمه الله : لا يحل لمن يصلى في البيت أن يصلى قبل الزوال لأن الذين يصلون في بيوتهم تجب عليهم صلاة الظهر وصلاة الظهر لا يدخل وقتها إلا إذا زالت الشمس ولهذا كان الذي ينبغي لأئمة الجوامع أن لا يحضروا إلى الجمعة إلا إذا زالت الشمس حتى إذا أذن يكون بعد دخول وقت صلاة الظهر حتى لا تحصل هذه المشكلة وحضورهم بعد الزوال أفضل من وجهٍ آخر حيث إن بعض أهل العلم يقول الجمعة لا تصح قبل الزوال لا صلاتها ولا خطبتها فيكون في تأخير مجيئه إلى الزوال مصلحةٌ ثانية وهي الاحتياط من خلاف بعض العلماء ثم إن أئمة الجوامع إذا اجتمعوا على وقتٍ معين صار هذا أضبط للناس فإن بعض الناس الذين لا يهمهم أن يصلوا الجمعة يفتحون دكاكينهم قبل أن تنتهي الجمعة في هذا المسجد وإذا قيل لهم لماذا قالوا إنا صلينا في مسجدٍ آخر فالذي أرى أن يتفق أئمة الجوامع على الحضور عند الزوال.
س31: هل يجوز للخطيب يوم الجمعة صلاة تحية المسجد ويجلس أو يصعد إلى المنبر مباشرةً ؟
فأجاب رحمه الله : هذه المسألة نجيب عنها على وجهين :
الوجه الأول : أن بعض أئمة الجوامع يتقدمون ويأتون في الساعة الأولى أو الثانية رجاء أن يصيبوا أجر من تقدم ثم يصلون ما شاء الله ثم يجلسون إلى أن تزول الشمس ثم يقوم فيصعد المنبر وهذا اجتهادٌ لكنه خلاف الصواب فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتي يوم الجمعة ويجلس ينتظر الزوال ثم يقوم فيسلم على الناس بل كان عليه الصلاة والسلام يأتي حين الزوال أو حين يريد أن يخطب دون أن يتقدم.
الوجه الثاني : أن الخطيب إذا دخل في الوقت الذي يريد أن يخطب فيه فإنه لا يصلى ركعتين بل السنة أن يتقدم إلى المنبر ويصعد إلى المنبر ويأتي بالخطبة قال أهل العلم ويسلم على المأمومين إذا دخل أي على من حول الباب ويسلّم كذلك إذا صعد المنبر على عموم الجماعة.
المتأمل
23-04-09, 08:57 pm
س32: إذا أذن الأذان الأول لصلاة الجمعة جاء قارئ وجلس بالمسجد وأخذ يقرأ القرآن بصوت مرتفع والبقية يستمعون، وهناك من يجيد القراءة لكنه لا يقرأ، هل هناك توجيه في هذا؟
فأجاب رحمه الله : التوجيه في هذا أنه لا ينبغي هذا العمل لأنه بلا شك يؤلمنا ويشوش عليهم، وكثير من الناس يود أن يتطوع بالصلاة أو يقرأ خاصة لنفسه ثم يشغله هذا الصوت المرتفع ويشوش عليه، فهو داخل في النهي الذي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
س33: السائل من اليمن يقول : في يوم الجمعة عندنا يقوم بعض الناس بالتسبيح ويقولون الصلاة وألف سلام يا سيدي يا رسول الله ويستدلون لهذا بقوله (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الخ الآية فكيف نرد على مثل هؤلاء؟
فأجاب رحمه الله : نقول لهؤلاء ما ذكرتم من الآية ?إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً? ما ذكرتموه من الآية دليل عليكم وليس دليلاً لكم لأن الله عز وجل أمر بالصلاة والسلام على نبيه كل وقت ولم يخص ذلك بيوم الجمعة وأنتم جعلتم هذا في يوم الجمعة فقط ثم إن الله عز وجل لم يأمر بأن نصلى ونسلم عليه مجتمعين وأنتم جعلتم الصلاة والسلام عليه مجتمعين فخالفتم الآية حيث خصصتموها بيوم معين و بصفة معينة والواجب علينا أن نطلق ما أطلقه الله وأن نقيد ما قيده الله وأن لا نتجاوز ما جاءت به نصوص الكتاب والسنة ونصيحتي لهؤلاء الإخوة أن يتقيدوا بما جاء به الشرع من العبادات كمية وكيفية ونوعاً ووقتاً ومكاناً لأن من شرط صحة العبادة وقبولها أن تتضمن أمرين :
الأمر الأول : الإخلاص لله عز وجل.
والأمر الثاني : المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودليل الأمر الأول قوله ? فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ? وقوله ? وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ? وقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إنَّما الأعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لامْرِىءٍ ما نَوَى ِ» متفق عليه . ودليل الثاني قوله صلى الله عليه وسلم « من عمل عملا ليس فيه أمرنا فهو رد » متفق عليه . ولا تتحقق المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن تكون العبادة موافقة للشرع في أمور ستة في سببها وجنسها وقدرها وكيفيتها وزمانها ومكانها فإذا خالفت العبادة أحد هذه الأمور الستة لم تتحقق فيها المتابعة وكانت باطلة.
س34: هل يجوز للمصلي في يوم الجمعة أن يترك المسجد الموجود في منطقته ويذهب إلى مسجد آخر بعيد المسافة وذلك لكون الخطيب الثانـي لديه اطلاع واسع في أمور الدين وكذلك لديه أسلوب جيد في إلقاء الخطبة؟
فأجاب رحمه الله : نعم الأحسن أن يصلى أهل الحي في مسجدهم للتعارف والتآلف بينهم وتشجيع بعضهم بعضاً وتطييب قلب الإمام الذي يصلى بهم فإذا ذهب أحد إلى مسجد آخر لمصلحة دينية كتحصيل علم أو استماع إلى خطبة تكون أشد تأثيراً وأكثر علماً فإن هذا لا بأس به وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يأتون يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده لإدراك فضل الإمام وفضل المسجد ثم يذهبون يصلون في أهل حيهم كما كان معاذ رضي الله عنه يفعل ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعلم ولم ينكره صلى الله عليه وسلم. (
س35:هل يجوز للمرأة صلاة الظهر يوم الجمعة قبل انتهاء الرجال من صلاة الجمعة؟
فأجاب رحمه الله : إذا كانت صلاة الجمعة قد صليت قبل الزوال فإنه لا يجوز للمرأة أو لغيرها ممن لا يحضرون الجمعة كالمرضى من الرجال أن يصلوا قبل زوال الشمس لأن وقت الظهر لا يدخل إلا بعد زوال الشمس أما إذا كانت الجمعة لا تفعل إلا بعد الزوال كما هو الكثير الغالب وكما هو الأفضل أن لا يحضر الإمام يوم الجمعة إلا بعد زوال الشمس ثم يخطب خطبتين ثم يصلى ففي هذه الحال يجوز للمرأة ولمن لا يحضر الجمعة لعذر من الرجال أن يصلوا ولو قبل صلاة الناس الجمعة لأنه إذا دخل وقت الظهر جازت صلاة الظهر سواء كان الناس قد صلوها أم لم يصلوها ومثل ذلك لو أذن لصلاة الظهر وصلت المرأة أو من لا تلزمه الجماعة قبل أن يصلوا الجماعة فلا حرج في هذا.
س36: ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد وفعلاً نحن نصلى الجمعة في البيت وسؤالي هل تكون الصلاة للظهر يوم الجمعة بالنسبة للمرأة وقت الصلاة في المسجد أي بعد الخطبة أم عند سماع الأذان؟
فأجاب رحمه الله : المرأة تصلى في بيتها يوم الجمعة صلاة الظهر فإذا جاء وقت أذان الظهر تصلى يعني ليس لها علاقة بصلاة الجمعة إطلاقاً ولا بخطبة الجمعة, متى جاء وقت الصلاة العادي فلتصل والناس اليوم والحمد لله معهم ساعات ويعرفون متى يدخل الوقت ومتى يخرج.
س37: أيهما أفضل صلاة المرأة الجمعة مع الإمام أو في منزلها؟
فأجاب رحمه الله : الأفضل أن تصلى في منزلها صلاة ظهر، ولا تصلى مع الإمام لأن بيت المرأة خير لها من حضور الجماعة، إلا في صلاة واحدة وهي صلاة العيد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يخرجن إليها حتى الحيض وذوات الخدور إلا أن الحيض يعتزلن المصلى، ويجب عليها إذا خرجت أن تخرج غير متبرجة ولا متطيبة.
س38: بالنسبة لصلاة الجمعة للمرأة كم ركعة تصلى في بيتها؟
فأجاب رحمه الله : المرأة إن صلت الجمعة مع الإمام في المسجد فإنها تصلى كما يصلى الإمام وأما إذا صلت في بيتها فإنها تصلى ظهراً أربع ركعات. (
س39: الدرس الذي يكون قبل الأذان يوم الجمعة ما حكمه وما حكمه إذا كان بشكل مستمر؟
فأجاب رحمه الله : أما الدرس الخاص الذي يكون بين عالم وتلاميذه فهذا لا بأس به إلا أنه نهي عن التحلق يوم الجمعة إذا كان في ذلك تضييق على من يأتون إلى الجمعة وأما إذا كان عامّا مثل أن يكون الدرس في مكبر الصوت عاما على جميع الحاضرين فإن هذا منكر وبدعة أما كونه منكرا فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أصحابه حين كانوا يصلون أوزاعا فيجهرون بالقراءة فقال عليه الصلاة والسلام (كُلُّكُمْ يُنَاجِي رَبَّهُ فَلا يَجْهَرُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ) لأنه إذا رفع صوته شوش على الآخرين فهذا وجه كونه منكرا فإن هذا الذي يحدث الناس بمكبر الصوت يوم الجمعة يؤذي الناس لأن من الناس من يحب أن يقرأ القرآن ومن الناس من يحب أن يتنفل بالصلاة ومن الناس من يحب أن يفرغ نفسه للتسبيح والتهليل والتكبير وليس كل الناس يرغبون أن يستمعوا إلى هذا المتحدث فيكون في هذا إيذاء لهم ومن أجل هذا أنكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أصحابه الذين يجهر بعضهم على بعض وأما كونه بدعه فلأن هذا لم يحدث في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على تبليغ الرسالة ولم يحصل وذلك لأنه سوف يحصل للناس التذكير والموعظة في الخطبة المشروعة التي ستكون عند حضور الإمام فنصيحتي لإخواني في أي بلد من بلاد المسلمين الذين يقومون بهذا أن يدعوا هذا العمل أن يدعوه لله تقربا إليه وإذا أرادوا أن يعظوا الناس فليعظوهم في وقت آخر حسبما تقتضيه الأحوال.
س40 ما حكم مَنْ جمع بين صلاة الجمعة وصلاة العصر جمعاً وقصراً في وقت الأولى أثناء السفر وما العمل بالنسبة لمن فعل ذلك عدة مرات؟
فأجاب رحمه الله : أما من صلى الجمعة وهو في البر مسافر فصلاته باطلة لأن الجمعة لا تسن في السفر ولا تشرع وهي بدعة فإن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يسافر وتصادفه الجمع في سفره ولم يقم الجمعة ولا مرة واحدة حتى في أكبر مجمع للمسلمين يوم عرفة في حجة الوداع وكان ذلك اليوم يوم جمعة ومع ذلك لم يصل الجمعة بل صلى الظهر والعصر جمعاً وقصر وأما إذا كان في بلد مر به في سفره وصادفته صلاة الجمعة ودخل في المسجد وصلى مع الناس صلاة الجمعة فهذه صلاة جمعة وليست ظهراً مقصورة فإذا جمع إليها العصر لم يصح الجمع لأن الجمع الوارد إنما هو بين الظهر والعصر وليس بين الجمعة والعصر والجمعة صلاة مستقلة لها خواص تفارق بها الظهر في أكثر من عشرين حكماً وحينئذ لا يصح قياسها أي قياس الجمعة على الظهر في جواز جمع العصر إليها ومن فعل ذلك فإن كان أحد قد أفتاه بهذا فهو على ما أفتاه ولا إعادة عليه لكن لا يعود لذلك ومن كان عن غير فتوى فإن أعاد فهو أحسن وحينئذ يتحرى العدد الذي حصل فيه جمع العصر إلى الجمعة ويصلى وإذا شك هل ذلك عشر مرات أو تسع مرات فليجعله تسعاً أي يأخذ بالأقل.
س41: ما الأفضل في صلاة راتبة الجمعة ركعتان في المنزل أم أربعا في المسجد بعد الصلاة؟
فأجاب رحمه الله : ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعاً» رواه مسلم . وثبت عنه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلى ركعتين في بيته فمن العلماء من قال إنه يصلى أربعاً سواء في بيته أو في المسجد وعلل ذلك بأن قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مقدم على فعله ومنهم من قال بل يصلى ستاً يصلى أربعاً بمقتضى قوله ويصلى ركعتين بمقتضى فعله ومنهم من قال إن صلى في بيته صلى ركعتين تأسياً بفعله وإن صلى في المسجد صلى أربعاً امتثالاً لأمره والذي يترجح عندي أنه يصلى أربعاً سواء في بيته أم في المسجد أخذاً بما يقتضيه قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
س42:إذا أخطأ الخطيب في الخطبة فهل يرد عليه المستمع؟
إذا أخطأ الخطيب في خطبة الجمعة خطأ يغير المعنى في القرآن خاصة، فإن الواجب أن يرد عليه لأنه لا يجوز أن يغير كلام الله عز وجل إلى ما يتغير به المعنى، فلا يجوز الإقرار عليه فليرد على الخطيب.
أما إذا كان خطأ في كلامه فكذلك يرد عليه مثل لو أراد الخطيب أن يقول: هذا حرام، فقال: هذا واجب فيجب أن يرد عليه؛ لأنه لو بقي على ما قال: إنه واجب لكان في ذلك إضلال الخلق، ولا يجوز أن يقر الخطيب على كلمة تكون سبباً في ضلال الخلق.
أما الخطأ المغتفر الذي لا يتغير به المعنى فلا يجب عليه أن يرد، مثل لو رفع منصوباً، أو نصب مرفوعاً على وجه لا يتغير به المعنى فإنه لا يجب أن يرد عليه، سواء كان ذلك في القرآن، أو في غير القرآن.
س43:حكم الالتفات بالرأس للنظر إلى الخطيب في الجمعة؟
الالتفات بالرأس لا بأس، يعني أن ينظر الإنسان إلى الخطيب حال الخطبة هذا لا بأس به، بل هذا طيب، لأنه يشد انتباه الإنسان أكثر، وقد روي عن الصحابة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان إذا خطب استقبلوه بوجوههم.
وأخيرا :
أيها المسلم: يجب على كل مسلم أن يعظم هذا اليوم ويغتنم فضائله وذلك بالتقرب إلى الله فيه بأنواع القربات والعبادات، فإن للجمعة أحكاماً وآداباً ينبغي أن يتحلى بها كل مسلم.
فانظر - يا أخي - كم جمعة مرت عليك مرور الكرام، دون أن تعيرها أدنى اهتمام، بل إن كثيراً من الناس ينتظر هذا اليوم ليقوم بمعصية الله عز وجل فيه بأنواع المعاصي والمخالفات.
أما وقد انصرفت من المسجد وقد أخذت بحظك من الدرجات والخيرات إن شاء الله.. تأمل في قول ابن رجب رحمه الله في ( لطائف المعارف ) وهو يقول: ( كان بعضهم إذا رجع من الجمعة في حر الظهيرة يذكر انصراف الناس من موقف الحساب إلى الجنة أو النار فإن الساعة تقوم في يوم الجمعة ولا ينتصف ذلك النهار حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار قاله ابن مسعود وتلا قوله : ? أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ? ( الفرقان :24)
جزى الله خيراً من قام بنسخه وتوزيعه سواء بالأوراق أو بنشره بالمنتديات
vBulletin® v3.8.8 Alpha 1, Copyright ©2000-2025, vBulletin Solutions, Inc Trans by mbcbaba