النسر الطائر
10-04-09, 03:37 pm
مع بداية عام 1408هـ ولأسباب ليس هذا مقام ذكرها ، قامت الدولة بإغلاق المدرسة العلمية الأهلية ببريدة ، وهي - لمن يعرف بريدة - المدرسة الدينية التي تقع في حي الهلال ، والتي كانت تدرّس الطلاب مناهج غير تلك الرسمية التي تقررها الدولة على طلاب المدارس لأنها كانت تحت رعاية إخوان بريدة وكانوا هم من يقرر المواد الدراسية ويطبعها ويوزعها على الطلاب ، قرار إغلاقها جاء بألطف السبل حيث حوّلت إلى مدرسة لتحفيظ القرآن ، وعـُرض على المعلمين أن يستمروا في المدرسة يدرسوا القرآن والمواد الإسلامية وبمرتب مواز لبقية المعلمين الحاصلين على شهادات جامعية رغم أنهم لم يحصلوا على أي شهادات لأنهم تخرجوا من السنة الثامنة من نفس المدرسة التي لم تكن تمنح الشهادات ، وعملوا فيها ليس بطابع مهني وإنما بدافع الاحتساب لا أكثر ، رغم ماكان يصل لبعضهم من مكافآت عن طريق أثرياء الإخوان
رفض السواد الأعظم منهم هذا العرض واعتبروا المدرسة انتزعت منهم انتزاعا ، وراحوا يحرضون بعضهم ضد المدارس الحكومية ومن يدرِّس أبناءه فيها ، فيما استمروا في تعليم أبنائهم بالمساجد فترة وكلما منعوا من مكان غادروه لآخر ، حتى وصل الأمر بهم إلى التعليم في البيوت
بينما انتظر بعضهم حتى هدأت عاصفة الإخوان التي كانت تنزل بساحة كل من يفكر بإدخال ابنه لمدرسة حكومية مهددة إياه بأنه على خطر في دينه ، وأن في مناهج المدارس الحكومية مايخرج من الملة كالقول بدوران الأرض ، لا بل راح بعضهم إلى تحريض الأبناء الصغار على التمرد على آبائهم لرفض الدراسة النظامية ونشأت مشاكل أسرية بين الأزواج مع بعضهم وبين الآباء وأبنائهم جراء ذلك
انخرط أبناء البعض في مدارس حكومية بينما بقي وضع البنات على ما هو عليه في مدرسة أم الرشودي بالفاخرية حيث لم تطالها يد الإغلاق ، وحدثت انقسامات داخل إخوان بريدة واعتبر من أدخل أبناءه مدارس نظامية في عداد الضالين حتى وإن حضر مجالسهم ، بينما زاد تماسك الصامدين في وجه التغيير ، واستمروا على إصرارهم في منع أبنائهم من حق التعليم حتى تفتحت عيون صغارهم البريئة على واقع اجتماعي وتعليمي بدائي مؤلم يحسسهم بالدونية والنقص عن المجتمع ، ولم يسلم من ذلك إلا نفر قليل تفرغوا لطلب العلم وفارقوا بعد ذلك جماعة الاخوان ، واصطفتهم شفاعات خاصة مؤخراً ليدخلوا كدعاة في مكتب الدعوة والارشاد ببريدة وكاستثناء خاص لكونهم لم يحصلوا على شهادات دراسية ، ومنهم على سبيل المثال خالد أبا الخيل و محمد الحفيتي ، أو أولئك الأبناء الذين أصروا على إكمال دراستهم بعد ارتفاع سنهم في المدارس الليلية و أبقوا أمر دراستهم سراً لايباح به للآباء ، كما حصل مع الكاتب يوسف أبا الخيل الذي غادر الدينية قبل إغلاقها
أما غالب من حرموا من حق التعليم فقد اتجهوا لوظائف ذات مرتبات متواضعة في سوق الخضار أو بعض المحلات التجارية ، وقليل منهم من وفق بأب تاجر يسانده في نشاط تجاري كأبناء السحيمان والسعوي ، وأقل منهم من سلك طريق كسب وفق فيه كما حصل مع الاخوة خالد وفهد وعبداللطيف العوس في تجارة التمور
إن الصور المأساوية المؤلمة التي تتكشف لي بين حين و آخر لشباب كنت وإياهم يوماً نتحاذى المناكب كطلاب في الدينية ، أو تلك النظرات من عيون إخوتهم الصغار وهم يمدونها إلى ما متع الله به أهل هذه البلاد من نعيم ورخاء ، بينما هم يشكون شظف العيش وضيق ذات اليد ، والأهم من هذا ما يعانونه من حرمان ثقافي وفقدان القدرة على التفاعل مع محيط المجتمع نتيجة الحياة الانعزالية في حي الخبيبية وفي خب العريمضي وغيرها من أماكن تجمعات الاخوان ، كل ذلك يدعوني للسؤال عن دور الدولة
عن دور وزارة الداخلية في إلزام الأفراد الذين يمتنعون عن استخراج بطاقة شخصية تحت ذريعة حرمة الصورة ولا يريدون قيد أبنائهم في الأحوال المدنية ، لا بل ويقسمون الأيمان المغلظة ويعلنون الحرب على أي ابن يبلغ السن القانونية لاستخراج الهوية ثم يفكر مجرد تفكير في هذا الأمر - رغم أن الأب في الغالب معدد للزوجات ومستكثر في الأولاد – ، ماذا أيضاً عن التدخل المبكر من وزارة الداخلية و أهميته في تجفيف تلك المنابع المتطرفة من خلال حفظ حقوق الأبناء وحمايتهم من ممارسات الآباء الخاطئة التي قد تحوِّل الإبن إلى كائن خطر على مجتمعه ، وذلك من خلال تطبيق العقوبات القانونية الرادعة على كل أب يحرم ابنه من استخراج هوية شخصية ، أو من حق التعلم - الذي زادت الدولة قبل خمس سنوات إلزاميته ليكون من سن السادسة حتى الخامسة عشر – فمن الظلم القضاء على مستقبل وأحلام العشرات من الأطفال السعوديين لأجل نظرة أب استبدادية ضيقة
كذلك دور وزارة التربية والتعليم والتي نأمل من وزيرها الجديد أن يفعـِّل التعليم الالزامي الذي أقره مجلس الوزراء قبل سنوات ، حتى يتأكد من أن كل ابن في بحر سنين التعلم متواجد في الحقل التعليمي وينعم بحقه في التعلـُّم دون أن يخضع وجوده لقرار وإملاءات أب أو ولي أمر مستبد متطرِّف ، فلكم حبس هؤلاء المحرومون دموعهم في مآقيها أمام ناظري نتيجة هذا الحرمان الظالم ، كما يتحتم على الوزارة في حال اكتشاف أمر هؤلاء المغلوب على أمرهم أن تبذل جهداً تربوياً مختلفاً تجاههم وأن تستعين بجهات مختصة للنظر في الأثر النفسي والاجتماعي الذي لحق بهؤلاء الأبناء
أما وزارة الصحة فالواجب عليها تنبيه المراكز الصحية في الأحياء لمتابعة الأسر التي لاتملك سجلات طبية والرفع في أمرها للجهات المختصة ، فإلى يومنا هذا هناك نساء يمنعهن أزواجهن من الولادة في المستشفيات وتلد في البيت مما يعد مخاطرة كبيرة بحياة الجنين والأم معاً ، كما عليها متابعة المعتلين من تلك الأسر وتقديم الرعاية الملائمة لهم ، ليحفظوا حقوق هذه الأسر المنكوبة ، ويمنعوا عنها تلك الممارسات الخاطئة
أما هيئة حقوق الإنسان فيجب أن تبادر إلى المطالبة والسعي لدى الجهات المختصة لرفع الظلم عن هذه الأسر المستضعفة وتدارك الأبناء الجدد الذين لم يبلغوا سن الدراسة بعد ،، ولله الأمر من قبل ومن بعد
رفض السواد الأعظم منهم هذا العرض واعتبروا المدرسة انتزعت منهم انتزاعا ، وراحوا يحرضون بعضهم ضد المدارس الحكومية ومن يدرِّس أبناءه فيها ، فيما استمروا في تعليم أبنائهم بالمساجد فترة وكلما منعوا من مكان غادروه لآخر ، حتى وصل الأمر بهم إلى التعليم في البيوت
بينما انتظر بعضهم حتى هدأت عاصفة الإخوان التي كانت تنزل بساحة كل من يفكر بإدخال ابنه لمدرسة حكومية مهددة إياه بأنه على خطر في دينه ، وأن في مناهج المدارس الحكومية مايخرج من الملة كالقول بدوران الأرض ، لا بل راح بعضهم إلى تحريض الأبناء الصغار على التمرد على آبائهم لرفض الدراسة النظامية ونشأت مشاكل أسرية بين الأزواج مع بعضهم وبين الآباء وأبنائهم جراء ذلك
انخرط أبناء البعض في مدارس حكومية بينما بقي وضع البنات على ما هو عليه في مدرسة أم الرشودي بالفاخرية حيث لم تطالها يد الإغلاق ، وحدثت انقسامات داخل إخوان بريدة واعتبر من أدخل أبناءه مدارس نظامية في عداد الضالين حتى وإن حضر مجالسهم ، بينما زاد تماسك الصامدين في وجه التغيير ، واستمروا على إصرارهم في منع أبنائهم من حق التعليم حتى تفتحت عيون صغارهم البريئة على واقع اجتماعي وتعليمي بدائي مؤلم يحسسهم بالدونية والنقص عن المجتمع ، ولم يسلم من ذلك إلا نفر قليل تفرغوا لطلب العلم وفارقوا بعد ذلك جماعة الاخوان ، واصطفتهم شفاعات خاصة مؤخراً ليدخلوا كدعاة في مكتب الدعوة والارشاد ببريدة وكاستثناء خاص لكونهم لم يحصلوا على شهادات دراسية ، ومنهم على سبيل المثال خالد أبا الخيل و محمد الحفيتي ، أو أولئك الأبناء الذين أصروا على إكمال دراستهم بعد ارتفاع سنهم في المدارس الليلية و أبقوا أمر دراستهم سراً لايباح به للآباء ، كما حصل مع الكاتب يوسف أبا الخيل الذي غادر الدينية قبل إغلاقها
أما غالب من حرموا من حق التعليم فقد اتجهوا لوظائف ذات مرتبات متواضعة في سوق الخضار أو بعض المحلات التجارية ، وقليل منهم من وفق بأب تاجر يسانده في نشاط تجاري كأبناء السحيمان والسعوي ، وأقل منهم من سلك طريق كسب وفق فيه كما حصل مع الاخوة خالد وفهد وعبداللطيف العوس في تجارة التمور
إن الصور المأساوية المؤلمة التي تتكشف لي بين حين و آخر لشباب كنت وإياهم يوماً نتحاذى المناكب كطلاب في الدينية ، أو تلك النظرات من عيون إخوتهم الصغار وهم يمدونها إلى ما متع الله به أهل هذه البلاد من نعيم ورخاء ، بينما هم يشكون شظف العيش وضيق ذات اليد ، والأهم من هذا ما يعانونه من حرمان ثقافي وفقدان القدرة على التفاعل مع محيط المجتمع نتيجة الحياة الانعزالية في حي الخبيبية وفي خب العريمضي وغيرها من أماكن تجمعات الاخوان ، كل ذلك يدعوني للسؤال عن دور الدولة
عن دور وزارة الداخلية في إلزام الأفراد الذين يمتنعون عن استخراج بطاقة شخصية تحت ذريعة حرمة الصورة ولا يريدون قيد أبنائهم في الأحوال المدنية ، لا بل ويقسمون الأيمان المغلظة ويعلنون الحرب على أي ابن يبلغ السن القانونية لاستخراج الهوية ثم يفكر مجرد تفكير في هذا الأمر - رغم أن الأب في الغالب معدد للزوجات ومستكثر في الأولاد – ، ماذا أيضاً عن التدخل المبكر من وزارة الداخلية و أهميته في تجفيف تلك المنابع المتطرفة من خلال حفظ حقوق الأبناء وحمايتهم من ممارسات الآباء الخاطئة التي قد تحوِّل الإبن إلى كائن خطر على مجتمعه ، وذلك من خلال تطبيق العقوبات القانونية الرادعة على كل أب يحرم ابنه من استخراج هوية شخصية ، أو من حق التعلم - الذي زادت الدولة قبل خمس سنوات إلزاميته ليكون من سن السادسة حتى الخامسة عشر – فمن الظلم القضاء على مستقبل وأحلام العشرات من الأطفال السعوديين لأجل نظرة أب استبدادية ضيقة
كذلك دور وزارة التربية والتعليم والتي نأمل من وزيرها الجديد أن يفعـِّل التعليم الالزامي الذي أقره مجلس الوزراء قبل سنوات ، حتى يتأكد من أن كل ابن في بحر سنين التعلم متواجد في الحقل التعليمي وينعم بحقه في التعلـُّم دون أن يخضع وجوده لقرار وإملاءات أب أو ولي أمر مستبد متطرِّف ، فلكم حبس هؤلاء المحرومون دموعهم في مآقيها أمام ناظري نتيجة هذا الحرمان الظالم ، كما يتحتم على الوزارة في حال اكتشاف أمر هؤلاء المغلوب على أمرهم أن تبذل جهداً تربوياً مختلفاً تجاههم وأن تستعين بجهات مختصة للنظر في الأثر النفسي والاجتماعي الذي لحق بهؤلاء الأبناء
أما وزارة الصحة فالواجب عليها تنبيه المراكز الصحية في الأحياء لمتابعة الأسر التي لاتملك سجلات طبية والرفع في أمرها للجهات المختصة ، فإلى يومنا هذا هناك نساء يمنعهن أزواجهن من الولادة في المستشفيات وتلد في البيت مما يعد مخاطرة كبيرة بحياة الجنين والأم معاً ، كما عليها متابعة المعتلين من تلك الأسر وتقديم الرعاية الملائمة لهم ، ليحفظوا حقوق هذه الأسر المنكوبة ، ويمنعوا عنها تلك الممارسات الخاطئة
أما هيئة حقوق الإنسان فيجب أن تبادر إلى المطالبة والسعي لدى الجهات المختصة لرفع الظلم عن هذه الأسر المستضعفة وتدارك الأبناء الجدد الذين لم يبلغوا سن الدراسة بعد ،، ولله الأمر من قبل ومن بعد