المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ::: () من أجــــل الأيـــام الخـوالــــي ، أُهــــديكم هذه السطــــور ():::


صهيل الأقلام
16-03-09, 09:53 am
قال لي أهلي :
لقد جئت إلى هذه الدنيا عارياً بلا أسنان ، لا تحسن النطق ، ولا تعرف شيئاً ... فضحكت ولم أصدق ، فأعادوا ذلك عليَّ ، وألقوه كأنه قضية مسلمة وأمر واضح لا يحتمل الشــك ، وعجبوا منــي حــين أكــذٍّبه
وأرده ... ولكني بقيت على رأيي الأول ، لم أستطع مطلقاً أن أصدق ما يقولون ، لأني أعرف بنفسي منهم ، ولأني أذكر هذا كله : أذكر أنني فتحت عيني ذات يوم فجأة ونظرت ... فوجدت نفسي ، ورأيت أنّ لي أسناناً وعليّ ثيابا ، وأنّ بي قدرة على المشي والنطق ، ورأيتني شخصا مستقلا عن ابي وأمي وســـائر أهلي ..
أحب أشياء لايحبها أحد منهم ، وأكره أشياء لا يكرهونها ، ولا يميزني منهم إلا أني كالطبعة المختصرة من الكتاب ، فيها الأبواب كلها والفصول بيد أنها موجزة ... بالقطع الصغــــــير ...

أفيعقل أن أكون موجوداً قبل ذلك اليوم ، وأنا لا أعرف نفسي ؟
مستحـــــــــــــيل !
واستقر في ذهني من يومئذ ، أني ولدت وأنا في الرابعة من عمري !!
وصرت أرى هذا الطفل دائماً ، أبصرُ صورته في المرأة وأسمعُ صوته بأذني ، وأصغي إلى حديث أمي عنه بشغف وسرور فكنت أشعر بميل غريب اليه ، حتى أني لأعترف الآن بأنه كان أحب اليَّ من أمي ، التي لم أكن أعدل بها أحداً ، ولا أقبل بها كنوز الأرض بدلاً من أمتصاص ثديها والنوم على صدرها ...

ذلك الطفل الباسم ، ذو العينين السوداوين ، والشعر الأشقر .... ياللأسف !
اني لا أستطيع تخيل شعره ، لقد محيت صورته من ذاكرتي ، لقد إختفى من الدنيا منذ عقد من الزمان ، لقد ذهب الى حيث لا أدري ؟
والأن أنا على أنقاض الرابعة والعشرين من من سنيِّ عمري ..
فهل كنتُ أنا ذالك الطفل ؟؟
هل تجئ يده الصغيرة الغضة في يدي الخشنة التي أخط بها هذا المقال ؟
فأين ذهب أذاً ؟ ومن أين جئتُ أنا ؟ ... انني لستُ ذلك الطفل ولست غيره ...
فكيف يُعقل هذا ؟

هذا يحيرني دائمأ ، ولا أعرف له حلاً ، بل إن مجرد التفكير فيه يدفعني الى الجنون ...

ونظرت يوماً من الأيام ، فإذا في مكان ذلك الطفل اللاهي اللاعب ، العابث بكل شئ ، الذي يحطم كل ما يصل اليه ، ويقبض على الجمرة المشتعلة بيده كما يقبض على لحية قاضي في محكمته لو هو بلغها ، كما يعبث بشعر الهرة ..


(( اذاً في مكانه تلميذ يقرأ مكرها ، ويكتب مضطرا ، ويحمل همَّ المدرسة التي يذهب اليها كل يوم كالذي يساق الى الموت ، لا يعرف لوجوده فيها معنى ، ولا يدري فيمَّ يدع عطف أمه ، والأنس بأخوته ولٍمَ يترك بيته وما فيه من الدفء في الشتاء ، والظل في الصيف ليذهب الى هذه الدار التي يحشد فيها الأطفال الأبرياء المساكين ، لتحشى أدمغتهم بمسائل لا يدركون معناها ، وشروحٍ لا يعرفون مغزاها ، وتنال من أبشارهم وظهورهم عصا المعلم الغليظة ، وتُقذى عيونهم برؤية طلعته البغيضة ، لا المعلم يبسمُ لهم ، ويدعوهم الى حبه ، ولا أهلوهم يستمعون الى شكواهم وينصفونهم ....
لقد كان في المدرسة كالمحكوم عليه بالسجن ظلماً ...
يا لهذا التلميذ البائس الذي لم يكد يفتح عينيه على الدنيا حتى أبصر الشقاء والألم .
لقد مات كمداً ، مضى مسرعاً في طريق الفناء ... مسكين ... انه لم يكن إلاّ أنا ، أنا الذي ولدت ومت مائة مرة ، حتى صرت الآن .... ( أنا ) .
.....

وكان يوم آخر ، فإذا ( الفلم ) ينكشف هذه المرة عن منظر جديد : إختفى التلميذ الجميل ، ذو السروايل القصيرة ، والفانيلة الحمراء ، والحقيبة الزرقاء الكبيرة عليه آنذاك ، وذهب بجسمه ونفسه وميوله وأفكاره ، وظهر شاباً متحمساً ناضجاً عاقلاً ....

نزل الشاب الى ميدان الحياة ( بعد التخرج ) ، برأسِ مترع بالعلوم ، والمبادئ السامية ، ويدٌ مثقلة بالشهادات الرباعية وجيب خالِ خاو .
فلم تكن الا جولةٌ واحدة ، حتى ولىَّ منهزمــــاً !

***

ذلك لأن سلاحه ، من (طراز قديم ) لم يعد يصلح اليوم في معركة الحياة !
ولقد خدعته المَدْرسة ، وكذبت عليه ، وصورت الحياة على غير حقيقتها :

قالت المدرسة : (( العلم خير من المال ، فالعلم يحرسك وأنت تحرس المال )).
فرأى أنَّ المال في الحياة خير من العلم ، العلم لا ينال الاّ بالمال ، فلو أن شابا كان أذكى الناس ، وانبه الناس ، وكان مفلساً لا يملك قطميراً ، ولا يملك أثمان الكتب والدفاتر والأقلام والثياب ، لما قبل مكانِ علمي نظامي ، ولا حصل علماً والعلم لا يثمر الا بالمال ، فلو أن أعلم أهل الأرض ، كان مفلساً يفكر في خبزه من أين يأتي به ، وبيته كيف يستأجره ، لما بقي له عقل يفكر ، وذكاء ينتج ، ورأى أن أصحاب الأموال الجاهلين ، تبيحهم الحياة أجمل ما تملك من متع ولذائذ ومجد وجاه ، والعلماء الفقراء محرومون من كل شئ )).
نعم إن المدرســــــة كـــانت تكــــذب عليـــــه !!

وقالت له المدرسة : (( الأخلاق أســـاس النجـــــاح )) وضرب له المعلم مثــلاً سيئا طلاباً لا أخلاق لهم ولا عفاف .
وضرب له مثلاً عاليا طلاباً كانوا نموذج الطهر والعفاف والاستقامة والشرف ، فرأى الأولين قــد بلغـــــوا أعلــــى المــراتب وأسمى المنــاصب والآخـــرين تحت تحت ....... على العتبة ..
فعلــــــم أن المدرســــــة كانت تكــذب عليــــه !

وقالت له المدرسة : (( إن الحق فوق القوة ، القوة للحق وليس الحق للقوة ))
فآمن بذلك وصدقه ، وتسلح بسلاح الحق ، فما راعه الاَّ اللص يضع خنجرهُ في صدغة يطلب ماله وما عنده ، فألقى عليه محاضرة في الحق ، جمع فيها كل ما تعلمه من أساتيذه ، واضاف اليه ما انشق عنه ذهنه ، فردَّ عليها اللص بقهقهة مروعة ....
وذهب بأمواله وكل ما لديه ورجع هو يتمطَّى في طريقه عارياً .
لم يبق له الا فكرة سخيفة لا تسمنُ ولا تغني من جوع ولا تنجي من برد ...
ورفع شكواه الى ذوي الهيئات ، فلم يرى عندهم حقا يقهر القوة ، ولكن وجد عندهم قوة تصنع الحق ، وجد قوة الجنـــود ، فأين يبقى الحق إذا ثار اللصوص على الجند أو فتكــــوا بهم ؟


هــــــذه هـــــي سنـــة الحيــــاة ، وليــــس على الحيـــــاة ذنـــب ، فهــــي ســـافرة لــم تستتــر ولـــــم تخـــــدع أحـــداً عن نفســـــها ..

- والله المستعـان -

كتبه /
صهيل الأقلام
(عبدالرحمن)
"حين جرب مذاق الهموم بأنواعها ، بعد أن كسر عليه ( التخرج ) قفل ذالك الباب ، فولجت عليه المسؤليه ، يقفذفُ بالصقيع ريحها ، وأمسى هو عارياً يتكفكفُ بلا غطاء "
25/2/1430هـ

.
.
.

خربشآت نآعمه
16-03-09, 10:23 am
أزآح الله همكـ وفرج الله كربتكـ

آمين,,
كثرة انصيآع الخلق للبآطل .. سنه كونيه فأهل البآطل أكثر سكآن أهل البسيطه>> وإن كآنت السكنى فيآ معقدهـ ..!

عش بشرف كمآ علمتك المدرسهـ .. فعيش الشرف وموت على فقر خير للرجآل من العيش على فتآت رجولهـ يأخذون حقهم غصباً


دمت ودآم حرفك أكثر تفآؤلاً

صهيل الأقلام
16-03-09, 02:23 pm
أزآح الله همكـ وفرج الله كربتكـ

آمين,,
كثرة انصيآع الخلق للبآطل .. سنه كونيه فأهل البآطل أكثر سكآن أهل البسيطه>> وإن كآنت السكنى فيآ معقدهـ ..!

عش بشرف كمآ علمتك المدرسهـ .. فعيش الشرف وموت على فقر خير للرجآل من العيش على فتآت رجولهـ يأخذون حقهم غصباً


دمت ودآم حرفك أكثر تفآؤلاً



أهــــلا وسهـــلا بــك : أيتهــا ( الديماســـة ) .
لــم يصــل الحــال إلــى حــد الكـــربة والمصاب أو مذلــة الفقر ولله الحمــــد ، وما قـــرأتيه ومضــى علـــيه ردك هنا إنمــا هي خواطــر وعوابــر جالـــت في الخاطــر حــين الإصطــدام بواقــع قاسٍ قلــــيلاً ..
وأنا اشكــر منــك هــذا النفـــخ من التشجــيع في روحٍ أشبه ما يكون فيها بشرخ
يحول دون التمام !!..

ومأجـــورة - بإذن الباري - على كــل حال ..

تحـــية ( حب وعرفان) ، بقــــدر ما في العالــم من قســوة (لقلـــبك الطيب ) ..
.
.

الكبري
16-03-09, 02:37 pm
عبد الرحمن ..

رحلة في حياة أعجبتني صياغتها ..

لك تقديري

لكم أطيب المنى

عبدالله30
16-03-09, 02:47 pm
مرحبا أخي الكريم00

نحلم 00ونتعلم الكثير00

فيصدمنا الواقع بقسوته وجبروته 0

تحيتي لك0

صهيل الأقلام
16-03-09, 06:56 pm
عبد الرحمن ..

رحلة في حياة أعجبتني صياغتها ..

لك تقديري

لكم أطيب المنى


ســـــرني تواجــــدك
.
.
.

صهيل الأقلام
16-03-09, 06:58 pm
مرحبا أخي الكريم00

نحلم 00ونتعلم الكثير00

فيصدمنا الواقع بقسوته وجبروته 0

تحيتي لك0

ولـــك أيضـــاً .

.
.
.

نـدى الـورد
16-03-09, 07:09 pm
*

احياناً كثيره كُنت اتمنى انني لم اكبر واستقرت وتوقفت مرحلتي الحياتيه

عند مرحلة الطفوله البريئه الخاليه من الهموم والأوجاااع

الخاليه من... الإحتكااك ب العالم الخارجي القبيح

الخالي... من التعامل مع افراد تنهشك في كل وقت وتترصد بك في كل حين

في كل محطه من محطات حياتي

اجدها اصعب من المحطه التي سبقتها بكل تعاملها

ولكن رغم هذا تخرجت من هذه المحطات بدروس ختم على وثيقتها " ممتااااز"


,

صهيل الأقلام
17-03-09, 05:46 am
*

احياناً كثيره كُنت اتمنى انني لم اكبر واستقرت وتوقفت مرحلتي الحياتيه

عند مرحلة الطفوله البريئه الخاليه من الهموم والأوجاااع

الخاليه من... الإحتكااك ب العالم الخارجي القبيح

الخالي... من التعامل مع افراد تنهشك في كل وقت وتترصد بك في كل حين

في كل محطه من محطات حياتي

اجدها اصعب من المحطه التي سبقتها بكل تعاملها

ولكن رغم هذا تخرجت من هذه المحطات بدروس ختم على وثيقتها " ممتااااز"


,

أهــــلا وسهـــلا أخــتي ( نـــدى ) ..

نـــورتي متصفحــي .

.
.

صهيل الأقلام
19-03-09, 06:10 pm
كثرة انصيآع الخلق للبآطل .. سنه كونيه فأهل البآطل أكثر سكآن أهل البسيطه>> وإن كآنت السكنى فيآ معقدهـ ..!



جمــيل

.
.
.

انا ونتي
19-03-09, 10:57 pm
يسلمواااااااااااا اخي


لكن الواقع غير والامل شي ثاني

صهيل الأقلام
20-03-09, 03:32 am
[center]يسلمواااااااااااا اخي


لكن الواقع غير والامل شي ثاني


أهــــلا وسهـــلاً : أخــي .. أختي /


..

لحضـــورك الشكــــر .

.
.

تهاني إبراهيم
20-03-09, 08:33 pm
دعهم وما يحملون ..
وأقبل أنت وما تحمل ..!

اجعلهم يخضعون لمبادئك ,, لا أنت من يخضع ..
وولّد ألف طاقة لك حتى يُعييهم البحث عن طاقاتهم ..


بعد التخرج ,, ومشوارٌ تحكيه السطور ..
لتجعل من الكفاح قصة ذات رائحة مميزة ..
تتلذذ بها بعد حين .. حينما تلمح نوراً يُنير الدهاليز التي ولجت إليها ..


تحيتي لقلمـــك الفـذّ ..


تهاني

صهيل الأقلام
22-03-09, 05:15 pm
دعهم وما يحملون ..
وأقبل أنت وما تحمل ..!

اجعلهم يخضعون لمبادئك ,, لا أنت من يخضع ..
وولّد ألف طاقة لك حتى يُعييهم البحث عن طاقاتهم ..


بعد التخرج ,, ومشوارٌ تحكيه السطور ..
لتجعل من الكفاح قصة ذات رائحة مميزة ..
تتلذذ بها بعد حين .. حينما تلمح نوراً يُنير الدهاليز التي ولجت إليها ..


تحيتي لقلمـــك الفـذّ ..


تهاني




قالــــــوا /

قطـــــعتْ جهـــــيزة قــــولَ كــــلٍ خطـــــــيب ..

وهــو ما قـــالوا ..

.
.
.
.
والتمــــيز ( ضـــيفٌ مرحـــبٌ بــه دائمـــاً ) هنــا .

.