المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علماء وأطباء يجيبون: زواج الأطفال مصلحة أم صفقة لحساب العجائز؟


يامن رحل
31-01-09, 11:59 am
علماء وأطباء يجيبون: زواج الأطفال مصلحة أم صفقة لحساب العجائز؟ بريدة: ناصر الرشيدي
ديننا الحنيف سبق مواثيق الدنيا كلها في رعاية الطفل، وإقرار حقوقه قبل مجيئه إلى الحياة. وعلى الرغم من مضي نحو خمسة عشر قرنا على إرساء تلك الحقوق فإن أيا من المواثيق الدولية لم يلحق بها حتى اليوم.
من أهم حقوق الطفل الانتماء إلى أسرة ترعاه، وتُحسن تربيته، وتعليمه، وحمايته، وإعداده لمواجهة الحياة، وتحمّل مسؤولياته في مراحل عمره المختلفة.
الحقوق نفسها تمثل، في أحد أوجهها، "واجبات" ينبغي على الوالدين الوفاء بها تجاه أبنائهما.
فهل يتناسب مع تلك الحقوق والواجبات إقحام أطفال في "زيجات" محكوم عليها بالفشل مقدما، فضلا عن كونها محفوفة بالمخاطر النفسية، والاقتصادية، والاجتماعية؟
هذا التساؤل أصبح مدخلا لجدل طويل لم ينته أثارته حالات زواج أطفال لم تتجاوز أعمارهم العاشرة بالمملكة، منها ما حدث بمنطقتي جازان وحائل، إضافة إلى عدد من حالات زواج كبار السن ممن دون سن العاشرة، كما حدث في منطقة حائل ومحافظة عنيزة.
القضية أثارت دهشة واستغراب كثيرين، خاصة أن العريس والعروس ناقصا الإرادة والإدراك.
الإجماع على رفض زواج القُصّر أعاد طرح التساؤل بصيغة أخرى: هل زواج الأطفال "مصلحة" طارئة وعاجلة لا يدركها الآباء إلا بهذه "الزيجات المشوهة"؟ أم إنها صفقة مالية يعقدها بعض الآباء لحساب "العجائز" الذين يزوّجونهم من بناتهم؟!
عدد من علماء الدين ورجال القضاء وخبراء القانون والصحة أكدوا أن ارتباط هذا النوع من الزواج بهدف مالي أو إعلامي يجعله "محرما" ويوجب منعه.
وشددوا على أن زواج القاصرات انتهاك صارخ لإنسانيتهن، واغتصاب لطفولتهن.. ومصيره الفشل، لأنه زواج غير متكافئ، ويهدد الأسرة والمجتمع بالمشكلات النفسية والجسدية والاجتماعية.
وطالبوا بتكثيف جهود وسائل الإعلام، المرئية والمسموعة والمقروءة، والمساجد والمدارس للتوعية بمخاطر "تزويج الصغار". كما طالبوا بسن قانون واضح يمنع هذا الزواج، ويعاقب المخالفين سواء كانوا آباء، أو أزواجا، أو مأذونين.
في السطور التالية نتعرف على المزيد من آرائهم ومقترحاتهم للقضاء على ذلك النوع من الزواج، وحماية الأطفال القُصّر من مخاطره.


الشيخ عبد المحسن العبيكان الداعية الإسلامي المستشار بالقضاء الأعلى يُشدد على ضرورة معرفة الأسباب التي تدعو إلى حدوث مثل هذا الزواج.
ويقول: لابد من الإجابة عن تساؤل مهم: هل يرى الأب أنه من المصلحة أن يزوج ابنه الطفل قبل أن تفوته هذه الطفلة؟.. وهل يرى والد الطفلة أنه من مصلحة ابنته تزويجها هذا الطفل في هذا العمر؟
ويؤكد ضرورة أن تتوافر شروط المصلحة، مشيرا إلى أنه لا يجوز أن يقوم ولي أمر الطفلة أو ولي أمر الطفل بتزويجهما إلا لمصلحة واضحة.
ويتوقف الشيخ العبيكان أمام قضية مهمة بقوله: إذا كان الهدف من الزواج لا يصب في مصلحة الطفلين، أو كان الهدف ماديا، أو إعلاميا، أو يتصل ببعض الأمور التي لا تخدم مصلحة الطفلين فهذا حرام، ولا يجوز، ويجب منعه، لافتا إلى أن الجهات التي يحق لها أن تمنع هذا الزواج هي المحاكم.
إرادة ناقصة
الدكتور مفلح بن ربيعان القحطاني نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، المتحدث باسم الجمعية يصف الزواج المبكر للأطفال بأنه ظلم كبير لهم، وحرمان من الاستمتاع بطفولتهم.
ويحذر من أن حالات تزويج الأطفال بهذه الأعمار وقبل شعورهم بالمسؤولية سيكون له بعض الآثار الاجتماعية، والأسرية، والاقتصادية السيئة عليهم.
ويُشدد على أن مثل هذه الحالات ليست في مصلحة هؤلاء الأزواج "الصغار" بغض النظر عن مدى تحديد السن في الشريعة لمن يرغب في الزواج أو في الأنظمة.
ويقول: لدينا مشكلة حالياً فيما يتعلق بتحديد سن الزواج، فليس هناك قواعد في هذا الشأن تحدد سنا لمن يرغب الزواج.
ويُؤكّد أن على مأذوني الأنكحة دورا مهما في مسألة توثيق مثل هذه العقود، حيث ينبغي التأكد من مطابقتها للقواعد الشرعية والنظامية.
ويتوقف القحطاني أن الأطفال القصر الذين يتم تزويجهم قبل سن البلوغ يحق لهم المطالبة بفسخ العقد بعد البلوغ.
ويضيف أنه ينبغي منع الآباء من تزويج أبنائهم القصر قبل أخذ موافقتهم، لأن القاصر إرادته ناقصة، ولا يستطيع أن يُعبّر عنها بالشكل الصحيح.
ويدعو إلى وقف الزواج حتى يبلغ الأطفال، مطالبا بأن تكون هناك متابعة لمن يوثقوا العقود للحد منها، وأن تكون هناك رقابة ومتابعة للآثار السيئة إن حدثت.


زيجات فاشلة
هادي اليامي المستشار القانوني عضو هيئة حقوق الإنسان يُعلّل بروز ظاهرة "زواج القصَّر" في بعض المناطق بأنه يعود إلى عدم وعي الوالدين خاصة الأب بأهمية موضوع الزواج، ومسؤولياته، وتبعاته على الزوجين، إضافة إلى عدم وجود أي رقابة في تلك المناطق.
ويلفت إلى أنه نظراً لصغر سن الأطفال فإنهم لا يستوعبون ما هم مقدمون عليه ولا رأي لهم في هذا الموضوع.
ويشدد على أن مسؤولية زواج القصّر تقع على عاتق الوالدين، إما لعدم وعيهما بمخالفة ذلك للشرع والعلم، وعدم معرفتهما بما سيترتب على ذلك من مشاكل وآثار اجتماعية سلبية.
ويشير إلى أن بعض الآباء يزوجون أبناءهم القصّر لرغبتهم في الحصول على عائدٍ مادي من خلال تزويج ابنتهم لمن يقدم لهم مالاً ربما يكونون في حاجةٍ إليه.
ويجزم بأن هذه الزيجات لها آثار سلبية على المجتمع، لأنها تُضاف إلى سجل الزيجات الفاشلة، مؤكدا أن الفشل هو النتيجة الحتمية لها بسبب عدم الكفاءة، وفارق السن، وعدم استيعاب القاصر أو فهمها، أو تقديرها لمسؤولية الزواج ومتطلباته ومقوماته.
ويلفت إلى عدم قدرة الصغيرة على رعاية أطفالها في حالة الإنجاب، وما تتعرض له في سبيل ذلك لصغر سنها.
عقوبة صارمة
ويؤكد اليامي أن الوقاية من تلك المشكلات التي يمكن أن تهدد حياة الأزواج الصغار يتحقق من خلال نظامٍ صريح يمنع "زواج القاصر" ويقرِّر عقوبة صارمة لمن يخالف ذلك سواء الوالد أو الزوج أو المأذون أو أي شخص له علاقة بذلك.
ويطالب بأن يتضمن النظام المطلوب إلزام كل من يعلم بأي مخالفة في هذا الشأن بإبلاغ جهة معيَّنة تختص بهذا الأمر.
ويلفت إلى أهمية التوعية بمخاطر "زواج القصّر" عن طريق جميع وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمساجد والمدارس.
ويبرز قضية مهمة بقوله: إن أفراد المجتمع الذين تهمّهم مصلحته لا يسعهم الانتظار حتى يسنّ هذا قانون، ويصبح موضع التنفيذ في جميع مناطق المملكة.
ويطالب بوضع بعض الخطوات المناسبة للحدّ من انتشار هذا الخطر بين أفراد المجتمع والتقليل من الأضرار المتوقعة، وذلك بتأسيس جمعية لحماية الأطفال من الزواج تكون تحت مظلة هيئة حقوق الإنسان فيما يتعلق بحماية الأطفال والمرأة من العنف.
ويشير إلى أنه لا يوجد ما يمنع من استمرار العمل في هذه الجمعية حتى مع وجود قانون صارم يحدد العمر المناسب للزواج، لأن بعض الناس قد لا يتقيّد بالنظام، ويعتبر موضوع الزواج موضوعًا شخصيًا بحتًا لا يحق لأحد أن يتدخّل فيه.
مشكلات يومية
الطبيبة مها الحجيلان تؤكد أن زيجات الأطفال قضية إنسانية ثقافية تحمل الكثير من المشكلات النفسية والجسدية والاجتماعية.
وتقول: لا يمكن أن نعتبر زواجا غير متكافئ بهذا الشكل منتجا لأسرة صحية بل على العكس تماما، فهو بداية لحياة ظالمة للفتاة فيها انتهاك صارخ لإنسانيتها وطفولتها.
وتتساءل: ما هذه الأسرة التي سوف ترعاها طفلة تحتاج إلى من يرعاها ويربيها؟ وكيف ستقوم هذه الطفلة ـ التي لم يكتمل عقلها ولا جسدها الأنثوي بعد ـ بدور الزوجة؟ وهل تستطيع رعاية زوجها نفسيا وجسديا، والاهتمام ببيتها وما يحمل من مشكلات يومية؟.
وتواصل تساؤلاتها قائلة: كيف ستربي هذه الزوجة الطفلة أولادها؟ وهل تستطيع اتخاذ القرارات الحكيمة المتصلة بتسيير حياة الأسرة، وغير ذلك من المسؤوليات التقليدية التي تتحملها أي زوجة؟.
وتحذر من المشكلات الجسدية التي تتكبدها الطفلة في هذه المرحلة من عمرها، مشيرة إلى وجود علاقة بين الاتصال الجنسي المبكر والإصابة بسرطان الرحم، والعقد الجنسية في المستقبل.
استغلال الأطفال
وتؤكد مها الحجيلان أهمية دور المحاكم ومأذوني الأنكحة في إيقاف مثل هذه الزيجات، وعدم السماح لهؤلاء العجائز باستغلال الأطفال.
وتضيف أننا نحتاج لقانون واضح يمنع زواج الأطفال تماما، ويحدد العمر المناسب لزواج الفتيات، حتى لا تكون هذه العلاقة الزوجية السامية لعبة في أيدي أحد وحتى لا ينعكس ذلك بصورة سلبية على الدين والثقافة على حد سواء.
وتشير إلى أن حملة نسائية بدأت ضد زواج الصغيرات تطالب بمنع زواج الطفلة، وتحديد العمر المناسب للزواج، وهذه كلها مطالب طبيعية في ظل الظروف الحالية التي لا تخلو من استغلال سافر للطفولة.
وتلفت أنظار الذين يبررون قبول هذا النوع من الزواج بزواج الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، بالسيدة عائشة، رضي الله عنها ـ تلفت إلى أن الكثيرين من العلماء والمفكرين والباحثين أثبتوا أن السيدة عائشة لم تكن طفلة حينما تزوجها الرسول بل كانت شابة بالغة.

وتقول: إذا سلمنا بأنها كانت بالفعل صغيرة في السن فهل يعتقد هؤلاء العجائز ممن يتزوجون القاصرات أنهم يُشبهون الرسول الكريم في شيئ؟
وتشدّد على أن الزمن الحالي ليس هو الزمن الذي عاش فيه الرسول الكريم، ولا الظرف هو الظرف، كما أن الناس تغيروا، والثقافة تشكلت بعوامل مختلفة، وتغيرت أحوال الرجال والنساء، ولا يمكن أن نقيس الرجال بالرسول الكريم ولا بظروفه وحاله المختلف عن غيره.
سن البلوغ
الدكتور فيصل العنزي استشاري أمراض الدم وأورام الأطفال بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة يتناول سن البلوغ لدى الأطفال القصر وقدرتهم على المعاشرة الجنسية، مؤكدا أن سن البلوغ عند الذكور يحدث تقريبا في سنّ بين 12 عاما و 14 عاما، مؤكدا أنه من علامات البلوغ لدى الذكور زيادة حجم الخصية.
ويلفت إلى أن سن البلوغ عند البنات بحدث تقريباً ما بين عُمر 11 عاما و 12 عاماً وقد يتأخر قليلا لدى بعضهن، مشيرا إلى أن حدوث الدورة الشهرية علامة سن البلوغ لدى البنات.
ويؤكد أن سن البلوغ يسبّب تغييرات هرمونية مختلفة بين الأطفال الذين يمكن أن يجدوا صعوبة في التعامل معها. ويضيف أن غالبية من هم تحت سن 10 سنوات غير بالغين، ما عدا الحالات النادرة.
ويوضح العنزي أن قانون وزارة الصحة السعودية يعتبر من هم تحت عمر 12 عاما أطفالا، بينما في بعض الدول الأوربية يصل سن الأطفال إلى 17 عاما.