إبداعات
24-12-08, 12:35 pm
د. عبدالله مرعي محفوظ
يمثل الاجتماع المقبل لقادة مجلس التعاون الخليجي في مسقط 30 ديسمبر 2008، هاجساً كبيراً لمستقبل العمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة بعد أحداث منتدى الحوار الأخير في المنامة حين طالبت الهند دول الخليج العربي بإعطاء الحقوق السياسية والمدنية لعمالتها وعدم تحديد مدة زمنية لبقائها، وقد شهد المنتدى مشادات ساخنة بين ممثلي الهند وممثل دول مجلس التعاون الخليجي، واستشهدت الهند بمطالبها بفوز (باراك أوباما) ذي الأصول الإفريقية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن وزير العمل البحريني مجيد العلوي قاد حملة التصدي للمطالب الهندية، وأكد علي ضرورة حماية الهوية الثقافية لدول الخليج العربي، وعدم السماح لسيطرة العمالة الوافدة، وقال العلوي إننا أمام تغيير وجه المنطقة وتحويلها إلى منطقة آسيوية في الغالب، معتبرا أن المنطقة مقبلة على كارثة أخطر من القنبلة النووية. وعلى النقيض من ذلك نجد مقالات الاقتصاديين وطلبات القطاع الخاص تُجمع بعدم القدرة على الاستغناء عنهم في المهن المهنية، حيث يحكم ذلك عادات مستحدثة لشباب بحب العمل الإداري وتقاليد اجتماعية تقلل من المهنية، إضافة للطلب المتنامي للعمالة بسبب مشاريع التنمية. وفي البحث على المستوى الداخلي نجد ان المواطن السعودي يفضل العمل في القطاع الحكومي، والتفضيل أكده تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي الرابع والأربعون لعام 2007، ص (215-223) الذي يقول أن متوسط الأجر الشهري في القطاع الحكومي يزيد عن نظيره في القطاع الخاص في المتوسط بالضعف، وبلغ عدد المواطنين العاملين في القطاع الحكومي 761 ألف مواطن ومواطنة، أما في القطاع الخاص 760 ألف مواطن ومواطنة. من خلال هذه المقدمة كيف نستطلع مستقبل التوظيف السعودي في القطاع الخاص لــ 464 ألف عاطل عن العمل حتى نهاية عام 2007 ؟ حين نجد ان حجم القوى العاملة الوافدة في القطاع الخاص السعودي بلغ حدود 6 ملايين موظف وعامل حتى نهاية شهر أكتوبر 2008م، منهم فنيون في البترول والغاز والمناجم والتعدين، وفنيون في العلوم الصحية والدوائية، ومهندسون في القطاعات الإنشائية والصناعية والزراعية، وفنون في القطاعات الميكانيكية والكهربائية والإلكترونية، والباقي ذات الأغلبية من عمال في الخدمات البحرية والشحن والتفريغ والبائعين والعمال في الخدمات الشخصية والسكنية مثل حارس وسائق وخادمات وهذه المهن يصعب (سعودتها). ان مستقبل التوظيف يقف امامة معوقات متعددة ومستمرة بوجود عمالة رخيصة وملتزمة وذات إنتاجية عالية، يقابلها شكاوى القطاع الخاص من الشباب السعودي بعدم قبولهم أوقات العمل في القطاع الخاص لفترتين بسبب التزامات الأبناء المدرسية صباحاً والعائلية مساءً! وبعد هذه الوقائع التي تميل لصالح العمالة الوافدة في التوظيف، نجد ان هناك مطالبات أخرى من القطاع الخاص، وذلك بوضع محفزات للمحافظة على العمالة الوافدة من تنافس الأسواق المجاورة لهم، وحددت المطالب بتسهيل استقدام العوائل والزيارة العائلية، وتطوير أنظمة التملك والاستثمار، وتطبيق نظام الإقامة الدائمة بعد فترة من الإقامة النظامية، وإلغاء نظام الكفالة، هذا عدا شكاوى العمالة الوافدة من أنظمة السعودة المطبقة، ومن ارتفاع تكلفة تعليم الأبناء وعدم إمكانية التعليم الجامعي للأبناء، وارتفاع الرسوم المفروضة عليهم. أضيف عليها ملخص ودراسة منتدى الرياض الاقتصادي عن واقع ومستقبل العمالة الوافدة الذي استعرض تجارب بعض الدول التي اشتركت في تطبيق سياسة نظام النقاط (Point System) كسياسة مهمة لاستقطاب العمالة الماهرة إلى سوق العمل خصوصاً في المجالات التي تندر فيها العمالة الوطنية، والتخطيط لعمل سياسة استقدام للعمالة وفقاً لقوائم المهن التي يتطلبها السوق (Occupation List)، وذلك تبعاً للتقديرات الاقتصادية المتوقعة او الاستجابة للتغيرات في سوق العمل، كأن تمنح قطاعات البناء والتعدين وصناعة البترول والغاز فرصة لاستقدام عمالة وافدة فور انتعاش القطاع من الأزمة العالمية. واختتم المنتدى الاقتصادي بالرياض توصياته بان تخضع لمعايير يلتزم بها صاحب العمل قبل استقدام العمالة الوافدة، مثل إثبات عدم وجود عمالة محلية مؤهلة للقيام بالعمل، وتحديد مجال عمل العمالة الوافدة في صناعات معينة أو قطاعات اقتصادية محددة، بالنقاط التالية: 1. عدم النظر إلى العمالة الوافدة ككتلة واحدة وإنما يجب الأخذ في الاعتبار الاختلافات الأساسية القائمة في درجة وطبيعة احتياج الاقتصاد السعودي لكل شريحة أو فئة من فئات العمالة الوافدة. 2. ضرورة وضع معايير محددة ومعلنة لاستقدام العمالة الوافدة للقطاع الخاص لكل أقسام المهن المختلفة، مع ضرورة توفر كادر من موظفي مكتب العمل (الباحثين) في مكاتب العمل يكون مدرباً ومؤهلاً لتطبيق تلك المعايير.
3. العمل على توفير البيانات والمعلومات المتعلقة بالعمالة الوافدة وتوحيد مصدر نشر المعلومات، وكذلك الانتظام في إصدار تلك المعلومات بصورة دورية. 4. الاهتمام بوضع حوافز للعمالة الوافدة في المهن الاستراتيجية، التي تعتمد على عمالة وافدة ذات مهارة عالية، بما في ذلك خبراء ومديرو أعمال المستثمرين الأجانب. ختاماً مع تقديري لتوصيات منتدى الرياض الاقتصادي ومطالب القطاع الخاص بالعمالة الوافدة والذي اعمل فيه موظفاً وفي شركة عائلية، ولكننا نقف مع السعودة و(العاطلين) ضد التواجد الكبير للعمالة الوافدة في السعودية، لأن اغلبها آسيوية وليست عربية، ولأنها عمالة عادية وليست ماهرة، واليوم فرصة التوظيف للشباب السعودي ممكن ان تتحقق من خلال مشاريع الدولة للقطاع الخاص وهي بحدود 400 مليار دولار للأربع السنوات القادمة، وعلي القطاع الخاص ان يتحمل مشكلة 464 ألف عاطل وحلها، وهي في كل الأحول أهون من فرض ضريبة أرباح على مشاريعهم لتوطين الوظائف او تؤخذ ضريبة لصندوق التنمية البشرية، وسوف ننتظر توصيات منتدى جدة الاقتصادي القادم في فبراير 2009 والقائمة محاوره على توطين الوظائف، فهل يستطيع ان يصمد أمام طلبات الهند ورغبات القطاع الخاص، أم يتم إلغاء المنتدى الاقتصادي العاشر في جدة فهو اسلم للجميع ؟!.
www.abm.com.sa
المصدر: صحيفة "المدينة" السعودية، 24 ديسمبر 2008م.
الرابط: http://www.al-madina.com/node/85907
يمثل الاجتماع المقبل لقادة مجلس التعاون الخليجي في مسقط 30 ديسمبر 2008، هاجساً كبيراً لمستقبل العمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة بعد أحداث منتدى الحوار الأخير في المنامة حين طالبت الهند دول الخليج العربي بإعطاء الحقوق السياسية والمدنية لعمالتها وعدم تحديد مدة زمنية لبقائها، وقد شهد المنتدى مشادات ساخنة بين ممثلي الهند وممثل دول مجلس التعاون الخليجي، واستشهدت الهند بمطالبها بفوز (باراك أوباما) ذي الأصول الإفريقية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن وزير العمل البحريني مجيد العلوي قاد حملة التصدي للمطالب الهندية، وأكد علي ضرورة حماية الهوية الثقافية لدول الخليج العربي، وعدم السماح لسيطرة العمالة الوافدة، وقال العلوي إننا أمام تغيير وجه المنطقة وتحويلها إلى منطقة آسيوية في الغالب، معتبرا أن المنطقة مقبلة على كارثة أخطر من القنبلة النووية. وعلى النقيض من ذلك نجد مقالات الاقتصاديين وطلبات القطاع الخاص تُجمع بعدم القدرة على الاستغناء عنهم في المهن المهنية، حيث يحكم ذلك عادات مستحدثة لشباب بحب العمل الإداري وتقاليد اجتماعية تقلل من المهنية، إضافة للطلب المتنامي للعمالة بسبب مشاريع التنمية. وفي البحث على المستوى الداخلي نجد ان المواطن السعودي يفضل العمل في القطاع الحكومي، والتفضيل أكده تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي الرابع والأربعون لعام 2007، ص (215-223) الذي يقول أن متوسط الأجر الشهري في القطاع الحكومي يزيد عن نظيره في القطاع الخاص في المتوسط بالضعف، وبلغ عدد المواطنين العاملين في القطاع الحكومي 761 ألف مواطن ومواطنة، أما في القطاع الخاص 760 ألف مواطن ومواطنة. من خلال هذه المقدمة كيف نستطلع مستقبل التوظيف السعودي في القطاع الخاص لــ 464 ألف عاطل عن العمل حتى نهاية عام 2007 ؟ حين نجد ان حجم القوى العاملة الوافدة في القطاع الخاص السعودي بلغ حدود 6 ملايين موظف وعامل حتى نهاية شهر أكتوبر 2008م، منهم فنيون في البترول والغاز والمناجم والتعدين، وفنيون في العلوم الصحية والدوائية، ومهندسون في القطاعات الإنشائية والصناعية والزراعية، وفنون في القطاعات الميكانيكية والكهربائية والإلكترونية، والباقي ذات الأغلبية من عمال في الخدمات البحرية والشحن والتفريغ والبائعين والعمال في الخدمات الشخصية والسكنية مثل حارس وسائق وخادمات وهذه المهن يصعب (سعودتها). ان مستقبل التوظيف يقف امامة معوقات متعددة ومستمرة بوجود عمالة رخيصة وملتزمة وذات إنتاجية عالية، يقابلها شكاوى القطاع الخاص من الشباب السعودي بعدم قبولهم أوقات العمل في القطاع الخاص لفترتين بسبب التزامات الأبناء المدرسية صباحاً والعائلية مساءً! وبعد هذه الوقائع التي تميل لصالح العمالة الوافدة في التوظيف، نجد ان هناك مطالبات أخرى من القطاع الخاص، وذلك بوضع محفزات للمحافظة على العمالة الوافدة من تنافس الأسواق المجاورة لهم، وحددت المطالب بتسهيل استقدام العوائل والزيارة العائلية، وتطوير أنظمة التملك والاستثمار، وتطبيق نظام الإقامة الدائمة بعد فترة من الإقامة النظامية، وإلغاء نظام الكفالة، هذا عدا شكاوى العمالة الوافدة من أنظمة السعودة المطبقة، ومن ارتفاع تكلفة تعليم الأبناء وعدم إمكانية التعليم الجامعي للأبناء، وارتفاع الرسوم المفروضة عليهم. أضيف عليها ملخص ودراسة منتدى الرياض الاقتصادي عن واقع ومستقبل العمالة الوافدة الذي استعرض تجارب بعض الدول التي اشتركت في تطبيق سياسة نظام النقاط (Point System) كسياسة مهمة لاستقطاب العمالة الماهرة إلى سوق العمل خصوصاً في المجالات التي تندر فيها العمالة الوطنية، والتخطيط لعمل سياسة استقدام للعمالة وفقاً لقوائم المهن التي يتطلبها السوق (Occupation List)، وذلك تبعاً للتقديرات الاقتصادية المتوقعة او الاستجابة للتغيرات في سوق العمل، كأن تمنح قطاعات البناء والتعدين وصناعة البترول والغاز فرصة لاستقدام عمالة وافدة فور انتعاش القطاع من الأزمة العالمية. واختتم المنتدى الاقتصادي بالرياض توصياته بان تخضع لمعايير يلتزم بها صاحب العمل قبل استقدام العمالة الوافدة، مثل إثبات عدم وجود عمالة محلية مؤهلة للقيام بالعمل، وتحديد مجال عمل العمالة الوافدة في صناعات معينة أو قطاعات اقتصادية محددة، بالنقاط التالية: 1. عدم النظر إلى العمالة الوافدة ككتلة واحدة وإنما يجب الأخذ في الاعتبار الاختلافات الأساسية القائمة في درجة وطبيعة احتياج الاقتصاد السعودي لكل شريحة أو فئة من فئات العمالة الوافدة. 2. ضرورة وضع معايير محددة ومعلنة لاستقدام العمالة الوافدة للقطاع الخاص لكل أقسام المهن المختلفة، مع ضرورة توفر كادر من موظفي مكتب العمل (الباحثين) في مكاتب العمل يكون مدرباً ومؤهلاً لتطبيق تلك المعايير.
3. العمل على توفير البيانات والمعلومات المتعلقة بالعمالة الوافدة وتوحيد مصدر نشر المعلومات، وكذلك الانتظام في إصدار تلك المعلومات بصورة دورية. 4. الاهتمام بوضع حوافز للعمالة الوافدة في المهن الاستراتيجية، التي تعتمد على عمالة وافدة ذات مهارة عالية، بما في ذلك خبراء ومديرو أعمال المستثمرين الأجانب. ختاماً مع تقديري لتوصيات منتدى الرياض الاقتصادي ومطالب القطاع الخاص بالعمالة الوافدة والذي اعمل فيه موظفاً وفي شركة عائلية، ولكننا نقف مع السعودة و(العاطلين) ضد التواجد الكبير للعمالة الوافدة في السعودية، لأن اغلبها آسيوية وليست عربية، ولأنها عمالة عادية وليست ماهرة، واليوم فرصة التوظيف للشباب السعودي ممكن ان تتحقق من خلال مشاريع الدولة للقطاع الخاص وهي بحدود 400 مليار دولار للأربع السنوات القادمة، وعلي القطاع الخاص ان يتحمل مشكلة 464 ألف عاطل وحلها، وهي في كل الأحول أهون من فرض ضريبة أرباح على مشاريعهم لتوطين الوظائف او تؤخذ ضريبة لصندوق التنمية البشرية، وسوف ننتظر توصيات منتدى جدة الاقتصادي القادم في فبراير 2009 والقائمة محاوره على توطين الوظائف، فهل يستطيع ان يصمد أمام طلبات الهند ورغبات القطاع الخاص، أم يتم إلغاء المنتدى الاقتصادي العاشر في جدة فهو اسلم للجميع ؟!.
www.abm.com.sa
المصدر: صحيفة "المدينة" السعودية، 24 ديسمبر 2008م.
الرابط: http://www.al-madina.com/node/85907