الزعيم@
13-11-08, 09:23 pm
تلقيت في إحدى المساءات الليلية من منتصف الأسبوع الماضي رسائل جوال تقول: أمطار وسحب على القصيم، وبعد فترة قالت الرسالة: أمطار غزيرة على بريدة. بعدها جاءت رسالة تقول: بريدة تحت حصار المطر. وصباح يوم الأربعاء جاءت الرسائل متتالية لتقول إن وادي الرمة تحرك من مرتفعاته غربا باتجاه مدن شرق القصيم، بعد أن اجتاز مرتفعات الدرع العربي في عقلة الصقور وجبال ابانات وشعباء وطخفة والأشماط وقاعان والشعب وقطن والمسمى والسلسلة والموشم وسمراء وقط ومدينتي النبهانية والرس ليدخل في المنطقة الرسوبية ويجتاح مدنها الخبراء ورياض الخبراء والسحابين والبدائع وعنيزة وبريدة متجها إلى الشماسية والربيعية والأسياح.
الذي يعرف جغرافية القصيم لا بد أن يشعر بالخوف والقلق على الأهالي والممتلكات، ليس من وادي الرمة فقط، إنما من كمية المياه التي سقطت على المنطقة, وكان حي الإسكان في بريدة نموذجا لحالة الفيضان، ما اضطر سكانه في جهته الشرقية إلى مغادرة مساكنهم إلى الفنادق والشقق المفروشة والأهل والأقرباء، بعد أن حاصرتهم السيول ليلا فغادروا المساكن بحثا عن النجاة بأرواحهم، والخطورة المتوقعة على أحياء النقع والمطا والمنخفضات شرقا وغربا، لكني كنت أكثر توجسا عندما علمت أن هناك فيضانا متوقعا على شارع الملك عبد العزيز "الخبيب"، لذا تعجلت بالشخوص إلى القصيم بدافع الحب والخوف والعاطفة الجذابة، ليس لأني أختصر بقاع بلادنا بهذه البقعة، إنما لأن ليّ فيها طفولة عذبة وجميلة مليئة بذكريات ما زلت أسترجعها وأرتوي بمائها. حب البيئات دائما يكون غامرا: رائحة الأرض والنخيل، وحبات الرمل ونسائم المزارع، وطعم السكري والبرحي والكليجا المعطر بالهيل وبهارات البطين والباطن ومذاق القهوة "المبهر" بالزعفران والقرنفل. رائحة الحطب والزنجبيل ورجال الخبوب والقرى الزراعية عندما كان شارع الخبيب يمثل لهم باب الرزق والتجارة وبوابة المعرفة والثقافة، وكان لهم الفضاء الاجتماعي الذي كانوا يطلون منه على العالم، لكنه أيضا بطن الوادي الجاف الذي تستقر فيه مياه الأمطار كلما انحدرت المياه من ضفته. ورغم أن بريدة عرفت الكثير من التخطيط، إلا أنها لم تفلت ولم تفر من مأزق المصائد المائية وبقيت تحت حصار الأمطار و"الفوازع" كلما مرت غيمة خريفية فوق سمائها.
حي الإسكان أقيم على وادي عتيق، بل في بطن المجرى المائي والشريط الممتد من الجنوب إلى الشمال والمحصور بين صفراء بريدة ورمال بريدة شرقا، حيث الباطن جنوب والبطين شمال يخترقه مجرى وادي الرمة، هذا الشريط مهدد بالفيضانات إما غرب بريدة حيث الخبوب الغربية فهي محمية، بإذن الله، برمال الغماس "الغميس"، لكنها عرضة للفيضانات الغامرة بسبب بنيتها الجغرافية والجيولوجية، فهل فطن المخطط إلى أن بريدة الكبرى هي في الأصل كثبان رملية طويلة تتخللها سهول زراعية وسبخية وصلصالية قابلة للغمر بالمياه وأن تتحول إلى أحواض مائية مغلقة، حمى الله جميع بلداننا بلطفه ورحمته.
أمام المخططين مجال لإعادة دراسة وهندسة أحياء بريدة العمرانية، وتجنب مجاري الأودية والمنخفضات والفياض التي تنتهي إليها الأودية.
تحياتي00الزعيم@
الذي يعرف جغرافية القصيم لا بد أن يشعر بالخوف والقلق على الأهالي والممتلكات، ليس من وادي الرمة فقط، إنما من كمية المياه التي سقطت على المنطقة, وكان حي الإسكان في بريدة نموذجا لحالة الفيضان، ما اضطر سكانه في جهته الشرقية إلى مغادرة مساكنهم إلى الفنادق والشقق المفروشة والأهل والأقرباء، بعد أن حاصرتهم السيول ليلا فغادروا المساكن بحثا عن النجاة بأرواحهم، والخطورة المتوقعة على أحياء النقع والمطا والمنخفضات شرقا وغربا، لكني كنت أكثر توجسا عندما علمت أن هناك فيضانا متوقعا على شارع الملك عبد العزيز "الخبيب"، لذا تعجلت بالشخوص إلى القصيم بدافع الحب والخوف والعاطفة الجذابة، ليس لأني أختصر بقاع بلادنا بهذه البقعة، إنما لأن ليّ فيها طفولة عذبة وجميلة مليئة بذكريات ما زلت أسترجعها وأرتوي بمائها. حب البيئات دائما يكون غامرا: رائحة الأرض والنخيل، وحبات الرمل ونسائم المزارع، وطعم السكري والبرحي والكليجا المعطر بالهيل وبهارات البطين والباطن ومذاق القهوة "المبهر" بالزعفران والقرنفل. رائحة الحطب والزنجبيل ورجال الخبوب والقرى الزراعية عندما كان شارع الخبيب يمثل لهم باب الرزق والتجارة وبوابة المعرفة والثقافة، وكان لهم الفضاء الاجتماعي الذي كانوا يطلون منه على العالم، لكنه أيضا بطن الوادي الجاف الذي تستقر فيه مياه الأمطار كلما انحدرت المياه من ضفته. ورغم أن بريدة عرفت الكثير من التخطيط، إلا أنها لم تفلت ولم تفر من مأزق المصائد المائية وبقيت تحت حصار الأمطار و"الفوازع" كلما مرت غيمة خريفية فوق سمائها.
حي الإسكان أقيم على وادي عتيق، بل في بطن المجرى المائي والشريط الممتد من الجنوب إلى الشمال والمحصور بين صفراء بريدة ورمال بريدة شرقا، حيث الباطن جنوب والبطين شمال يخترقه مجرى وادي الرمة، هذا الشريط مهدد بالفيضانات إما غرب بريدة حيث الخبوب الغربية فهي محمية، بإذن الله، برمال الغماس "الغميس"، لكنها عرضة للفيضانات الغامرة بسبب بنيتها الجغرافية والجيولوجية، فهل فطن المخطط إلى أن بريدة الكبرى هي في الأصل كثبان رملية طويلة تتخللها سهول زراعية وسبخية وصلصالية قابلة للغمر بالمياه وأن تتحول إلى أحواض مائية مغلقة، حمى الله جميع بلداننا بلطفه ورحمته.
أمام المخططين مجال لإعادة دراسة وهندسة أحياء بريدة العمرانية، وتجنب مجاري الأودية والمنخفضات والفياض التي تنتهي إليها الأودية.
تحياتي00الزعيم@