المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وللفئران زوبعة ..


عقيل الطلابة
24-10-08, 05:45 pm
(1)


في غرفةِ الاجتماعات توافدَ كبارُ فئران القرية .. كان الاجتماع طارئاً متواكباً مع أزمة هزّت فئران العالم .. بعد دعوات رسمية ملحّة حمل لواءها أحدُ الفئران المتحررة .. فتمّ توجيه خطابات المحفل المهم إلى نُخَب الفئرانِ المثقفة المُصْطفاة الموقرة .. وبما أنها النخبة المثقفة .. فلا ريبَ أنّها الأكثرُ كلاماً .. والأقل عملاً .. !! ..

كان هذا الاجتماع في قرية مهجورة .. تقبعُ بين خرائبَ متفرقة .. تحوي جحوراً متهالكةً .. أوَتْ إليها تلك الفئران .. واتخذت منها مأوى وقاعدة تنطلق منها في مهّمتها الجبلّية الأساس .. الإفساد من أجل الإفساد .. وتحصيل لقمة العيش من أجل الإفساد نفسه .. كما أنها تقتات من بعض المزابل "الأجنبية" القريبة .. وبعد أن تشبع تُهرع إلى المحاصيل الزراعيةِ في مزارعَ طيبة مطمئنة قريبة فتقضم زروعها وتعيث فيها فساداً وتخلق فيها البلبلة وتزرع فيها الفتن ..

كان يغلب على تلك الفئران التّشرذم والاهتمام بالمصالح الخاصّة .. كُلّ على حدة .. وربما حدث بينها الشقاق والخصام .. وكثُر بينها اللغط والملام .. وتداول بينها السب وفاحش الكلام .. وهل يرجى من ورائها إلا ذلك .. ولكن رغم كل هذا إلا أنها تتفق فيما بينها على مبدأ واحد .. وهو الإفساد .. والعيش من أجله ..

كان البعض يظنّ أن هذه الفئران تسعى دائبةً في الإفساد من أجل أن تقتات فقط .. ولكن تبيّن أن الفساد خصلة متأصلة في ذاتها .. ضاربةٌ في عمقِ وجدانها .. يدفعها إليه الخبْث الذي أُوجد فيها وسرى في دمها وتشربته أفئدتها .. ولكن الارتزاق يدفعها إلى مزيد تفان .. وبذل ما تستطيعه من تضحيات ..

بالرغم من تشرذمها .. إلا أنه قد يدفعها حب الفساد إلى التخلي عن خصلة التشرذم .. وتجتمع مع رفيقات دربها من فئران القرية .. وربما لزم الأمر أن تجتمع مع فئران القرى المجاورة .. لتبادل الخبرات وليشد بعضها أزر بعض وينفخ بعضها في بعض وربما هوّش بعضها في وجه المتقاعسة منها بحرمانها من تلك المزابل ..

نعود إلى الاجتماع الكريم .. ففي موعد الاجتماع المضروب سلفاً تتابع الأعضاء يحدبون إلى غرفة الاجتماع بخطىً وئيدةٍ وونظراتٍ مستريبةٍ يحدوهم الفساد وتستحثّهم المزابل الأجنبية .. كان كل فأر يتوجس الريبة من صاحبه .. ويرمقه كما يرمق الطير اللحم .. لم يكونوا يحسنون الظن في بعضهم .. كانوا متفقين في نشاطهم .. لكن أفئدتهم منشَطِرة ووحدتهم ممزّعة .. تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ..

أخذ كل فأر مكانه .. حتى امتلأت المقاعد بهم .. وبدأ الفأر المنسق وهو فأر أحمق ذو ناب بارز تغلب عليه البلاهة والدلاخة بشكل لافت .. أخذ يتفقد الحضور بنظرات مرتبكة .. وكان مما زاد ارتباكه عدم حضور الفأر الكبير .. !! .. بدأ الحضور يرمق بعضهم بعضا .. وأخذوا يتناقلون نظرات الخيبة .. يأخذها احدهم ويناولها الآخر .. بنفس سخية وخُطوة أبيّة لئلا تكون الخيبة دولة على كبرائهم .. ثم ندّت النظرات تتأمل المكان البديع الذي أصبح موئلا لاجتماعاتهم .. كانت قاعة الاجتماع عبارة عن بيت خلاء عتيقٍ تعمُرُه الأوْزاغ .. وتهيمُ به العناكبَ والصراصير .. وقد توسطته منضدة الاجتماع الرائعة والتي لا يرتاب عاقل أنها مجرد مرحاض افرنجي قد تذّمر ذات يوم من كثرة من يترنم ويشدو عليه الألحان .. ولكنه أحيل إلى التقاعد .. ليصبح طاولة مؤتمرات مغطاة بلوح من الخشب قد صُفّت عليه الفناجين وقِطَع من الجبن النتن ..

يتبع ..

عقيل الطلابة
24-10-08, 07:35 pm
(2)


كانت الأنظار ترمق فأرنا الكريم .. وتستنطقه كُنْهَ الاجتماع وماوراءه ومالخطب الذي دَهَمهم .. مع علمهم سلفا بمن أوعز له .. فهم يعلمون جميعا من أين يقتاوت ومن يشبع شهواتهم .. ولكن فأرنا العزيز لم يُرد خوض غِمار القضية الجلل مالم تكتمل الكوكَبة المباركة .. وخصوصا الفأر الكبير .. وبينما هم يتبادلون النظرات .. ويتداولون المجاملات التي تخفي ورائها ضمائر داكنة كدكونة جلودها بل أشد .. إذ ولج الفأر الكبير يثني عطفيه ويحرك ذيله وقد رفع أحد حاجبيه وأرخى الآخر رامقا الحضور بركن عينه وقد تأبط جريدةً وسيّرخلفه فأراً "بنجاليا" كسائق ومدير أعمال ومنسق مؤامرات .. كان هذا البنقالي لا يفارق سيّده .. وقد اقتبس من سيّده شيئا من الأهمية والاحترام لدى الفئران الأخرى ..

أخذ الفأر الكبير ذو الجريدة المتأبطة موقعه من الاجتماع .. وأومأ إلى سائقه المدعو : "غلام أكبر خائن أمّة الاسلام" أن يأخذ هو الآخر مقعدا .. ثم قال وهو يجر كرسيّه تحته ليمكن مقعدته الثخينة منه :

-مرحبا بكم أيه الفئران الأحرار .. مرحبا بكم أيه التنويريون التقدميون .. أشكر لكم توافدكم هنا .. ولتهنأ بكم "مزابل التاريخ" .. !! ..

ثم أومأ إلى ذي الناب ليفتتح الجلسة الفئرانية غير الاعتيادية ..

تنحنح ذو الناب وقد أجال بصره في الحضور الكريم وهو يتصنع وقارا مفقودا وأخذ تنهيدة طويلة استهل بعدها الاجتماع بالثناء على مزابل العالم وسبح بحمد القمائم الأجنبية .. خصوصا القمامة التي في الجانب الغربي من القرية .. ثم قال وهو يهز رأسه وقد شبّك أصابعه على أوراقه المرتبة "وهي عبارة عن بقايا علبة كرز مالبورو" :
-لا يخفى عليكم يا سادة ما يقوم به بعض الرجعيين المتخلفين من بين البشر من محاولة القضاء علينا .. والغائنا .. ورمينا بأقبح الصفات .. ولم يقف الأمر عند هذا الحد .. بل أوغل احدهم .. فأراد أن يقتل فأرا وهميا .. وقد دعوت إلى هذا الاجتماع الطارئ لطرح هذه القضية المأساوية الجلل لمناقشة هذه الأزمة .. !! ..

يتبع ....

عقيل الطلابة
25-10-08, 07:07 am
(3)



أشار فأر بيده .. مستأذنا المساهمة برأيه الرشيد وفهمه السديد .. كيف لا وهو ذلك الفأر الملتحي الثرثار .. المهووس بالمفردات الشنيعة .. والعبارات الممضّة الفضيعة .. قال وهو يمكّن نظارتَه الضخمة من انفه الطويل .. والزبد قد بدا من جوانب شفتيه مما دعا الحضور القريبين منه إلى أن يستمعون إليه وقد أشاحوا بأبصارهم عنه :

" عفوا يا سادة .. لكني أتسائل .. أنّى لمخلوق بشري أن يقتل مخلوقا ميتافيزيقا .. باعتقادي أن العلاقة الجدلية بين الوعي العقلاني المتمثل في "الهيومان كريتشر" يتمايز عن الوجود الماورائي المتمثل في الفأر الوهمي وهذا التمرحل من الوجود للعدم نابع من تموقع لا متناهي في كينونة التنرجس وايغالا في تهويمات التعنصر والتخنصر والتنبصر والسبابة والوسطى ولا ننسى الابهام .. والشئ بالشئ يذكر وعلليه فلا بد من الصيرورة "التمفورية" .... "

"غلام أكبر خائن" البنجالي مقاطعا وهو يحك مؤخرته :
-هازا ايس كلام .. !! ..

حانت التفاتة من الفأر المتموقع في صميم "محنة" المفردات الخبيثة إلى الحضور ليجد أن مجموعة لا يستهان بها من الأفواه قد فغرت .. !! ..

ساد جوّ من الصمت .. واحساس بالذهول قد عمّ المكان .. مما دعا البعض إلى ان يظن أن إشارة الارسال قد نضبت من المحفل لبرهة بفعل التموقع والتمرحل والتسربت .. !! ..

التفت الفأر العجوز "متأبط الجريدة" إلى الفأر المتموقع وقال متهكما وقد تملّكه الغضب ولكن يخفيه بإرادة تكسر الصخور :

"أحسنت .. ما اروعك أيها المتحدث البارع .. لقد سحرت ألباب الحضور بحديثك .. ووضعت يدك على المشكلة .. ولكن لتكتف بهذا القدر حفاظا على مقدراتنا العقلية ومكتسباتنا النفسية .. !! .."

رفع أحدهم يده مستأذنا المساهمة في هذا النقاش المثري .. التفت مدير الجلسة ليرى صاحب تلك اليد ..

-. آه انه أنت أيه الفأر المتفاني .. !! ..

انه فأر قادم من قرى الجنوب يعرف عنه الحماس لإيصال فكرته كما هي عادة أهل الجنوب في تفانيهم لمبادئهم .. إن كان لأحدهم مبدأ .. أما إن لم يكن فحَسَب "الدفع" الرباعي ..

وبعد ان تلق الاشارة بالاذن .. وزع نظراته إلى الحاضرين بانتظام بعينين ترتع فيهما البلاهة والخيبة ..وقال :

-يا أعزائي .. لا بد من تسوية هذا الأمر وتدبّره بعد أن نراعي السياق الذي من خلاله نستطيع أن نلقّن هؤلاء المتخلفين .. وحينها فلا بد من تأطير السياق .. وتنميطه .. وبعد أن ننمط السياق سلمكم الله نقوم بعنصرته حسب مقتضيات العولمة السياقية .. لأن للسياق العام الذي .يسوقه وو
-كفى .. !! ..
كلمة ندّت من الفار العجوز صاحب الجريدة وهو يعتدل في جلسته وقد احمرت وجنتاه المنتفختين .. وقطب جبينه المتعرج كتعرج نفود الثويرات من أثر السنين التي أمضاها في الكفاح النقي من الشرف ..
تمتم وقد أشاح بوجهه إلى الجهة المقابلة كالمشمئز :

"لابوكم لابو اللي جمعكم" .. !! ..


يتبع ..

عبدالله الحلوه
25-10-08, 09:06 pm
عقيل الطلابة


ليس هناك ماهو ادق وصفاً لهم مما اسبغته عليهم


بإنتظار مايسفر عنه ذلك الأجتماع بحضورك القادم



تحياتي

الطيور المهاجرة
25-10-08, 09:42 pm
عقيل الطلابة

أنه من أهم الأجتماعات على الطاولة المستديرة !!!

سننتظر عما تسفر عنه تلك التوصيات لا بد انها توصيات تروق لأصحاب الكروش

الكبيرة وأصحاب البشوت المسبلة التي تسحب خلفها خشوم المنافقين

والمرتزقه


السحاة المهاجرة

&&&*&&&

عقيل الطلابة
25-10-08, 10:18 pm
عقيل الطلابة


ليس هناك ماهو ادق وصفاً لهم مما اسبغته عليهم


بإنتظار مايسفر عنه ذلك الأجتماع بحضورك القادم



تحياتي
أهلا حضرة المشرف ومرحبا
شرفني حضورك .. في أول مساهمة لي في منتداكم الرائع
تقبل شكري امتناني ياسيدي

عقيل الطلابة
25-10-08, 10:22 pm
عقيل الطلابة

أنه من أهم الأجتماعات على الطاولة المستديرة !!!

سننتظر عما تسفر عنه تلك التوصيات لا بد انها توصيات تروق لأصحاب الكروش

الكبيرة وأصحاب البشوت المسبلة التي تسحب خلفها خشوم المنافقين

والمرتزقه


السحاة المهاجرة

&&&*&&&

أهلا بالسحاة المهاجرة
من دواعي سروري أن حطت رحال هجرتك في مقالي المتواضع
تنبؤاتك لها حظ وافر من النظر مما ينبئ عن عقلية يقظة متفرسة
فخور بتواجد ياعزيزي

عقيل الطلابة
25-10-08, 11:55 pm
(4)


ثم تابع الفأر العجوز وهو يحد النظر إلى الفأر ذي السياق مغضبا :
-ماهذا الهراء .. بالله عليك كم "سياق" في هذه المداخلة الضحلة .. يظهر أنك ستحتل وظيفة "غلام" السوّاق .. !! ..

"غلام" يتحفّز ويعتدل في جلسته مبهوتا .. وقد حارت نظراته بين كفيله وصاحب السياقات ..

بادر الفأر ذو الناب لأخذ زمام الموقف .. ليعيد ترتيب أوراق الاجتماع .. فقال متصنّعا الوقار .. والهدوء .. وهو يهز يديه وقد ضم أصابع كل يد .. ينشدهم الهدوء وضبط النفس وقد تقمص شخصية فيصل القاسم :

-يا جماعة يا جماعة يا جماعة ياجماعة استهدوا بالشيطان .. ستأخذ وقتك وأنت ستأخذ وقتك وأنت كذلك فاهدءوا لننجز الأمر الذي من أجله اجتمعتم .. !! ..

اتكأ الفأر العجوز وأخذ الجريدة مغضبا يتصفحها .. إشارة فيما يبدو إلى إعتراض على مجريات الأمور .. وتلويح بأن قطار الاجتماع سيمضي بدونه ..

في هذا الأثناء .. اندفعت كلمات من فِي فأر أسود كَهْل قد ارتخَت شِدقاه وارتَسمت تحت عينيه هالةٌ سوداء بفعل الإدمان .. فهو لا يكاد يصحو من سُكره .. كان الضّجر والملل قرينه وضجيعه .. حتى إنه قد أسر إلى من أفشى سرّه أنه يتمنى ان يصبح أي مخلوق آخر .. حتى لو كان قرداً .. لينْأى عن تسلّط البشر وهيمنتهم .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. يعني يافأر .. يا قرد .. !! .. لينتقل من مسخ إلى مسخ .. ولله في خلقه شئون .. قال هذا الفأر المندفع :

"لماذا هذه الضجة والعويل .. أمِن أجلِ فأرٍ وهْمي .. ؟؟ .. وأنا .. ؟؟ .. من يدافع عني .. ؟؟ .. من يعيد لي حريتي السّليبة .. ألا ترون أنّي حتى لا أستطيع أن أمارس شهواتي إلا خلف أسوار حصينة "ويالله السلامة" .. في هذه القرية الكئيبة التي لم أحضَ لسوء حظّي وكِبَر "خشتي" وبشاعةَ مظهري بأيّ بنت تعشَقني رغْم تلميحاتي وتصريحاتي التي أبثها من خلال مقالاتي السخيفة .. مما دعاني "أن أبكي على ماجرى لي ياهلي" .. ولولا خشية الاستنزال بينكم للحنت لكم هذه الكلمات ولـ"روّست" على هذا المرحاض مهنتي الأساس قبل أن أصبح مثقف بحجم فأر متقدم للجنسية القردية "

الفأر ذو الناب أحس بهذا الصوت المعارض .. وخشي ان تكثر الأصوات الآخذة بالإتجاه المعاكس مما دفعه إلى أخذ وقت مستقطع .. يستردون فيه الأنفاس وليواصلوا بعدها مشوارهم النضالي الشريف من الشرف .. فكان أن حانت التفاتة ذي الناب إلى "غلام" ليضيّف الحضور ..

يتبع ..

عقيل الطلابة
26-10-08, 05:06 pm
(5)





بعد دقائق من احتساء شاي ليبتون ذي العلامة الصفراء المميز .. وتعاطي زيجارة الحشيش بالتناوب بين بعض الفئران .. !! .. رغم رفض بعضها الآخر لهذا العمل واعتباره سلوكاً غير لائقٍ بفأرٍ مثقفٍ مستنير .. لذا اكتفى الأسوياء منهم باستنشاق كتلة من "الباتكس" قد صُبّت في قاع زجاجة .. يعني ( تشفيط ) .. وفي مصطلح العرابجة ( تستسة ) .. !! ..



كان هذا التعاطي يعطي هؤلاء المثقفين الأحرار جوّا بديعا تهبّ فيه نسائم العفاريت الزرقاء .. وتنبثق من خلاله المواهب وتتدفق الطاقات وتنفجر كالبراكين .. وهذا ما يفسر كُنْه بعض المقالات الصحفية الفئرانية التي تظهر بين الفينة والأخرى .. والتي تعطيك شعوراً بأنّ كاتبَه على أحسنِ أحوالِه "ثملا" .. وهذا ما ظهر - أيضا - جليا على المداخلة الآتية في الاجتماع الفئراني التي أتحف بها صاحبها الحضور .. فقد كان من بين هذا الجمع الطيب المبارك فأر سمين قصير له لسانين .. أو ألسنة .. أو لسانيات .. أو ماشابه .. (شك الراوي) .. !! ..



كان ذلك الفأر يحاول طيلة الاجتماع أن يُلفت إليه الأنظار بإبراز رأسه الصغير وإصدار الأصوات المختلفة من نحنحة وكحكحة وزفير وشهيق ونهيق ونعيق .. !! .. كل هذا لئلا يُضطر للاستئذان فيخدِش كِبرياءه برفع يده للمساهمة المشكورة "المأجورة" وهو الاستاذ الكبير والمفكر النحرير .. فهو يترقب المبادرة من منظمي الاجتماع .. وتشير التقارير إلى أنه قد حضر الاجتماع قبل موعده بثلاثة أيام .. !! .. وأرجع ذلك المراقبون إلى حياة الذل والهوان الخوف التي يعيشها هذا الفأر ذا الألسنة .. سيّما بعد أن كادت مؤخرته أن "تروح في خرايطها" بتلقيها كمّا زاخرا من السياط البشرية كإجراء تأديبي وتربوي لمن لم يسبق له التربية من قبل .. لولا أن تدخلت الرحمة البشرية في حينها لتنقذ مؤخرته وما تبقى من كرامته .. وما تُفيدُ المؤخرة وقد "انداست" المقدمة .. يعرف عن هذا الفأر الرقة الفائقة والاحساس المرهف والمشاعر الحساسة ويتمثل ذلك بشدة خوفه من الموت ومسبباته .. حتى انه قد شجب ما يترنمه أطفال بني البشر من أناشيد البطولة والبسالة والاستعداد للموت والنضال .. !! ..

هذه هي السيرة الموجزة لهذا الفأر المثير .. لكن ماذا عن مداخلته الرائعة ....



يتبع ..

الطيور المهاجرة
26-10-08, 08:51 pm
عقيل الطلابة

شدني سردك الشيق للأحداث ,,, والمصطلحات الغريبة ..

بين الأحرار والعربجة كا لتشفيط والتستسة !!!!!

سرد جميل رغم غرابته وتصور للواقع في أطيافه المختلفة في المجتمع

السحاة عاشت لحظات مثيرة بين الفئران العجيبة ......


&&&*&&&

القلم الحرر
27-10-08, 12:44 pm
][][§¤°^°¤§][][أهـديـــت لــــنا الــوم ورده من بــســـتـــان أفـــكـــارك ** شكـــرا علــى هــذا الــمـــوضـــوع الـــجـــيد بـــل الــممــتـاز نـــوع وكـــما اتــــمـــنى ألا تــبخـــل بجـــميـــل أفـــكـــارك فـــي الايــــــام القـــلــيــله القادمه وشــــــــــــكرا][][§¤°^°¤§][][

عقيل الطلابة
27-10-08, 07:33 pm
(6)





تنحنح الفأر المتناقض ذو الألسنة .. ورمق العجوز الذي قد توارى خلف جريدته .. متذمراً من تجاهُلِه للمتحدث الكبير .. ثمّ صَرف نظراتِه المستعلية إلى الحاضرين الذي بدا عليهم الوجوم واكتنفتهم الكآبة لعلمهم سلفا بغثاء ذي الألسنة وسذاجة تفكيره وكثرة "بربرته" الفارغة .. مما دعا بعض الحضور أن يسند ظهره ويتهيأ لأخذ اغفاءه ..

ثم استفتح في كلام طويل مملّ تافه .. طال وتمدد وتمطط كجبنة بيتزا .. جرّاء التأتأة والترديد.. كان فرصة سانحة لا تفوّت لبعض الحاضرين أن يجدد نشاطه في نومة لذيذة .. بينما بقي الآخرون مابين مستمع على مضض .. وبين غارق في أفكاره الجهنمية .. وبين عابث بأنفه بأصابع يديه وقدميه على التناوب .. وكان مما قاله ذلك المثقف الحر :

"إنكم تتحدثون عن اغتيال فأر وهمي .. ولكن المشكلة لعمري أكبر من هذا .. إن قضيتنا كامنةٌ في تلك الأرضيّة الفكريّة البشرية المتشددة .. وهو ما يُدعى "بالصّحوة" .. وهي مكمن البلاء وبيت المصائب والداء .. إن هذه الصحوة قد أقضّت مضاجعنا وأحالَت مجتمعنا أصفراً رميماً كأنّما أصابَه إعصار فيه نار فاحترق .. إنّ الصحوة يا عزائي هي السبب المباشر للحمى القلاعية والغلاء والوباء واعصار "جونو" وخسارة "ليمان برذرز" وتفاقم الاحتباس الحراري ومقتل الفنانة سوزان تميم ووفاة القطة لاكي .. !! .."



أحد الفئران "المخفّات" وقد أبدى شيئا من التفاعل .. وتحفّز في مقعدِهِ واتّقدتْ عيناه وأخذ هذا التّهريج على محملِ الجد قائلا :

- وما الحل بنظرك ياسيدي للسيطرة على هذا الوضع القاتم ولتفادي المزيد من نزيف الخسائر ..

- إن الحل كامن في أمر واحد .. لو استطعنا تحقيقه نحن الفئران الأحرار لانتهت كثيرٌ من مشاكلِنا العالمية والمحليّة وعمّ الرخاء وواكبنا الحضارات .. ولرددنا اعتبار فأرنا الوهميّ ..

- ماهو بالله عليك .. لقد شوّقتنا أيه المفكّر الحر .. !! ..

- الحل هو القضاء على التسلط الذكوري على الإناث .. !! .. وأن نجعل النساء يبعن ملابسهن الداخلية .. !! ..

هذا الطرح الباهت وهذه السطحية الموغلة من هذا الفأر الأشيمط أذابت الاجتماع برمّته لسذاجته وبلادته مما دفع بفأر من بين الحضور أحس بهذا الاستجحاش والتفاهة التي لا تنطلي إلا على المجانين الممرورين .. فقال بصوت واثق :

" تستطيع أن توفّر هذه الأفكار لصحيفتك الكريمة .. ولنتدبر أمر فأرنا الوهمي"

تمتم الأشيمط باستياء :

" مطوع مندس "



لم يكن ذلكم الفأر "مطوّعا مندسا" .. ولكن كما يقال "الأفاعي لا تلدغ نفسها" .. وهذه الفئران تعرف ألاعيب بعضها .. وتعلم دافع ما يطرح من قِبَلهم وقناعتهم بما يحاولون بثّه .. ولم تكن هذه الفكرة من ذي الألسنة مستغربة من قِبَل الفئران .. لأنهم دائما وأبدا ما يربطون تخلف المجتمع بعفّة نساءه .. !! ..



كانت الفرصة مواتية لذي الناب ليقفل فم ذا الألسنة بديباجة ثناء وشكر لهذه المساهمة الرائعة ..



يتبع ..

بريداوي 2000
27-10-08, 07:42 pm
مشكوووووووووووووور..........

عقيل الطلابة
28-10-08, 08:06 pm
(7)


صمت الجميع .. ثم التفت الفأر ذو الناب إلى فأر كبير بمرتبة "جرذ" .. وكان هذا الفأر قد اكتسب صيتا ومكانة بين الفئران .. ليس لمزيد ذكاء وفطنة .. ولا لثراء فكري وثقافي .. ولا لضخامة مجهود وتضحية .. بل لأنه تجاوز جميع الخطوط الملوّنة وتجرأ على المبدأ والسائد والثابت .. وبالمناسبة فهذه الطريقة تعتبر "الطريق الدائري" السريع بالنسبة للفئران الأحرار لكي يصلوا إلى الشهرة اللعينة .. وليصبحوا كل لسانٍ شاتم ولاعن ..

كان هذا الجرد قد التزم الصمت طيلة الوقت .. ولم ينْبس ببنت شَفة .. ولم يكن صمتُه من أجل عدم رضاه عن مجريات الأمور في ذلك المحفل كما ظنّ البعض .. بل من اجل خوفه من مستقبل الأيام ومن مصيرٍ كمصير البرامكة كما أسر لبعضهم .. وقد ألمح إلى هِجرتِه إلى أحد الخرائب المجاورة ..

قال له ذو الناب :



- هلاّ أدليت بدلوك يا أستاذنا .. ؟؟ ..



اعتدل الجرذ في جلسته .. ولمح الحاضرين بنظراته الخائرة من خلف زجاج نظّارته ذات الحجم العائلي .. وقد ارتسمت خطوط ٌمن الألم على جبينه واقترن حاجباه كآبةً .. وقد "بوّز" ببراطمه .. وهز رأسه هِزّة الآسي .. ثم قال :

"ا المسألة يا أصدقائي ليست مسألة فأر وهمي يتعرض للاغتيال .. إن الوضع أخطرُ وأكبرُ من هذا التسطيح والسّذاجة التي يعاني منها كل فأرٍ حرٍ تنويري للأسف .. ولا أعلم ما سبب هذا الغباء والخبال الذي يعتريكم ليجعل المسافة بيننا وبين بني البشر – حتى البسطاء منهم - شاسعة .. إن الحرية الفئرانية غير ناضجة وغير متبلورة .. إنني أعاني كثيرا منكم .. لم تقتصر المضايقات التي أواجهها من قبل بني البشر فحسب .. بل تعدتها إليكم .. حتى أصبحت منبوذا منكم انتم .. منبوذ من الفئران الأحرار .. حتى إن أحدا لم يستكتبني في صحيفته .. إن الصحافة ترفضني بشتى أطيافها بشدة .. إنكم احتشدتم هنا لأجل فأر لا حقيقة له .. ونسيتم أخوكم في الفئرانية الذي لم يعاني إلا منكم .. كم أود أن أهاجر وأذركم .. إنني أريد أن أبكي بكاء مرّا .. وااااااااااع ياماما .."



"غلام أكبر خائن" البنجالي يكفكف دموعه وقد اضطربت براطمه استجابة للعبرات المكبوته في جوفه .. وهو يتمتم :



- حرام .. هذا نفر قطّع قلب أنا شرايح .. هزا نفر سوي كسر في خاطر انا .. وجبر الخواطر على الله ..



فاضت نفوس الحاضرين بالتأثر والانفعال و خيّم جو من الكآبة والحداد على الحمام .. عفوا آقصد على قاعة الاجتماع .. وانقلبت الوجوه باسرة تكسوها الغبرة وأسقط في يد ذي الناب الكبير الذي أحس بفشل اجتماعه وخيبته فأراد أن يضفي جوّا من المرح على قاعة الاجتماع .. فالتفت إلى الفأر العجوز المثقف الذي انكب على جريدته يقرأ بنهم وشغف "صفحة المفقودات" .. فسأله بمكر :



- ألن تتخلى عن جريدتك أيه الديناصور .. !! ..



قهقه العجوز وقد صوّب نظره إليه بنظرات أشد مكرا :



- يبدو انك مللت من "جزيرتك" الخربة يا ذا الناب .. لن أتخلى عن جريدتي هذه إلا إذا قامت ناقة صالح من مضجعها المبارك ..

- لا لم أملّ منها يا سيدي .. وكيف أملّ من اكل عيشي .. !! ..



قهقه الجميع كسكارى ..



يتبع ..

عقيل الطلابة
31-10-08, 05:27 pm
(8)


استمر الاجتماع .. و مضى الركب يتحاثّون الخطى أيّهم أشدّ نكايةٍ وأعظم جناية .. وبعد ساعاتٍ من النقاشِ الجادّ والحوار الساخن والذي أظهر كل واحد منهم موهبته الفئرانية الفذّة وبرزت فيها إمكاناته الجرذية الوغدة .. انبثق عن هذا الاجتماع التوصيات والقرارت التالية :
1-تصعيد هذا الحدث - أي تهديد الفأر الوهمي - على المستويين المحلي والعالمي ..

2-يتم التواصل مع المزابل الأجنبية والتكاتُفُ معها لتحقيقِ بعض المكاسب الماديّة (وهو الاهم ) والمكاسب الاجتماعية والسياسية .. ولتصفية الحسابات القديمة مع التيارات البشرية ..

3-تهييج السلطات وزرع حبائل الفتنة وتحريض العامة على التيارات المخالفة .

4-استغلال المساحات الممنوحة للفئران الصحفية المستأجرة لتحقيق ما سبق .. بدلاً من استثمارِها في مناقشةِ القضايا الاجتماعيةِ والمخالفات الدينية والنوازل الاقتصادية والثغرات السياسية ..

5-استثمار كافة المنابر الاعلامية والمنتديات النتّية في تحقيق هذه الأهداف حتى لو أدى – لا سمح الله – إلى ارتفاع أسهُمِ الشيخ البشري الذي هدّد حياة فأرنا الوهمي وإلى تكريس شعبيته وظهور ماخفي من سيرته ونشاطه ومجهوده . ولو أدى أيضا – لا سمح الله – إلى انكشاف سذاجة الفئران وبساطة تفكيرها وتفاهة أهدافها ..

6-تأجيل مسألة "الوطن أولا" والوطنية وتقديس المواطنة - التي طالما امتحنّا بها عباد الله - كتكتيك مرحلي .. ولعن "سنسفيل" الوطن بتأليب المزابل الأجنبية عليه كفرصة استثمارية لا تعوّض لتصفية الحسابات القديمة وإحراج الحكومة البشرية ..

7- الضرب على وتر العنصرية .. وتعيير المخالفين ببلدانهم وأصولهم .. حتى لو كان منا معاشر الفئران الأحرار عديمي الأصل مشردي الوطن ..

8- استجحاش بعض أعضاء المنتديات النتّية الحرة والمستكتبين المرتزقة .. وسوقهم كالماشية إلى عنصريات مقيته و وأفكار ترفضها الأخلاق والمروءة .. في استفتاءات تمتحن فيها الولاءات ..

انفضّ الاجتماع .. وكلٌّ اخذ مسْرباً لتحقيقِ هدفه .. ويأبْى القدر .. إلا أن تخيب مساعي الفساد ..

يا فئراننا الأعزاء .. لن أقول لكم أكثر مما قاله الأديب اليمني في رسالته إليكم :
يا فار ..أيامك الطوال عار ..
وعهدك القصير عار ..
أكبر منك نملة ..
أشهر منك ريشة في جدار..
يا أمسنا الذبيح ..
يا فأرنا القبيح ..
تعبث في مصائر العباد ..
فخانك الظن وخانك الرشاد ..
أصبحت كومة من الرماد ..
تنام في انفراد ..
تصحو على انفراد ..
تسألك الريح ويسألك الجماد ..
ماذا صنعت قل ..
ماذا صنعت للبلاد ..
لا شئ يا صغير ..
يا فأرنا الحقير ..

وأنا بدوري أسألكم .. ماذا صنعتم للبلاد .. ؟؟ .. لا شئ يا صغار ..


زملائي الغالين .. تحياتي لكم .. ولا يمكن بحال أن أخفي امتناني لمتابعتكم ..
وأترقب بشوق لرؤاكم ومؤزارتكم ..
وطبتم وطاب مرآكم ..