&عــــزة كبرياء&
10-07-02, 04:05 am
ما أغرب الحكايات التي نسمع بها بين حين وآخر ، لكن أغرب هذه الحكاية سنسمع بها لو توجهنا إلى أحد أقسام الشرطة ، فالجرائم التي تحدث غالبا ما يكون لها أسباب ودوافع منها النفسية والاجتماعية ، وقد يحتار المحقق أو ضابط الشرطة في الوصول إلى الجاني نظرا لقلة الأدلة الموجودة أمامه ، وهنا لابد للضابط المتميز أن يرسم دائرة للمجموعة من الناس كان لها تعامل مباشر أو غير مباشر مع المجني عليه وبالطبع يفضل أن تكون هذه الدائرة صغيرة ، ولكن في حالة غريبة من نوعها مثل التي بين يدينا الآن يصعب على الضابط رسم دائرة صغيرة حيث أن المجني عليه – الذي وجد مقتولا – تعامل مع العديد من الناس وبالذات الجنس الناعم حيث سبق له أن تزوج سبع نساء في السابق بعد أن طلق بعضهن ، لذا كان على الضابط أن يستمع إلى جميع هؤلاء النسوة بالإضافة لمن لهم علاقة بالمجني عليه.
لم تكن هناك أدلة كافية حيث عثر في مكان الحادث على السكين التي طعن بها المجني عليه من الأمام كما أن هناك بعض الأوراق التي كان نصفها محترق تقريبا ، كان لا بد من التأكد من البصمات الموجودة في مكان الحادث وعلى السكين التي أرسلت للطبيب الشرعي .
وكان الضابط محتارا بمن يبدأ ولكنه أخيرا قرر البدء بالزوجة الأخيرة للمجني عليه، وبعد استدعاء الزوجة إلى القسم كان عليها أن تذكر كل ما تعرفه عن زوجها فحكت للضابط حكايتها وكيف تزوجت من المجني عليه وتتلخص حكايتها حسبما ذكرت للضابط كالأتي : ( اسمي كوثر ، كنت بنت فقيرة تنظر للحياة ببساطة شديدة جدا ، لم يكن يهمني في هذه الحياة أي شيء فرغم فقر الحال وقلة المصروف لم أكن أبالي بما قد يحدث لي حيث كنت أصرف المال على لباسي وزينتي فقط ، ولم أفكر يوما بمساعدة أهلي ، وفي يوم من الأيام تعرف أسعد – زوجي – على والدي وجاء لمنزلنا زائرا وحين شاهدني تحول من زائر عادي إلى فارس يطلب يدي من والدي لم أتردد في الموافقة على طلبه المفاجئ فلقد أخبرني أبي عنه الكثير والكثير فوافقت واشترطت عليه مهرا كبيرا وبيتا جميلا وحصلت على ما أريده ولكن بعد أن أصبحت زوجته لم يعد يهتم بي ، ومنعني من العمل أو الخروج وحتى الاتصال بأهلي و أقاربي ، تمنيت لو أعود لمنزلي ،تمنيت لو أشتري منه حريتي .. لقد ندمت على الزواج بشخص معقد مثله .. ولكن صبرت على أمل أن يطلقني كما فعل مع زوجاته السابقات أو يتغير ويصبح ذاك الفارس الذي حلمت به ، بقيت أحلم بذلك ولكن لم يحدث أي تغيير حتى سمعت هذا الخبر ، لا أنكر أنني فرحت به لأنني سأنال حريتي أخيرا ، ولكنه بالرغم من ذلك يظل زوجي الذي اخترته ليشاركني حياتي ) وذكرت في حديثها بعض المواقف التي تعرضت لها من زوجها والمعاملة التي كانت تلقاها منه كالضرب والشتم …إلخ.
وبعد أن أنهت كوثر حديثها أخذ الضابط يوجه لها العديد من الأسئلة ليتحقق مما قالته وليصل إلى درجة من الاقتناع بما قالته ، وفجأة وجه الضابط تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد؛ اندهشت كوثر وأخذت تدافع عن نفسها بشدة ، ولكن الضابط لم يرد أن يظلمها حيث أن الأدلة غير كافية لإثبات التهمة لذلك ترك كوثر تعود لمنزلها ولكنه أمر بعض عيونه بالتقصي والتحقق مما قالته وأمر بمراقبة تحركاتها واتصالاتها لحين ظهور الحقيقة.
ولكي لا يثير شك كوثر وليأخذ أقوال جميع من وضعهم في دائرة شكه كان عليه التحقيق مع زوجة أخرى ، وحين حضرت بدأت حديثها بصراحة شديدة أخبرت الضابط بكل صغيرة وكبيرة بدون أن تتردد ؛ فلقد أخبرته بالأتي ( اسمي أميرة .. أسماني أبي بهذا الاسم لأنه أرادني أن أغدو أميرة بطبعي وعزة نفسي ولكني لم أكن أميرة بالغنى والمال ، تعرفت على أسعد من خلال العمل حيث كنت أعمل في شركته موظفة علاقات عامة ، أعجب بي وحاول إغرائي بالمال ليتزوجني ولكنني رغم فقري رفضت ذلك بشدة ، ولكنه أصر ومع إصراري أخذ يعاملني معاملة سيئة في العمل وكان علي أن أصبر لأنني بحاجة ماسة للعمل ، ولم يكن بيدي غير الصبر فهو صاحب الشركة أخذ يخصم من راتبي تارة وبالإنذار تارة أخرى، لكنني لم آبه له ، وفي يوم من الأيام لعب علي لعبة حقيرة ليصل إلى مراده، في البداية نقلني إلى قسم الحسابات والشئون المالية بالشركة كانت مفاجأة مذهلة بالنسبة لي لم أكتشف سر هذا التغيير إلا في ساعة لا ينفع فيها الندم حيث جعلني أوقع على وصل أمانة بمبلغ مليون ريال - بدون أن أدري – حينها اتضح لي أسعد على صورته التي كرهته بها أشد الكره ، لم يترك لي أي مجال للمناقشة فهددني بأنني إن لم أوافقه على ما يريد فإنه سوف يسجنني ، أخيرا استسلمت له ووافقت على الزوج منه .. وعلى عكس ما توقعت منه فبعد الزواج تغيرت معاملته وحاول إسعادي ولكنني لم أنسى تلك الطريقة التي تزوجني بها لذلك أخذت أثير له المشاكل ليطلقني ولكنه لم يفعل بل أراد أن يهينني بالزواج من امرأة أخرى –كوثر – ولكنني على عكس ما توقع حيث أنني لم أبالي .. أراد أن يثير الغيرة لدي بأن أخذ يبيت خارج البيت وأعتقد أنه كان يبيت مع زوجتيه السابقتين سميرة أو زليخة .. ولكنه لم ينجح في التأثير عليّ ، حينها تغيرت تصرفاته معي فصار يضربني بسبب وبلا سبب .. وفي أخر ليلة جاءني سكران فمنعته من دخول المنزل فعاد أدراجه، بعدها وبالتحديد في اليوم الثاني علمت أنه قد قتل ، لقد انتهى أسعد ولكنني لم أكن سعيدة بذلك الخبر حيث أنني لم أتعود الشماتة على أي أحد )
وبعد أن انتهت أميرة من ذكر أقوالها أخذ الضابط يسألها العديد من الأسئلة منها الأسئلة الاستفزازية نوعا ما مثلا : إن من مصلحتك القضاء على أسعد لأنه لم يعاملك المعاملة الحسنة .. ألم تتمنين أن تكون أنت من قتله ؟ أجابت أميرة على هذا السؤال بالإيجاب ولكنها ذكرت أنها حاولت ولكنها لم تستطع لأنها تخاف أن تفعل ذلك، لقد أخطأت أميرة بهذا الرد ولكن الصراحة التي تعودت عليها دفعتها لقول الحقيقة بدون تردد، ولكن هذا الرد دفع الضابط إلى الأمر بإجراء الكشف النفسي على أميرة بالإضافة إلى الحبس على ذمة التحقيق ، ولكن هل ممكن أن تكون أميرة هي الجاني هذا السؤال وجهه الضابط إلى مساعده أثناء نقاش دار بينهما حول هذه القضية أم أن لكوثر دور في القضية أما هنالك أشخاص آخرون ، ولكن لما العجلة فالتحقيق لم ينتهي بعد ولابد تكملة مسيرة التحقيق للنهاية.
وفعلا تم استدعاء زليخة إحدى زوجات أسعد لأخذ أقوالها، وبدأت حديثها بذكر كل ما تعرفه بنوع من التردد فكانت تجيب على قدر السؤال فقط ، وكان الضابط هو من يسعى للوصول إلى الكنز الذي تحاول زليخة إخفاؤه وذلك من خلال حوار طويل بين الطرفين :
الضابط : كيف تزوجت من المجني عليه ؟
زليخة : أسعد .. إنسان كل فتاة تتمناه زوجا لها .. وحين تقدم لخطبتي لم أخفي إعجابي به فوافقت .
الضابط : ولكن كيف تعرفتما على بعضكما ؟
زليخة : نحن لم نتعارف على بعضنا فكما تعرف أنني من أسرة عريقة محافظة على عاداتها وتقاليدها وترفض هذا الأسلوب الذي يتبعه الكثيرون .
الضابط : ولكن كيف عرفت من يكون هذا الشخص الذي جاء لخطبتك ؟
زليخة : هذا سهل جدا فأسعد معروف من قبل أهلي بالإضافة إلى أنه مشهور.
الضابط : إذا هذا هو السبب الذي دفعك للزواج منه؟
زليخة : قد يكون هو ولكن هناك أشياء كثيرة ميزت أسعد عن غيره.
الضابط : وهل من الممكن أن أعرف ماهي هذه المميزات؟
زليخة : حسنا .. أسعد يختلف عن الناس الذين صادفتهم بأنه إنسان ذكي يعتمد على نفسه وله خبرة كبيرة في هذه الحياة على عكس باقي الشباب.
الضابط : منذ بدأنا التحقيق معك وأنت تعطينا جمل متقطعة ، أريدك أن تتعاوني معنا أكثر من ذلك وأن تذكري لنا أدق التفاصيل في حياتكما حتى يمكنني أن أشكل فكرة وانطباع حسنا عنك .
زليخة : (حسنا إليك القصة كما تريد .. بعد أن تزوجنا .. اتضح لي أن أسعد ليس ذاك الإنسان الذي حلمت به، لقد خدعني وخدع أهلي حين لم يخبرني بأنه كان متزوج من امرأة أخرى، ولعل هذا السبب الذي جعلني لا أثق به بتاتا ولكنني في نفس الوقت سعيت من أجل أن أزين نفسي وأظهر بالمنظر الحسن أمامه .. أردت منه أن يطلق سميرة لكنه كان يرفض لم أكن أدري ما هو السبب الذي يجعله يرفض؟ وحين أذكر له هذا الموضوع كان يضربني ، كنت أسأل نفسي إذا كان يحبها لهذه الدرجة لماذا تزوج عليها؟ أردت أن أعرف الجواب لكنه كان يضربني حين أسأله هذا السؤال كان يخفي شيئا حسبما أعتقد لكنه ليبعد عني وليروضني – كما قال – تزوج من أميرة ثم من كوثر .. لا أعرف كيف يفكر ولكنني علمت أنه قد طلق في السابق ثلاث غيرنا .. كنت أسأل نفسي هل هو يلهو بنا أم ماذا ؟، ولكنني لم أجد جواب على أسئلتي هذه .. فهلا أخبرتني ما الجواب ؟ )
الضابط : حين عرفت أسعد على حقيقته ألم تتمنين أن تتخلصي منه .. يطلقك مثلا أو … يموت مثلا ؟
زليخة : لو كنت أريده أن يطلقني لفعلت ولكنني خفت إن طلقني أن ينبذني أهلي بسبب العادات والتقاليد ...
الضابط ( مقاطعا ) : إذا فضلت الخلاص منه بموته؟
زليخة :لا .. أنا لم أقتله .. لأنني لو كنت قد قتلته فسيعايرني هذا الطفل الذي في بطني وسيسألني عن أباه حينها ماذا سأقول له ؟ لن أستطيع أن أكذب عليه وبالتالي سيكرهني أكثر من كرهي لأباه .. بل وقد ينتقم مني .. هذا الطفل هو من منعني من فعل ذلك .
الضابط : أنا لم أقل أنك قتلته .. لكنك تخلصت منه بعد أن قتل .
زليخة : نعم ولكن سيبقى اسمه معلقا بي ..
وهنا ينهي الضابط تحقيقه مع زليخة ولكنه لم يبعد تفكيره عنها بل جعلها من ضمن – دائرة الشك –حيث أرسل من يتقصى عن صحة المعلومات التي أدلت بها في التحقيق ، ولكن من خلال التحقيق مع زليخة كان عليه التحقيق مع سميرة أيضا فأرسل بطلبها ، وكالعادة بدأت سميرة حديثها بذكر أسمها وبعض التفاصيل عن حياتها قبل الزواج وبعده حيث ذكرت الأتي اسمي سميرة .. متزوجة من أسعد منذ حوالي 14 عام .. كنت أعرف بأنه كان متزوج مرتين ، ولكن رغم ذلك وافقت عليه ، لأنني أحسست أنه يحبني بالفعل ، في ذلك الوقت كنت ابنة رجل ثري جدا وحين توفي أبي بعد سنوات أصبحت وريثته الوحيدة ، حينها اكتشفت حقيقة أسعد حين طلب مني أن أعطيه توكيلا شرعيا لتسيير ممتلكاتي ، ولكنني كنت أذكى مما كان يعتقد حيث أعطيته التوكيل بشروط معينة منها شرط أساسي هو توقيعي على أي عقد يراد به بيع أي عقار لأي طرف آخر ، وبهذا الشرط تمكنت من الحفاظ على ممتلكاتي حاول أسعد إقناعي بإلغاء هذا الشرط خصوصا حينما كنت حامل بولده الوحيد مني وذلك بحجة الخوف علي من التعب ولكني رفضت بشدة ، لم يكن يستطيع إيذائي لأنني كنت أملك ما يريده ولهذا السبب لم أبالي كثيرا حين تزوج علي لأنني كنت أعلم بأنه لن يستغني عني أبدا ، ولكن لأعطيه وميضا من الأمل كان علي التنازل بشيء بسيط فأصبح له نصيب في الشركة يقدر بالخمس تقريبا وكان من المفروض أن يصل نصيبه بعد أيام للربع ولكن الأقدار جاءت فمنعته مما يريد ، صحيح أنه مات ولكن تعلمت من الحياة معه أنه من الصعوبة علينا العيش مع شخص طامع في ما نملكه .. ولكنني صبرت إلى أن جاء الفرج أخيرا )
أنهت سميرة حديثها ثم وجه لها الضابط بعض الأسئلة وبذلك انتهى التحقيق مع سميرة ، وبعد أن خرجت سأل الضابط مساعده عن رأيه في هذه القضية فأجاب
بالأتي : ( قضية معقدة .. كل الزوجات يكرهن المجني عليه ، هناك من سلبها حريتها وهناك من أجبرتها العادات والتقاليد على الزواج منه وهناك من خدعها ليتزوجها وهناك من تزوجها طامعا في مالها .. ولكن أرى أن سميرة كانت واثقة من نفسها أما أميرة فكانت صريحة جدا أما زليخة فاعتقد بأنها ما زالت تخفي أشياء عنا .. ولكن دعنا لا نتعجل الأمور ونكمل التحقيق مع النساء اللواتي طلقهن).
: :
لم تكن هناك أدلة كافية حيث عثر في مكان الحادث على السكين التي طعن بها المجني عليه من الأمام كما أن هناك بعض الأوراق التي كان نصفها محترق تقريبا ، كان لا بد من التأكد من البصمات الموجودة في مكان الحادث وعلى السكين التي أرسلت للطبيب الشرعي .
وكان الضابط محتارا بمن يبدأ ولكنه أخيرا قرر البدء بالزوجة الأخيرة للمجني عليه، وبعد استدعاء الزوجة إلى القسم كان عليها أن تذكر كل ما تعرفه عن زوجها فحكت للضابط حكايتها وكيف تزوجت من المجني عليه وتتلخص حكايتها حسبما ذكرت للضابط كالأتي : ( اسمي كوثر ، كنت بنت فقيرة تنظر للحياة ببساطة شديدة جدا ، لم يكن يهمني في هذه الحياة أي شيء فرغم فقر الحال وقلة المصروف لم أكن أبالي بما قد يحدث لي حيث كنت أصرف المال على لباسي وزينتي فقط ، ولم أفكر يوما بمساعدة أهلي ، وفي يوم من الأيام تعرف أسعد – زوجي – على والدي وجاء لمنزلنا زائرا وحين شاهدني تحول من زائر عادي إلى فارس يطلب يدي من والدي لم أتردد في الموافقة على طلبه المفاجئ فلقد أخبرني أبي عنه الكثير والكثير فوافقت واشترطت عليه مهرا كبيرا وبيتا جميلا وحصلت على ما أريده ولكن بعد أن أصبحت زوجته لم يعد يهتم بي ، ومنعني من العمل أو الخروج وحتى الاتصال بأهلي و أقاربي ، تمنيت لو أعود لمنزلي ،تمنيت لو أشتري منه حريتي .. لقد ندمت على الزواج بشخص معقد مثله .. ولكن صبرت على أمل أن يطلقني كما فعل مع زوجاته السابقات أو يتغير ويصبح ذاك الفارس الذي حلمت به ، بقيت أحلم بذلك ولكن لم يحدث أي تغيير حتى سمعت هذا الخبر ، لا أنكر أنني فرحت به لأنني سأنال حريتي أخيرا ، ولكنه بالرغم من ذلك يظل زوجي الذي اخترته ليشاركني حياتي ) وذكرت في حديثها بعض المواقف التي تعرضت لها من زوجها والمعاملة التي كانت تلقاها منه كالضرب والشتم …إلخ.
وبعد أن أنهت كوثر حديثها أخذ الضابط يوجه لها العديد من الأسئلة ليتحقق مما قالته وليصل إلى درجة من الاقتناع بما قالته ، وفجأة وجه الضابط تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد؛ اندهشت كوثر وأخذت تدافع عن نفسها بشدة ، ولكن الضابط لم يرد أن يظلمها حيث أن الأدلة غير كافية لإثبات التهمة لذلك ترك كوثر تعود لمنزلها ولكنه أمر بعض عيونه بالتقصي والتحقق مما قالته وأمر بمراقبة تحركاتها واتصالاتها لحين ظهور الحقيقة.
ولكي لا يثير شك كوثر وليأخذ أقوال جميع من وضعهم في دائرة شكه كان عليه التحقيق مع زوجة أخرى ، وحين حضرت بدأت حديثها بصراحة شديدة أخبرت الضابط بكل صغيرة وكبيرة بدون أن تتردد ؛ فلقد أخبرته بالأتي ( اسمي أميرة .. أسماني أبي بهذا الاسم لأنه أرادني أن أغدو أميرة بطبعي وعزة نفسي ولكني لم أكن أميرة بالغنى والمال ، تعرفت على أسعد من خلال العمل حيث كنت أعمل في شركته موظفة علاقات عامة ، أعجب بي وحاول إغرائي بالمال ليتزوجني ولكنني رغم فقري رفضت ذلك بشدة ، ولكنه أصر ومع إصراري أخذ يعاملني معاملة سيئة في العمل وكان علي أن أصبر لأنني بحاجة ماسة للعمل ، ولم يكن بيدي غير الصبر فهو صاحب الشركة أخذ يخصم من راتبي تارة وبالإنذار تارة أخرى، لكنني لم آبه له ، وفي يوم من الأيام لعب علي لعبة حقيرة ليصل إلى مراده، في البداية نقلني إلى قسم الحسابات والشئون المالية بالشركة كانت مفاجأة مذهلة بالنسبة لي لم أكتشف سر هذا التغيير إلا في ساعة لا ينفع فيها الندم حيث جعلني أوقع على وصل أمانة بمبلغ مليون ريال - بدون أن أدري – حينها اتضح لي أسعد على صورته التي كرهته بها أشد الكره ، لم يترك لي أي مجال للمناقشة فهددني بأنني إن لم أوافقه على ما يريد فإنه سوف يسجنني ، أخيرا استسلمت له ووافقت على الزوج منه .. وعلى عكس ما توقعت منه فبعد الزواج تغيرت معاملته وحاول إسعادي ولكنني لم أنسى تلك الطريقة التي تزوجني بها لذلك أخذت أثير له المشاكل ليطلقني ولكنه لم يفعل بل أراد أن يهينني بالزواج من امرأة أخرى –كوثر – ولكنني على عكس ما توقع حيث أنني لم أبالي .. أراد أن يثير الغيرة لدي بأن أخذ يبيت خارج البيت وأعتقد أنه كان يبيت مع زوجتيه السابقتين سميرة أو زليخة .. ولكنه لم ينجح في التأثير عليّ ، حينها تغيرت تصرفاته معي فصار يضربني بسبب وبلا سبب .. وفي أخر ليلة جاءني سكران فمنعته من دخول المنزل فعاد أدراجه، بعدها وبالتحديد في اليوم الثاني علمت أنه قد قتل ، لقد انتهى أسعد ولكنني لم أكن سعيدة بذلك الخبر حيث أنني لم أتعود الشماتة على أي أحد )
وبعد أن انتهت أميرة من ذكر أقوالها أخذ الضابط يسألها العديد من الأسئلة منها الأسئلة الاستفزازية نوعا ما مثلا : إن من مصلحتك القضاء على أسعد لأنه لم يعاملك المعاملة الحسنة .. ألم تتمنين أن تكون أنت من قتله ؟ أجابت أميرة على هذا السؤال بالإيجاب ولكنها ذكرت أنها حاولت ولكنها لم تستطع لأنها تخاف أن تفعل ذلك، لقد أخطأت أميرة بهذا الرد ولكن الصراحة التي تعودت عليها دفعتها لقول الحقيقة بدون تردد، ولكن هذا الرد دفع الضابط إلى الأمر بإجراء الكشف النفسي على أميرة بالإضافة إلى الحبس على ذمة التحقيق ، ولكن هل ممكن أن تكون أميرة هي الجاني هذا السؤال وجهه الضابط إلى مساعده أثناء نقاش دار بينهما حول هذه القضية أم أن لكوثر دور في القضية أما هنالك أشخاص آخرون ، ولكن لما العجلة فالتحقيق لم ينتهي بعد ولابد تكملة مسيرة التحقيق للنهاية.
وفعلا تم استدعاء زليخة إحدى زوجات أسعد لأخذ أقوالها، وبدأت حديثها بذكر كل ما تعرفه بنوع من التردد فكانت تجيب على قدر السؤال فقط ، وكان الضابط هو من يسعى للوصول إلى الكنز الذي تحاول زليخة إخفاؤه وذلك من خلال حوار طويل بين الطرفين :
الضابط : كيف تزوجت من المجني عليه ؟
زليخة : أسعد .. إنسان كل فتاة تتمناه زوجا لها .. وحين تقدم لخطبتي لم أخفي إعجابي به فوافقت .
الضابط : ولكن كيف تعرفتما على بعضكما ؟
زليخة : نحن لم نتعارف على بعضنا فكما تعرف أنني من أسرة عريقة محافظة على عاداتها وتقاليدها وترفض هذا الأسلوب الذي يتبعه الكثيرون .
الضابط : ولكن كيف عرفت من يكون هذا الشخص الذي جاء لخطبتك ؟
زليخة : هذا سهل جدا فأسعد معروف من قبل أهلي بالإضافة إلى أنه مشهور.
الضابط : إذا هذا هو السبب الذي دفعك للزواج منه؟
زليخة : قد يكون هو ولكن هناك أشياء كثيرة ميزت أسعد عن غيره.
الضابط : وهل من الممكن أن أعرف ماهي هذه المميزات؟
زليخة : حسنا .. أسعد يختلف عن الناس الذين صادفتهم بأنه إنسان ذكي يعتمد على نفسه وله خبرة كبيرة في هذه الحياة على عكس باقي الشباب.
الضابط : منذ بدأنا التحقيق معك وأنت تعطينا جمل متقطعة ، أريدك أن تتعاوني معنا أكثر من ذلك وأن تذكري لنا أدق التفاصيل في حياتكما حتى يمكنني أن أشكل فكرة وانطباع حسنا عنك .
زليخة : (حسنا إليك القصة كما تريد .. بعد أن تزوجنا .. اتضح لي أن أسعد ليس ذاك الإنسان الذي حلمت به، لقد خدعني وخدع أهلي حين لم يخبرني بأنه كان متزوج من امرأة أخرى، ولعل هذا السبب الذي جعلني لا أثق به بتاتا ولكنني في نفس الوقت سعيت من أجل أن أزين نفسي وأظهر بالمنظر الحسن أمامه .. أردت منه أن يطلق سميرة لكنه كان يرفض لم أكن أدري ما هو السبب الذي يجعله يرفض؟ وحين أذكر له هذا الموضوع كان يضربني ، كنت أسأل نفسي إذا كان يحبها لهذه الدرجة لماذا تزوج عليها؟ أردت أن أعرف الجواب لكنه كان يضربني حين أسأله هذا السؤال كان يخفي شيئا حسبما أعتقد لكنه ليبعد عني وليروضني – كما قال – تزوج من أميرة ثم من كوثر .. لا أعرف كيف يفكر ولكنني علمت أنه قد طلق في السابق ثلاث غيرنا .. كنت أسأل نفسي هل هو يلهو بنا أم ماذا ؟، ولكنني لم أجد جواب على أسئلتي هذه .. فهلا أخبرتني ما الجواب ؟ )
الضابط : حين عرفت أسعد على حقيقته ألم تتمنين أن تتخلصي منه .. يطلقك مثلا أو … يموت مثلا ؟
زليخة : لو كنت أريده أن يطلقني لفعلت ولكنني خفت إن طلقني أن ينبذني أهلي بسبب العادات والتقاليد ...
الضابط ( مقاطعا ) : إذا فضلت الخلاص منه بموته؟
زليخة :لا .. أنا لم أقتله .. لأنني لو كنت قد قتلته فسيعايرني هذا الطفل الذي في بطني وسيسألني عن أباه حينها ماذا سأقول له ؟ لن أستطيع أن أكذب عليه وبالتالي سيكرهني أكثر من كرهي لأباه .. بل وقد ينتقم مني .. هذا الطفل هو من منعني من فعل ذلك .
الضابط : أنا لم أقل أنك قتلته .. لكنك تخلصت منه بعد أن قتل .
زليخة : نعم ولكن سيبقى اسمه معلقا بي ..
وهنا ينهي الضابط تحقيقه مع زليخة ولكنه لم يبعد تفكيره عنها بل جعلها من ضمن – دائرة الشك –حيث أرسل من يتقصى عن صحة المعلومات التي أدلت بها في التحقيق ، ولكن من خلال التحقيق مع زليخة كان عليه التحقيق مع سميرة أيضا فأرسل بطلبها ، وكالعادة بدأت سميرة حديثها بذكر أسمها وبعض التفاصيل عن حياتها قبل الزواج وبعده حيث ذكرت الأتي اسمي سميرة .. متزوجة من أسعد منذ حوالي 14 عام .. كنت أعرف بأنه كان متزوج مرتين ، ولكن رغم ذلك وافقت عليه ، لأنني أحسست أنه يحبني بالفعل ، في ذلك الوقت كنت ابنة رجل ثري جدا وحين توفي أبي بعد سنوات أصبحت وريثته الوحيدة ، حينها اكتشفت حقيقة أسعد حين طلب مني أن أعطيه توكيلا شرعيا لتسيير ممتلكاتي ، ولكنني كنت أذكى مما كان يعتقد حيث أعطيته التوكيل بشروط معينة منها شرط أساسي هو توقيعي على أي عقد يراد به بيع أي عقار لأي طرف آخر ، وبهذا الشرط تمكنت من الحفاظ على ممتلكاتي حاول أسعد إقناعي بإلغاء هذا الشرط خصوصا حينما كنت حامل بولده الوحيد مني وذلك بحجة الخوف علي من التعب ولكني رفضت بشدة ، لم يكن يستطيع إيذائي لأنني كنت أملك ما يريده ولهذا السبب لم أبالي كثيرا حين تزوج علي لأنني كنت أعلم بأنه لن يستغني عني أبدا ، ولكن لأعطيه وميضا من الأمل كان علي التنازل بشيء بسيط فأصبح له نصيب في الشركة يقدر بالخمس تقريبا وكان من المفروض أن يصل نصيبه بعد أيام للربع ولكن الأقدار جاءت فمنعته مما يريد ، صحيح أنه مات ولكن تعلمت من الحياة معه أنه من الصعوبة علينا العيش مع شخص طامع في ما نملكه .. ولكنني صبرت إلى أن جاء الفرج أخيرا )
أنهت سميرة حديثها ثم وجه لها الضابط بعض الأسئلة وبذلك انتهى التحقيق مع سميرة ، وبعد أن خرجت سأل الضابط مساعده عن رأيه في هذه القضية فأجاب
بالأتي : ( قضية معقدة .. كل الزوجات يكرهن المجني عليه ، هناك من سلبها حريتها وهناك من أجبرتها العادات والتقاليد على الزواج منه وهناك من خدعها ليتزوجها وهناك من تزوجها طامعا في مالها .. ولكن أرى أن سميرة كانت واثقة من نفسها أما أميرة فكانت صريحة جدا أما زليخة فاعتقد بأنها ما زالت تخفي أشياء عنا .. ولكن دعنا لا نتعجل الأمور ونكمل التحقيق مع النساء اللواتي طلقهن).
: :