المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكايتـ ..ـي / ــها / ــنا


كليم الصمت
20-09-08, 07:33 am
الساعة كانت تشير إلى الثانية ليلا حينما أدار محرك سيارته
انتظر برهة قبل أن يتحرك من مكانه، الأفكار الكثيرة تخنق أنفاسه
زفرات ساخنة تتسابق للخروج من صدره، يشعر بثقل كبير في رأسه
صداع يأتي ويذهب، يقبض بيديه على مقود السيارة بعنف.. وهو يهم بالرجوع إلى الخلف خارجا من باب منزله
يسير للخلف.. أو تسير به السيارة، هو لايشعر بأن لديه قدرة على تحريك نفسه فكيف سيحرك السيارة.!؟

حينما اكتمل خروج السيارة خارج فناء المنزل، وقبل أن يضغط بيده على ريموت الباب الكهربائي
وقف ليتأمل الداخل، المسطحات الخضراء لم تكن جميلة في عينيه هذه الليلة كما هي كل يوم
شعر بغصة حارقة.. ابتلع ريقه، همهم مع نفس ثقيل صعد به إلى أعلى روحه..
أدار سيارته نحو الأمام، قادها دون أن يعرف إلى أين يذهب، فقط يريد أن (يتنفس)
كما كان يردد كثيرا، كان يشعر أن قيادة السيارة تمنحه القدرة على التفكير السليم
كما تجعله يشعر بالراحة لأنه يفكر بشكل جيد، لكن هذا اليوم مختلف، حتى وهو يسير في طريق طويل
كان يشعر بالاختناق، يفتح نافذة السيارة ليقطع عليه صوت الهواء المنبعث من الخارج حبل أفكاره..!
هو لايفكر بحل، إنما مأساة تعتمل داخل روحه..!

أخرج من جيبه ورقة صفراء، رفعها أمام عينيه وهو لايكاد يرى ما أمامه
تنبه.. وقال : ليت ذلك يحدث..!
لقد فكر بأنه يمكنه أن يصطدم بالشاحنة التي أمامه، لم يكره ذلك
ربما عده خلاصا من آلام روحه، أومأ برأسه إلى الأسفل
زفر زفرة ساخنة ثم قال:
- هل يمكن أن يحدث لي هذا..؟ هل حان وقت سداد الديون التي في ذمتي للآخرين..؟ كنت البادئ.. كنت الظالم.. لكني لم أتخيل أن أكون الضحية..!
أومأ برأسه يمينا ويسارا، ضرب بيده اليمنى مقود السيارة وهو يجمعها بشدة
صاح وكأنما يريد إيصال صوته آلاف الأميال..
- أنا غير.. ..!!!
فتح الورقة الصفراء التي كانت بيده، كانت السيارة تسير بسرعة منخفضة في طريق شبه خال، وقعت عيناه على.....
- كلامك يطربني حبيبي.. أنت أجمل إنسان في الوجود..!!
احتقن وجهه، عض على أسنانه، حرك ذقنه بعنف وهو يقرأ الجملة الأخيرة
رددها بصوت عال
: الوجوووووووود…؟؟ الوجووود..؟
عاد إلى الورقة مرة أخرى، شعر أن قلبه يكاد يخرج من صدره من شدة خفقانه
حينما لمح وجوه مبتسمة بعد تلك العبارة.. ووردة حمراء أسفل منها.. قرأ
رمز الحياة:- حياتي.. اقسم بالله أني لا أكذب عليك إن قلت لك أنك أعز إنسانة علي في الدنيا..
الأسيرة:- تسلم ياعمري.. والله عارفة هالشي من غير ماتحلف..!
لم يستطع أن يكمل ذلك الحوار، جمع بقبضته الورقة الصفراء ورماها في المقعد المجاور، شعر أنه يكاد يجن ...
- معقولة أن تقول هي هذا الكلام..؟ أين حبها ووفائها لي..؟ لو فعلته مليون امرأة في الدنيا لما انتظرت أن تفعله سلوى..! ثم من هو هذا الذي تتحادث معه..؟ كيف سحرها وسلب لب قلبها..؟ متى.. وكيف.. ولمااااااذا..؟ ثم هل بهذه السهولة تقع في عشقه وغرامه..؟ لم أكن أتوقع أن تكون بمثل هذا الاندفاع والضعف..



للحكايــة بقيـــــة.............

كليم الصمت
21-09-08, 06:28 am
أسئلة ثقيلة تداهم عقله الكسيح
آهات متعاقبة تنتثر بين أضلعه فلا تكاد حينما تخرج أن تمنحه الشعور بالصفاء
كان يوم أمس يوما كئيبا في حياة خالد
حينما عاد إلى المنزل بعد عناء يوم عمل شاق، كانت سلوى بانتظاره كعادتها بأبهى زينتها
جلس يتصفح الصحف التي جلبها معه من العمل بينما تجهز له زوجته الغداء
لاحظ أن جهاز اللاب توب الخاص بزوجته مفتوح اقترب أكثر ليلحظ أن برنامج المحادثة (الماسنجر) مفتوح
قرب الجهاز منه، لاحظ الحوار الطويل الذي يقطر شهدا وعسلا، كان غزلا فاضحا
يكشف عن حب عميق.. وليست مجرد علاقة عابرة، هكذا قرأ الحوار بسرعة
انصرف عن الجهاز حينما شعر بقدوم سلوى، تشاغل بقراءة الجريدة
كان ينظر إليها ويشعر أن الدنيا كلها تجثم فوق صدره، لكنه لم يبن لها شيئا
رغم محاولتها الحديث معه، لكنه أظهر الانشغال ولم يعقب كثيرا على كلامها
انتهى من الغداء قبل أن يبدأ.. لم يشعر أن له طعما في فيه
جوعه الذي قدم به من العمل أصبح شبعا يكفيه سنوات..!

حينما صلى العصر من ذلك اليوم، أوصل زوجته لبيت أهلها لزيارة عادية
وعاد فورا للبيت، دخل بسرعة وخرج بسرعة وهو يحمل جهاز اللاب توب الخاص بزوجته
توجه على الفور لصديقه هشام في مكتبه، طلب منه أن يبحث في الجهاز عن (كل) شيء
مالذي كان يدور فيه..؟ لم يشعر بأهمية التقنية والتعرف على عالم الحاسب الآلي بمثل هذا اليوم
كان مستعدا أن يدفع آلاف الريالات ليتعلم كيف يكشف ماكان يدور في غيابه..!

تردد هشام كثيرا في أن يخبر خالد بما وجده في الجهاز
لكنه تذكر أن خالد صديقه وأنه لم يقصده إلا ليساعده، فتح هشام العديد من الحوارات بين (رمز الحياة) وبين (الأسيرة) في الماسنجر والتي كانت مخبأة في مجلد المحادثات
فتح له أيضا عددا من الرسائل المتبادلة بينهما في البريد الالكتروني
كان أغلبها سؤالا شغوفا بعدم الدخول مساء أمس أو ترتيبا لموعد (حواري / غرامي) جديد
الصدمة أكبر من يتحملها عقل خالد المسكين.. فكيف بقلبه.!؟ كيف يتحول الجهاز الذي أهداه لزوجته سلوى بمناسبة مرور خمسة أعوام على زواجهما لأداة تقتل حبه وحياته لها..؟

كان يقرأ الصفحات التي فتحها له هشام وانصرف تاركا إياها بغية عدم إحراجه
يقرأها وهو يقف أمام صور مؤلمة من الخيانة العظيمة..!

الأسيرة: أنا أحسد زوجتك عليك.. أنت إنسان غير عادي..
- رمز الحياة: مين اللي يحسد مين..؟ أنا لو بيدي أذبح زوجك وأستولي عليك..
- الأسيرة: لا.. حرام كلش إلا الذبح…!!

فعلا .. (كلش .. إلا الذبح).. هو لايعلم أنها لو ذبحته لكان أهون عليه لأنه لن يشعر بهذا الشعور القاتل بالألم والحسرة، لو غرزت سكينا في أحشائه، أو انتزعت قلبه من صدره، على أن يفارق الحياة.. ويسكن ألمه وتهدأ جوارحه، وتتوقف أنفاسه.. أهون بمراااات مما يعانيه وهو يقرأ سطورها الموغلة في النذالة.. المفرطة في الغدر والخيانة..


حكايتـــ...... باقية..!!!

كليم الصمت
23-09-08, 12:15 am
كانت الدنيا تدور فيه، لم يشعر بهشام وهو يدخل عليه المكتب، ويجلس أمامه، تنبه على صوته:
- خالد.. خذ البياله، اشرب شاي وروق أعصابك..
رفع يده بطريقة ميكانيكية وتناول (البيالة) ليضعها بجواره، ليعود إلى شاشة اللابتوب أمامه
وضع هشام يده على كتف خالد.. وكأنه يرفعه إليه، حينما التقت عينا خالد بعيني هشام قال له هشام..
- خالد.. مهم أنك تعرف أن العالم اللي قدامك هذا عالم وهمي، أشبه بالخيال، ليس بالضرورة أن نتعامل معه كحقيقة..
لم ينطق خالد ببنت شفه، نظر إلى هشام نظرات غائرة، كان يبحث عن كلام يقوله.. لكنه لم يجد.. ليعود هشام مرة أخرى للحديث..
- لم يكن بودي أن أكشف لك هذه الصفحات، لكن ثقتك بي وكونك صديقي الذي يهمني أمره، جعلني أفعل ذلك، المهم أن تعلم أنه ليس بالضرورة أن كل ما قرأته أمامك هو مشاعر صادقة.. امنح عقلك قبل مشاعرك فرصة، حاول أن تفهم أكثر قبل أن تفعل شيئا تندم عليه..!

كانت الكلمة الأخيرة من هشام تحمل مايشبه التهديد.. أو التخويف، هكذا فهمها خالد، ساد صمت قصير.. قبل أن ينطق خالد موجها كلامه نحو هشام:
- ممكن تطبع لي هذه الكتابات..؟
- لا أنصحك.. بذلك..! حاول أن تتناسى الأمر..
- لم أسألك النصيحة..! هل من الممكن أن تساعدني بذلك..!
- حسنا.. الحوار طويل والرسائل كثيرة كما ترى.. لعلك تختار منها ماتريد.. وأنا حاضر..!

حدد خالد رسالتين وحواري ماسنجر ليطلب من هشام طباعتها له، اعتذر هشام من أنه لايملك سوى ورقا أصفر في هذا الوقت، ربما أن هشام قصد أن يوصل لخالد معنى آخر في عدم (صدقية) هذه الحوارات..
نهض خالد من كرسيه.. حاملا بيده جهاز اللاب توب دون أن يقوم بإطفائه، نظر إلى هشام وهو يهم بالخروج.. وقال له:
- في أمان الله...!

ركب خالد سيارته مغادرا مكتب زميله هشام، ركب ووابل من الهموم تملأ قلبه وعقله، سار وسط طريق مكتظ بالسيارات، أوقفته الإشارة الحمراء، انتهز وقت الانتظار ليلقي نظرة على الأوراق التي طبعها له هشام، لم ينتبه إلا على أصوات منبهات السيارات خلفه تحثه على المسير بعد أن أضاءت الإشارة لونها الأخضر، دلف إلى الطريق السريع.. كان يسير ببطء قبل أن يقرر التوقف في مكان ناء، أنزل مقعده في وضع الارتخاء، جال ببصره أرجاء المكان الخالي أمامه، ثمة شجيرات اكتست بالسواد، بعد موجة البرد التي ضربت المدينة قبل أشهر، الوريقات الخضراء تحاول الظهور من جديد لتزيح الأوراق الذابلة بفعل البرد القارس، مرت مدة طويلة على ذلك.. كيف لم تعد الأوراق خضراء كما كانت..؟ ربما هو شح في الماء.. أدى لتأخر ظهورها..؟ الأرض جوار الطريق تبدو جرداء.. لم تنعم هذا العام بأمطار تسقي عطشها الشديد، شتاءنا كان عذابا في برودته الشديدة قمة في جفاف أمطاره المعتاد..
تنفس بصعوبة وهو يلقي ببصره على الأوراق الصفراء التي طبعها له هشام للتو...
- الأسيرة: حبيبي ونور عيني.. ليه خليتني أحبك..؟
- رمز الحياة: الحب يأتينا.. ولا نأتي إليه..
- الأسيرة: تتذكر يوم طلبت إضافتي على الماسن.. كنت سأموت من شدة الخوف..!
- ..............
- الأسيرة: وينك..؟ ليش ماترد..؟
- رمز الحياة: معاك يابعد عمري.. كان معي تلفون..
- رمز الحياة: لو هجرت الكون كله.. أنتي ما أتركك أبد..
- رمز الحياة: ماتتصورين وش كثر تغيرت حياتي يوم عرفتك..
- رمز الحياة: صدقيني خيالك معاي في كل مكان، حتى وأنا أصلي بالمسجد.. أفكر فيك..!!
- الأسيرة: ياربيه..!!! تكفى لاتعذبني أكثر.. بموت من كلامك الحلو..
- رمز الحياة: سلامتك من الموت.. حياتي..!



حايتــ..... لم تنته بعد

كليم الصمت
23-09-08, 07:32 am
التاريخ الذي يظهر أعلى الحوار يشير إلى أنه كان يوم الجمعة الماضية، أي قبل ثمانية أيام
الساعة تشير إلى الثانية و40 دقيقة بعد منتصف الليل
إذن كانت تتركه في الفراش حيث ينام مبكرا ليصحوا مبكرا لارتباطه بالعمل الصباحي
كانت تسهر كثيرا حتى الفجر إذ لاعمل لها في الصباح، بين لها أكثر من مرة أنه غير مرتاح من سهرها لوحدها
لم يكن يخاف من شيء محدد، بل لم يكن يعرف شيئا كثيرا عن برنامج الماسنجر
لكنه كان يرى أن السهر خاطئ لمثلها، كانت تتحجج بأنها تشعر بالهدوء في هذا الوقت
وأنها لاتبدع فيما تكتبه من خواطر ومقالات تنشرها في (المنتدى) إلا في آخر الليل
كان يثق فيها ثقة عمياء، فعلاقتها بربها كانت أكثر شيء أحبه فيها
كانت لاتترك قيام الليل، فضلا عن السنن الرواتب قبل وبعد الصلوات
بل أنها كانت كثيرا ما تخاصمت معه بسبب تركه آداء الصلاة جماعة في المسجد
أخلاقها العالية.. وسمو شخصيتها الرائع الذي دائما ماترنم به أمامها
وقال أنه سحرها الخاص الذي يجب أن تباهي به الجميع
كان يعتبرها ملاكا أنزل له من السماء، لايمكن أن تنزلق في مثل هذه الوحول المتسخة
هل تراه يصدق ماقاله له هشام.. من أن العالم الذي قرأه وعاشته زوجته..
عالم غير حقيقي..؟ كيف يكون غير حقيقي.. وعبارات الوله والعشق والشوق تنطق في كل حرف من حروفه..؟
كيف يمكن أن يكون عالما وهميا.. قائما على الخيال..؟
أليس هو (علاقة) مودة بين (اثنين) ينظمان حروفهما بإيعاز من (القلب)..؟
مالذي يمكن أن تكون كلمات قيس قد قالته لليلى.. ولم يقله (رمز) لـ(الأسيرة)..؟ هل هو الأسلوب..؟ إن (روح) أشعار قيس.. هي ذاتها (روح) حوارات (رمز) لـ(الأسيرة)..!!

حواره العميق مع ذاته لايتوقف، أسئلة.. خيالات.. تثقل صدره الكئيب وتشل عقله عن التفكير المنظم
انتبه على صوت هاتفه الجوال، لم يشعر برغبة بالنظر إلى من يكون المتصل، لكن توالي الرنين جعله يرفعه أمام عينيه..
- ماذا تريد..؟ هل هذا وقته..؟

رمى بالجوال على المرتبة الجانبية.. أدار بعفوية مفتاح الراديو.. جاءه صوت المذيع يترنم بهذه الكلمات..

علمني حبك ..
أن أبكي من غير بكاء
علمني كيف ينام الحزن
كغلام مقطوع القدمين..
في طرق (الروشة) و (الحمراء)..

***
علمني حبك أن أحزن..
و أنا محتاج منذ عصور
لامرأة.. تجعلني أحزن
لامرأة.. أبكي بين ذراعيها..
مثل العصفور..
لامرأة تجمع أجزائي..
كشظايا البللور المكسور

أغلق المذياع... ردد بتأفف..
- حبك.. حبك..!!

عاد يمسك مجددا بالأوراق الصفراء، وعينه لاتفارق الجوال حيث استقر
الاتصال يعود مرة أخرى.. ينظر لاسم المتصل وهو في كرسيه، إنها هي..
هل شعرت بحجم ألامه وتريد التخفيف عنه..؟ ترى.. هل رسائل فؤاده المكسور وصلتها وهي هناك لتتصل..؟؟
بتثاقل وعدم رغبة رفع الجوال ...
- نعم..!!
- هلا خالد شلونك..
شعر أن كلامها كسكين تتغلغل داخل صدره، لم تقل له (حبيبي) أو (عمري)..
يبدو أن هناك من هو أحق بها منه.. قطع حبل أفكاره على صوتها..
- وينك...؟ ليش ماترد..؟
- ماذا تريدين..؟
- أنت وينك فيه ألحين..
بحزم.. ونفسية متعبة.. وصوت مرتفع رد خالد..
- قولي ماذا تريدين بسرعة..؟ ليس من الضروري أن تعلمي أين أنا..
- طيب.. طيب .. لاتعصب !! تقدر تجي تودينا أنا وأهلي للاستراحة..؟ لايوجد أحد من إخوتي هنا..

حمل هواء داخل صدره.. تأوه بهدوء.. صم شفتيه.. ليخرج نفسا من أنفه.. أخرج على دفعات.. كأنه يريد أن يخرج شيئا في داخله يرفض الخروج، على الفور أجابها..
- أنا بعيد.. ما اقدر... مع السلامة..
لم يمهلها كثيرا لترد، فقد أقفل الهاتف
خاف أن تعاود الاتصال به مرة أخرى، قرر أن يقفل الجوال.. ليس له به حاجة..!
عاد إلى الاسترخاء على كرسي سيارته، أحس أن أطرافه تبدو جامدة
شعر أن الدم متوقف فيها، رفع قدمه اليمنى ليتأكد من سلامتها.. أتبعها بالقدم اليسرى
لمح الفضاء الممتد أمامه.. الأرض الصفراء الجرداء تغريه بالنزول
كلاهما مغدور.. هو بسلوى وهي بجفاء المطر لها..!! نزل بتثاقل
سار نحو الأمام متجها نحو مرتفع رملي صغير هناك
كانت عيناه مركزتان نحو الأرض، حرص على أن يثبت قدميه في الأرض مع كل خطوة يخطوها
ربما يريد أن يشهدها عما تعانيه روحه، أو هو يهز بدنه ليتخلص من شحنات الألم في داخله..

عادت به ذاكرته إلى الوراء.. ثلاثة أعوام بالتحديد
كان يوما لن تنساه ذاكرته أبدا، بل هي أيام.. ذاق فيها طعم المرارة
ذرفت عيناه تلك الأيام دموعا لم يذرفها طيلة سنوات حياته مجتمعة..! عاد سريعا إلى واقعه..
- ربما هو انتقام.. ! بل هو دين وجب علي سداده..!؟



لم تنته.... الحكايـــــ....... ــة !!

كليم الصمت
24-09-08, 06:21 am
عاد سريعا إلى الخلف..إلى الماضي..
سلوى تعثر على رسائل غرامية في هاتفه الجوال...
( وينك حبيبي..؟ من زمان ماسمعت صوتك.. لاتصير آخذ بخاطرك عشان كلامي معاك الأخير.. ماتتخيل وش كثر أموت فيك..!)
كان المرسل يحمل اسم (أبو سليمان) لكن الكلمات لايمكن أن تكون من رجل
هل يعبر رجل لرجل مثله بـ(وش كثر أموت فيك..!)
كانت الكلمات كافية لتجعل سلوى تقوم بالاتصال على الرقم من جوال خالد
صعقت حينما ردت عليها فتاة..! هل هذا هو أبو سليمان..!؟

عاد خالد بذاكرته لتلك الأيام، كانت أياما عصيبة عاشها وهو يقاتل لأجل الحفاظ على أسرته وبيته من الضياع
كانت (عبير) إحدى الفتيات اللاتي تعرف عليهن قبل زواجه
لم يرتبط بهن بعلاقة حب، لكنها نزوات مراهقة
قبل زواجه بفترة تخلص من كل فتياته، حتى عبير قرر أن يتركها لأنه أمام ارتباط أهم
ولأجل ذلك تخلص من أرقام هواتفه التي كانت عنده قبل الزواج، وحرص على أن يقطع كل أثر يربطه بهن
جاذبيته في الحديث، ثقافته الواسعة، حواره الممتع كانت أشياء تغري الفتيات بالتعرف عليه
هو لم يقصد أي منهن، هن من بحثن عنه وحرصن على التواصل معه
كان حريصا على أن يفهمهن أنه لايبحث عن حب.. ولايفكر بزواج
ولذا كان حريصا على ألا (يعلق) أي منهن في حبائله.. رغم أن عبير أحبته وحاولت الاستئثار به
بعد زواجه أخلص بالفعل لسلوى.. كان مثالا للزوج المتفاني للوفاء بحقوقها
خجلها الكبير بدايات الزواج، لم يجعله يتوقف عن محاولة استمالة قلبها نحوه
قالت له سلوى في أيام زواجه الأولى...
- لقد أجبرني أبي على الزواج بك.. كان يقول أنك فرصة لايمكن أن تعوض..!
كلامها كان تصريحا بأنها لاتريده..! لكنه كان واثقا أنها أيضا لاتريد غيره
لذا قرر منذ أيام زواجه الأولى أن يجعلها تحبه وتتعلق به، قاتل وجاهد على أكثر من جبهة
لاينكر أنه أحبها.. لأنه قرر قبل الزواج أن يحب زوجته.. مشاعره ليست لأحد إلا لزوجته
برغم فتور سلوى.. وكثرة المشاكل بينهما على أشياء تافهة بداية أيام الزواج
إلا أنه كان يشعر باللذة وهو يحاول استمالتها إليه، مجرد المحاولة كانت تشعره بالمتعة
لم يشعر لمرة واحدة أنه ينجح أو في طريق النجاح..! لكنه كان يحاول باستماتة..!
ربما خف حماسه بعد أكثر من سنة على الزواج، لكن حبه لم يخف نحوها
كانت تتشاغل عنه في أشياء كثيرة، تبحث عن أنصاف الفرص لتبعد عنه
صرحت مرارا أنها لاتكرهه..! يشعر أن عدم الكره مؤشر جيد لبناء الحب..!

جن جنون عبير حينما علمت بنبأ زواجه، ترجته مرارا ألا يتركها
لن تطلب منه أن يحبها فقط تريد منه أن يتركها تحبه، كان رفضه حاسما بقرار قطع كل حبال الوصل معها
ورغم أنه حذرها من البحث عنه أو العثور عليه، إلا أنها لم تتوقف عن هذا البحث
وحينما وجدته بعد زواجه بتسعة أشهر واتصلت على هاتفه الجوال كان رفضه لها سببا قويا لتتمسك به..!
أظهر خالد الكثير من التمنع والرفض، اضطر أن يغير رقم هاتفه الجوال مرة أخرى هربا من عبير
والتي لم يطل بحثها عنه هذه المرة إذ عثرت على رقمه الجديد
كانت سلوى تزيد في عدم تقدير مبادراته نحوها، وبذات القدر كانت عبير تتقرب له أكثر وأكثر..!
كان صامدا أمام تيار عبير العاصف.. لكنه لم يستمر كثيرا



و... تستمر الحكاية..!!

كليم الصمت
26-09-08, 06:36 am
في إحدى الليالي التي جمعته بسلوى.. كان النقاش من طرف واحد، اعتاد أن يتكلم.. وهي تسمع.. قال لها تلك الليلة...

- أنا زوجك.. حياتك.. شاركيني حياتي..!
- ...........................

لحظات الصمت كانت تطول، ومشاعره الساخنة تتنامى، لتجبره على الخروج خارج المنزل
ركب سيارته.. وللصدفة كانت عبير تتصل، نظر إلى رقمها في شاشة هاتفه الجوال.. التفت إلى الخلف حيث بيته
كان يبحث عن أحد يتحدث معه، يشعر أن سيتختنق لو بقي بدون حديث..
كانت تلك الليلة هي الليلة الأولى التي عاد فيها للحديث مع عبير
حادثها كثيرا عن نفور سلوى منه وأن محاولاته للفوز بقلبها لم تفلح، شاركته عبير ألامه وهمومه
منحت قلبه الفرصة ليبوح بكل مايود قوله، حتى لو كان حبا لسلوى
لم تقصر بدورها في منحه وصفات لاستمالة سلوى نحوه..

مرت سنة كاملة على عودة اتصالاته الهاتفية مع عبير، كان ينجرف شيئا فشيئا مع عواطفها
منحته سلوى فرصة أخرى لترسيخ عاطفة عبير في داخله حينما غادرت إلى منزل أهلها لتقيم عندهم مدة شهرين هي فترة بداية حملها بابنهما البكر سلمان
ورغم أنه كان يحاول تلك الأيام ألا ينقطع عنها، إلا أنها كانت تتضايق كثيرا من لقائه والجلوس معه
مرات فعلتها و(أفرغت) مافي بطنها أمامه..! كان يتألم أشد الألم لذلك..
ولولا أن أمه وأم سلوى طمأناه أن مايحدث أمرا طبيعيا للحامل.. لكان قد قرر هجرها للأبد..!

عاشت عبير في داخله سنة كاملة، كان يتحاشى أن يظهر لها اهتمامه بها
خوفا من أن تتعلق أكثر به، تعود أن يسمع صوتها كل ليلة قبل النوم، تخلى عن أن يسمعها شكواه من نفور سلوى
أبدل ذلك بحديثه عن عالمه الخاص، عمله.. مشاكله اليومية مع الآخرين
حتى أعطال سيارته المتكررة كانت عبير تعرفها بدقة، فكر مرات بتساؤول.. لماذا لم يتزوج عبير..؟
ولأنه يخاف على أن يتعلق هو بها.. كان يطرد تلك الأفكار عن خياله بسرعة كبيرة.. ويرسم بدلا منها صور زاهية لسلوى.. التي لم ترحب به يوما ما...!!

حينما عادت سلوى بعد مرور أربعة أشهر على حملها، كانت أكثر انشغالا بصحة الجنين في بطنها وصحتها
الحمل الأول يرهق الحامل كثيرا، تعيش في صراعات كثيرة بين خوفها على الطفل وجهلها بكيفية التعامل مع الحمل
ورغم أنه كان يظهر اهتماما مزدوجا بسلوى حينما عادت، فبالإضافة لاهتمامه بها هو يهتم بصغيره التي تحمله في أحشائها، رغم ذلك.. لم يكن هو خالد الذي قاتل لأجل أن يفوز بقلبها
يبدو أن عبير قد منحته هذا الشيء.. هو ليس بحاجة إلى أن يبحث عن شعور بالحب والأهمية.. يجده دون أن يطلبه من عبير...!!

تذكر أن (سلمان ) طفله البكر كان في شهوره الأولى حينما وجدت سلوى رسالة عبير إليه في هاتفه الجوال
جن جنونها لحظتها، كيف يسمح لنفسه أن يخونها مع امرأة أخرى..؟
أكان يخدعها بكلمات الحب والغرام التي دائما ماترنم بها لها خاصة في السنة الأولى..؟
استرجع بسرعة شريط ذلك اليوم الكئيب، لم يكن ينتظر أن يعيشه بهذه الصورة المؤلمة، بحدة وصرامة لم ترحمه سلوى.. وقفت موقفا قويا..

- ليس لبقائي معك أي معنى... طلقني..!!

هكذا بكل سهولة تنطق بها، حاول أن يمسك بيديها.. رفضته.. صدته بعيدا
سقط أمامها على ركبتيه.. ودخل في نوبة بكاء شديدة..

- أقسم بالله أني أحبك.. وأني مايربطني بها مجرد علاقة سطحية..!! أعترف أني مذنب.. بل مجرم وأستحق العقاب، لكن لايجب أن يكون عقابي حرماني منك..!

- وماذا تريد بي..؟ ألا تكفيك عشيقتك..؟ على الأقل هي ستسمعك كلمات غزل وغرام.. مما اتهمتني مرارا بأنني لا أجيده..!!

- أنا مستعد لأي شيء تطلبينه.. مستعد أن أركع تحت قدميك.. أفعل ماتريدين.. إلا أن اتركك..!

هل كان يحبها بالفعل لهذه الدرجة..؟ لم يشعر بقوة أنه متمسك بها بقوة..
خاصة وأن كل محاولاته لاستمالتها لنفسه.. باءت بالفشل، هل يلومها لأنها هي من منحته الفرصة للآخرين أن يغزو عالمه..؟
ليس الوقت وقت لوم أو عتاب، لقد قبضت عليه بالجرم المشهود..
حتى زعمه أنه يحبها قد يكون فيه نظر..! بكى ذلك اليوم بصورة هستيرية.. قبل رأسها.. يديها..
انحنى ليقبل قدميها قبل أن تنهره، لم يزدها خضوعه وانهياره إلا إصرارا على البعد عنه......


للحكاية بقية....

كليم الصمت
01-01-11, 01:13 pm
أعشق الصمت...

حتى غادرني الكلام...