قايم قاعد
06-09-08, 01:08 am
في مساء يوم غائم ٍ ، والبرد فيه قارس ، اجتمعت مع خالي في منزلنا ، وكنت ( أصب ) له القهوة ، ولا أعرف مالذي جاء بقصة ( حرمل ) فذكرتها ( لخالي ) ، ( والحقيقة أنه كان يعرفها ويعرف تفاصيلها أكثر مني ، ولكني كنت مقربا إليه وهو محبب إلي – ربما لسذاجتي – ) ...
كان الوقت قبيل صلاة العشاء ، أذن للصلاة فصلينا العشاء ثم عدنا ، وافترقت عن خالي حيث ذهبت للنوم بين ( أكوم التبن أدور الدفا أنا وأخوتي ) ، ولإن خالي جاء وتأخر عندنا ، فكان من الطبيعي أن ينام في البيت وهذا أمر اعتدناه وأحببناه ، فعلاقته بوالدي حميمة جدا ، وهو لطيف وإن كانت قلة ذات اليد تقتل فيه كل شيء حلو ...
قبيل الفجر قمنا جميعا ، وشرب القهوة الكبار ، ونحن نحارب النعسة حتى لا تستقر على عيوننا ، ولما توضأ والدي وذهب إلى المسجد اقترب خالي مني وقال : ( شف يا قايم أنت قرايك ماشاءالله تبارك الله زينه وطيبه والجماعه جايزتن لهم وانا اليوم تعيبان وابيك تقرا لي آية ( كذا وكذا ) من مبطي وانا ودي اسمعه وانت تقراه بس شف اذا مسكت اذني يعني عد الآية وارفع صوتك ) قلت له : ( سم ياخال ) .
ذهب خالي إلى المسجد ، وقربت الماء لوالدتي ، وغسلت ( فناجيل ) القهوة ( وما أدراك مالقهوة) ، ثم أذن المؤذن لصلاة الفجر ، فلم ينتهي من الأذان حتى كنت في المسجد ، كان المسجد بطول عشرة أمتار وبعرض ستة أمتار ، كانت الأرضية ترابية ، وأنا أدخل ( المصباح ) لم أسمع سوى قراءة للقرآن ، وقراءة للورد ، وبكاء مكتوم خاضع ، وصلاة هادئة خاشعة ، والمسجد ممتليء بالكبار والصغار ، وكل أخذ موقعا اعتاد عليه ، كان السقف من ( الاثل والسعف والتبن والطين ) ، كان الجو هادئا للغاية ، عبادة ، وصمت ، وإيمان ، تلفت أبحث عن خالي ، فوجدته متكأ على جدار المسجد من الناحية ( الشمالية ) ولم يكن أقرب مكان إليه إلا في وسط المسجد ، فلما دخلت ، صليت ركعتين ، ثم اعتدلت في جلستي وبدأت أقرأ الآيات التي اختارها خالي : ( فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع .. ) الآية ، وكل ما أنهيت الآية وضع يده على أذنه ، فأعيد قراءتها من أولها إلى آخرها وبصوت أعلى من السابق، حتى بدأ بعض ( الجماعة ) يلتفتون إلي ، أما أحدهم فطبع التفاتته بابتسامة ٍ ، التفت والدي وألقى علي نظرة استغراب لترديدي هذه الآية وذكرني بالآية التي بعدها ( كأنه فهم أنني أقرأ من حفظي ولم أستطع الإكمال ) لحظتها فقط ، عرفت أنني لم أكن بخير ! وأنني انسقت خلف كلام خالي دون روية ، وأنني نقلت جماعة المسجد من لحظات الخشوع والهدوء والإيمان إلى شيء آخر ..
لما خرجت من المسجد سألني أخي الكبير ( وش بلاك تردد الآية أو تبي أبوي يسمعك ؟) فشرحت له ما كان من خالي ، ولكن أخي هز برأسه مشيرا بعدم قناعته ، خاصة أنه يرى أني متعلم وذكي ، ولم يعلم أن الظاهر غير الباطن ، وأن ظاهري الذكاء والتعلم ، وباطني الغباء والجهل ، بعد بزوغ الشمس بنصف ساعة ، جاء والدي وقال لي : ( اللي يبي العرس مهب لازم يحرّج ، أنا ما منعت احدن منكم وعموما يكون خير ) كان خالي معه يبتسم ( بخبث ) ثم علق : ( يستاهل – قايم ) ...
كنت ملازما لوالدي في تحركاته خاصة في داخل بريدة ، ولإن عمل والدي يتطلب منه متابعة فكان من الطبيعي أن نذهب يوميا إلى بريدة ، والباطن ، ووهطان ، والصباخ ، وأحيانا إلى البطين و أمهات الذيابه ، كل ذلك كان معتادا عندي ، ولكني لاحظت والدي في الأيام الخمسة الأخيرة كان يمر بأحد معارفنا في بريدة فيقف على الطريق ثم يذهب إليه وحده ويبقى عنده نصف ساعة إلى ساعة يوميا ، وكنت بالطبع أجلس في السيارة لا أبارحها ، تكرر هذا المشهد كثيرا ولم يلفت انتباهي فمعاملات والدي مع الناس كثيرة والتغيرات في خطته اليومية واردة ، كان عمري ساعتها ست عشرة سنة ، وربما في بداية السابعة عشرة ، بعد أيام أخذ والدي مبلغا من المال وبعض الحاجات من أقمشة بسيطة غير ( مفصلة ) وأخرى لم أتبينها ، أنزلها والدي عند هذا الرجل ....
كان صباح يوم الأربعاء ، وكنت مع والدي نقف عند باب فضيلة الشيخ العلامة ( صالح الخريصي ) ، سلمنا عليه ثم تحدث والدي معه عن بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات ، ثم حضر رجل له معاملة مع والدي واختصما عند الشيخ وحكم الشيخ بينهما وتراضيا ، فلما أراد والدي المغادرة قبض على يد الشيخ وقال له ( ترا بكرا عند الوالد فنيجيل فايت هذا الولد – قايم – يبي ان شاء الله يعرس وودنا تحضر انت ومن تحب من الاخوان وترا الامور متيسره ) بارك لي الشيخ ودعا ، ثم اعتذر من والدي لسبب لا أعرفه ولكنه كان مقنعا لوالدي الذي همس في أذن الشيخ بكلمتين ثم غادرنا .
ركبت وانا فقط أطالع في وجه أبي ! ( يبه وش قلت تو للشيخ ؟ ) قال : ( ماسمعتن ؟ ) قلت : ( إلا بس من هو اللي يبي يعرس ؟ ) قال بحزم : ( اللي يقرا قبل صلاة الفجر فانحكوا ماطاب لكم من النساء تقل مالقى غير هالوقت وقدام خلق الله ) ، كانت هذه الكلمات أشد علي من الصفع ! أنا طلبت الزواج ؟! وبهذه الصورة ؟! وتذكرت خالي ، وكيف ورطني قبلا مع والد ( رقية أم قرون ) ، وكيف ورطني ثانية الآن ، والمشكلة أنه لايمكن إطلاقا أن أفعل ما فعله ( إبراهيم ولد ابو سليمان ) فوالدي سيتزوج من هذه الفتاة بدلا عني ( هكذا قالت لي أمي التي حرضتني على ألا أكون السبب في ذلك !!! )
وعموما الحمد لله فعندي يوم كامل أعرف فيه أنني سأتزوج ولست مثل ( حرمل ) الذي خطب وتزوج ودخل بزوجته في ظرف نصف ساعة !
( ليلة الدخلة بالتفصيل بإذن الله سأكتبها لكم قريبا ولكن عليكم أن تعذروني لبعد الفقرات والنسيان فللعمر أحكام )
•همسة :
( دع الأمور ولا تشترط ، فليس لك غير ماكتب الله لك )
كان الوقت قبيل صلاة العشاء ، أذن للصلاة فصلينا العشاء ثم عدنا ، وافترقت عن خالي حيث ذهبت للنوم بين ( أكوم التبن أدور الدفا أنا وأخوتي ) ، ولإن خالي جاء وتأخر عندنا ، فكان من الطبيعي أن ينام في البيت وهذا أمر اعتدناه وأحببناه ، فعلاقته بوالدي حميمة جدا ، وهو لطيف وإن كانت قلة ذات اليد تقتل فيه كل شيء حلو ...
قبيل الفجر قمنا جميعا ، وشرب القهوة الكبار ، ونحن نحارب النعسة حتى لا تستقر على عيوننا ، ولما توضأ والدي وذهب إلى المسجد اقترب خالي مني وقال : ( شف يا قايم أنت قرايك ماشاءالله تبارك الله زينه وطيبه والجماعه جايزتن لهم وانا اليوم تعيبان وابيك تقرا لي آية ( كذا وكذا ) من مبطي وانا ودي اسمعه وانت تقراه بس شف اذا مسكت اذني يعني عد الآية وارفع صوتك ) قلت له : ( سم ياخال ) .
ذهب خالي إلى المسجد ، وقربت الماء لوالدتي ، وغسلت ( فناجيل ) القهوة ( وما أدراك مالقهوة) ، ثم أذن المؤذن لصلاة الفجر ، فلم ينتهي من الأذان حتى كنت في المسجد ، كان المسجد بطول عشرة أمتار وبعرض ستة أمتار ، كانت الأرضية ترابية ، وأنا أدخل ( المصباح ) لم أسمع سوى قراءة للقرآن ، وقراءة للورد ، وبكاء مكتوم خاضع ، وصلاة هادئة خاشعة ، والمسجد ممتليء بالكبار والصغار ، وكل أخذ موقعا اعتاد عليه ، كان السقف من ( الاثل والسعف والتبن والطين ) ، كان الجو هادئا للغاية ، عبادة ، وصمت ، وإيمان ، تلفت أبحث عن خالي ، فوجدته متكأ على جدار المسجد من الناحية ( الشمالية ) ولم يكن أقرب مكان إليه إلا في وسط المسجد ، فلما دخلت ، صليت ركعتين ، ثم اعتدلت في جلستي وبدأت أقرأ الآيات التي اختارها خالي : ( فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع .. ) الآية ، وكل ما أنهيت الآية وضع يده على أذنه ، فأعيد قراءتها من أولها إلى آخرها وبصوت أعلى من السابق، حتى بدأ بعض ( الجماعة ) يلتفتون إلي ، أما أحدهم فطبع التفاتته بابتسامة ٍ ، التفت والدي وألقى علي نظرة استغراب لترديدي هذه الآية وذكرني بالآية التي بعدها ( كأنه فهم أنني أقرأ من حفظي ولم أستطع الإكمال ) لحظتها فقط ، عرفت أنني لم أكن بخير ! وأنني انسقت خلف كلام خالي دون روية ، وأنني نقلت جماعة المسجد من لحظات الخشوع والهدوء والإيمان إلى شيء آخر ..
لما خرجت من المسجد سألني أخي الكبير ( وش بلاك تردد الآية أو تبي أبوي يسمعك ؟) فشرحت له ما كان من خالي ، ولكن أخي هز برأسه مشيرا بعدم قناعته ، خاصة أنه يرى أني متعلم وذكي ، ولم يعلم أن الظاهر غير الباطن ، وأن ظاهري الذكاء والتعلم ، وباطني الغباء والجهل ، بعد بزوغ الشمس بنصف ساعة ، جاء والدي وقال لي : ( اللي يبي العرس مهب لازم يحرّج ، أنا ما منعت احدن منكم وعموما يكون خير ) كان خالي معه يبتسم ( بخبث ) ثم علق : ( يستاهل – قايم ) ...
كنت ملازما لوالدي في تحركاته خاصة في داخل بريدة ، ولإن عمل والدي يتطلب منه متابعة فكان من الطبيعي أن نذهب يوميا إلى بريدة ، والباطن ، ووهطان ، والصباخ ، وأحيانا إلى البطين و أمهات الذيابه ، كل ذلك كان معتادا عندي ، ولكني لاحظت والدي في الأيام الخمسة الأخيرة كان يمر بأحد معارفنا في بريدة فيقف على الطريق ثم يذهب إليه وحده ويبقى عنده نصف ساعة إلى ساعة يوميا ، وكنت بالطبع أجلس في السيارة لا أبارحها ، تكرر هذا المشهد كثيرا ولم يلفت انتباهي فمعاملات والدي مع الناس كثيرة والتغيرات في خطته اليومية واردة ، كان عمري ساعتها ست عشرة سنة ، وربما في بداية السابعة عشرة ، بعد أيام أخذ والدي مبلغا من المال وبعض الحاجات من أقمشة بسيطة غير ( مفصلة ) وأخرى لم أتبينها ، أنزلها والدي عند هذا الرجل ....
كان صباح يوم الأربعاء ، وكنت مع والدي نقف عند باب فضيلة الشيخ العلامة ( صالح الخريصي ) ، سلمنا عليه ثم تحدث والدي معه عن بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات ، ثم حضر رجل له معاملة مع والدي واختصما عند الشيخ وحكم الشيخ بينهما وتراضيا ، فلما أراد والدي المغادرة قبض على يد الشيخ وقال له ( ترا بكرا عند الوالد فنيجيل فايت هذا الولد – قايم – يبي ان شاء الله يعرس وودنا تحضر انت ومن تحب من الاخوان وترا الامور متيسره ) بارك لي الشيخ ودعا ، ثم اعتذر من والدي لسبب لا أعرفه ولكنه كان مقنعا لوالدي الذي همس في أذن الشيخ بكلمتين ثم غادرنا .
ركبت وانا فقط أطالع في وجه أبي ! ( يبه وش قلت تو للشيخ ؟ ) قال : ( ماسمعتن ؟ ) قلت : ( إلا بس من هو اللي يبي يعرس ؟ ) قال بحزم : ( اللي يقرا قبل صلاة الفجر فانحكوا ماطاب لكم من النساء تقل مالقى غير هالوقت وقدام خلق الله ) ، كانت هذه الكلمات أشد علي من الصفع ! أنا طلبت الزواج ؟! وبهذه الصورة ؟! وتذكرت خالي ، وكيف ورطني قبلا مع والد ( رقية أم قرون ) ، وكيف ورطني ثانية الآن ، والمشكلة أنه لايمكن إطلاقا أن أفعل ما فعله ( إبراهيم ولد ابو سليمان ) فوالدي سيتزوج من هذه الفتاة بدلا عني ( هكذا قالت لي أمي التي حرضتني على ألا أكون السبب في ذلك !!! )
وعموما الحمد لله فعندي يوم كامل أعرف فيه أنني سأتزوج ولست مثل ( حرمل ) الذي خطب وتزوج ودخل بزوجته في ظرف نصف ساعة !
( ليلة الدخلة بالتفصيل بإذن الله سأكتبها لكم قريبا ولكن عليكم أن تعذروني لبعد الفقرات والنسيان فللعمر أحكام )
•همسة :
( دع الأمور ولا تشترط ، فليس لك غير ماكتب الله لك )