تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ سلمان العوده بين الأمس و اليوم .. إنه العالم الشجاع عندما يُقرر التراجع !!


أباالخــــــيل
23-06-02, 07:47 pm
بصراحة ، كنتُ أعتبرَ أن الشيخ سلمان العوده وفقه الله ، متزمتاً ، وداعية من دعاة "السلفية" المنغلقين ، وأنه أحد الذين ينتهزون الفرص كي تزفهم الجماهير الجاهلة و المتعصبة و المتزمتة إلى الأعلى . ربما أنه في السابق كان كذلك . غير أنه اليوم ، ومنذ تداعيات أحداث أمريكا ، وهو يُثبتُ لنا بالمقال تلو الآخر أنه تغير كثيراً عن فكر شريطه الشهير "رسالة إلى رجل الأمن " ، أو شريطه الآخر " قيام وسقوط الدول " ، أو غيرها من أشرطته ، والتي كانت تحمل فكراً تحريضياً على الإنفلات الإجتماعي من وجه ، ومن وجه آخر كان يضع معايير السلف ، ومقاييس الماضي ، هي أدواته التحليلية للحكم على " دول اليوم " مهمشاً أدوات و معايير اليوم..

والتغير هو دليل صحة وعافية ، بينما الثبات و الجمود على الموقف هو دليلُ مرض ، بل وعاهة فكرية ، يُعاني منها كثير من علماء الفرقة السلفية للأسف الشديد ..

تقرأ مقالاته اليوم ، فتقرأ فكراً ناضجاً ، موضوعياً ، يحملُ نظرة ثاقبة و عميقة ، تحملُ أولَ ما تحمل حرصاً على الإسلام ، ومصالح المسلمين . إنها تلك القدرة التحليلية العميقة التي توازن بين مقتضيات النصوص ، ومتطلبات المصالح ، فتأخذُ بالاعتبار "النص" ، لكنها لا تنتزعه من سياقه الزمني و المكاني ، و إنما تذهبُ دائماً إلى مقاصد الشريعة ، في فهمها و احترامها و تقديرها لهذا النص أو ذاك ؛ وفي الوقت ذاته ، وبنفس القدر من الاهتمام ، يضع المصلحة نصبَ عينيه ، ومنجزات الحضارة الفكرية المعاصرة أداة من أدوات تحليله للأمور واستنباط الحكم ..

في مقاله الشهير الذي نشره في جريدة الجزيرة مؤخراً تحت عنوان " التطرف و التطرف المضاد" ، والذي تجده على هذا الرابط : ( http://www.suhuf.net.sa/2002jaz/may/26/ar2.htm) ما نصه: (( والتطرف في الإطار الإسلامي هو تعبير عن فهم منحرف، أو تطبيق منحرف للتعليمات الشرعية، وإن كان قد يتكئ على حجج شرعية، أو ينطلق من غيرة دينية، كما في أول وأقسى نموذج في التاريخ الإسلامي، وهو نموذج الخوارج، الذين لم يقنعوا بمستوى فهم وتطبيق الصحابة حتى انشقوا عن نسيج الأمة، ووجهوا سهامهم إلى نحورها، بل كان أصلهم يمت إلى صاحب النفس المريضة الذي اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم في عدله، وخاطبه قائلاً: اعدل يا محمد! فكانت تلك نواة الشريحة التي تصطفي نفسها، وتستشعر صدقها وطهارتها وإخلاصها، و تزن الآخرين بالجور أو الحيدة عن الصراط السوي. )) ..

أقول : والقارئ لما تقدم لا يحتاج إلى ذكاء لأن يكتشف أن " الشريحة التي تصطفي نفسها " كان يقصدُ بها الشيخ الفئة السلفية المتشددة ، التي (( تستشعر صدقها وطهارتها وإخلاصها، و تزن الآخرين بالجور أو الحيدة عن الصراط السوي )) . فكل الصفات تنطبق عليها تطابقاً كاملاً . ولعل في تحليله لرؤية الخوارج ، وأنهم كانوا في البداية يتكئون على ((حجج شرعية )) ، و (( غيرة دينية )) ، ثم أخذ بهم تطرفهم في النهاية إلى الانشقاق ، وتوجيههم "السهام" إلى نحور الأمة ، كما يقول ، ما يؤكد ما نحن بصدده ..

ويقول الشيخ في المقال نفسه : (( لكن لابد أن ندرك أن الأزمة ليست في التطرف يوم يكون حالة تعرض لدى بعض الفئات، لكن يصبح الأمن العالمي مهدداً حقيقة حينما يكون التطرف قانوناً له شرعيته كما ترسم ذلك دوائر سياسية ومؤسسات متنفذة في الأوساط الغربية قد يتجاوز تأثيرها إلى دوائر شتى )) . لاحظ أن مصطلح "الأمن العالمي " هو من المصطلحات المعاصرة ، التي يعتبرها الفكر السلفي المتطرف مرفوضة من حيث المبدأ ، لتعارضها مع مفهومهم للجهاد ؛ بينما يجعله الشيخ في سياقه مطلب من مطالب اليوم ، ينبغي عدم تهديده ..

وفي مقال آخر ، وفي الجريدة نفسها ، تحت عنوان " دعوة للجهاد العام " ، والذي تجده على هذا الرابط ( http://www.suhuf.net.sa/2002jaz/jun/2/ar2.htm ) . يفرق الشيخ ، تفريق العالم المتعمق ، بين معنيين للجهاد : المعنى العام : وهو بذل الجهد لإقامة دين الإسلام ، والعمل على انتشاره . وبين المعنى الخاص : وهو المعنى القتالي أو الحربي ؛ ثم يقول ، وبشكل قاطع لا يحتملُ إي احتمالات : (( أما القول بتعين الجهاد البدني - بمعنى القتال - وهو المعنى الخاص، وإيجابه على كل أفراد الأمة كافة في بلد معين، وفي زمن معين، وهو الزمان القائم فهو مستبعد ولا وجه له )) . وبعد أن يستعرضَ غياب بعض الوجوه المتعلقة بالشأن الإجتماعي الإسلامي ، كما يتطلبها الدين ، عن حياتنا اليوم ، يقول : ((وبهذا غدونا أمام قائمة طويلة من فروض الأعيان لا تصلح معها الانتقائية المزاجية، والاختيار الأسهل الذي نظن انه لا يكلفنا أكثر من أرواحنا ) ..

ويقول في لفتة عميقة بارعة ، وذات بعد فلسفي : (( لكن.. ما أكثر المتذمرين المترددين حين تطالبهم بعمل طويل يستغرق السنوات ليتوفر على علم أو تخصص أو إبداع أو تفوق! والغالب ليس لديهم وقت لذلك، وهم يظنون أن كل آلام المسلمين ومصائبهم واخفاقاتهم تنتهي بوجود دولة ما تعلن أنها إسلامية )) ..

لافض فوك . نعم هذا بيت الداء ومكن كل عذاباتنا التي نعاني منها ..

ويقول : (( وقد يكون في بعض النفوس ميل إلى الجهاد البدني لأنه يحقق النكاية السريعة والانتقام ، بينما تعزف عن الجهاد الذي قد لا ترى ثمرته إلا بعد حين ، أو لا نراها أبداً، وقد طلبَ قومٌ الإذن لهم بالقتال فأمروا بكف اليد، فلما كتب عليهم القتال عَصَوْا وصاروا يخشَوْن الناس كخشية الله أو أشد خشية << وقالوا: ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب !>> )) ..

ويقول : (( والغفلة عن المستقبل ستجعلنا مشغولين أبداً بإطفاء الحرائق هنا وهناك عن العمل الجاد الذي يخفف المعاناة عن أجيالنا اللاحقة)). ولعلَ هذه اللفتة إلى المستقبل ، والأجيال اللاحقة ، تبين بما لا يحتاج إلى توضيح ، مدى البون الشاسع و العميق بين "الماضويين " وبين فكر الشيخ . فالمستقبلُ لديهم شأنٌ لا علاقة لهم به ، ولا يعنيهم غالباً كما هو واضح في أدبيات أساطينهم ..

ويقول في ختام المقال : (( لكن يجب ان يكون هذا بمعزل عن افتعال معارك في بلاد المسلمين ومجتمعاتهم تسيل فيها الدماء وتزهق فيها الأرواح ويضرب الأمن ويشيع الخوف ويفقد الناس قدرة الحفاظ على ضرورياتهم من الدين والنفس والعرض والعقل والمال، وهي التي جاءت الرسالة السماوية لحفظها وصيانتها.. فكيف تهدر باسم [[[[[جهاد موهوم ]]]]] يـُـفـْـتَــأتُ فيه على جماعة المسلمين وعامتهم؟ إن النجاح يكمن في أن يستخدم المرء عقله قبل يده )) ..


والمقال في تقديري هو في مجمله ، فضلاً عن أبعاده ، وتصريحاته ، وتلميحاته ، وإستنتاجاته ، وغاياته ، يحملُ فكراً نيراً ، ورؤية حضارية ، نحن أحوج إليها من العطشان إلى شربة ماء في يوم قائظ ..

ومن الطبيعي جداً أن يتصدى للشيخ الفكر السلفي المتزمت ، فيتهمه بالخروج عن أصوليات النهج السلفي ، كما في رد ناصر الفهد على الشيخ ، بل ويطلبون منه التوبة و العوده عن ما اقترفه . غير أن الشيخ ، على ما يبدو ، ماض ٍ في طريقه ، مقتنع بما هو عليه ، نابذاً كل هذه الاتهامات جانباً . ولا يسعنا هنا إلا أن نسألَ له الثبات على منهجه الجديد ، مُطالبين في الوقت نفسه ، أن تتم الإستفادة من هذا الفكر النير ، والحضاري ، بإلحاقه كعضو في هيئة كبار العلماء ، فهو ـ والله ـ أهل لها ..



كتب بواسطة راعي العارض

الوسطية (http://www.wasatyah.com/vb/index.php)
- الحـلقـــــــة الفـكـــــريـة والســــياسية

فاتن
23-06-02, 09:33 pm
أخي أبالخيل ====== أختياراتك ماشاءلله عليك بالأبره === ياليت ببريدة مثلك 2 كان ماعلينا خلاف .

ابو سارة
23-06-02, 11:27 pm
مشكور على النقل ياابا الخيل
تحياتي

thamer
24-06-02, 07:58 pm
اشكرك اخي ابا الخيل لى النقل المفيد
ولكن لا اظن ان التغير جذري كما يقول الكاتب وأنه كان سلفيا متشددا
ففي اشرطته القديمه بيان ذلك بل عرفنا عنه حفظه الله رده المؤدب بعض الاحيان
وامتناعه عن الرد اكثر الاحيان وقد تحدث الشيخ في مقاله في مجلة السمو عن الرد ومتى يرد الشخص على الآخر
ولكن كان تغيره في الطرح كما بين لنا ذلك




thamer