قايم قاعد
17-05-08, 08:35 pm
قديما وفي عز قوة أهل ( الخبوب ) كان التعرف على الأشخاص يكون ( بالمعايير ) ، وكان الناس لا يجدون حرجا في ذلك ، وكانت تلك الألقاب تأتي لأسباب متعددة ؛ صديقي ( التركتر ) شاب في السابعة عشرة من عمره ، أعطاه الله بسطة في الجسم ( دبي وعضل ) ، وكان إذا سار في الطريق يسير باعتدال كامل حتى تظن أن الذي يسير ( جدار ) ، كان أكثر مايزعج أهله في ذلك الحين ( نعاله ) ، فلا يجدون مقاسا لرجله ، ولذلك تجد أن أغلب مايلبس من الأحذية ( متشققة من أول يوم لو شكله شديد (
كان ( التركتر ) صارم الرأي ، متصلب ، أحادي القرار ، يصادر كل من حوله ، ويمارس الإقصاء والقمع ( أمير فركن عن خشومنا ) ، وكان مصدر قوته تلك ( المطرقة ) التي يحملها دوما معه ، وتسمى عند الناس ( يد ) ، وأقرب ما تكون إذا ضم أصابعه إلى بعض بـ( الكابون ) ، وكان له رأس كبير، وعليه شعرات لا تمت إلى النعومة بصلة ، كان قاس الملامح ، كثير الصمت ، ممعن النظر ( عيونه على طول طايره بالواحد )
جمعتني الأيام والليالي بـ( التركتر ) ، في أحد الأيام كنت أسير مع بعض الأقارب والأصدقاء ، وكنا قرابة ثمانية ، في أحد شوارع ( الجنوب ) غرب مصلى العيد في بريدة ، وكنا مراهقين ( والله ماعرفنا المراهقة أبد بس أبتسلى به هالحين ) ، كان الوقت بعد صلاة الظهر مباشرة ، الجو ماطر ، مرت بنا سيارة ( قرنبعه ) و (تترتر ) وبدأنا نعلق عليها ، ونضحك و ( نتشيطن ) ( اللي يشوفنا يقول هذولا عيال قزاز والا الكعكي ) ، ولما تجاوزتنا السيارة بأمتار ( طفت ) ونزل منها شاب في أعمارنا ولكنه يفرق عنا أنه كان ( هامّه ) ، نادانا وطلب منا أن ( ندف السيارة علشان ينتعه ) ولبينا الدعوة مباشرة ، وقمنا ( بدف ) السيارة حتى وصلنا بها إلى ( نفود الخليج ) ولم نتمكن من المساعدة في ( دق السلف اللي بدا يحن ويرن ) نزل هذا الشاب وطلب منا أن ( انتقذرف ) لأننا لم ننفع في شيء !
واكتشفنا بعد سنوات أن العطل الذي كان في السيارة ( طافية لأنه قاضين البنزين ) ( مالت عليه توه ماسكه ( ......
بعد أيام من ( دف الخرندعه ) جاء إلينا في البيت رجل ، وكان بصحبته هذا الشاب ، وكنت جالسا في المجلس ، تحدث مع والدي وكنت أود التحدث مع هذا الشاب لأسأله عن السيارة ، ولكن ملامحه الصارمة المخيفة أذعرتني جدا ، وقبل خروجهم من منزلنا ( تلطف الأخ ) وقال ( وشلونك انت وخشك ) ففرحت بهذه الكلمات وقلت له ( ودي اسولف معك بس أنت تخوف ) ضحك جدا وقال لي ( تبين اخبزك علشان ما تنسان ؟ )
بعد هذه المقابلة أصبح بين والدي ووالده شراكة في عمل معين ، وأصبحت ألتقي به ، وتعرفت عليه عن قرب ، وعرفته على مجموعة أصدقائي ، وكان إذا سار معي ( بالحارة أرفع خشمي وأدور القلهي ) فكنت مطمئنا إلى ( البودي قارد ) واذكر أنني سألته عن سبب تسميته ( التركتر ) فكان الجواب أن فقدت أحد أسناني !
أصبحت علاقتنا جيدة جدا ، واندمج مع المجموعة ، وإن كانت له طبائع خاصة فقد كان مميزا بالعنف ، والسطوة ، وحب السلطة ، فدائما ( نفسه براس خشمه ) ولهذا كنا نتحاشى الصدام معه ! وقد تتساءلون لماذا إذن قبلناه صديقا ؟ والحقيقة أنني شخصيا لا أعرف لهذا جوابا إطلاقا ، لكنني أشهد لهذا الشاب بالوفاء ، والصدق ، وحسن الصداقة ، وكان يتميز بمعرفة الواجب الذي عليه ، و( فزعته وقت الحاجه ) وكان أهم شيء يجمعنا به في بداية صداقتنا سرقته لسيارة والده ( ددسن موديل 75 ) حيث كنا نساعده في ( نتعها ) ونذهب سويا في رحلة فوق ( النفود ) وتحديدا شرق ( حلويات التاج ) حاليا في حي الخليج شمالا حيث نقوم ) بحكر الشاهي المخدر )
مرت السنوات و( بديت اتحكك على قولة شيباننا ) فتزوجت أخت أحد الأصدقاء ( والحمدلله إنهم منول مايسألون ويدققون يعني يكفيهم إنه ولد فلان ) كنت مقربا عند ( التركتر) ، وذا منزلة عنده ، وأحظى كثيرا بتقديره لشخصي وشخصيتي ، واحترامه لي ( ربك يسخر ( ، لذلك كان يزورني بعد زواجي دائما وباستمرار ، وكان لا يجد غضاضة في أن يأتي إلي بعد صلاة العشاء مباشرة و( يتقهوى ويتعشى ويسمر ) حتى ساعة متأخرة من الليل ، و ) المعزبه منطقه من داخل ) وكنت أحيانا أتململ في الجلسة إذا تأخرنا كثيرا فكانت كلمته ( وراه شادتن عليك المره ؟) ولأنني لا أمل أبدا من حديثه ويعجبني النقاش معه والحوار ( وبصراحة عناده ) كنت أقول له ( بصراحه – مزنه – زعلتن علي وتقول وشو خويك لزقة العنزروت ؟ ) ثم يضحك بكل بساطة ويقول ( اوط على خشمه لا تخليه تأمر عليك ) ، الغريب العجيب بـ ( التركتر ) أنه كان يطرق باب منزلي فإذا أبلغته أم العيال أنني غير موجود طلب منها قائلا ( احكري الشاهي لي وطلعيه والا القهوه خليه لين يجي – قايم قاعد - ) ! يعني باختصار ( لامفر ( .......
( التركتر ) لم يتزوج رغم أنه يكبرني بعامين ومضى على زواجي قرابة ثلاث عشرة سنة ورزقت بأولاد وهو لم يزل على حاله معي ( لزقة عنزروت ) كانت لاتزعجني زياراته الدائمة ، ولا شربه للشاي والقهوة ، ولا أكله للعشاء ، فهذا أمر عادي بسيط ، ولكن ماكان يزعجني كثيرا أنه يغضب أشد الغضب إذا طلبت منه عند الساعة الواحدة أن ( يفارق لاهله والا يخمد بالمجلس ) ، وكان يرى هذا ) من تسلط الحريم على الرجال ) ! ( تقل مالي حق بمرتي ؟)
بعد سنوات قرر صاحب المعالي ( التركتر ) أن يتزوج ، بعد أن درس ، وتسلم وظيفته الجيدة ، واستقرت حياته المالية ، والنفسية ، والاجتماعية ، وتهيأت له كل الظروف المناسبة للزواج ، وبدأ بمشروع الخطبة وكان قد تقدم لقرابة مئة من أسر بريدة المعروفة وكان الرفض حليفه ! وذلك لسبب بسيط ( البنت اذا شافته توحشت وعيت!! (
في أحد الأيام وقع الاختيار على إحدى الأسر ، واتصل بي لأخذ رأيي في الأسرة ، وطلب المشورة ( مستشار خاص بس ببلاش ) ، وقد أشرت عليه أن يتقدم لخطبتها بطريقة دبلوماسية فقلت له : ( خل ابوك يخطبه ولا قالوا خله يجي خل نروح معك أنا والشباب علشان تضيع طاسة البنت وتبلش وهي اكيد تبي تستحي من أهله ولا هيب قايلتن جيبوه مرتن ثانية اشوفه ) ( بنات منول مهب مثل بنات اليوم ودهن يفحصن الرجال كله حتى مكينته !)
وبالفعل نجحت الخطة ، وتم الزواج ( وأظن البنت اغمي عليه يوم شافته ليلة الزواج ) ولم يكن في ذاك الوقت مجال للسفر ( مثل شباب اليوم طافين يتزوج اليوم ويطقه سفره بكرا ) ، فكنا على تواصل دائم وكانت الاستشارات الطبية ، والفكرية ، و ( الهيدروليكية ) تقدم بالمجان ( بس عساه يرضى خايفن يطيح سني الثاني (
بعد سنة من زواجه قرر الشباب ( الكشته جهت الصمان ( ، وكانوا يعدون لرحلة لأيام خمسة ( يبون الفياض ) ، وكان ما يزعجهم هو ( التركتر ) حيث إنه لم يؤكد لهم الموافقة ، قلت لهم ( يمكن الرجال عنده ظرف ) قال أحد الشباب : ( يارجال من تزوج بدينا مانشوفه ) ، كانت هذه الكلمة بمثابة المفتاح الذي فتح بابا مغلقا ، حيث بدأنا جميعا في استقراء حياته بعد زواجه ، وكان مما أذهلنا جميعا أننا في جلستنا الأسبوعية نسهر حتى العاشرة ليلا ، أما هو فكان يخرج في تمام التاسعة ، وكان كل يوم يقدم تبريرا ، كما أنه لم يسافر معنا منذ زواجه رغم أننا سافرنا أكثر من مرة ..!!
وقررت فتح الموضوع معه .
كيف حالك ( يابوسليمان ) رد : ( بخير ) فسألته عن سبب قلة زياراته لي في البيت وأن ( أم العيال ) تسأل عنه كثيرا فقد افتقدت جلساته ( الخفيفة !!! ) وأن الأولاد يسألون عن ( عمهم التركتر ) ( من كثر ماكان يجي عندي يحسبونه اخوي !) قال لي ( يابن الحلال ماودي ازعجك ) قلت له : سبحان الله الآن فقط أصبحت تزعجني ؟ شددت عليه بالسؤال كثيرا وألححت عليه فأجابني :( الصراحة المره ماتبين اطلع يوميا والا كان اسكن عندك ) قلت في نفسي ( الله يجزاه خير ) ولكني قلت له ( وشدعوا وين التركتر مخوف الجن والانس ؟ ) قال ( والله ما ودي ازعله بس والا لا تهمك هين اطير العين الحمرا وتهجد ) قلت في نفسي ( إيه هين خرطي(
تجرأت عليه أكثر ، وسألته عن سبب انصرافه الدائم في التاسعة ليلا في جلستنا الأسبوعية ، والتي لها سنوات طويلة ، و يعرفها كل أهلنا ، ويعرفها كل معارفنا ويحسدوننا عليها ؟ حاول التهرب مني ولكني ( صدته ولا عطيته فرصه يتهجج ) قال لي : ( بصراحة أم سليمان حالفتن لو تأخرت عن تسمع وثلث- 9.20- ان ما تفتح لي الباب ) وهنا تحديدا ( طارت عيوني ) وعلمت أن هذا الأسد الثائر عندنا لديه من يروضه ويجعله ( يمشي على العجين ومايلخبطهوش (
*** )أم سليمان ) زوجة صديقي ( التركتر ) حكاية امرأة لها عودة .
دائما في حياتنا ننتقد أفعال الآخرين الذين يكبروننا سنا وخبرة ، ونستغرب من تصرفاتهم ، وربما نجابههم ونعلن الحرب على طريقتهم الحياتية والاجتماعية ، ونحن لا ندرك ما يدركون ، ولا نرى ما يرون ، ولا نعيش ما يعيشون ، ولذلك كان الشباب إذا انتقدوا رجلا كبيرا في قول ٍ أو فعل ٍ ، يرد ببساطة بالمثل العامي الشهير ( تكبر ياخريّـف وانجسك ) أي ( حينما تكبر وتكون في مثل موقفنا الان سنرى ماذا تفعل ) .
إن من يكبرك بيوم يدرك أبعد منك بسنة ، وهذا مثل معروف ، ولكنه حقيقة قائمة ، يؤسفني كثيرا أن يقوم بعض الشباب المتزوجين حديثا إلى الإصغاء إلى أصدقائهم العزاب ، وإلى تعليقاتهم ، ونقدهم ، وتوجيهاتهم ، فيتأثرون بها ، فتؤثر على استقرارهم العائلي والنفسي ، وكم حالة طلاق لشاب ٍ وشابة في مقتبل العمر بسبب مثل ذلك .
كان ( التركتر ) صارم الرأي ، متصلب ، أحادي القرار ، يصادر كل من حوله ، ويمارس الإقصاء والقمع ( أمير فركن عن خشومنا ) ، وكان مصدر قوته تلك ( المطرقة ) التي يحملها دوما معه ، وتسمى عند الناس ( يد ) ، وأقرب ما تكون إذا ضم أصابعه إلى بعض بـ( الكابون ) ، وكان له رأس كبير، وعليه شعرات لا تمت إلى النعومة بصلة ، كان قاس الملامح ، كثير الصمت ، ممعن النظر ( عيونه على طول طايره بالواحد )
جمعتني الأيام والليالي بـ( التركتر ) ، في أحد الأيام كنت أسير مع بعض الأقارب والأصدقاء ، وكنا قرابة ثمانية ، في أحد شوارع ( الجنوب ) غرب مصلى العيد في بريدة ، وكنا مراهقين ( والله ماعرفنا المراهقة أبد بس أبتسلى به هالحين ) ، كان الوقت بعد صلاة الظهر مباشرة ، الجو ماطر ، مرت بنا سيارة ( قرنبعه ) و (تترتر ) وبدأنا نعلق عليها ، ونضحك و ( نتشيطن ) ( اللي يشوفنا يقول هذولا عيال قزاز والا الكعكي ) ، ولما تجاوزتنا السيارة بأمتار ( طفت ) ونزل منها شاب في أعمارنا ولكنه يفرق عنا أنه كان ( هامّه ) ، نادانا وطلب منا أن ( ندف السيارة علشان ينتعه ) ولبينا الدعوة مباشرة ، وقمنا ( بدف ) السيارة حتى وصلنا بها إلى ( نفود الخليج ) ولم نتمكن من المساعدة في ( دق السلف اللي بدا يحن ويرن ) نزل هذا الشاب وطلب منا أن ( انتقذرف ) لأننا لم ننفع في شيء !
واكتشفنا بعد سنوات أن العطل الذي كان في السيارة ( طافية لأنه قاضين البنزين ) ( مالت عليه توه ماسكه ( ......
بعد أيام من ( دف الخرندعه ) جاء إلينا في البيت رجل ، وكان بصحبته هذا الشاب ، وكنت جالسا في المجلس ، تحدث مع والدي وكنت أود التحدث مع هذا الشاب لأسأله عن السيارة ، ولكن ملامحه الصارمة المخيفة أذعرتني جدا ، وقبل خروجهم من منزلنا ( تلطف الأخ ) وقال ( وشلونك انت وخشك ) ففرحت بهذه الكلمات وقلت له ( ودي اسولف معك بس أنت تخوف ) ضحك جدا وقال لي ( تبين اخبزك علشان ما تنسان ؟ )
بعد هذه المقابلة أصبح بين والدي ووالده شراكة في عمل معين ، وأصبحت ألتقي به ، وتعرفت عليه عن قرب ، وعرفته على مجموعة أصدقائي ، وكان إذا سار معي ( بالحارة أرفع خشمي وأدور القلهي ) فكنت مطمئنا إلى ( البودي قارد ) واذكر أنني سألته عن سبب تسميته ( التركتر ) فكان الجواب أن فقدت أحد أسناني !
أصبحت علاقتنا جيدة جدا ، واندمج مع المجموعة ، وإن كانت له طبائع خاصة فقد كان مميزا بالعنف ، والسطوة ، وحب السلطة ، فدائما ( نفسه براس خشمه ) ولهذا كنا نتحاشى الصدام معه ! وقد تتساءلون لماذا إذن قبلناه صديقا ؟ والحقيقة أنني شخصيا لا أعرف لهذا جوابا إطلاقا ، لكنني أشهد لهذا الشاب بالوفاء ، والصدق ، وحسن الصداقة ، وكان يتميز بمعرفة الواجب الذي عليه ، و( فزعته وقت الحاجه ) وكان أهم شيء يجمعنا به في بداية صداقتنا سرقته لسيارة والده ( ددسن موديل 75 ) حيث كنا نساعده في ( نتعها ) ونذهب سويا في رحلة فوق ( النفود ) وتحديدا شرق ( حلويات التاج ) حاليا في حي الخليج شمالا حيث نقوم ) بحكر الشاهي المخدر )
مرت السنوات و( بديت اتحكك على قولة شيباننا ) فتزوجت أخت أحد الأصدقاء ( والحمدلله إنهم منول مايسألون ويدققون يعني يكفيهم إنه ولد فلان ) كنت مقربا عند ( التركتر) ، وذا منزلة عنده ، وأحظى كثيرا بتقديره لشخصي وشخصيتي ، واحترامه لي ( ربك يسخر ( ، لذلك كان يزورني بعد زواجي دائما وباستمرار ، وكان لا يجد غضاضة في أن يأتي إلي بعد صلاة العشاء مباشرة و( يتقهوى ويتعشى ويسمر ) حتى ساعة متأخرة من الليل ، و ) المعزبه منطقه من داخل ) وكنت أحيانا أتململ في الجلسة إذا تأخرنا كثيرا فكانت كلمته ( وراه شادتن عليك المره ؟) ولأنني لا أمل أبدا من حديثه ويعجبني النقاش معه والحوار ( وبصراحة عناده ) كنت أقول له ( بصراحه – مزنه – زعلتن علي وتقول وشو خويك لزقة العنزروت ؟ ) ثم يضحك بكل بساطة ويقول ( اوط على خشمه لا تخليه تأمر عليك ) ، الغريب العجيب بـ ( التركتر ) أنه كان يطرق باب منزلي فإذا أبلغته أم العيال أنني غير موجود طلب منها قائلا ( احكري الشاهي لي وطلعيه والا القهوه خليه لين يجي – قايم قاعد - ) ! يعني باختصار ( لامفر ( .......
( التركتر ) لم يتزوج رغم أنه يكبرني بعامين ومضى على زواجي قرابة ثلاث عشرة سنة ورزقت بأولاد وهو لم يزل على حاله معي ( لزقة عنزروت ) كانت لاتزعجني زياراته الدائمة ، ولا شربه للشاي والقهوة ، ولا أكله للعشاء ، فهذا أمر عادي بسيط ، ولكن ماكان يزعجني كثيرا أنه يغضب أشد الغضب إذا طلبت منه عند الساعة الواحدة أن ( يفارق لاهله والا يخمد بالمجلس ) ، وكان يرى هذا ) من تسلط الحريم على الرجال ) ! ( تقل مالي حق بمرتي ؟)
بعد سنوات قرر صاحب المعالي ( التركتر ) أن يتزوج ، بعد أن درس ، وتسلم وظيفته الجيدة ، واستقرت حياته المالية ، والنفسية ، والاجتماعية ، وتهيأت له كل الظروف المناسبة للزواج ، وبدأ بمشروع الخطبة وكان قد تقدم لقرابة مئة من أسر بريدة المعروفة وكان الرفض حليفه ! وذلك لسبب بسيط ( البنت اذا شافته توحشت وعيت!! (
في أحد الأيام وقع الاختيار على إحدى الأسر ، واتصل بي لأخذ رأيي في الأسرة ، وطلب المشورة ( مستشار خاص بس ببلاش ) ، وقد أشرت عليه أن يتقدم لخطبتها بطريقة دبلوماسية فقلت له : ( خل ابوك يخطبه ولا قالوا خله يجي خل نروح معك أنا والشباب علشان تضيع طاسة البنت وتبلش وهي اكيد تبي تستحي من أهله ولا هيب قايلتن جيبوه مرتن ثانية اشوفه ) ( بنات منول مهب مثل بنات اليوم ودهن يفحصن الرجال كله حتى مكينته !)
وبالفعل نجحت الخطة ، وتم الزواج ( وأظن البنت اغمي عليه يوم شافته ليلة الزواج ) ولم يكن في ذاك الوقت مجال للسفر ( مثل شباب اليوم طافين يتزوج اليوم ويطقه سفره بكرا ) ، فكنا على تواصل دائم وكانت الاستشارات الطبية ، والفكرية ، و ( الهيدروليكية ) تقدم بالمجان ( بس عساه يرضى خايفن يطيح سني الثاني (
بعد سنة من زواجه قرر الشباب ( الكشته جهت الصمان ( ، وكانوا يعدون لرحلة لأيام خمسة ( يبون الفياض ) ، وكان ما يزعجهم هو ( التركتر ) حيث إنه لم يؤكد لهم الموافقة ، قلت لهم ( يمكن الرجال عنده ظرف ) قال أحد الشباب : ( يارجال من تزوج بدينا مانشوفه ) ، كانت هذه الكلمة بمثابة المفتاح الذي فتح بابا مغلقا ، حيث بدأنا جميعا في استقراء حياته بعد زواجه ، وكان مما أذهلنا جميعا أننا في جلستنا الأسبوعية نسهر حتى العاشرة ليلا ، أما هو فكان يخرج في تمام التاسعة ، وكان كل يوم يقدم تبريرا ، كما أنه لم يسافر معنا منذ زواجه رغم أننا سافرنا أكثر من مرة ..!!
وقررت فتح الموضوع معه .
كيف حالك ( يابوسليمان ) رد : ( بخير ) فسألته عن سبب قلة زياراته لي في البيت وأن ( أم العيال ) تسأل عنه كثيرا فقد افتقدت جلساته ( الخفيفة !!! ) وأن الأولاد يسألون عن ( عمهم التركتر ) ( من كثر ماكان يجي عندي يحسبونه اخوي !) قال لي ( يابن الحلال ماودي ازعجك ) قلت له : سبحان الله الآن فقط أصبحت تزعجني ؟ شددت عليه بالسؤال كثيرا وألححت عليه فأجابني :( الصراحة المره ماتبين اطلع يوميا والا كان اسكن عندك ) قلت في نفسي ( الله يجزاه خير ) ولكني قلت له ( وشدعوا وين التركتر مخوف الجن والانس ؟ ) قال ( والله ما ودي ازعله بس والا لا تهمك هين اطير العين الحمرا وتهجد ) قلت في نفسي ( إيه هين خرطي(
تجرأت عليه أكثر ، وسألته عن سبب انصرافه الدائم في التاسعة ليلا في جلستنا الأسبوعية ، والتي لها سنوات طويلة ، و يعرفها كل أهلنا ، ويعرفها كل معارفنا ويحسدوننا عليها ؟ حاول التهرب مني ولكني ( صدته ولا عطيته فرصه يتهجج ) قال لي : ( بصراحة أم سليمان حالفتن لو تأخرت عن تسمع وثلث- 9.20- ان ما تفتح لي الباب ) وهنا تحديدا ( طارت عيوني ) وعلمت أن هذا الأسد الثائر عندنا لديه من يروضه ويجعله ( يمشي على العجين ومايلخبطهوش (
*** )أم سليمان ) زوجة صديقي ( التركتر ) حكاية امرأة لها عودة .
دائما في حياتنا ننتقد أفعال الآخرين الذين يكبروننا سنا وخبرة ، ونستغرب من تصرفاتهم ، وربما نجابههم ونعلن الحرب على طريقتهم الحياتية والاجتماعية ، ونحن لا ندرك ما يدركون ، ولا نرى ما يرون ، ولا نعيش ما يعيشون ، ولذلك كان الشباب إذا انتقدوا رجلا كبيرا في قول ٍ أو فعل ٍ ، يرد ببساطة بالمثل العامي الشهير ( تكبر ياخريّـف وانجسك ) أي ( حينما تكبر وتكون في مثل موقفنا الان سنرى ماذا تفعل ) .
إن من يكبرك بيوم يدرك أبعد منك بسنة ، وهذا مثل معروف ، ولكنه حقيقة قائمة ، يؤسفني كثيرا أن يقوم بعض الشباب المتزوجين حديثا إلى الإصغاء إلى أصدقائهم العزاب ، وإلى تعليقاتهم ، ونقدهم ، وتوجيهاتهم ، فيتأثرون بها ، فتؤثر على استقرارهم العائلي والنفسي ، وكم حالة طلاق لشاب ٍ وشابة في مقتبل العمر بسبب مثل ذلك .