مشاهدة النسخة كاملة : فـصـولٌ فـي الـصّـداقـةِ !
( 1 )
لكلٍّ امرئٍ منا صُحبانٌ لا يزالُ يصلهم ويصلونه ؛ فمن الناسِ مَن يستمسك بهم ما كُتبَ له البقاءُ ، ومنهم من يتبدّلُ بهم غيرَهم . ولا يتبدلُ المرءُ غيرَ صاحبِه إلا لعلةٍ يجِدها منه ؛ فتراه أولَ أمرِه يتغاضَى عنها ، ثم لا تزالُ تكبُرُ حتى تؤذنَ بانقطاعِ الحبالِ . ومن الحسنِ أن أذكرَ هنا بعضَ مفسداتِ الصداقةِ ، حتى يكونَ المرءُ منها على خُبرٍ ؛ فيتوقاها . وهي على نحوينِ ؛ فمنها ما يجعلُ الصديقَ يرتابُ في ودِّ صديقِه . ومنها ما يجعلُه يرى أنّ أخلاقَ صديقه ذلك لا تناسبُه ؛ فأما النحو الأولُ فمن قِبَل أن الصداقةَ لا تستمرّ متينةَ القوى حتى يتفقَ عليها الطرفانِ ، وحتى يكونَ ما بينهما من الودٍّ على مقدارٍ واحدٍ . ومتى ارتابَ أحدُهما في ودِّ الآخَر أوشكت حبالُ الصداقةِ أن تقضّبَ ، ولم يُهيأ لصداقتِهما أن تدومَ .
فمن صور ذلك أن تكونَ الصِّلةُ من طرفٍ واحدٍ ، ويكونَ الآخرُ متلقيًا وحسبُ ؛ فالأول هو الذي يتصلُ ، وهو الذي يطلبُ لقاءَ الآخرِ !
ومن صورِها التي تبعث على سوءِ الظنِّ في الودِّ أن يتصلَ الصديقُ بصديقِه ؛ ثم لا يردّ عليهِ ، ولا هو يتصلُ به من بعدُ ؛ حتى يتوهمَ المتصلُ أن صديقَه ليس في جواله أدنى خاصّةٍ ، خاصّةُ ( مكالمات لم يردّ عليها ) ؛ فلا يزالُ الشيطانُ يزيّن للأوّلِ أن صاحبَه لا يحبّه ، وأنه غيرُ مبالٍ بهِ ، ولا ملتفتٍ إليه . ثم تأخذ الصداقةُ في الضعفِ ، حتى تضمحلَّ ، وينقطعَ ما بينهما من الودِّ .
ومن صورِها أن يجدَ المرءُ صديقَه لا يسألُ عنه إذا انقطعَ عنه ، حتى إنه ربّما يَمرضُ المرضَ العضالَ ، ويلاقي الهمومَ الثقالَ ، ولا يدري عنه صاحبُه ؛ أفيكون مثلُ هذا صديقًا ؟ وهل يُلامُ المرءُ إذا دخلَ في قلبِه الريبُ من ودّه ؟ فالصديقُ الحقّ هو الذي يتفقدُ أحوالَ صديقِه ، ويرعى ما بينهما من الحُرمةِ ، ولا يكونُ قليلَ الوفاءِ ، سريعَ النسيانِ . والصديقُ الحقّ هو الذي لا يسوء صديقَه في مغيبِه ، ولا في محضره ، ولا يقولُ ما عسى أن يَحزُنَه :
وما أنا للشيءِ الذي ليس نافعي *** ويغضبُ منه صاحبي بقئُولِ
موضوعٌ متسلسلٌ في ( الصداقة ) – إن شاء الله – .
أبوس
Queen of buraydh
14-04-08, 07:08 pm
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا
تندر الصداقه في زمن طغت فيه المصلحه والمادّه على الاخلاق الانسانيه ..!
سأكون مُتابعه لهذه السلسله الممتعه اخي الكاتب ..
فائق شكري ..
تلميذة الحياة
15-04-08, 06:29 pm
فصل رائع عن الصداقه ,,
بارك الله فيك أخي أبوس..
بإنتظار بقية الفصول..
دمت بخير,,
,
خالد التويجري
16-04-08, 06:59 am
سلسله مباركه تهدف للرقي في الصداقه لمراتبها المعتبره ..,
شكراً لك .., أخي الفاضل .., أبوس
لكن هل كل (صحبه) صداقه ..,؟
وهل كل صاحب "صديق" ..,؟
أظن الصداقه شي لا يشعر به إلا من يحتاج صديق ثم لا يجده ..,؟!
تحياتي .,’
( 2 )
قد ذكرنا في ما تقدَّمَ نُتَفًا من مفسداتِ الصداقةِ ، التي تُدخِلُ على الصديقِ من صديقِه تُهَمةً ورَيبًا . ونحن نأتنِفُ ما ذكرنا ؛ إذْ كانَ هذا البابُ من القولِ ، لا يوقفُ منه على غايةٍ ، ولا يُنقطَعُ منه إلى نهايةٍ ، وكانَ في ذكرِ القليلِ بلاغٌ ومعتبَرٌ !
كما أنَّ حقًّا على الصديقِ أن ينفيَ عن صديقِه أسبابَ سوءِ الظنِّ ، وألا يجعلَه يقِفُ منه على ما يَريبُه في ودِّهِ لهُ ، فإنَّ من حقِّ ذلك الصديقِ ألا ينساقَ وراءَ أولِّ خاطرٍ ، ولا يجعلَ لسوءِ الظنِّ على نفسِه مدخلاً ، وأن يتخِذَ الإغضاءَ ، وصلاحَ الرأيِ شِعارًا ومذهبًا . فإذا أحسَّ من صديقِه جفوةً ، أو صدودًا ، أو رأى منه انقطاعًا في الاتِّصالِ ، وإبطاءً في الرسائلِ ، فلا يعجلنَّ على صديقِه بالتُّهَمةِ ، وليتبيَّنْ أن يحكمَ عليهِ قبلَ النظرِ ، والتماسِ العللِ ؛ فعسَى أن يكون ذلك لعذرٍ منه ، أو لفهمٍ معدولٍ عن وجهِ الحقِّ ؛ فكأيِّن من ظنينٍ على غيرِ سوءٍ ، ومتَّهمٍ في غيرِ ذنبٍ !
تأنَّ ، ولا تعجلْ بلومِكَ صاحبًا *** لعلَّ له عذرًا وأنت تلومُ
ومن ذلكَ أن يكونَ كلُّ كلامِه إياهُ كلامًا جافًّا باردًا . ولا ينبغي أن يحملَ فرطُ الإدلالِ الرجلَ على أن يكلَّمَ صديقَه كما يكلّمُ عدوَّه . على أنه لا ينبغي أيضًا أن يُبالغَ في تكلُّفِ الكلامِ العذْبِ ؛ فيعاملَ صديقَه معاملةَ الغريبِ ؛ ولكنْ بينَ بينَ ؛ قالَ بعضُهم : ( حقُّ الصديقِ إذا دنا أن يُّرحَّبَ بهِ ، وإذا جلسَ أن يُّوسعَ له ) .
وقالَ الشاعرُ :
" كيفَ أصبحتَ " ، " كيفَ أمسيتَ " ممَّا *** يَزرعُ الودَّ في فؤادِ الكريمِ
ومنه أن يتركَ تعهُّدَه بالزيارةِ ، أو الرسالةِ ؛ فربّما انقضَى الشهرُ ، أو الشهرانِ ، ولم يلتقِ بهِ ، على قربِ الدارِ ، وتهيّؤ الأسبابِ ، وإسعادِ الزمانِ ، وفراغِ القلبِ من الأشغالِ . فإنَّ طولَ الانقطاعَ يُورثُ الجفاءَ ، ويُكدّرُ الصفاءَ ، ويُخلقُ المودَّةَ . فإذا هما رجعَا إلى ما بقِيَ من الودِّ رجعا إلى ودِّ طارفٍ ، وصُحبةٍ مستحدَثةٍ !
تركُ التعهُّدِ للصديـ *** ـقِ يكونُ داعيةَ القطيعهْ
و :
ومَن لم يكن مُنصِفًا في الإخا *** ءِ ، إن زرتُّ زارَ ، وإن عُدتُّ عادا
أبيتُ عليهِ أشدَّ الإباءِ *** وإنْ كانَ أعلى قريشٍ عِمادا
على أنّ للزيارةِ مقدارًا لا يحسُن أن تتجاوزَه . فأما إذا كانت الصداقةُ بينهما مبرَمةً متينةً ، وكانَ كلُّ واحدٍ منهما من أخيهِ على ثقةٍ - وذلك قليلٌ - ، فلا يضرّهما أن يلتقِيا كلَّ ساعةٍ ، كما لا يضرّهما أن يطولَ فراقُهما ؛ قالَ أبو حاتمٍ : ( من صحَّحَ الحالَ بينه وبين أخيه ، وتعرَّى عن وجودِ الخللِ ، أحببتُ له الإكثارَ في الزيارةِ ، والإفراطَ في الاجتماعِ ) [ ا . هـ . بتصرفٍ ] . أما ما جاءَ في الأثرِ : ( زُرْ غِبًّا تزددْ حبًّا ) ، فذلك في حقِّ من لم تستحكمْ بينك وبينَه عُرى المودةِ ، ولا بلغَ من نفسِك مبلغًا تُطَّرحُ منه الحشمةُ ، ويُرفعُ لهُ التكلُّفُ . وفي ذلك قولُه :
زُرْ قليلاً لمن يَّودّك غِبًّا *** فدوامُ الوِصالِ داعي المَلالِ
و :
أقللْ زيارتَك الصديـ *** ـقَ تكن كثوبٍ يستجِدّهْ
إنّ الصديقَ يغُمّهُ *** ألا يزال يراك عندهْ
للموضوع بقيّةٌ !
كتبه :
أبوس
5 / 4 / 1429 هـ
أختي / قوين
أنا لكَ شاكرٌ مرورَكِ .
---
أختي / تلميذة الحياة
لكِ الشكرُ
---
أخي / بريداوي
حياك الله .
بالنسبةِ للصداقةِ ، والصحبةِ ، فهذا ردّ كتبتُه في بعض المنتديات :
(
فائدة :
في ما أذكرُ فإن الله تعالى ذكرَ من أمر الصداقةِ ( الصاحب ) في قوله : (( وكان له ثمرٌ فقالَ لصاحبه وهو يحاوره )) ، وقوله : (( إذ يقول لصاحبه لا تحزن )) ، و ( الخليل ) في قوله : (( يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانًا خليلاً )) . والذي يظهرُ لي أن الصاحب هو مَن يكون له بصاحبه عَلاقةٌ ، واتصالٌ - وإن كانا مختلفين في الرأي والهوى - ، كما في قصة صاحب سورة الكهف . والخليل هو الذي يكونُ موافقًا لخليلِه في الرأي شديدَ المودةِ له ، كما في سورة الفرقانِ ؛ فقد رأيتَ أنه لما اتخذه خليلاً أضلّه عن الذكر ، لأن الخلة تقتضي المتابعةَ في الرأي :
قد تخللتَ مسلك الروح مني *** وبذا سُمّيَ الخليلُ خليلا
وإنما سُمّي الخليل إبراهيم - عليه السلام - بذلك ، لأن القارئ للتاريخ يعلمُ أنه كانَ في زمنٍ كانَ أهلُ الأرضِ فيه مجتمعين على الكفر ؛ فنالَ إبراهيم بانفرادِه على الحنيفيةِ هذه المنزلةَ ، لأنه لم يكن في الأرضِ يومئذٍ مَن يحفظ دينَ الله وأمرَه غيرُه .
أما ( أبو بكر ) - رضي الله عنه - ، فإنما لم يكن خليلاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، لأن قلبَ النبي كانَ مفرّغًا لله تعالى ، لا يَشغله عنه شيء غيره ؛ إذ الخلة تقتضي الموافقة ، فلو كان أبو بكر خليلاً له ، لكانَ هذا مما يَنقصُ من تمام الموافقةِ لله تعالى ، لأن المرءَ إذا كان له خليلانِ ، فلا بد أن يختلفا ، فأيّهما يتبعُ ؟ فإن قالَ : كليهما ، كان تناقضًا ، وإن قالَ : أحدَهما . لم يكن الآخرُ خليلاً ، لإخلالِه بأمر المتابعةِ .
والله تعالى أعلم ) .
أبوس
فراق الحبايب
16-04-08, 02:59 pm
موضوع جدا .. رائع .. وجاء بوقت تقل الصداقة والصحبة الصادقة ..
واصل يا مبدع .. نحن بإنتظار الأجزاء الأخرى .. تقبل مروري
Queen of buraydh
19-04-08, 03:07 am
رائع
وايش اللي يفرق بين الاصحب سوى اساءة الظن ؟؟
ولكن احياناً نضطر لاحسان الظن مرّه تلو الاخرى حتى تأتي لحظة الـ stop
فالقلوب تمل من احسان الظن دون جدوى ! وللصبر حدود .. اليس كذلك اخي الكاتب ؟
أقللْ زيارتَك الصديـ *** ـقَ تكن كثوبٍ يستجِدّهْ
إنّ الصديقَ يغُمّهُ *** ألا يزال يراك عندهْ
^^
ممكن لا هنت توضح لي معنى الابيات ؟
•°سـرىآ اللـيـل°•
19-04-08, 03:33 am
أهلاً وسهلاً بالمبدع أبوس ..
جميل أن تكرمنا بإطروحاتك الرائعة .. متابعة لك هناك .. ومبتهجة لطرحك هنا ..
وجميل أن تناولت الصداقة إذ أن الصديق عطر الروح وبلسم الجروح ..
أدام الله مدادك لنا متعة ,,
ـــــــــــــــــــــــــ
كوين ودي اقط وأشرح الأبيات :D
يعني لاتصير الصديقة دبلت كبد << عادي باللهجة المحلية :) أقلل الزيارة لكي يراك كثوب جديد فيفرح بك << هذا والله أعلم
تعلقك بصديقتك بدرجة كبيرة والذي قد يوصل لمصاحبتها في كل مكان تصرف سيحولها من صديقة لأخت .. وهذا أمر مرفوض فكل له دوره ..
وكلنا يعرف ياعزيزة أن الصديقة بحكم أنها لاتعرف عن حياتك إلا جزء بسيط ستكون أقرب إنسانة لك وأريح في المصارحة ,
وهذا بعكس أختك المصاحبة لك في كل مكان لربما لاتصراحينها بأمور لمعرفتها بكل كبيرة وصغيرة في حياتك..
وجهة نظر شخصية ولربما كانت صحيحة ..
أهذب تاهيه’
تلميذة الحياة
19-04-08, 03:42 am
أبوس,,
جزاك الله خيراً..
مُتابعة..
.
كوين : وأنا بقط وأشرح لك الي فهمته :)
يعني المفروض الصديق مايكثٌر من زيارته لصديقه بكل وقت
عشان مايملُه ويغثٌه >يابخت من زار وخفف ..
^^
هذا اللي فهمته ..
وبإنتظار توضيح الكاتب
:)
.
دام الجميع مع صحبة نافعة
أبوس ..
الأسلوب روعة يستهويني لما يحويه من مفردات جذابة وبراقة ..
أما الموضوع وأفكاره فتعد من الأشياء التي يستهوينا سماع شيء عنها لما عليه حال الأقران في هذا الزمان ..
أحبب حبيبك هونا ما عسى ان يكون بغيضك يوما ما ..
يجب أن نتأكد منها بين الفترة والأخرى ..
أحب أن أضيف شيء مما يخالج نفسي لكني آمل أن يأتي على لسان صاحب الموضوع ..
متابع هنا ..
لكم أطيب المنى
يارب الفرج
20-04-08, 11:07 pm
حياك اخي \ابوس
موضوعك اكثر من رائع لكن من يقدر الصداقة انا لي صديقةثمان سنوات عشرة
وبالاخر تخلت عني بكل سهولةتقول تعبت مافي غيري اتصادقينة تخلت عن وانا باحرج موقف
كنت فيةكان اللة يعلم بحالي اختمتة لي بذيك الموقف الي كنت محتاجتة برسالة تهزيء وتهديد
واللة المستعان ويفرج لي ويعينن000
بنت البدائع
20-04-08, 11:46 pm
رائع رائع ماطرحت أخي الكريم ...
دروس قيّمة ....
الصديق الحقيقي : هو الذي يرفع شأنك بين الناس و تفتخر بصداقته و لا تخجل من مصاحبته و السير معه
أكمل فنحن لك منتظرون ...
دمت بود
اخي ابوس
موضوع رائع جدا !!
ودائما ما يلازمني هذا السؤال :
هل الصداقة الملازمة او الصدق والوفاء حى لو لم يكن هناك ملازمة ؟
ففي الاية الكريمة
"يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ(())وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ "
دمت رائعا
( 3 )
ومما يُفسِد الصداقةَ ، ويُسرِعُ في نَقضِها أن يُوسِعَ أحدُ الصديقينِ للوشاةِ ، والحُسادِ ، ويستمعَ إلى مقالتِهم . وقِديمًا ما تعوَّذَ الناسُ باللهِ من شرِّهم ، وأولوهم من أنفسِهم قلوبًا غُلْفًا ، وآذانًا صُمًّا ؛ فقالَ بعضُهم :
لقد أنلتُك أذْنًا غيرَ واعيةٍ *** وربَّ منتصتٍ والقلبُ في صممِ
ومتى أقبلَ الرجلُ على ألئكَ ، وسمِعَ منهم ، فقد مكَّنَ لهم أن يصيبَوا حاجتَهم منهُ ، وسعَى في التنفيسِ عنهم ، وأعانَهم على إفسادِ ما بينَه وبينَ خُلصانِه من الودِّ ، والصحبةِ ؛ قالَ أبو الدرداءِ - رضي الله عنه - : ( معاتبةُ الأخِ خيرٌ من فَقدِه ، ومَن لك بأخيك كلِّه ؟ أطعْ أخاكَ ، ولِنْ له . ولا تسمعْ فيه قولَ حاسدٍ وكاشحٍ . غدًا يأتيكَ أجلُه ، فيكفيكَ فقدَه ! كيفَ تبكيهِ بعد الموتِ وفي الحياةِ تركتَ وصلَه ؟! ) :
لا ألفينّك بعدَ الموتِ تندُبُني *** وفي حياتيَ ما زودتَني زادي
وكم من أصحابٍ فرّقَ بينهم الاستماعُ لقولِ الحُسّادِ ، وتصديقُهم .
ومما يُفسِد الودَّ بينَ المتحابينِ أن يرى الرجلُ من أخيهِ الزلّةَ ، فيكتمُها في نفسِه ، ويطويها في صدرِه ؛ فلا تزالُ تنمي ، وتكبُر ، حتى تصيرَ جَُِذوةً من العدواةِ والبغضاءِ . وهذا كثيرٌ في الأصحابِ . وكانَ الحقَّ عليهِ أن يباثَّه ، ويباوحَه ، ويفضي إليه بما في قلبِه ؛ فإنَّ ذلك ممّا يستلُّ السخائمَ ، ويعفو الأحقادَ . لذلك تجدُ الصديقينِ اللذينِ تكثرُ بينهما المعاتبةُ ، والتأنيبُ أصفَى مودّةً ، وأصدقَ إخاءً . فعليكَ إذا رأيتَ من صديقِك ما تكرهُ من خُلُقِه ، كأنْ تراهُ يناديكَ بما لا تحبّ ، أو يعاملُك معاملةً لا ترضَى ، أن تبصّرَه بذلك ؛ فربَّما كانَ لا يعلَمُ مبلغَ ذلك من نفسِك ، ولو كانَ علِمَ لأمسَكَ !
وممَّا يَريبُ الرجلَ في وُدِّ صاحبِه أن يّكثرَ عندهُ من ذِكرِ غيرِه من الأصحابِ ذِكرًا كثيرًا ؛ فإنّ بعضَهم ربَّما ساءَه ذلك ، وكرَثَه ، وكما أنَّ الضرّةَ تغارُ على زوجِها ، فكذلك الصديقُ يغارُ على صديقِه إذا كان ميثاقُ الصداقةِ بينهما غليظًا .
وللموضوع بقيةٌ
أبوس
أبو قصي
15 / 4 / 1429 هـ
أخي / فارس
أشكر لكَ هذا الفضلَ منك .
---
أختي / قوين
أشكرُ لكِ متابعتَك الكريمة ...
أما الظنّ ، فقد بينتُ في الجزءِ الأولِ أن على الصديقِ أن يتوقّى الأسبابَ التي تضطرّ صديقَه إلى أن يسيءَ به الظنّ . وبينتُ في الجزء الثاني أنّ على الصديقِ الآخرِ ألا يسيءَ الظنّ من أولِ بادرةٍ . والأمرُ الذي ذكرتِ صحيحٌ ؛ فإن لحسنِ الظنّ حدًّا يُنتهَى إليهِ . وربما أعرضُ لذلك في الفصولِ القادمةِ .
أما البيتُ ، فتفسيرُه أن المرءَ إذا أقلّ زيارةَ صديقِه كان في عينِه كالثوبِ الجديدِ . والثوبُ الجديدُ لا يُلبسُ إلا في المحافلِ ، والمجامعِ الخاصّةِ . فإنْ هو لبِسه في كلّ مكانٍ بليَ ، وتخرّقَ ، كحالِ الصديقِ إذا أكثرَ زيارةَ صديقِه .
أبوس
Queen of buraydh
22-04-08, 04:00 am
سرى , تلميذه , اخ ابوس , شكراً لتوضيحكم
لكني غير مُقتنعه بالابيات ( بعض الشيء .. ) :)
سأبقى هنا مُتابعه بإذن الله ..
أختي / سرى الليل
أشكرُ لكِ التوضيحَ لأختِنا / قوين ؛ ولكنْ يبدو أنه لا يزالُ في نفسِها حرجٌ !
---
أختي / تلميذة الحياة
شكرًا لك على هذا المرور .
---
أخي / الكبري
حيّاك الله ...
سرّني اجتيازُك من هنا
---
أختي / يا رب الفرج
أعوذ بالله من حالِ تلك الصاحبةِ ، وأمثالُها كثيرٌ !
---
أختي / بنت البدايع
شكرًا لك جزيلاً .
---
أخي الكريم / توبي
بل الصداقةُ في رأيي الصدقُ ، والوفاءُ ؛ وإنْ لم ترَه كلّ حينٍ ؛ مرضَ يونس بن عبيد ، فقيل له : إن فلانًا لم يأتِك ! فقالَ : إنا إذا وثِقنا بمودة أخينا ، لم يضرنا ألا يأتينا .
---
أختي / قوين
هذا ما لديّ ؛ أما الاقتناع ، والمحبة ، فمن الله .
شكرًا لك مرةً أخرى .
أبوس
Queen of buraydh
23-04-08, 07:05 pm
أختي / قوين
هذا ما لديّ ؛ أما الاقتناع ، والمحبة ، فمن الله .
شكرًا لك مرةً أخرى .
أبوس
اخ ابوس لا دخل للمحبّه هنا :)
أنا غير مُقتنعه لأني اشعر بأن الصديق لابد ان يكون بالقرب دائماً .. يبقى مسانداً متعايشاً مع صاحبه ع الحلوه والمرّه .. وهناك مثل دائماً يُردد ( اللي بعيد عن العين بعيد عن القلب ) وانا مؤمنه فيه .. كُلّما ابتعد الشخص كلّما قلّت معزته .. عكس من يتواجد بالقرب دائماً ..
قوّموني ان كُنت مُخطأه ؟ !
أختي / قوين
سيأتي في فصلٍ قادمٍ الكلامُ على ذلك .
لكِ مني خالصُ الشكرِ .
أبوس
vBulletin® v3.8.8 Alpha 1, Copyright ©2000-2025, vBulletin Solutions, Inc Trans by mbcbaba