المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 44 ساعة .. في أكاديمية المبارك !


مثلث برمودا
05-02-08, 11:55 pm
44 ساعة .. في أكاديمية المبارك !
http://www.asharqalawsat.com/2006/10/25/images/ksa-local.388824.jpg

أما قبل ..

(1)
أكاديمية المبارك .. أكاديمية لها طابعها الخاص .. ليست أكاديمية تقليدية ولا حتى مثالية ..
ليست أكاديمية تلفزيون الواقع .. بل هي الواقع بعينه دون تساهل ولا تكلف ..
عندما تدخل هذه الأكاديمية لا تنتظر أن تجد قاعات أو معامل .. فكل الأماكن و المجالس هي قاعات ..
لا تنتظر أن يكون المحاضر و الطلبة تقليديين .. فقد يكون المحاضر صبياً والطالب شيخاً كبيراً !
أكاديمية أسرية يتعلم فيها الطفل و الشاب و الكهل و الشيخ و الكبير على حد سواء ..
تتقبل للانضمام إليها جميع شرائح الأسرة من رجل الشارع حتى أستاذ الجامعة ..
يزينها رجالاً عصرتهم تجارب الحياة وصقلتهم مجالسة الرجال .. بذلوا وصبروا و اجتهدوا.. وأثمر سعيهم كوكبة من العلماء والمثقفين والموجهين والأكاديميين والقادة في مختلف ميادين الحياة ..
أكاديمية لم تحتاج إلى تصريح إنشاء و لا اعتراف عالمي .. مكانتها و قيمتها فيها .. كسبيكة الذهب غنية عن ورقة تثبت أنها كذلك !

(2)
عندما أخبرت صاحبي أننا سنشد الرحال شرقاً نحو الأحساء في زيارة وفاء و وود و إخاء إلى عائلة بيننا و بينهم حبال قرابة اشتدت أواصرها مؤخراً بعد عدة زيارات نتبادلها مابين السنة و الأخرى متى ما سمحت الظروف.. بدأت ترتسم علامات تعجب على محياه .. و أحسست أنه بدأ رحلة تفكير قطعتها عليه بالقول: أقدر تعجبك و إنني لست عنك ببعيد!..
قال: يا صاحبي .. نحن اليوم في زمن الماديات و المصالح المشتركة ، ويكاد الواحد منا لا يرى أقرب الناس إليه إلا بالأعياد و مراسم العزاء و بجانب الأسرة البيضاء! وبالكاد يجد الكثير منا وقتاً للجلوس مع زوجته و أبنائه .. وتحدثني عن زيارة عائلية يشد لها الرجال الرحال!

(3)
ذهبت مشرقاً نحو هجر يثقل كاهلي كلام صاحبي ..
ولقد قام الأهل بزيارات سابقة لعائلة المبارك .. ولم يتسنى لي مرافقتهم لظروف الدراسة .. وذكروا لي شيئاً مما شاهدوه من خصال هذه الأسرة المباركة ..
ولم أُقدّر و أستشعر مدى إعجابهم إلا بعد أن تشرفت برفقة الأهل لزيارة عائلة المبارك بالأحساء نهاية العام الهجري المنصرم .. زيارة استمرت لمدة 44 ساعة متواصلة تحت ضيافة هذه الأسرة المباركة ..
وبحق لقد أسرونا برحابة الصدر و كرم الضيافة ..
وظلت الابتسامة و البشاشة وعبارات الترحيب البسيطة غير المتكلفة هي شعار اللقاء..
وأمتعونا بمجالسهم العامرة و بغرائب الروايات وجميل الأبيات و نوادر التراث ..
وأطربونا بإلقاء بعض مشاهير معلقات العرب وروائع القصيد .. وأبهرنا مشاركة الناشئة صغار السن بإلقاء تلك المعلقات و القصائد عن ظهر قلب .. لترحل بفكرك بعيداً و كأنك في أحد مجالس العصر العباسي !..
إنها بحق ظاهرة إيجابية يصعب وصفها .. إنك لن تحس فعلاً بتغذيتها الراجعة حتى تجربها و تعيشها كما عاش النسوة مشهد النظر إلى نبينا يوسف عليه السلام الذي أعطي نصف الجمال بمجلس امرأة العزيز .. وبعدها سيكون مصيرك مصير النسوة اللائي قمن بتقطيع أيديهن لا إرادياً !

(4)
إنها بيئة علمية لها تاريخها الطويل في التربية و التعليم والتواصل الأسري .. إذ لدى الأسرة مجلس يجتمع فيه أفراد العائلة يقام في بيت أكبر أفراد العائلة سناً ..عمره يتجاوز المائة و الخمسين عاماً !!
يتشرف كبير العائلة بوراثة استضافة هذا الاجتماع العائلي ، وقد حضرنا في زيارتنا إحدى هذه الجلسات في منزل الأديب و الدبلوماسي الدكتور: أحمد بن علي المبارك حفظه الله و أمد في عمره .. إضافة إلى أنه لدى الأسرة عدة مجالس علمية مستمرة متخصصة في اللغة و الفقه و الحديث تعقد في أوقات و أماكن متفرقة ..
تتفرد الأسرة ومن خلال تلك المجالس بسمة توليد العلماء .. أو على أقل الأحوال تملك أفرادها مستوى عال من الثقافة والاحتكاك الدائم بأفراد العائلة المتميزين ، كما تتسم العائلة بفتح المجال لأبنائها لشق طريقهم في الحياة والانضمام لما يرغبونه من تخصصات بمنتهى الحرية على الرغم من تميز العائلة في تخصصات معينة حيث خرّجت الأسرة علماء شرعيين وأدباء وشعراء وأكاديميين منهم من تعلموا في بلادنا وآخرين تحصلوا على شهاداتهم من أمريكا و أوربا وبعض البلدان العربية ، ولهم إسهاماتهم البارزة في مختلف الميادين ..

أما بعد ...

(5)
- كم من العائلات من تمتلك مثل هذه الخصال التي تتميز بها هذه العائلة ؟
- وهل بإمكاننا سبر أغوار أسرار نجاح هذه الأسرة في الجانب الاجتماعي و العلمي ؟
- وكيف يمكننا توفير البيئات المناسبة المحفزة و الداعمة لأبنائنا للتميز في مجالات الحياة المتعددة ؟

(6)
إن ما تتميز به هذه الأسرة من خصال هو ولا شك ثمرة عقود من الغراس و التضحية و الإيثار و الصبر ثم المتابعة وجني الثمار مع المكافحة المستمرة للفيروسات و الجراثيم التي ولابد من وجودها ، ولا شك أن ثمة تحديات واجهها الآباء و الأجداد واستطاعوا تجاوزها ، وثمة تحديات أخرى تظهر بين الفينة و الأخرى يتحتم عليهم مواجهتها ، وفي موجة المتغيرات الذي نعيشها اليوم يبقى التحدي الأكبر في مقدرة كبار العائلة في كل جيل على تجهيز و دعم الأجيال المتتالية للمحافظة على ما حققه الآباء من توفير لهذه البيئة التربوية الخصبة وما حققوا من إنجازات بذلوا كل ما بوسعهم للوصول إليها .. والمبادئ هي أفعال قبل أن تكون أقوال .. وما أسهل أن نتعلم خصال الأدب و أدب الحوار و الحوار مع الكبار .. ويبقى التحدي الحقيقي في تطبيق ما نتعلمه .. إنه ثمرة جهد .. غرس بذرته الأجداد .. ورعاه الآباء .. والآن يجني ثمرته الأبناء .. ويقع على عاتقهم مسئولية المحافظة عليه ..

(7)
و ما أحوجنا في عصر المعرفة و المعلوماتية لوجود مثل هذه العائلة (الأكاديمية) لتكون قدوة يحتذى بها كنموذج واقعي مشاهد تراه أمامك بعيداً عن المثاليات والأمنيات والتسلي بأمجاد الماضي ..
لا أحب المبالغة في المدح أو الوصف .. ولكن أستبيحكم عذراً .. فثمة نماذج شاهدتها في تلك الأكاديمية الواقعية بدأنا نفتقدها في تعاملاتنا اليومية ..
ولا عجب أن تجد أسرة تتميز بالمال أو الجاه.. ولكن العجب أن تجد أسرة استطاعت أن تتجاوز كثيراً من التحديات لتحافظ على تميزها العلمي و الإجتماعي ليصبغ أثره على أبنائها ويصبح سمة يتميزون بها ..
وكثير ما نصطدم في حياتنا اليومية برجال رزقهم الله بشيء من العلم أو المال أو الجاه فإذ بك تتفاجئ بتحول ببعض سلوكياتهم وتصرفاتهم و ترثي لحالهم ..ويزداد ألمك عندما تقارنها بتعامل غير المسلمين في عدد من الدول الغربية وقد تخلقوا بأخلاق المسلمين وإن لم يدينوا بديننا إلا أننا ومع الأسف نجد أنهم ملتزمين بأحد أهم مبادئ ديننا وهو مبدأ "الدين المعاملة " _ببعده السلوكي لا العقدي_ أكثر منا !

وختاماً ..

(8)
في زمن العولمة و في خضم أمواج التغيير التي نعيشها مع بداية هذا القرن الجديد ومع التطور التقني لوسائل الاتصالات .. نجد أنه تعددت مصادر التأثير على سلوكيات أجيالنا .. بل أنه مع التطور الحاصل في تقنية الاتصالات و وسائل الإعلام التفاعلية الحديثة ، وأبرزها شبكة الإنترنت و الفضائيات و الألعاب الإلكترونية ، نجد أن هذه الوسائل مجتمعة أو متفرقة ، قد أخذت حيزاً أكبر من التأثير على حساب الأسرة و المدرسة ، وبشكل متزايد يتطلب من الجميع المبادرة لمواجهة هذا الاختراق لسلوكيات أجيالنا كل حسب استطاعته .. وإن مثل هذه الأكاديمية الأسرية أحد البيئات المطلوب محاكاتها ونشر مفهومها لأنها ومن خلال تجربة نعايش نتائجها واقعاً مشاهداً أحد الحلول الناجعة لمواجهة ذلك وتوفير بيئة تربوية توسع من آفاق الأبناء و تدفع بهم لتتولد لديهم الإرادة نحو التعلم و التقدم والتطور.. ومفتاح ذلك قوله تعالى : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ..

ودوماً على دروب الخير و العلم و النور نلتقي .،

عاشق ديرتي بريده
06-02-08, 12:25 am
برمودا تدري اني عجااااز !

اذا تقدر تلخص لي الهرج هذا بسطرين اكون لك من الشاكرين ,,

<<< ماعمره قراء موضوع طويل ابد ابد !

مثلث برمودا
06-02-08, 01:02 am
أخوي .. عاشق ديرتي بريده
يبي لك دورة في أكاديمية المبارك !

أبرز ملامح الموضوع :
هناك عائلة تدعى عائلة المبارك .. تقطن شرق السعودية بالأحساء تحديداً .. لديها بيئة تربوية عائلية متميزة .. أنجبت علماء بارزين في مختلف المجالات .. طرحي للموضوع عله يكون دافع لنا للبحث عن أسبباب نجاح هذه الأسرة .. ومدى إمكانية محاكاة هذا النموذج التربوي الذي مازال صامداً أمام تحديات هذا العصر ..

دم بخير..

بــرمــودا
06-02-08, 02:04 am
هلا بشقيقي ,,,مشكلتنا أن كبار العائلة ورموزها هم جهلة في العلم وبعضهم لايستطيع القراءة وبالتالي لن تستطيع خلق بيئة تربوية تقوم على تربية أبنائها ومتابعتهم وبالتالي سيتخرج على يديها علماء وأدباء ومثقفون ,,,,دمت بخير يامرعب

أبو تهاني
06-02-08, 10:40 am
و انــــعـــــم بالجميع

مثلث برمودا
07-02-08, 03:10 am
هلا بشقيقي ,,,مشكلتنا أن كبار العائلة ورموزها هم جهلة في العلم وبعضهم لايستطيع القراءة وبالتالي لن تستطيع خلق بيئة تربوية تقوم على تربية أبنائها ومتابعتهم وبالتالي سيتخرج على يديها علماء وأدباء ومثقفون ,,,,دمت بخير يامرعب

شقيقي برمودا ..
كلامك صحيح .. ويبقى السؤال: ماذا بإمكاننا أن نفعل ؟ ما الحل ؟
"مالا يدك كله .. لا يترك جله" .. إذا كان المستوى الثقافي لعائلة ما ولنفرض 20% .. إنجاز أن يرتفع هذا المستوى إلى 30% بعد خمس سنوات مثلاً ..
قد يكون تهيأ لعائلة المبارك ظروف معينة ساعدتهم للوصول لذلك .. ولكن دائماً نحن نقيم العائلة وفق الإمكانيات و القدرات و الفرص المتاحة لهم .. ويبقى الأهم المبادرة لتطوير المستوى الشخصي ثم الأسري ثم العائلي .. وهذا الذي تتميز به هذه العائلة .. و الأمر المتميز هنا عدم رضوخ العائلة لمفهوم الأسرة النووي الذي هو السائد بعصرنا الحالي ..
دم بخير ..