ابن أبيه
04-11-07, 09:41 am
صوت حسين الجسمي في قناة نجوم يصدح في أرجاء الاستراحة المكونة من غرفة واحدة ، والمصممة بطريقة مبتكرة .. حيث تم تصميمها بالمقلوب .. يفضي بك الباب الخارجي إلى طرقة ضيقة تنتهي بفراغ يشكل قلب هذه الاستراحة الشبابية الصغير .. المطبخ على يمينك بفرنه القديم الذي تبرعت به للشباب بعد أن انتقلت إلى مسكني الجديد ( لرفض حرمنا اصطحاب أي قطعة من الأثاث القديم ) ، العامل البنقالي ( نزير ) يقف أمام الفرن يعد الشاي .
قلت له :
- مرحبا نزير .
- مرحبا خالد ...
- كيف الحال ، أيش سوي أنتا ؟
- سوي شاي ، أبو حمد يجي اليوم من رياض ..
- إلتفت يساراً لأرى صديقي ( أبوحمد ) يجلس ممسكاً بلي الشيشة غير عابئ بما حوله وقد جمع وسائد الجلسة العربية الحمراء تحت عضده و نظرته الزائغة موجهة نحو التلفزيون بدون تركيز ، وقد كان صديقي أبو حمد هذا شاباً شديد الوسامة ، بهي الطلعة ، لحيته السكوسوكة المهذبة والمقصوصة بإتقان تتوسط وجهه الأبيض ، لتشكل مع أنفه المستقيم معالم وجه ملائكي رائع الجمال .
بادرته مرحباً :
- هلا أبو حمد ..
- هلا خالد ..
- الحمد الله على السلامة ..
- الله يسلمك ..
- متى الوصول ..
- والله ما لي ربع ساعة واصل
- ما رحت للبيت ؟
- وش يودين للبيت ؟ لا ولد ولا تلد ..
واصلت أنا محاولاً تغيير مسار الحديث ، وش اخبار شغلك ؟
- أي شغل يا رجال طردون ، وولد الشيخ جاب له أثنين وجلدون إلين أشرفت على الموت ؟
تفاجأت بهذه الإجابة ، وبملامحه الجادة التي تؤكدها ، ولم أحاول استدرار بقية القصة لأني شعرت أنها حقيقية ، وأخذت الريموت وبدأت أقلب القنوات دون أن أسأله عن بقية القصة ، لأنني لم أستوعبها .
سكتنا أنا وهو قليلاً ، وبعد أن رشف الرشفة الأولى من الشاهي الذي يعده عامل الاستراحة بمهارة غير مسبوقة تطوع أبو حمد لبدء الحديث وقد غلبته شهوة الكلام والفضفضة .
- ما سألتن وش سالفتي مع الشيخ ؟
- أنا قلت ما ودي أقلب المواجع ، بس بصراحة أنا ذبحتني الشرافة ( الفضول ) ودي أعرف وش السالفة !!
- أنا أقول لك وش السالفة .. تعرف إن ( سويلم ) خوينا اللي يسير علينا بالاستراحة صديق عيال الشيخ ( عبد الرحمن ) التاجر الكبير ، وتذكر إنه مره جاء وقال لي إن ( فهد ) ولد الشيخ ( عبد الرحمن ) يبحث عن شاب من أهل بريدة يكون شكله مقبول ، وأخلاقه طيبة يشتغل سكرتير شخصي لأبوه .
- وأذكر يوم يقول.. إنه أكد إن أهم شيء إنه يكون على قدر من الأخلاق والأمانة لأنه يبي يدخل البيت و ممكن يرافق العائلة بالسفر ..
- مزبوط ، أنت تذكر السالفة زين .. و أنا تخبر .. متخرج لي سنتين ومليت من المدارس الأهلية ، وأبي أي شغل .. قلت له أنا ما أصلح لهم ؟ قال لي ( سويلم ) أصلاً أنا ما طرحت الموضوع إلا على شانك ، أنت تصلح لهم جداً ..
المهم رحت مع ( سويلم ) وقابلت فهد ولد الشيخ ، و أعجب بي مرررره ، وقال لي بنعطيك راتب ستة آلاف ، بس ما له داعي يدري الوالد عن الراتب ( تخبر الشياب يتكاثرون القروش ) وراح بي بعد كذا وعرفن على الشيخ ( عبد الرحمن ) وسارت الأمور سمن على عسل ..
وفي يوم وأنا عندكم بالاستراحة كان سويلم موجود ومسكن على جنب وقال لي :
- ما شفت ( هدى ) زوجة الشيخ ؟
- إلا شفته بالعباة ، أحياناً أنا أدخل البيت والمحها .
- تراها لعابة ومغازلجية، أكيد إنها ( فاكة ) عليك ، وتموت وتكلمك ..
- عاد وش يعجبها فيني ؟ أنا ( منتف ) وهي زوجة ها الهامور ؟
- أصلك ما تدري ، هذا شايب طايح وجهه تقل قاعة صفرية ، وانت شاب حليوه وخفيف دم ..
ومن يومها الشيطان لعب بعقلي ، وصرت ما أشوف إلا ها الحرمة ، واستجمعت شجاعتي ومزحت معها ، وصرت أستخف دمي أحيانا لما أتصل بالبيت .. وفي النهاية شبكت معها ، وصرت أكلمها .. وبعد مرور شهر قابلت ( سويلم ) وسألني :
- وش اخبار الشيخة ( هدى ) ؟
- شبكت معها
- تكذب !!
- لا والله صحيح ، وشف ها الجوال هدية منها ..
- ومنين تكلمها ؟
- من جوالي .. واحياناً على تلفون البيت ، أصلها مطيزة ما تخاف من أحد ..
كنت مبهوراً إلى حد العجز عن النطق .. كل هذا يطلع من ( أبوحمد ) البريداوي الأمين الطيب !!
وبادرته متسائلاً :
- يا اخي وين أخلاقك وأمانتك ، تلعب مع زوجة واحد مأتمنك على بيته وعياله ؟
- الشيطان .. لا والله مهب الشيطان ( سويلم ) هو اللي أغراني ..
- والنهاية ؟
- النهاية إن ولده فهد كشفني ، وجاب اثنين وجلدون جلد ، وطردن شر طرده ..
لم أكن أملك من عبارات العزاء والمواساة ما يكفي لأقدمه لصديقي أبو حمد ، ليس لخسارة الوظيفة ، أو التكميخ اللي جاه ، ولكن لأنه خسر نفسه وأمانته ، فاكتفيت بصمت طويل ، وحولت يدي نحو الريموت أقلب القنوات وقد جال في صدري ألف فكرة ..
بعد مرور شهر زارنا سويلم في الاستراحة كعادته ، وبدأ في سرد موجز الأخبار ، وكان أول خبر هو :
- تدرون الشيخ عبد الرحمن طلق زوجته التالية ؟
- لا يا شيخ ؟
- أي والله ..
- إيه وحنا وش دخلنا ؟
لم يهتم أحد بهذا الخبر ، لأنه لم يكن يعنينا فعلاً ، لكن الحقيقة المرة التي اكتشفها الجميع لاحقاً هي :
أن كل الموضوع تم بتدبير حقير من صديقنا ( سويلم ) الذي خطط مع فهد ( ولد الشيخ ) لملعوب دنيء تتورط فيه زوجة والده التي يكرهها مع صاحبنا المسكين ، ثم يقوم فهد بتسجيل شريط لأحد المكالمات الهاتفية بين أبو حمد وهدى ، ويقدمه لوالده الذي لم يتردد بتطليقها ..
هل يصل فكر الغدر والخيانة بين الأصدقاء إلى هذا الحد ؟
وهل وصل مجتمعنا البريداوي النزيه إلى هذا الحد من التفكير الإجرامي والسادية ؟
الإجابة لكم أنتم ؟
قلت له :
- مرحبا نزير .
- مرحبا خالد ...
- كيف الحال ، أيش سوي أنتا ؟
- سوي شاي ، أبو حمد يجي اليوم من رياض ..
- إلتفت يساراً لأرى صديقي ( أبوحمد ) يجلس ممسكاً بلي الشيشة غير عابئ بما حوله وقد جمع وسائد الجلسة العربية الحمراء تحت عضده و نظرته الزائغة موجهة نحو التلفزيون بدون تركيز ، وقد كان صديقي أبو حمد هذا شاباً شديد الوسامة ، بهي الطلعة ، لحيته السكوسوكة المهذبة والمقصوصة بإتقان تتوسط وجهه الأبيض ، لتشكل مع أنفه المستقيم معالم وجه ملائكي رائع الجمال .
بادرته مرحباً :
- هلا أبو حمد ..
- هلا خالد ..
- الحمد الله على السلامة ..
- الله يسلمك ..
- متى الوصول ..
- والله ما لي ربع ساعة واصل
- ما رحت للبيت ؟
- وش يودين للبيت ؟ لا ولد ولا تلد ..
واصلت أنا محاولاً تغيير مسار الحديث ، وش اخبار شغلك ؟
- أي شغل يا رجال طردون ، وولد الشيخ جاب له أثنين وجلدون إلين أشرفت على الموت ؟
تفاجأت بهذه الإجابة ، وبملامحه الجادة التي تؤكدها ، ولم أحاول استدرار بقية القصة لأني شعرت أنها حقيقية ، وأخذت الريموت وبدأت أقلب القنوات دون أن أسأله عن بقية القصة ، لأنني لم أستوعبها .
سكتنا أنا وهو قليلاً ، وبعد أن رشف الرشفة الأولى من الشاهي الذي يعده عامل الاستراحة بمهارة غير مسبوقة تطوع أبو حمد لبدء الحديث وقد غلبته شهوة الكلام والفضفضة .
- ما سألتن وش سالفتي مع الشيخ ؟
- أنا قلت ما ودي أقلب المواجع ، بس بصراحة أنا ذبحتني الشرافة ( الفضول ) ودي أعرف وش السالفة !!
- أنا أقول لك وش السالفة .. تعرف إن ( سويلم ) خوينا اللي يسير علينا بالاستراحة صديق عيال الشيخ ( عبد الرحمن ) التاجر الكبير ، وتذكر إنه مره جاء وقال لي إن ( فهد ) ولد الشيخ ( عبد الرحمن ) يبحث عن شاب من أهل بريدة يكون شكله مقبول ، وأخلاقه طيبة يشتغل سكرتير شخصي لأبوه .
- وأذكر يوم يقول.. إنه أكد إن أهم شيء إنه يكون على قدر من الأخلاق والأمانة لأنه يبي يدخل البيت و ممكن يرافق العائلة بالسفر ..
- مزبوط ، أنت تذكر السالفة زين .. و أنا تخبر .. متخرج لي سنتين ومليت من المدارس الأهلية ، وأبي أي شغل .. قلت له أنا ما أصلح لهم ؟ قال لي ( سويلم ) أصلاً أنا ما طرحت الموضوع إلا على شانك ، أنت تصلح لهم جداً ..
المهم رحت مع ( سويلم ) وقابلت فهد ولد الشيخ ، و أعجب بي مرررره ، وقال لي بنعطيك راتب ستة آلاف ، بس ما له داعي يدري الوالد عن الراتب ( تخبر الشياب يتكاثرون القروش ) وراح بي بعد كذا وعرفن على الشيخ ( عبد الرحمن ) وسارت الأمور سمن على عسل ..
وفي يوم وأنا عندكم بالاستراحة كان سويلم موجود ومسكن على جنب وقال لي :
- ما شفت ( هدى ) زوجة الشيخ ؟
- إلا شفته بالعباة ، أحياناً أنا أدخل البيت والمحها .
- تراها لعابة ومغازلجية، أكيد إنها ( فاكة ) عليك ، وتموت وتكلمك ..
- عاد وش يعجبها فيني ؟ أنا ( منتف ) وهي زوجة ها الهامور ؟
- أصلك ما تدري ، هذا شايب طايح وجهه تقل قاعة صفرية ، وانت شاب حليوه وخفيف دم ..
ومن يومها الشيطان لعب بعقلي ، وصرت ما أشوف إلا ها الحرمة ، واستجمعت شجاعتي ومزحت معها ، وصرت أستخف دمي أحيانا لما أتصل بالبيت .. وفي النهاية شبكت معها ، وصرت أكلمها .. وبعد مرور شهر قابلت ( سويلم ) وسألني :
- وش اخبار الشيخة ( هدى ) ؟
- شبكت معها
- تكذب !!
- لا والله صحيح ، وشف ها الجوال هدية منها ..
- ومنين تكلمها ؟
- من جوالي .. واحياناً على تلفون البيت ، أصلها مطيزة ما تخاف من أحد ..
كنت مبهوراً إلى حد العجز عن النطق .. كل هذا يطلع من ( أبوحمد ) البريداوي الأمين الطيب !!
وبادرته متسائلاً :
- يا اخي وين أخلاقك وأمانتك ، تلعب مع زوجة واحد مأتمنك على بيته وعياله ؟
- الشيطان .. لا والله مهب الشيطان ( سويلم ) هو اللي أغراني ..
- والنهاية ؟
- النهاية إن ولده فهد كشفني ، وجاب اثنين وجلدون جلد ، وطردن شر طرده ..
لم أكن أملك من عبارات العزاء والمواساة ما يكفي لأقدمه لصديقي أبو حمد ، ليس لخسارة الوظيفة ، أو التكميخ اللي جاه ، ولكن لأنه خسر نفسه وأمانته ، فاكتفيت بصمت طويل ، وحولت يدي نحو الريموت أقلب القنوات وقد جال في صدري ألف فكرة ..
بعد مرور شهر زارنا سويلم في الاستراحة كعادته ، وبدأ في سرد موجز الأخبار ، وكان أول خبر هو :
- تدرون الشيخ عبد الرحمن طلق زوجته التالية ؟
- لا يا شيخ ؟
- أي والله ..
- إيه وحنا وش دخلنا ؟
لم يهتم أحد بهذا الخبر ، لأنه لم يكن يعنينا فعلاً ، لكن الحقيقة المرة التي اكتشفها الجميع لاحقاً هي :
أن كل الموضوع تم بتدبير حقير من صديقنا ( سويلم ) الذي خطط مع فهد ( ولد الشيخ ) لملعوب دنيء تتورط فيه زوجة والده التي يكرهها مع صاحبنا المسكين ، ثم يقوم فهد بتسجيل شريط لأحد المكالمات الهاتفية بين أبو حمد وهدى ، ويقدمه لوالده الذي لم يتردد بتطليقها ..
هل يصل فكر الغدر والخيانة بين الأصدقاء إلى هذا الحد ؟
وهل وصل مجتمعنا البريداوي النزيه إلى هذا الحد من التفكير الإجرامي والسادية ؟
الإجابة لكم أنتم ؟