المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا توقفك حجارةٌ في طريقك...


الحمر زينة الدهر
30-07-07, 09:06 pm
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...


أنت أخي، و أنتِ أختي، لكما أكتب، و إليكما أهدي:...

لا توقفك حجارةٌ في طريقك...

ليس صعبا الوصول إلى القمة، لكن الصعب البقاء فيها، و طرق المجد ليست ممهدة، فلا بد من مشاق فيها، و من رام المجد واصل السير في تلك الطرق، دون أن تعثره حجارة فيها، فما يلقاه من صعاب يهون و يصغر في عينه أمام مجده المنشود...

نفوس و هممهم من عبروا تلك الطريق عاليةٌ، و فكرهم نيّر، و تخطيطهم صائب، و صبرهم عظيم، لا يهتمون بما يلقونه رجاء بلوغ مجدهم، و لا توقفهم العوائق، أو تثبط عزائمهم...

هممهم عالية؛ لأنهم أرادو شيئا فبلغوه، و فكرهم نيّر؛ لأنه عرف ذلك المجد فرام وصوله، و تخطيطهم صائب؛ لأنهم عرفوا كيف يصلون و خططوا لبلوغ ذلك جيدا، و صبرهم عظيم؛ لأجل ما تحملوه في سبيل وصول ما نشدوه من مجد، و لم يهتموا بما يلقونه؛ لأنهم عرفوا إما أنّ ذلك من مغرض لا يريد لهم المجد و الرفعة، أو من محبط لا عزيمة له، و لم توقفهم العوائق لأنهم يرون المجد و لا يرون العوائق تشكل شيئا أمامهم، أو أنها تمثل شيئا يعيق طريقهم، فما يريدونه يستحق أن لا يروا شيئا سواه في طريقهم نحوه حتى يصلوه...

أولئك الناس ليسوا من أناسا خارقين للعادة استطاعوا تجاوز كل ذلك، و ليس جبلوا على ذلك، بل هم أناس مثلنا عقولهم كعقولنا، إلا أنهم عرفوا كيف يفكرون، و فكروا كيف يصنعون، و صنعوا ما يريدون...

نحن مثلهم، و عقولنا كعقولهم، فهم بشر مثلنا، لكنهم أرادو شيئا فوصلوه، و راموا مجدا فبلغوه، قد يقول قائل: لماذا وصلوا و لم يصل غيرهم؟، كيف بلغوا المجد و لم يبلغه غيرهم؟، كيف صنعوا و لم يصنع غيرهم؟، كيف؟، و كيف؟، و كيف؟...

وصلوا و لم يصل غيرهم؛ لأنّ غيرهم تعثر بالحجارة اللتي في طريقه، فلبث مكانه، و عزيمة غريهم لم تكن كعزيمتهم، و كذلك هممهم، بلغوا المجد؛ لأنهم أحبوه و أحبوا الوصول إليه، و هوّنوا كل الصعاب في طريقهم لأجله، فكل شيء يمر أمامهم أو يعيقهم من مصيبة مهما كانت عظيمة أو صغيرة، يقولون: هذه الأعظم في طريقنا، بتفائل و عزيمة، أما من لم يصل، و هو مثبط الهمة، فكل مصيبة تصيبه يراها عظيمة، و يهولها، فيراها في نفسه كبيرة و لو كانت صغيرة، و هكذا يقول: هذه هكذا، فكيف ستكون اللتي تليها؟، و قد بلغوا مجدا لم يبلغه غيرهم، ليس لخرق للعادة في صفاتهم، فهم كما أسلفت أناس مثلنا، لكن لأجل أنهم أحبوا ذلك المجد، أحبوا بلوغه، و كان هدفهم فأرادوا تحقيقه، و بعد أن حققوا المجد و بلغوه فلا بد أن يصنعوا من ذلك المجد شيئا لغيرهم، فهم وصلوه ليس لهوى في أنفسهم أو حبا لاشتهار أسمائهم، بل ليستفيدوا من ذلك المجد و يفيدوا غيرهم، فصنعوا لغيرهم شيئا مما علموه في مجدهم، و غيرهم لم يصل، و لم يبلغ المجد، فكيف له أن يصنع؟...

لا تدع حجارة صغيرة في طريقك توقفك عن إكمال مسيرك نحو المجد، و لا تجعل من المصائب عذرا لك للبقاء في مكانك، فمهما تكن تلك المصائب فهي ليست بشيء أمام عزيمتك، و إلا كيف جاوزها أولئك الذين بلغوا المجد؟، و لا تقل أنا لست كمثلهم، فهم عباقرة و هم كبار و غير ذلك من تعليلات المحبطين، فما بلغه إنسان مثلك، فأنت بمقدورك حتما أن تصله، و ما دام وصل إليه هو، فإنه بإمكانك أن تصل إليه، و طريق المجد أبدا ليس سهلا، فهو محفوف بالصعاب، و ربما المخاطر، و لن يعبره أبدا إلا قوي عزيمةٍ، صبور على المشاق، ذا فكر نيّر، و تخطيط صائب، لكن لذة المجد، و شوق الوصول له، و قبل ذلك حب المجد لما فيه، ليس لأجل ما تناله منه، كل ذلك يجعل تلك الأمور سهلة...

في المجتمع المعاصر، و التاريخ السابق، أناس وصلوا المجد، و ربما لم يتوقع ذلك منهم أحدا، ربما كان في بعضهم إعاقة جسدية، أو مصيبة نفسية، و ربما بعضهم حاول ففشل، فلم يضعفه فشله، بل زاد همته، و لم يثبط عزيمته، بل زادها قوة، و لم يثنه عن بلوغ المجد بل زاده إصرارا...

من تلك الشخصيات المعاصرة اللتي لم تعقها الإعاقة الجسدية، أذكرها لكم على سبيل المثال لا الحصر، شيخنا الإمام العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -، فقد عمِيَ بصره و هو لم يكمل بعد عقده الثاني من عمره، فلم يثنه ذلك أن كان من أجل و أعلم علماء عصرنا، و كذلك الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - حفظه الله -، الذي هو أيضا أعمى، و غيرهم كثر، و لكني ذكرتهما كمثالين فقط...

و من الناس الذين فشلوا و لم يوقفهم فشلهم عن إكمال مسيرتهم، أناس أخرجوا لنا بعد توفيق الله و فضله عليهم، أخرجوا لنا أشياء، لم نكن لنتوقعها، أو ربما لم نحلم بها. أذكر منهم كمثال، العالم المخترع للمصباح الكهربائي توماس أديسون، فقد كان يجلس في آخر فصله عندما كان يدرس، و لم يكن يوما ليتكلم أو يشارك زملائه، أو يفهم في نظر مدرسيه، و هو في نظرهم أيضا فاشل، و في ذات يوم زار فصله موجه تربوي، فقال له معلمه: إنه طفل ساذج و غبي، بطيء الفهم، فاشل، لا يصلح أن يكون هنا، و أخذ معلم توماس يكيل له الوصف المشين و السبائب أمام ذلك الموجه التربوي، حتى اقتنع ذلك الموجه بكلام ذلك المعلم، فاقترح طرده من تلك المدرسة، لأنه بسبب كلام ذلك المعلم رآه عالة على مدرسته و مدرسيه، و وبالا على زملائه، و خرج من تلك المدرسة اللتي لم يكن أحد من أهلها متوقعا أن يقوم هذا الطالب الذي ظنوه فاشلا، أن يخترع لهم ما يضيء لهم مدارسهم تلك، فأصبح اختراعه لا يستغنى عنه، و أصبح الفاشل عالما، و ذاته توماس أديسون عندما كان يُجري تجاربه لاختراعه ذلك، فشل مئات بل آلاف المرات فلم يثنه ذلك عن وصول مبتغاه، و قد كان غيره من علماء الفيزياء في وقته يثبطون من عزيمته بقولهم باستحالة ذلك الأمر فيزيائيا، لكنه أبهرهم بما صنع...

و في زماننا أيضا أناس لم تمنعهم إعاقتهم أن يبلغوا المجد غير ما ذكرت لكم آنفا، و لو أحببت ذكرهم لطال المقام، و جُل العلماء و الفضلاء و الأدباء، لو اطلعت في سيرهم، لوجدت أن منهم من عاش يتيما، و منهم من عاش أعمى، و منهم من عاش معاقا، و منهم من كان يسخر به، لكنهم جمعوا تلك الحجارة و صنعوا منها سلّما صعدوا به نحو المجد...

فليتعلم غيرهم مِن مَن لم يصل، و ليس به أدنى مصاب، كيف يصل إلى المجد، و ليبحث في سيرهم فيرى كيف وصلوا، فإنهم كما وصلوا فهو قادر على ذلك، إن أراده...

و ختاما:...
لا توقفك الحجارة اللتي في طريقك، بل اجمعها و اصنع منها سلما ترتقي به نحو المجد، و تعلم من غيرك كي تصل هدفك المنشود، و كن جلدا، شجاعا، صابرا، و لا توقفك تلك الحجارة الصغيرة، و تذكر بأن طريق المجد ليست ممهدةً...







كتبه لكم: الحمر زينة الدهر " أبو فيصل "...












































مع أجمل تحية...
أخوكم: الحمر زينة الدهر " أبو فيصل "...

الفتـ الذهبي ـى
31-07-07, 06:41 am
صح لسانك ..
وسلمت يمينك على المخطوط الرااااائع

وجزاك الله الف خير




تحياتي

الحمر زينة الدهر
31-07-07, 04:05 pm
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...

الفتى الذهبي...

أسعدني مرورك، و شرفني أشكر لك...

فشكرا لك على حسن المرور، و جمال منطق الرد، و التشجيع...
























مع أجمل تحية...
أخوكم: الحمر زينة الدهر " أبو فيصل "...