تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب ابا الجهاد و السير


شامة نور اليقين
30-06-07, 01:48 pm
بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب باب الجهاد و السير

{ الجهاد} قد ورد في فضله و الترغيب فيه من الكتاب و السنة ما هو معروف و قد افرد ذلك بالتأليف جماعة من أهل العلم و حررت فيه كتاب العبرة بما جاء في الغزو و الشهادة و الهجرة و لو اجمع ما جمع في ذلك في هذا القطر و العصر و قد أمر الله بالجهاد بالأنفس و الأموال و اوجب على عباده أن ينفروا إليه ، و حرم عليهم التثاقل عنه ، و صح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا و ما فيها و هو في الصحيحين و غيرهما من حديث أنس

و ثبت عنه صلى الله عليه و سلم انه قال إن الجنة تحت ظلال السيوف كما في الصحيحين و غيرهما من حديث أبي موسى و ابن أبي أوف ، و ثبت في الصحيح البخاري و غيره أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله من النار.

و ثبت عنه صلى الله عليه و سلم انه قال رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا و ما عليها ، كما في الصحيحين من حديث سهل بن سعد.

و اخرج أهل السنن و صححه الترمذي من حديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة فناهيك بعمل يوجب الله لصاحبه الجنة و يحرمه من النار و يكون مجرد الغدو إليه أو الرواح منه خير من الدنيا وما فيها { فرض كفاية} لما أخرجه أبو داود عن ابن عباس قال {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} ود ما كان لأهل المدينة إلى قوله { يعلمون} نسختها الآية التي تاليها { و ما كان المؤمنون} و قد حسنه ابن حجر قال الطبراني يجوز أن يكون { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} خاصا و المراد به من استنفاره النبي صلى الله عليه و سلم فامتنع ، قال ابن حجر و الذي يظهر لي إنها مخصوصة و ليست منسوخة و قد وافق ابن عباس على دعوى النسخ عكرمة و الحسن البصري.كما روى ذلك الطبراني عنهما.

و من الأدلة الدالة على انه فرض كفاية انه كان صلى الله عليه و سلم يغزوا تارة بنفسه و تارة يرسل غيره يكتفي ببعض المسلمين و قد كانت سرايا و بعونه متعاقبة و المسلمون بعضهم في الغزو و بعضهم في أهله، و إلى كونه فرض كفاية ذهب الجمهور و قال لما وردى انه كان فرض عين على المهاجرين دون غيرهم و قال سهيلي كان عينا على الأنصار، و قال ابن المسيب انه فرض عين في زمن الصحابة أقول الأدلة الواردة في ورطيه الجهاد كتابا وسنة أكثر من أن تكتب ههنا و لكن لا يجب ذلك إلا على الكفاية فإذا قام البعض سقط عن الباقين و قبل أن يقوم به البعض هو فرض عين على كل مكلف و هكذا يجب على من استنفره الإمام أن ينفر و يتعين ذلك عليه و لهذا توعد الله سبحانه من لم ينفر مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و يدل على عدم وجوب الجهاد على الجميع قوله عز و جل { وما كان المؤمنون لينفروا كافة} فتحمل هذه الآية على انه قام بالجهاد من المسلمين من يكفي و إن الإمام لم يستنفر غير من قد خرج للجهاد و لهذا تعرف إن الجمع بين هذه الآيات ممكن فلا يصال إلى القول بالترجيح أو النسخ و أما الغزو الكفار منجزة أهل الكفر و حملهم على الإسلام أو تسليم الجزية أو القتل ،

فهو معلوم من الضرورة الدينية و لأجله بعث الله تعالى رسله و انزل كتبه و مازال رسول الله صلى الله عليه و سلم منذ بعثه الله سبحانه إلى أن قبضه إليه جاعلا لهذا الأمر من أعظم مقاصده ومن أهم شؤونه و أدلة الكتاب و السنة في هذا لا يتسع لها المقام و لا لبعضها و ما ورد في موادعتهم أو في تركهم إذا تركوا المقاتلة فذلك منسوخ باتفاق المسلمين بما ورد من إيجاب المقاتلة لهم ، على كل حال مع ظهور القدرة عليهم و التمكن من حربهم و قصدهم إلى ديارهم ، و أما غزة البغاة إلى ديارهم فان كان ضررهم يتعدى إلى احد من أهل الإسلام إذا ترك المسلمون غزوهم إلى ديارهم فذلك واجب دفعا لضررهم و إن كان ضررهم لا يتعدى فقد اخلوا بواجب الطاعة للإمام و الدخول فيما دخل سائر المسلمين و لا شك إن ذلك معصية عظيمة لكن إذا كانوا مع هذا مسلمين للواجبات غير ممتنعين من تأدية ما يجب تأديته عليهم تركوا و شانهم مع تكرير الموعظة لهم إقامة الحجة، عليهم و أما إذا امتنعوا من ذلك قد تظاهر بالبغي و جاهروا بالمعصية و قد قال الله عز وجل { فان بغت احدهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} و قد اجمع الصحباء على العزيمة التي عزمها أبو بكر الصديق رضي الله عنه من المقاتلة لمن فرق بين الصلاة و الزكاة و سيأتي الكلام على صغه مقاتلة البغاة في فضل الذي عقده المنان لذلك {مع كل بر و فاجر لأن الأدلة الدالة على وجوب الجهاد من الكتاب و السنة و على فضيلة و الترغيب فيه وردت غير مقيدة بكون السلطان أو أمير الجيش عادلا بل هذه فريضة من فرائض الدين أوجبها الله تعالى على عباده المسلمين من غير التقييد يزمن أو مكان أو شخص أو عدل أو جور،

فتخصص وجوب الجهاد يكون السلطان عادلا ليس عليه أثارة من علم و قد يبلى الرجل الفاجر في الجهاد ما لا يبتليه البار العادل ، و قد ورد بهذا الشرع كما معروف.

و اخرج في المسند من رواية ابن عبد الله و أبو داود و سعيد بن منصور من حديث انس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث من أصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا اله لا تكفره بذنب و لا تخرجه عن الإسلام بعمل و الجهاد ماض من بعثني الله إلى أن يقاتل آخر من أمتي الدجال لا يبطله جور جائر و لا عدل عادل و لا يعتبر في الجهاد إلا أن يقصد المجاهد بجهاده أن تكون كلمة الله هي العليا كما ثبت في الحديث أبي موسى في الصحيحين و غيرهما قال سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن رجل يقاتل بشجاعة و يقاتل حمية و يقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله فقال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.




منقول من كتاب الروضة الندية
شرح الدرر البهية

تأليف العلامة محمد صديق حسين خان الننوجي