حنيش الملز
15-04-07, 05:11 pm
كاتب رائع غني عن التعريف سبق غيره في وضع اليد على الجرح وتحسس الألم وصرف الدواء الناقع ، فبالحقيقة ان لهذا الكاتب الرائع مواضيع ومقالات بمقامات عده تجعل المتابع له يزدا يوما بعد يوم ومقالة
تلو أخرى بما لهذا الكاتب من خبرة ودرايه بالمجتمع واداراته وارادته ( من مقالاته الرائعه مؤخرا اخترت لكم هذه المقاله لعل ان تشاركوني بها الراي وبدون مجامله ) /
الحِسبة والعمل المؤسساتي
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ
الجزيره السعوديه ــ 10 أبريل 2007
قلت لصاحبي الذي أُكنّ له كل آيات التقدير والاحترام والإجلال ، عندما نقد بعض كتاباتي عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: لست - يا سيدي - ضد الهيئة كجهاز، ولا يمكن أن يكون مَنْ يؤمن بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً وبالإسلام ديناً ضد (الاحتساب) والدعوة إلى الخير ولكنني أدعو بكل وضوح ومباشرة ودون أية مواربة إلى أن يتم (مأسسة) هذا الجهاز وتنظيمه، بحيث يكون لهذا الشأن الحيوي (نظام مؤسساتي) مُحكم، ذو تشكيل إداري هرمي صارم وحازم ، يوزع الصلاحيات، ويحدد المسؤوليات ، فلا تكون صلاحياتها (مطاطة) أو (ضبابية) تعمل بالاجتهادات الشخصية ، فهذا يأمر وهذا ينهى ، وهذا يقرع ، وهذا (يفزع) ، والآخر (يستغل) هذا الشأن لتنفيذ مآرب أيديولوجية (حزبية)، كل ذلك من خلال الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تجد أن (مهام) ونشاطات الهيئة تختلف من حي إلى حي داخل المدينة الواحدة، والسبب في هذا (التباين) بين هذا المكتب وذاك، أو هذا العضو والآخر، أن كلاً يمارس العمل حسب (اجتهاده الشخصي) وما يرى أنه الصواب؛ إذ ليس للجميع نظام مؤسساتي واحد يرجعون إليه، وتضبط أطره نشاطاتهم.
النظام المؤسساتي (المُحكم) هو الحل.. وستبقى الهيئة وعملها محل انتقاد وتذمر يكبر ويزداد مع مرور الزمن لأن هناك من الشباب (خاصة) من أصحاب الأغراض الكيدية و(الحزبية) من يستغل انتسابه إلى الهيئة لتنفيذ (مآرب) شخصية أو سياسية، فهؤلاء ينفذون من خلال (ضبابية) صلاحيات عضو الهيئة لتنفيذ غايات يتجاوزون فيها كل المعايير والمقاييس الشرعية وغير الشرعية لتتحول الهيئة في نهاية المطاف إلى (سيف) مُسلَّط يرهب الناس ويرعبهم، لا يحترمونه ويحترمون أعضاءه بقدر ما (يخافون) منهم ومن سلطاتهم ومن (جرجرتهم) إلى قسم الهيئة وإرغامهم على كتابة (التعهدات) تحت التخويف والضغط وأحياناً التهديد .
وهناك رأي منتشر بين كثير ممن يعتبرون من (النخبة) في المملكة مؤداه أن هناك من القائمين على الهيئة من يرفضون الاحتكام إلى (نظام) واضح ؛ لأن النظام يحد من سلطاتهم ويضعفها ، ويجعلهم مقيدين بضوابط ستقلل في التحليل الأخير من (قوتهم) التي هم عليها الآن ؛ الأمر الذي (يضطرهم) إلى أن يلجؤوا إلى أية وسيلة ، ويتذرعون بأية ذريعة ؛ (لإفشال) كل محاولة تسعى إلى ضبط عملهم بضوابط نظامية ، ولعل رفضهم (الزي الموحد) دليل يؤكد ما أقول .
الأمر الآخر في هذا السياق أننا يجب أن نعترف بأن هناك الكثير من الحركات الإسلامية قد دلفت إلى بلادنا من الخارج ، وأصبحت (كأيديولوجيات) ذات حضور خطير في الشارع السعودي ، وأخطر هذه الحركات على الإطلاق هم (الإخوان المسلمون) وتفرعاتهم من القطبيين والسروريين ، وقد وجد هؤلاء (الحركيون) بمختلف توجهاتهم في (العمل الحسبوي) من خلال هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غاية المطلوب (كمعبر) لترسيخ سلطتهم وسطوتهم ، وبخاصة عند قيامهم بالمداهمات مما لم يكن قط طوال التاريخ الإسلامي عملاً (حسبوياً) ولم يعرفها تاريخنا القريب والبعيد إلا بعد أن دخل (الثوري الحركي) كفكر إلى بلادنا ، فالأصل في أمور الاحتساب إنكار المنكر (الظاهر) على من يُجاهر به، أما من استتر ولم يجاهر فأمره موكول إلى علام الغيوب ، بل إن ما انعقد عليه إجماع أهل الفقه في هذا الشأن أن إنكار المنكر إذا تولد عنه منكر أعظم وجب عدم الإنكار، غير أن هذه الضوابط التي (تقعّد) لولاية العمل الحسبوي المشروع تم تجاوزها ؛ لأن هدف الحركيين الإسلاميين الذين ابتليت بهم الهيئة ليس (التوازن) الاجتماعي والضبط الأخلاقي للانحرافات، الذي ما وجدت فكرة (الحسبة) في الإسلام إلا لتحقيقه، وإنما لفرض أيديولوجياتهم على المجتمع وترسيخ سطوتهم لأسباب محض سلطوية.
ومرة أخرى فلا حل لضبط الأمور إلا بالعمل على إرساء نظام مؤسساتي (حديث) ومواكب يحدد بشكل واضح ودقيق ومنضبط وصارم صلاحيات (عضو الهيئة) والمسؤوليات التي يجب أن يضطلع بها ، عندها سيكون الجميع مع (حراس الفضيلة) الحقيقيين ، مثلما هم مع حراس الأمن والاستقرار ومكافحة (الإرهاب) في البلاد .
وأنا لا أعمم هذه الملاحظة على جميع منسوبي الهيئة ولا أخصها بأسماء معينة وإنما هي ملاحظة قصدت منها التأكيد على حاجة الهيئة إلى نظام مؤسساتي أسوة بغيرها.
تلو أخرى بما لهذا الكاتب من خبرة ودرايه بالمجتمع واداراته وارادته ( من مقالاته الرائعه مؤخرا اخترت لكم هذه المقاله لعل ان تشاركوني بها الراي وبدون مجامله ) /
الحِسبة والعمل المؤسساتي
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ
الجزيره السعوديه ــ 10 أبريل 2007
قلت لصاحبي الذي أُكنّ له كل آيات التقدير والاحترام والإجلال ، عندما نقد بعض كتاباتي عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: لست - يا سيدي - ضد الهيئة كجهاز، ولا يمكن أن يكون مَنْ يؤمن بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً وبالإسلام ديناً ضد (الاحتساب) والدعوة إلى الخير ولكنني أدعو بكل وضوح ومباشرة ودون أية مواربة إلى أن يتم (مأسسة) هذا الجهاز وتنظيمه، بحيث يكون لهذا الشأن الحيوي (نظام مؤسساتي) مُحكم، ذو تشكيل إداري هرمي صارم وحازم ، يوزع الصلاحيات، ويحدد المسؤوليات ، فلا تكون صلاحياتها (مطاطة) أو (ضبابية) تعمل بالاجتهادات الشخصية ، فهذا يأمر وهذا ينهى ، وهذا يقرع ، وهذا (يفزع) ، والآخر (يستغل) هذا الشأن لتنفيذ مآرب أيديولوجية (حزبية)، كل ذلك من خلال الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تجد أن (مهام) ونشاطات الهيئة تختلف من حي إلى حي داخل المدينة الواحدة، والسبب في هذا (التباين) بين هذا المكتب وذاك، أو هذا العضو والآخر، أن كلاً يمارس العمل حسب (اجتهاده الشخصي) وما يرى أنه الصواب؛ إذ ليس للجميع نظام مؤسساتي واحد يرجعون إليه، وتضبط أطره نشاطاتهم.
النظام المؤسساتي (المُحكم) هو الحل.. وستبقى الهيئة وعملها محل انتقاد وتذمر يكبر ويزداد مع مرور الزمن لأن هناك من الشباب (خاصة) من أصحاب الأغراض الكيدية و(الحزبية) من يستغل انتسابه إلى الهيئة لتنفيذ (مآرب) شخصية أو سياسية، فهؤلاء ينفذون من خلال (ضبابية) صلاحيات عضو الهيئة لتنفيذ غايات يتجاوزون فيها كل المعايير والمقاييس الشرعية وغير الشرعية لتتحول الهيئة في نهاية المطاف إلى (سيف) مُسلَّط يرهب الناس ويرعبهم، لا يحترمونه ويحترمون أعضاءه بقدر ما (يخافون) منهم ومن سلطاتهم ومن (جرجرتهم) إلى قسم الهيئة وإرغامهم على كتابة (التعهدات) تحت التخويف والضغط وأحياناً التهديد .
وهناك رأي منتشر بين كثير ممن يعتبرون من (النخبة) في المملكة مؤداه أن هناك من القائمين على الهيئة من يرفضون الاحتكام إلى (نظام) واضح ؛ لأن النظام يحد من سلطاتهم ويضعفها ، ويجعلهم مقيدين بضوابط ستقلل في التحليل الأخير من (قوتهم) التي هم عليها الآن ؛ الأمر الذي (يضطرهم) إلى أن يلجؤوا إلى أية وسيلة ، ويتذرعون بأية ذريعة ؛ (لإفشال) كل محاولة تسعى إلى ضبط عملهم بضوابط نظامية ، ولعل رفضهم (الزي الموحد) دليل يؤكد ما أقول .
الأمر الآخر في هذا السياق أننا يجب أن نعترف بأن هناك الكثير من الحركات الإسلامية قد دلفت إلى بلادنا من الخارج ، وأصبحت (كأيديولوجيات) ذات حضور خطير في الشارع السعودي ، وأخطر هذه الحركات على الإطلاق هم (الإخوان المسلمون) وتفرعاتهم من القطبيين والسروريين ، وقد وجد هؤلاء (الحركيون) بمختلف توجهاتهم في (العمل الحسبوي) من خلال هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غاية المطلوب (كمعبر) لترسيخ سلطتهم وسطوتهم ، وبخاصة عند قيامهم بالمداهمات مما لم يكن قط طوال التاريخ الإسلامي عملاً (حسبوياً) ولم يعرفها تاريخنا القريب والبعيد إلا بعد أن دخل (الثوري الحركي) كفكر إلى بلادنا ، فالأصل في أمور الاحتساب إنكار المنكر (الظاهر) على من يُجاهر به، أما من استتر ولم يجاهر فأمره موكول إلى علام الغيوب ، بل إن ما انعقد عليه إجماع أهل الفقه في هذا الشأن أن إنكار المنكر إذا تولد عنه منكر أعظم وجب عدم الإنكار، غير أن هذه الضوابط التي (تقعّد) لولاية العمل الحسبوي المشروع تم تجاوزها ؛ لأن هدف الحركيين الإسلاميين الذين ابتليت بهم الهيئة ليس (التوازن) الاجتماعي والضبط الأخلاقي للانحرافات، الذي ما وجدت فكرة (الحسبة) في الإسلام إلا لتحقيقه، وإنما لفرض أيديولوجياتهم على المجتمع وترسيخ سطوتهم لأسباب محض سلطوية.
ومرة أخرى فلا حل لضبط الأمور إلا بالعمل على إرساء نظام مؤسساتي (حديث) ومواكب يحدد بشكل واضح ودقيق ومنضبط وصارم صلاحيات (عضو الهيئة) والمسؤوليات التي يجب أن يضطلع بها ، عندها سيكون الجميع مع (حراس الفضيلة) الحقيقيين ، مثلما هم مع حراس الأمن والاستقرار ومكافحة (الإرهاب) في البلاد .
وأنا لا أعمم هذه الملاحظة على جميع منسوبي الهيئة ولا أخصها بأسماء معينة وإنما هي ملاحظة قصدت منها التأكيد على حاجة الهيئة إلى نظام مؤسساتي أسوة بغيرها.