المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنا جنتي وبستاني في دور


hdd
04-02-07, 03:22 pm
أنا جنتي وبستاني في دور التربية !!
صالح بن عمر العمر - بريدة





تشرفت بزيارة لأيتام بريدة زيارة خاطفة سريعة مرت كلمح البصر، ولكأني أشاهد الآن في هذه اللحظة شريط حياتي مذ كنت طفلا، وحتى هذه اللحظة، ولن أكون مبالغاً إن قلت: إن لحظة زيارتي من أمتع اللحظات في حياتي اختلطت بها دموع الحب ودموع الحنان بدموع الفرحة بجمال الخدمات التي تقدمها دار التربية ببريدة لأبنائها ورغم كل هذا إلا أن الأبوة شيء آخر رأيته على ملامح شاب صغير قال مرتبكاً أستاد من وين جيت أنا ؟ تغابيت وقلت: لا أدري.. فسكت قلت انتهى المشهد لكني سرعان مارأيت دمعة تسقط من على خده، وكأنه يقول لي أرجوك أريد أبي ؟! فتذكرت كفكفة الدموع التي يحتاجها هؤلاء من المجتمع، ولأني من المجتمع مسحت ما علق من حرقة قلبية معنوية على خده تمثلت مادياً على شكل دمعة وهل حرارة الدمع إلا من حزن.. اليوم ليس كغيره فلست أرى سيناريوهات صاغها الدراميون بل الآن أرى أعجب من الدراما والأعمال الرومانسية واقعاً أمامي مضت ثلاث ساعات كلمح البصر أو هي أقل، وأنا أعايش المتعة الروحية التي عايشها قبلي مشرفو الدار بحنان الأبوة البديلة.. ولكأني أرى الصدق والحب والبساطة كما قالها لي أحد المشرفين في الدار : (بساطنا أحمدي) ونحن إخوة من بيت واحد فلا فرق بيننا.. غير أن رحاب الدار الفسيحة تضيق بقلوب فريق ممن كتب عليهم ألا يعرفوا لماذا لا يعيشون مثل غيرهم لهم آباء، ومن جاء بهم إلى هذا المكان ؟؟؟ وماذنبهم يوم ضاعت هوياتهم الحقيقية ؟ وصاروا بلا أبوين.. أسئلة خشيت كل الخشية أن تمشكلني يوم أن وضعت قدمي اليمنى على أول عتبة متوكلا على الله لكن ما إن دخلت إلا وأحسست بتلك الوحشة تقول لي مع السلامة على أثر قدحة عقل قالت لي قال النبي- صلى الله عليه وسلم- : (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى) ما أجملها إن أخلصت سأتشرف بصحبة خير من وطئ الثرى- صلى الله عليه وسلم-.. تلك إذن منزلة لا يتناساها أو يحاول تجاهلها إلا المقصرون أمثالي سألت نفسي بعد مضي ساعتين أين أنا من هذه الجنة؟ أليس المؤمن أخو المؤمن ومرآة أخيه فما بالي اليوم تخليت عن دوري الاجتماعي ياترى؟ كيف لأمثالي أن يضيعوا فرصة (عصفورين بحجر) متعة دنيوية وجنة أخروية لئن كان فضيلة شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- قال: (مايفعل أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري أينما ذهبت فهي معي) فإني في هذه اللحظة أهاجم حبي لابن تيمية وأقول أنا جنتي وبستاني وجدتها في دور التربية !.. لله دري كنت أخشى من المجهول!!..

ولا أدري ماهو المجهول الذي أخشاه ؟ سوى أني أعلم أن الأمر كله جهل اجتماعي كبير بهؤلاء الفتية الذين هم بالبراءة محاطون ! ولربما كان المجهول هو أبي أو أمي أو كلاهما مثل ساكني الدار تماماً، كما لو أني كنت مكانهم كيف لي سأعيش إذا المجتمع لا يعرف عني إلا اسم داري دار التربية فقط والتفقيط هنا مجهول الهوية كما هم !!.. يوم أن أقبلت بسمت وبسمت وبسمت فرأيت الحب على قلوب أطفال بريئة براءة لا متناهية يحاولون بالبراءة التي تحيط بهم أن يوصلوا رسالة للمجتمع الإسلامي تقول : نحن منكم وبكم لا تتركونا بين أربعة جدران من الصمت أو الاتكالية ماذنبنا ألا نعيش كما تعيشون، ونحن أبناء آباء كانوا فغابوا !!.. تحدثت مع هذا، ولاعبت هذان، وعلمت ذاك وتعلمت من هؤلاء شيئا واحدا هو الإيمان بقضاء الله وقدره.. أحدهم يقول لي صلاح القلب بصلاح الإيمان، والآخر يخبرني أن الحياة في ظل الخير وارفة وثالث يصرخ بأعماقي لدي طموحات.. هم مثل غيرهم لديهم هموم وآلام وآمال مثل إخوتي وأبناء عمي وأبناء خالي وخالاتي وعماتي وبنات الأخت، وقد يكونون يوماً ما أبنائي من الرضاعة فيعيشون عيشة هنيئة.. وما أجمل الأسر البديلة والصديقة حين تتعاون مع الدور لتخفيف جزء من المعاناة، وما أجمل المجتمع حين يداخلهم ويتفضل مشكوراً بزيارتهم ليحفه الله بالرحمة والتوفيق، وهذا الذي قطعته على نفسي وعدا منذ اللحظة التي قلت فيها لأحبابنا في الدار مع السلامة..


















منقول