المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعدُّديَّة، والسكوت عن منكر العقائد: طريقَا فرقةٍ لا اجتماع !


ناصرالكاتب
20-01-07, 03:53 pm
بسم الله الرحمن الرحيم


سبحان من بعَثَ رسولَه محمدا صلى الله عليه وسلم، وفرَّق به بين الحقِّ وأهله والباطل وأهله، وجمع من آمنَ به على التوحيد، فتمَّ بدرُ الدِّين بتمام رسالة هذا النبي البشير النذير –عليه الصلاة والسلام-، ولكن ليس بعد التمام إلا النقص، فقد بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ؛ فطوبى للغرباء!

أما بعد؛ فإنَّ نبينا الكريم لم يقصِّر في بيان سبيل الحق والتحذير من سبل الضلال، وقد بيَّن أن المسلمين سيفترقون على سبلٍ كثيرة كلها في النار إلا واحدة، وهي التي على ما كان عليه –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام –رضي الله عنه-، ولقد خرج أقوامٌ في عهد الصحابة رضي الله عنهم -وخروج أجناسهم باقٍ إلى الآن-: قد اخترعوا في الدين ما ليس فيه، ففارقوا بذلك جماعةَ المسلمين، فما قصَّر الصحابةُ وأتباع الصحابة في التحذير من «مفارِقِي الحق وأهله»؛ حمايةً للدين من التحريف، وحفاظا على بقيةِ جماعة المسلمين من الفرقة، ولعلمهم بأنَّ «الاختراع في الدين» منكرٌ يجبُ إنكارُه، وضلالة قائدٌة إلى النار، وأهواءٌ مفرِّقةٌ للجماعة.

و«الفرقةُ» شرٌّ وعذاب، قال تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بعض} [الأنعام:65]

قال الطرطوشي –في كتاب الحوادث والبدع-: قال ابن عباس: «قوله: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً} هي الأهواءُ المختلفة». [كتاب الحوادث: 86، ط: دار الغرب الإسلامي].

والاجتماعُ الحق ما كان على الحق، وهو اجتماع أهل السنَّة المتَّبِعين.

ولقد بُلينا في هذه الأزمان بأقوام يريدون أن يعالجوا الاختلاف بتسويغ الاختلاف! وأن يُسَوُّوا بين الحق والباطل، أو أن يداهنوا أهل الأهواء حفاظًا على الاجتماع المزعوم؛ فخالفوا بفعلهم نهجَ السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم؛ فهم –أي السلف وأتباعهم-: يتحابون في «الدين» ويتباغضون فيه، ويجانبون أهلَ البدعِ ويحذِّرون منهم –ديانةً لا جهالة-. [انظر: عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني: 298].

أما من اختلَّ ميزان تمييزه؛ فـ(يخترع) القواعد والنَّظريَّات؛ حمايةً لأهل الأهواء، وذبًّا عن سُبُلِهِم المعوجَّة –شَعَرَ أم لم يَشْعر!-، وحين تأتيه بأقوال السلف وترشده إلى الأصول ذاتِ البراهين: يفرِّ من «محكم» الدلائل إلى «متشابه» الأقوال! ويستوحشُ مما دلَّت عليه البراهين، ويتغشَّى بنظريَّاتٍ عصريَّة نصرَتْها الأهواء لا الأدلة!

وإن تعجب فعجبٌ جعل بعضِهم –مع نشأتهم في بلاد التوحيد ومنبع الرسالة!- تلك النظريَّات من مسلَّماتِ الأقوال، وشكِّهم وتشككيهم في طريقة المتبعين.

فصاروا بتخليطهم هذا: منصفين لأهل البدعة، جائرين على إخوانٍ لهم قاموا بوظيفة حماية السنَّة!

وتاركين لواجب «حماية السنَّة»، ومخذِّلين من قام بها!

ومنكرين لمنهج تصنيف أصحاب الأهواء بنسبتهم إلى أهوائهم وتمييزهم عن أهل السنَّة (وهو منهج سلفي)، ونابزين للقائمين بالوظيفة المحمودة بألقابِ من سوء!

فانكسر الميزان بمعول القول في دين الله؛ بلا علم، وعند الله تجتمع الخصوم.

ورحمَ الله من قال: «أصبحَ من إذا عرف السنَّةَ عرفها غريبًا، وأغرب منه من يعرفها».


ناصر الكاتب
ليلة: 2 / 12 / 1427هـ.

عبدالله الحلوه
20-01-07, 10:12 pm
ناصر الكاتب

رغم اقلالك فحضورك دائما مثري ومميز


اوضحت فكفيت واوجزت فأبلغت


تحياتي

الـمـهـاجـر
20-01-07, 10:53 pm
أخي العزيز ناصر ... المشكلة أن كلاً يدّعـي وصلا بـليلى ، كـلٌ يرى أنه على صواب .

ما أراه أن الاختلاف أمر طبيعي و يجب أن نتقن ثقافته . و قد قرأت مرة للشيخ القرضاوي تفسيرا للحديث الشريف ( ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) ، فقال : إن الجزء الأخير من الحديث – و الذي يشير إلى أن الناجية فرقة واحدة – غير ثابت .

ناصرالكاتب
20-01-07, 11:13 pm
أخي، عبد الله الحلوة، شكرًا لمرورك.

أخي المهاجر: للشاطبي -رحمه الله- وقفات نافعة مع هذا الحديث، في كتابه الشهير (الاعتصام) ولو رجعت إلى (مختصر كتاب الاعتصام) لعلوي السقاف (تجده في موقع الدرر السنيَّة) لوقفت على فوائد نافعة إن شاء الله.
وأرجو أن يكون لي عودة.

ناصرالكاتب
20-01-07, 11:41 pm
هذا صدر فصل من مختصر كتاب الاعتصام (مع تخريجات المختصِر، وإحالاته)

فصل

[حديثُ الفِرَق وفيه مسائل]
صحَّ من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أنَّ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتتفرق أُمتي على ثلاث وسبعين فرقة))(1) وخرجه الترمذي هكذا.

وفي رواية أبي داود قال: ((افترق اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أُمتي على ثلاث وسبعين فرقة))(1).

وفي الترمذي تفسير هذا، ولكن بإسناد غريب عن غير أبي هريرة رضي الله عنه، فقال في حديث ((وإن بني إسرائيل افترقت على ثنتين وسبعين فرقة وتفترق أُمتي على ثلاث وسبعين ملَّة، كلهم في النار إلا ملَّة واحدة ـ قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي)) (2).

وفي سنن أبي داود: ((وأن هذه المِلَّة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثِنتان وسبعين في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة))(3) وهي بمعنى الرواية التي قبلها، إلا أنَّ هنا زيادة في بعض الروايات ((وانه سيخرج من أُمتي أقوام تَجَارى بهم تلك الأهواءُ كما يتجارى الكَلَبُ(4) بصاحبه، لا يبقى منه عِرق ولا مِفصل إلا دخله)) (5) .

وفي رواية عن أبي غالب موقوفاً عليه: ((إنَّ بني إسرائيل تفرقوا على إحدى وسبعين فرقة، وإن هذه الأُمةً تزيد عليهم فِرقة، كلها في النار إلا السواد الأعظم))(6)



-----------------------

(1) [حسن] تقدم تخريجه (ص3).

(2) [حسن بشواهده] رواه الترمذي (2641) وغيره من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. انظر ((صحيح الجامع 5343)).

(3) [حسن] رواه أبو داود (4597) وغيره. انظر ((السلسلة الصحيحة)) (204).

(4) الكَلَبُ: داءٌ معروف يعرض للكلْب فمن عضَّه قتله.

(5) [حسن] وهو جزء من الحديث الذي قبله، وانظر (ص36).

(6) [حسن] رواه ابن أبي عاصم في ((السنة)) (68)، واللالكائي في ((شرح أصول الاعتقاد)) (151، 152)، والمروزي في ((السنة)) (55، 56).

ناصرالكاتب
20-01-07, 11:44 pm
قال الشاطبي رحمه الله:

إنَّ قولـه عليه الصلاة والسلام ((إلا واحدة)) قد أعطى بنصِّه أن الحقَّ واحد لا يختلف، إذ لو كان للحقِّ فِرَقٌ أيضاً لم يقل: ((إلا واحدة))، ولأنَّ الاختلاف منفيٌ عن الشريعة بإطلاق، لأنَّها الحاكمة بين المختلفِين، لقوله تعالى: {فَإنْ تَنَازَعْتُمْ فِى شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللهِِ وَالرَّسُولِ}؛ إذ ردَّ التنازع إلى الشريعة، فلو كانت الشريعة تقتضي الخلاف لم يكن في الردِّ إليها فائدة.

لمبة شارع
21-01-07, 12:35 am
ولقد بُلينا في هذه الأزمان بأقوام يريدون أن يعالجوا الاختلاف بتسويغ الاختلاف! وأن يُسَوُّوا بين الحق والباطل، أو أن يداهنوا أهل الأهواء حفاظًا على الاجتماع المزعوم؛ ...

......................

المتزن
21-01-07, 03:14 am
أخي الكريم / ناصر الكاتب

هناك خلاف في الفروع وهو مستساغ ومقبول , وخلاف في الأصول يجب ألا نتنازل عن أصولنا من أجله .

وكما بُلينا في هذه الأزمان بأقوام يريدون أن يعالجوا الاختلاف بتسويغ الاختلاف , فقد بـُلينا أيضاً بأقوام لا يقبلون بالاختلاف أبداً ويريدون أن يلغوا وجود الاختلاف إلغاءً تاماً بما في ذلك الاختلاف في الفروع !!


وتقبل تحياتي 00
المتزن

خالد القحطاني
21-01-07, 03:31 am
أخواني ناصر الكاتب والمتزن .


دعوه للتعقل فلا مكان للشعارات نرجو التوضيح .

ناصرالكاتب
21-01-07, 01:31 pm
أخي الكريم / ناصر الكاتب

هناك خلاف في الفروع وهو مستساغ ومقبول , وخلاف في الأصول يجب ألا نتنازل عن أصولنا من أجله .

وكما بُلينا في هذه الأزمان بأقوام يريدون أن يعالجوا الاختلاف بتسويغ الاختلاف , فقد بـُلينا أيضاً بأقوام لا يقبلون بالاختلاف أبداً ويريدون أن يلغوا وجود الاختلاف إلغاءً تاماً بما في ذلك الاختلاف في الفروع !!


وتقبل تحياتي 00
المتزن

أخي المتزن،
حياك الله، من المعلوم أن هناك فرقًا بين (الخلاف السائغ) و(غير السائغ) وقد تكلم العلماء قديما وحديثا في هذا الأمر وكشفوا عنه.

أنا أعني من يريد تسويغ وجود (عقائد) جديدة بيننا (هنا في السعودية)، وهذه العقائد تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة.
فإن في دخول هذه العقائد تفريق للناس إلى (مناهج) متعددة؛ كلٌّ يتعصب لما اعتنق، وهذا ظاهر مشاهد.

شكرًا لإضافتك.

ناصرالكاتب
21-01-07, 01:34 pm
أخي (لمبة الشارع) شكرا لمرورك.


أخي (خالد القحطاني) أنا أتحدث عن (قواعد شرعية) ولست أرفع شعارات طائفية!
شكرا لك.