[align=justify][align=center]( 3 ) [/align]
الزهريات
برز الأندلسيون في وصف الأزهار. وأكثروا من وصف زهرة بعينها، فوصفوا النرجس والياسمين واللينوفر والورد والقرنفل وغيرها مما وقعت عليه أنظارهم.
وقد ابتكر الأندلسيون أوصافا موضوعية جديدة، على نحو ما قاله ابن حمديس في رثاء باقة من الزهر أصابها الذبول، وهو يتألم حزناً وأسى على مُصابها فيقول:
[poem=font="Simplified Arabic,4,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يا باقة في يميني بالردى ذبلت = أذاب قلبي عليك الحزن والأسف
ألم تكوني لتاج الحسن جوهرة = لما غرقت، فهلا صانكِ الصدف[/poem]
ويواصل ابن حمديس تجديده الموضوعي في وصف الزهر، فهاهو يهجو زهور الزينة الخالية من الأريج يقول:
[poem=font="Simplified Arabic,4,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وباقة مستحسن نورها = وقد خلت في الشم من كل طيب
كمعشر راقتك أثوابهم = وليس في جملتهم من أديب [/poem]
ومن المعروف أن الشعراء الأندلسيين لم يعقدوا مجالس للزهور في قصائدهم؛ أي لم يجمعوها في قصيدة واحدة، وبينوا محاسن كل نوع فيها، وما يفضله الشاعر منها. وهذا ما عُرف به المشارقة. إلا أن ابن خفاجة جمع بين زهرتين حينما وصف الورد ونوار النارنج يقول:
[poem=font="Simplified Arabic,4,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وصدرُ نادٍ نظمنا = له القوافيَ عقدا
في منزل قد سحبنا = بظله العزَّ بُرْدا
قد طَنـَّـب المجد بيتا = فيهِ، وعرَّس وفدا
تذكو به الشهب جمرا = ويعبق الليل ندَّا
وقد تأرج نوْر = غضٌ، يخالط وردا
كما تبسم ثغر = عذب، يقبل خدا [/poem]
ولعله لكثرة الورد في الأندلس، فقد شُغف به الأندلسيون أكثر من شغفهم بغيره من الأزاهير فهذا ابن أحد الملوك بالأندلس يرى ورداً كثيراً منثوراً على صفحة خليج تكسرت صفحاته بسبب الريح ويقول:
[poem=font="Simplified Arabic,4,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
نثر الورد بالخليج وقد دَرَّ = جَ أمواهه هبوبُ الرياح
مثل درع الكمي فرقها الطعـ = ـن فسالت بها دماء الجراح [/poem]
وعن الورد وغرام الأندلسيين به، وما قالوه فيه من شعر كثير أسوق هذه الطرفة التي توضح لنا مدى شغف الشعراء الأندلسيين بالورد. فقد مرّ المحدث أبو القاسم ابن ورد، ببستان لأحد الأعيان فيه ورد، فوقف بالباب وكتب إليه:
[poem=font="Simplified Arabic,4,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
شاعر قد أتاك يبغي أباه = عندما اشتاق حسنَة وشذاه
وهو بالباب مصغيا لجواب = يرتضيه الندى. فماذا تراه؟ [/poem]
فعندما قرأ صاحب البستان البيتين، علم أنه ابن ورد فبادر إليه، ونثر من الورد ما استطاع بين يديه.
ومن الأزهار التي وصفها الأندلسيون زهرة الياسمين التي فتن بها بعض الخلفاء والأمراء، من بينهم المعتضد بالله عباد بن محمد بن عباد. فهاهو يشبهها بكواكب مبيضة في المساء، ويشبّـه شعيراتها الحمراء المنسرحة في صفحتها، بخد حسناء بدت فيه آثار العض :
[poem=font="Simplified Arabic,4,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
كأنما ياسميننا الغض = كواكب في السماء تبيض
والطرق الحُمر في جوانبه = كخد حسناء مسَّـه عَض [/poem]
وبعد، فإن الأندلسيين لم يدعوا أي نوع من الأزاهير، لم يطيلوا النظر فيه، على اختلاف في إعجابهم بأنواع الزهر، وقد قدم الأندلسيون من خلال وصف الأزهار صوراً أكثر نضارة، ولوحات جذابة، ميزتها الأصالة والبراعة.[/align]
[line]
...