أهل الشَّبَّة
الشَّبَّة ( بتشديد الشين والباء ) هي التحلق حول النار في ليل أو نهار لاحتساء القهوة والشاي وتبادل الأحاديث أثناء ذلك وهي مأخوذة من شبة النار أي إيقِادها .
و الشبة تقليد قديم في منطقة القصيم ,كما في كثير من مناطق بلادنا الغالية , لكن التسمية تختلف من منطقة إلى أخرى .
وكانت لوالدي شبة تتكون من اثني عشر رجلاً من أهل الحي , استمرت تلك الشبة لأكثر من خمسين عاماً , وكانت وفاة آخرهم قبل خمس سنوات ( رحم الله الجميع ) وتقام الشبة ( الجلسة ) بعد صلاة العشاء مباشرة وتستمر ساعتين تقريباً طوال أيام السنة صيفاً وشتاءً ففي كل ليلة يقيمها أحدهم في بيته بترتيب دوري ومعروف اتفقوا عليه .
وكنا نرافق آباءنا لتلك الجلسة الجميلة كلما سنحت لنا الفرصة وإذا كانت الشبة عندنا , يكون حضورنا ضرورياً للترحيب بأصدقاء الوالد وخدمتهم , فكنا نسعد بهم ونستفيد من قصصهم وخبراتهم و ( علوم الرجال ) التي كانت لديهم .
كانت أحاديثهم تبدأ بذكر الله سبحانه والثناء عليه والصلاة على النبي محمد والسلام عليه , ثم يمتد حديثهم إلى الشؤون التنموية في المملكة و الشؤون المحلية من بيع وشراء واستعراض لأسعار بعض السلع , وبما أن الكثير منهم كانوا من ( العقيلات ) فإن مجلسهم لا يخلو من الحديث عنهم وعن الصعاب و وعثاء السفر وما كانوا يعانونه أثناء تنقلاتهم تلك , كما يعرّجون في أحاديثهم على الأحداث التاريخية والسياسية , فقد تحدثوا كثيراً عن كفاح الملك عبدالعزيز (رحمه الله ) في سبيل توحيد هذه البلاد , وتحدثوا عن قضية فلسطين , وعن رحلات التضامن الإسلامي التي قام بها الملك فيصل (رحمه الله) , كما كانوا يتطرقون لحرب فيتنام , وما تنقله الأخبار من أحداث عالمية , ولا يخلو مجلسهم من الدعابة والطرفة والقفشات فيما بينهم .
يتناول أهل الشبة ( كما كنا نطلق عليهم ) في جلستهم القهوة والشاي , ويضاف الحليب في الشتاء إلى القائمة , أما الفاكهة فهي حاضرة كل ليلة لكنها بقدر معقول , وتختلف فاكهة الصيف عن فاكهة الشتاء .
انتقل جميع أعضاء ( أهل الشبة ) إلى رحمة الله , وبقيت مآثرهم , والذكريات عنهم نجترها نحن ( أبناؤهم ) حيث أننا نلتقي في المناسبات والأعياد , ومازال الوّد قائماً بيننا ولله الحمد .
إبراهيم بن سلميان الوشمي
بريدة