.
حر الصيف لا يرحم .. الكبير ، فكيف بالصغير
حرّ لاهب .. وغبار .. ووعثاء .. وهوام
وكل ما تتخيلون يتواجد في أحد الأماكن على الخريطة في بلادي
بل في أغلب أماكن خريطة بلادي
حتى تقترب الساعة جداً .. وتعود مروجاً وأنهاراً
وياااااااااااااامن يعيش
.
بهالشعبان ندور طيور .. نوسع الصدر ، ونأكل مما أباح الله لنا
ونستقر بأحد الأماكن .. تحت الطلاح
على نسائم اللاهوب .. الله لا يشطط علينا
كسافة .. بس طعمها .. بعد الانصراف منها
.
دايم أقول أببيع البارود .. خلاص
ومنب صايد ولا طالع ، ييزي غثاء
وبعد الراحة تشتهي النفس الكسافة
.
والصراحة ما به راحة إلا بعد تعب
ولا لذة إلا بعد شقاء
وإلا كيف حفت النار بالشهوات .. والجنة بالمكاره
.
ما استرعى <<<< حلوة استرعى حسيت إني فخم
.
أقول ما استرعى انتباهي واهتمامي وحنقي وشفقتي
هو بعارين مرت علينا .. بأحد الأماكن القاحلة .. ترعى
وبحثنا الراعي .. وتلفتنا له لنعطيه مما يفرحه ..
ولم نجده .. ولاحت لنا التفاته لطفلين اثنين يطلان علينا
من خلف الشجر .. طفلان من البادية
.
.
بمجرد النظر لهما مباشرة تلوح لك
صورة بانورامية للعصر الحجري
شعث غبر ، ثياب ممزقة ، مسام عرق مغلقة بسبب عوامل التعرية
قسمات وجه قاسية .. البؤس بأسمى معانيه
.
تبدو عليهما البراءة حتى مع قسوة الواقع
عيون غائرة .. عظام بارزة عضلات مشدودة ، بلا لحم
.
جلسا ينظران لنا .. فترة
فاقتربا ... استدعيناهما .. اقتربا أكثر
لا كلام .. فقط نظرات تأمل من الفريقين
.
قلت : هلا .. تعالوا ، تفضلوا ، اجلسوا
اقتربا .. جلسا على استحياء
ناولناهما ماء .. ثم .. طعام .. ثم .. حلا
ومع كل لقمة ينظران لبعضهما .. وكأنهما يثبتان لبعضهما وجود
متع في الحياة تحدثا عنها باستمرار .. كضربٍ من الأحلام
.
قلت : من أنتم ..
قال الكبير : حنا من القبيلة الفلانية
قلت : من وين
قال : من المنطقة الفلانية
قلت : وش جابكم لهالمكان من هالمسافة الكبيرة
قال : أنا ما زرت منطقتي أبد .. عمري 12سنة ومولود بهالشعيب
ولا طلعت منه أبد ..
قلت : وأخوك هذا
قال : مثلي بس أصغر .. ولا يتكلم مع الأغراب لقلة مشاهدته لهم
قلت : وين مكانكم وسكنكم
قال : مشي ساعة من هالمكان .. اللي نرعى فيه باستمرار
قلت : تدرسون ، تعرفون تقرووون
قال : لا ما نعرف ولا ندرس ...
.
قاموا لحقوا البعارين ..
وجلسنا ندردش مع بعض بدون كلمات .. مجرد نظرات بدون صوت
استغراب
شفقة
صدمة
.
أين والدهم
أين همته في تعليمهم مع قرب القرى من المكان
هل يصلون
هل يذهبون إلى المستشفى إذا مرضوا أم يتألمون إلى أن يشفوا
أين يوم العيد عن أمثالهم .. كيف يفرحون .. بماذا يلعبون
أين الأقارب .. وكيف يكون اللقاء
.
بل أين الفرج !
.
هل سيأتي لهم ولأمثالهم أم سيطول ..
أم سيكون كطعم الحلوى .. استمراره كحلم .. أفضل من طعم يزول
.
إلى من يملك القرار والتدخل
.
( افـــعـل شيـئاً )
.
.
.
.
بمان الله