جبل ام درج أحد جبال محافظة العلا في السعودية ، حتما يجذب زائره إلى ما تبقى من الدرجات أو السلالم الصخرية التي عمل اللحيانيون العرب على نحتها من أسفل الجبل الضخم إلى قمته منذ ما يقارب 2600 سنة لأجل تسهيل صعودهم إلى القمة التي اختاروها مكانا لممارسة طقوسهم الدينية وإنشاء معابدهم الباقية آثارها حتى الآن بجوار خزانين كبيرين منحوتين في عمق الجبل من على القمة، وبقايا آثار للمذابح التي كانوا يقدمون فيها النذور، ومجموعة من التماثيل وبقايا مجامر وكشف ذلك الباحث الدكتور حسين أبو الحسن أستاذ بجامعة الملك سعود ـ كلية الآثار والسياحة، وأحد منسوبي وكالة الآثار والسياحة بالسعودية، ان هذا الجبل هو جزء من مدينة دادان عاصمة مملكة لحيان التي تعتبر من الممالك العربية الوسيطة في ذلك الوقت، وتكمن أهميته في ظهور أساسات جدران لعدد من المعابد أو المباني التي كانت تستخدم لأغراض دينية، ووجود خزانين كبيرين لجمع مياه الأمطار والاستفادة منها، قد تم نحتهما في الصخر على شكل قمعي. وتحدث ايضاً عن وجود تلال أثرية تنتشر على سطحها أجزاء لتماثيل قديمة وألواح حجرية كتبت عليها النقوش النذرية وعدد من المجامر والمذابح والكسر الفخارية والتماثيل التي تم العثور عليها من أحجام وأشكال مختلفة، بعضها كان كاملا وبعضها الآخر عبارة عن أجزاء تمثل الرأس أو البدن أو القدمين وأشار أبو الحسن إلى وجود عدد كبير من الكتابات القديمة المتنوعة منها اللحيانية والنبطية وما يسمى بالثمودية، وكذلك الكتابات الإسلامية التي تم اكتشافها على الواجهات الصخرية في هذا الجبل الذي يقع بالجهة الشمالية الغربية من محافظة العلا على مدخل وادي ساق ، وقال عنها : «هذه النقوش التي وجدت على قمة جبل أم درج أشارت إلى وجود معبد قديم يعود للفترة الواقعة بين القرنين السادس والثاني قبل الميلاد، والتي كانت السيادة فيها لمملكة لحيان، وقد كُرِس هذا المعبد لعبادة ذو غيبة وهو أحد الآلهة الرئيسة التي كان اللحيانيون يعبدونها قبل الإسلام وأكدت هذه الحقيقة التاريخية كما أوضح أبو الحسن جميع البقايا الأثرية التي تم العثور عليها في الموقع وتعود تسمية الجبل بأم درج كما أفاد أبو الحسن إلى وجود درج منحوت بالصخر من أسفل الجبل إلى قمته، كان اللحيانيون قد قاموا بنحته لتسهيل صعودهم إلى القمة العالية التي يصعب تسلقها، وقال: للأسف نتيجة للعوامل الطبيعية المتمثلة في الزلازل والعوامل الجوية المتمثلة في الحرارة والرياح والأمطار تعرضت أجزاء من هذا الدرج للانهيار وأصبح الوصول إلى قمة الموقع في غاية الصعوبة وتابع قائلاً: هذا الأمر كان لصالح الموقع، لأنه ساعد على بقائه بما فيه من آثار بحالة جيدة لفترة طويلة من الزمن إلا أن الموقع الأثري الذي كان أول من أشار إليه هو الدكتور عبد الله آدم نصيف في أحد كتبه، كما أوضح أبو الحسن، يعتبره عدد كبير من الأثريين بالغ الأهمية وتعرض في الآونة الأخيرة إلى اعتداءات من قبل ضعاف النفوس الذين لا يدركون مدى الجرم الذي يرتكبونه بحق تاريخ بلادهم وحضارتها وأكد ذلك مساعد مدير وحدة الآثار والمتاحف بمنطقة العلا مطلق سليمان المطلق الذي قال: «ان للموقع قيمة أثرية عالية، ولكن للأسف، هو الآن معرض اما للتخريب او للبحث عن الكنوز الأثرية من قبل الذين لا يقدرون أهمية هذه الآثار التاريخية والعلمية» ويشير المطلق إلى أن الموقع من الممكن أن يكون أحد المعالم السياحية البارزة في السعودية، ومع ذلك فهو لا يزال ينتظر الحماية والاهتمام والتأهيل السياحي من الجهات المسؤولة، وقال: لقد عثر على معبدين حتى الآن للحيانيين، أحدهما في منطقة الخريبة بجوار مقبرة الأسود، والثاني هو الموجود على قمة جبل أم درج، وهو الأكبر حجما والأكثر أهمية كمركز ديني لحياني مخصص لطقوسهم الوثنية قبل الإسلام .
ام درج
العرض العادي
