ذلك الشعور الارتدادي الذي يكبر ويصغر بحسب سعينا لحماية (ما يَتملكنا) وليس (ما نَملكه)..
والفرق بينهما؛ أنَّ حماية ما نملكه يُبقِي القرار في أيدينا في خوفٍ غير مُضر.. بينما ما يتملكنا ويسيطر علينا فإنَّ شعور الخوف فيه مزعج ومقلق وسببٌ للكآبة ..
من يخاف الموت فهو يخاف شيء لا يملكه؛ ولذا يدخل في دوامة من الخوف البشع تقتل حياته كل يوم, بينما الخوف على ما نملكه يعدُّ خوفًا طبيعيًا مستحبًا..
نحن نخاف من لهب النار فنتجنبها وينتهي هذا الخوف على حالة من (لذة النجاة ومُتعة التبصُّر).
حينما يملك المرء رغيفين - بينما يكفيه رغيفٌ واحد- تجده أقل حرصًا واكثر شجاعة مع الفائض عن حاجته؛
ولكن من يريد ويحرص على جمع الرغيفين وأكثر منهما دون تقييم لحاجاته, هنا يكون فعل الجمع هو المسيطر عليه وليس العكس ..
متعة الحياة أن نملك الأشياء من حولنا ولا تملكنا ..
نملك المال وحينما نرى من يحتاج فائضًا مما لدينا نعطيه؛ فيكون (خسارة) بعضه سعادة لنا, بينما لو تملكنا هذا المال سيدخلنا في دوامة من الخوف نحن لا نملك عليه سيطرة, فهذا المال قد يذهب بلمح البصر؛ فيقتلنا مجرد هذا الشعور ويذهب بنا الوقت دون تمتعنا بهذه الحياة.
وهنا يحق لنا أن نسأل: كيف نملك الأشياء ولا تملكنا؟
لو أكملنا سيناريو الموقف؛ لساعدنا في الوصول لتلك الحالة ..
من يجمع المال بشراهة فعليه – بكل بساطة – أن يفكر بتجرد ما هو السيناريو المحتمل؟
هل تملك القدرة على حمايته؟ وتضمن ذلك ؟ الجواب طبعًا لا .. والحياة تُعلمنا أنَّ كيانات ضخمة رأس مالها بالمليارات انهارت (بلمحة بصر) فيما يسمَّى الأزمة المالية العالمية..
السيناريو الآخر: اذا ضمنت لي أنَّ هذا المال الوفير وجمعه سيستمر معك دون أن ينهار او يذهب فجأة؛ فهل تضمن لي أنَّك – أنت – ستستمر معه؟
الجواب – بأكثر تأكيد من السابق - طبعًا لا .. ستفارقه يومًا ما (عاجلاً أم اجلاً)
أذًا هنالك احتمالين أكيدين, سيحصل أحدهما قبل الآخر:
أمَّا أن يفقدك هذا المال أو تفقده ..
ولذا أن بقينا تحت سيطرة هذا المال وجبروته سنعيش حياتنا في قلق غير مفيد؛ فلن ينقذنا هذا القلق من أحد هذه النهايتين المرتين للأٍسف ..
وهذا ليس في المال وحسب؛ بل في كل شي من حولنا,
الوظيفة التي نتساهل فيها بحقوق الناس ونحقد على من حولنا خوفًا عليها فهي تتملكنا ببشاعة؛ بينما سنتركها او ستتركنا يومًا ما!
وكذلك الأولاد والزوجة او الزوج ..
هذه ليست دعوة لعدم المُتعة وترك الاهتمام؛ وإنَّما دعوة لاستثمار الخوف المفيد, ذلك الخوف الذي يشعرنا ( بلذة النجاة ومتعة التبصُّر) ..
الى لقاء