نهاية دولة إسرائيل على ضوء الكتاب والسنة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102) } آل عمران ، { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(1) } النساء ، { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71) } الأحزاب.
أما بعد ، فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أحبائي في الله :
قبل البدء في تناول تفصيل ما جاء في الكتاب والسنة عن نهاية دولة إسرائيل أحب أن ألقي الضوء على أن لله سبحانه وتعالى سنن كونية ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ، حيث من سنن الله تعالى أن جعل الله النصر والتمكين في الأرض لعباده المؤمنين الذين ناصروا دين الله في السر والعلانية وانصاعوا لأوامره وسلكوا سبيل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فتحققت سنة الله فيهم ، { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40)الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ(41) } سورة الحج.
ومن سنن الله في خلقه أن جعل الأيام دول { وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ.. } آل عمران 140 ، ولهذا فعندما توجد طائفة مؤمنة تجعل من كتاب الله شرعة ومنهاجا ومن سنة الحبيب المصطفى أسوة ومسلكا تهتدي به وتقتفي أثره ولم يبدلوا شرع الله بقوانين وضعية ولم يقدموا بين يدي الله ورسوله وكانوا ممن قال سمعنا وأطعنا وكان عملهم خالصا لله جل وعلا لا لقومية ولا لحزبية ولا لعصبية وكان جل اهتمامهم هو إعلاء كلمة لا إله إلا الله كان لابد أن يمن الله عليهم بالنصر والتمكين في الأرض كما وعد سبحانه وتعالى { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(55)} النور.
ولكن عندما انشغل الناس عن الحق وعبدوا الدرهم والدينار وتركوا كتاب الله واتبعوا أهوائهم ونسوا الله ، أنساهم أنفسهم ورفع عنهم كنفه وولاهم إلى عدوهم فسامهم سوء العذاب وهكذا تمكن أنجس وأحقر وأرذل أمم الأرض من أبناء يهود إخوان القردة والخنازير من إقامة دولتهم الحقيرة على الثرى الطاهر في الأرض المباركة وسيطروا على مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وحرقوا منبر صلاح الدين وقاموا بحفريات تحت المسجد الأقصى لهدمه وتدميره لإقامة ما يسمونه بالهيكل المزعوم وما كان لهذا أن يكون لولا أن هانت الأمة واتبعت أذناب البقر وتركت كتاب الله وهدي النبي صلى الله عليه وسلم وتحقق قول الله جل وعلا { إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ(160)} آل عمران ، فالأيام دول والصراع بين الحق والباطل قائم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قال تعالى { إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ(140)وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ(141) } آل عمران.
ولكن وعد الله نافذ والبشرى آتية لا ريب فيها لتحرير الأرض الطاهرة من بين بر اثن اليهود وسيكون التطهير لبيت المقدس استعدادا لاستقبال الخلافة الإسلامية التي أشار إليها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وصححه الحافظ العراقي ووافقه الألباني عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تكون النبوة ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً عاضاً ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت " ولا يخفى على أحد أن ما نعيشه الآن هو ملكاً جبرياً وأن الأمة الآن تنتظر بفارغ الصبر قدوم الخلافة الإسلامية التي ستخلصها من الظلم والجور وتبدلها قسطاً وعدلاً ويعم الأمن والأمان وتنزل البركات وتكثر الخيرات وينتشر الإسلام حتى يبلغ مشارق الأرض ومغاربها ولا يبقى بيت إلا ويدخله الإسلام كم قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها " وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود وصححه الألباني من حديث تميم الداري " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ووبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز وذل ذليل ، عز يعز الله الإسلام وذل يذل الله الكفر " والأمر هو: الدين ، ما بلغ الليل والنهار : المقصود مشارق الأرض ومغاربها.
وتكون دار الخلافة في بيت المقدس في فلسطين المباركة وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والحاكم وأبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع أنه قال " يا بن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام والساعة يومئذ أقرب للناس من يدي هذه على رأسك ".