د. سعد السعد
لا تتردد أيها الشاب في السفر، كلما أتيحت لك أسبابه ومقوماته وإمكاناته سافر للشرق وللغرب وللشمال والجنوب سافر في الداخل وسافر إلى الخارج.
ولكنني سأهمس في أذنك بشيء لا تظنه مجرد وعظ وإرشاد ولكنه عين الحقيقة، وهو أنك مستهدف بمواصفاتك التي تحملها.
فهناك خيرون في كل مكان، ولكن هناك أيضاً من يتربص بك الدوائر ويقف لك بالمرصاد.. ليصطادك، وليورطك - ان استطاع - وربما أكثر من هذا!
فالأشرار قد نصبوا شباكهم ليردوك في حفرهم، ويهووا بك إلى مهاوي الردى وأتون الجريمة.
وأنت مستهدف في مالك، وهناك من يبتسم لك ابتسامة المحب الولهان وهو يضحك لدراهمك وبطاقاتك الائتمانية.
وأنت مستهدف في بلادك، بلاد التوحيد والحرمين وقلعة الإسلام فحذار ا ن تكابر وتقول: لابد ان أجرب بنفسي كل شيء، فإن من التجارب ما قد يهلك منها الإنسان، ومنها ما يذهب بعقله، ويدمر حياته وحياة عائلته كلها، كتجريب المخدرات، فتجربة مرة واحدة لبعض أنواع المخدرات، حسب ما يصرح به الخبيرون كفيلة ان تجعل المتعاطي يدمن عليها من أول مرة وقد تزاد له الجرعة فتهلكه.
حذار من النزول إلى علب الليل المظلمة، فإن من هوى فيها لن يخرج منها إلاّ إذا خسر الكثير.. وألبس الكثير.
حذار من الثقة بكل من لقيته واستلطفته:
والثقة بكل أحد عجز، كما قيل.
وإذا أردت ان يحفظك الله فاحفظ الله، بفعل أوامره، واجتناب نواهيه.
(اتق الله حيثما كنت).ولا تغرنك الأجساد البراقة، والألوان الزاهية التي تتعرض لك، حتى تشد انتباهك هنا وهناك حيث تقضي الحوائج والرغبات المحرمة بين داخل وخارج. فإن المسلم يمنعه دينه ثم عزته وكرامته ورجولته من فعل كل ما لا يليق به.
معشر الشباب.. مظاهر مؤسفة..
كثيراً ما يستوقفني تعمد الشباب التأخر في الزواج، تأخراً مزعجاً لأسباب لا تعد منطقية في أحيان كثيرة.
فأكثر الشباب الذين بين العشرين والثلاثين عندما يسألون عن الزواج يبادر إلى القول: (ليس بعد)..ويلزمني الكثير لتأمين متطلبات الزواج!
وأذكر هؤلاء الشباب، بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يتضمن أمرهم بالزواج بمجرد استطاعة تكاليفه.
ولا أعتقد أنه من مقومات الزواج امتلاك الشاب سكناً مستقلاً أو سيارة فارهة أو حتى مرتباً ضخماً، وذلك من واقع تجارب الذين تزوجوا - وهم طلاب - واستمروا في السكن مع أهلهم بزوجاتهم بضع سنوات، أو استأجروا لهم مساكن خاصة، حسب مقدرتهم فوسع الله عليهم.
وما تزوج أحد يريد إعفاف نفسه وإعفاف غيره، بهذه النية الطيبة اللازمة إلاّ أغناه الله من فضله وفتح عليه أبواباً من الخير.
وأخشى ان يكون أولئك الشباب الذين يؤخرون الزواج قد تأثروا بغيرهم من الدول والشعوب المجاورة، من واقع ما يسمعونه ويقرأونه عن أحاديثهم وآرائهم حول الزواج.
والمصيبة ان العدوى قد انتقلت إلى الاناث أيضاً، فكثيرات منهن لا يرغبن في الزواج قبل التخرج من الجامعة وربما ما هو أعلى منها!
ولو عرف أولئك الشباب والشابات كم يفوت عليهم من الخير والسعادة والبركة من جراء تقليدهم غيرهم في تأخير الزواج، لسارعوا إلى القيام به فإن لذة الحياة في الزواج تكون في التبكير به، ولا يوجد ما يمنع الزوجين من مواصلة الدراسة والعمل بعد الزواج، فذلك خير لهما وأهدى سبيلاً.
إنها دعوة بل صرخة مدوية: يا معشر الشباب تزوجوا ويا معشر الآباء والأمهات ساعدوا مرتين مرة على تزويج أبنائكم، ومرة على اختيار الكفء الصالح لبناتكم والتخفيف عليه في الصداق وغيره.
(إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه.. إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
منقول جريدة الرياض 13/8/1429
العرض العادي
