السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لمن سأل عن من هو أحمد الصقعوب
أقتبس له هذا الكلام للعضو أسد العقيدة
بسم الله الرحمن الرحيم
سِيـــــــرَة ٌ عَطِـــــرة
ٌ
عالم ٌ لم يجاوز بعد ُ الثانية والثلاثين غيرَ أنك تقرأ في محيّاه ديوانَ السنّة وعلى هيئته ِجَلالَ العلماء ِوهيبتهم وتشم منه عرْفَ التواضع وطيبَه ..
يطفحُ وجهُهُ بالنورِ ويشعُّ جبينهُ بالبهاء ِفلقدْ جمعَ أطرافَ المآثرِ والخلال ووعى أفانين العلم والأدب ما إن تلتقيه حتى تخال أنك التقيت أحد أعلام الرعيل الأول ممن احتذواحذو المصطفى صلى الله عليه وسلم ونهجوا نهجه ..
ذاكم هو أبو محمد ٍأحمدُ بن محمد ِبن ِعبدالله الصُّقعوب ، والده ُمحمدٌ أحدُ كبارِ تجارِ مدينته بريده وهو رجلٌ عرفَ بدماثة ِالخلق ِولين ِالعريكة ِوالجانب ِوطيب القلب ولقد أطبقَ كل من رآه أو تعاملَ معهُ على محبته ِواحترامه ِ..
ولد الشيخُ ببريدةَ في المُحرم ِسنة أربع ٍ وتسعين وثلاثمائة والف ٍمن هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومما يذكر له ُفي صباه ُمن الفرائد ِماذكره ُعنه أحدُ طلابه ِ أنه لما كان في المستوى الإبتدائيِّ كان أحدُ معلميهم دائما ما ينصحهم ويرشدهم ويوجههم لما فيه صلاحُ دنياهم وأخراهم ورغم ما يحملهُ هذا المعلمُ من الخيرِوالصلاح ِإلا أنه حليقُ اللحية ِفرأى الشيخُ رعاهُ الله ُببَراءةِ الطفولة ِ تناقضاً بين قولِ العلم ِوفعله ِفرفع يده ُوقال ( أنت تنصحنا وأنت حالقن لحيك ّ ) ذُكر بعد هذا أن المعلم َتركَ لحيته ُولم يمّسها بعد كلام هذا الطفل الذي صار له ماصار بعد كبره ..
ولقد نشأ الشيخ رعاه الله نشأة عاديّة لا يكتنفها كبير أمر كحياة الكثيرين من أقرانه وابتدأ طلبه للعلم فعلا ًعلى حدِّ قوله فك الله أسره في الصف الثالث المتوسّط وبالنظر إلى هذا العمر نجد أنه حين ابتدائه لطلب العلم صغير ٌ نسبيا ًولكن بتوفيق الله له استمر حتى بلغ مابلغ من الشأو والشأن ..
حفظ القرآن وهو في الصف الثالث الثانويّ ثم حفظ بعده عددا من المتون والمؤلفات فحفظ الكتب الستة عن ظهر قلب وهو يحفظ الآن مايربو على أحد عشر ألف حديث ٍ أما في العقيدة فحفظ مجموعة التوحيد كاملة والواسطية لشيخ الإسلام وفي المصطلح نخبة الفكر والبيقونيّة وحفظ الرحبيّة في الفرائض وفي النحو حفظ الآجروميّة وشيئا من ألفيّة ابن مالك وحفظ في التجويد متن تحفة الأطفال ...
ولم نأت على كل محفوظاته فك الله أسره فله من المحفوظات ما حجبه عني النسيان أو لم أدونه عمن دونت عنه هذه السيرة من طلابه ...
ولقد أكرم الله الشيخ رعاه الله بالتتلمذ على عدد من كبار أهل العلم في هذا الزمن وكان لذلك أكبر الأثر في تأثره بهم والنهل من علمهم ..
منهم الفقيه الزاهد الإمام محد بن عثيمين جاده الله بمزون الغفران ولقد تتلمذ الشيخ على يديه مدة ليست باليسيرة أخذ على يديه فيها متن الزاد أو أكثره ..
ومنهم الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي رحمه الله تعالى ومما يذكر من شأنه مع الشيخ حمود رحمه الله أن الشيخ أحمد فك الله أسره كانت له بعض الإنتقاءات من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض التعليقات عليها كانت نتاج قراءة لهذا المجموع ونقاش فيها مع أحد أصحابه من طلبة العلم فعرضها على الشيخ حمود فبهر بها وأوصاه بطباعتها ونشرها لتعميم فائدتها فأبى الشيخ هذا تواضعا منه وازدراء ًمنه لنفسه فلله أنت من شيخ كريم ..
ومن العلماء الذين تتلمذ عليهم فضيلة الشيخ العلامة سلمان بن فهد العودة حفظه الله ونفع به الإسلام والمسلمين وكان ذلك قبل سجنه في عام 1415 هـــ وكان يحضر له في شرح البلوغ ...
ومن العلماء الذين تتلمذ عليهم ونهل من علمهم وتأثر بهم فضيلة الشيخ العلامة الإمام سليمان بن ناصر العلوان فك الله أسره فلقد قرأ عليه مدة ليست باليسيرة وقد عُرف مكانه في دروس الشيخ سليمان وقرأ عليه عددا من المتون والشروحات المطوّله ..
وممن تتلمذ عليه من العلماء الشيخ العلامة خالد بن علي المشيقح أحد فقهاء هذا الزمن وهو من أكابر طلاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى وقد تتلمذ عليه في الفقه وأصوله ..
وممن قرأ عليهم الشيخ وتتلمذ على يديهم الشيخ يحيى بن عبدالعزيز اليحيى وهو الحافظ المعروف وقد حفظ على يديه الكتب الستة ..
ومن مشايخته الشيخ عبدالله بن إبراهيم القرعاوي إمام الجامع الكبير ببريدة والشيخ عبدالله حفظه الله عرف بسعة علمه ..
ومن مشايخته الشيخ الزاهد المعروف محمد العليط رعاه الله ونفع به الإسلام والمسلمين ..
ومن مشايخته الشيخ تركي الغميز الدكتور في قسم الحديث بجامعة القصيم ومنهم كذلك ابو عبدالرحمن الشيخ صالح الخضيري وقد قرأ عليه في الحديث بعد صلاة الفجر ..
وللشيخ برنامجٌ علميٌ جادٌ فهو يجلس للقراءة والبحث الصبحَ كاملا وكذلك لا يكاد يفارق مكتبته عصر كل يوم ٍ ..
وقد ابتدأ الجلوس للتدريس والتعليم وهو في السنة الثالثة من الجامعة ..
وملازمته للكثير من أهل العلم والنهل منهم ومن أدبهم وحسن دلّهم أكسبته نفسا زكيّة وخلقا ً راقيا رفيعا ًوعلما غزيرا ًجعله محبوبا لدى كل من عرفه واقترب منه بل إن الكثير ممن لم يلتقوا به أحبوه لحسن ذكره بين الناس ولما يروى عنه من جميل الخصائل وكريم الخلال ..
فالشيخ رعاه الله يتميّز بطلّة بهيّة ونور ساطع يغشى وجهه وجبينه ولا يفاصل في هذا أحد ٌ رآه ويُعزى هذا والله أعلم لسهره في ظلمة الليل قائماً قانتاً لله تعالى فلقد ذكر عن الشيخ أنه ابتدأ قيام الليل ولم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره.
ولقد سمعتُ ممن لازمه وسافر معه من طلابه العجبَ من قيامه الليل فك الله أسره فلقد شاهدوا من ذلك الغريبَ إذ يقول لي أحدهم عن الشيخ أنه وأثناء نومه يفزع فزعا ويقف مباشرة ويهرع إلى الصلاة حتى إذا صلى ماكتب له هجع إلى فراشه يقول من سمعتُ منه : فلا أعلم ُ هل هو يرجع إلى فراشه إذا أحس أن أحداً ما ينظر إليه أم لأمر غير ذلك ..
يقول الناقل وأنا أشاهد هذا الفعل في الليلة الواحدة منه عدة مرّات ٍ فلله درّه ..
ومما يذكر ُ له من المآثر ويلحظُ عليه دائماً انهمال دمعته وسرعة بكائه فك الله أسره فلا تكاد تقرأ عليه آية ترغيب أو ترهيب ٍإلا وتجده مطرق الرأس باكيا ًوأكثر ما يرى هذا دائما ًعليه في درس التفسير بعد صلاة الفجر إذ هو أقرب الدروس إلى نفسه فك الله أسره وقد لحظت هذا بنفسي في بعض دروسه في التفسير ..
ويروي أحد طلابه أنهم كانوا مع الشيخ في رحلةٍ إلى مكّة يقول كان الشيخ فك الله أسره ينام قرابة الساعة الحادية عشرة ثم يوقضنا قبل الفجر بساعة ثم يذهب مباشرة إلى الحرم يصلي فلا تسأل عن طول تلك الصلاة وخشوعه فيها ..
ويقول الأخ أنني دائما ما أتردد عليه الفجرَ فأجد عينيه محمرّتان لا حمرة نوم ٍ بل حمرة من قطع بعض ليله بالبكاء ..
ومن عجيب أمره ( والكلام للأخ ) أنني أجده منشرح الصدر طيّب البال حتى إنني لا أكاد أطلب حاجتي من الشيخ إلا بعد الفجر لأن الشيخ في تلك الساعة يكون منشرح الصدر والبال ..
وللشيخ رعاه الله لسانٌ عفٌ لا يكاد يتكلم إلا بالخيرولا ينطق إلا بالبر فلا تسمع للغيبة في مجلسه أي ذكر ولا يُذكر العلماء عنده إلا بالخيرفلقد سمعته أنا مرّة وقد كنت إلى جانبه في أحد المجالس العامرة يتكلم عن حفظ حقوق العلماء وإن أخطؤوا أو اجتهدوا لأنهم معذورون ولأنهم بشر ٌ يكتنفهم مايكتنف البشر من النسيان والخطأ ..
وعلى هامش هذا المجلس وقد انفضّ أكثر من فيه كان يناقش أحد طلبة العلم ِ وهو حانقٌ على بعض العلماء ممن ولغَ في عرضهم الكثيرون وكان الشيخ يكلمه برفق ٍعن حق هذا العالم وما قدّمه من خير وأن فضله ونبله لا ينسى لمجرد اجتهاد ٍ اجتهده وأن ذلك العالم عرف بتقصّيه للحق فرأيت ُ ذلك الناقم َ وقد أذعن لكلام الشيخ وانشرحت أساريره له ..
ومما يذكر في عفاف منطقه طريقة نصيحته لطلابه وقد أطبقوا جميعا على أنه هيّن ليّن في النصح لا ينطق بكلمة تجرح ولا مفردة تنفــّـرفهو يتكلم برفق وينصح بحنان ٍ ويقول لي أحد من لازمهُ أنه مرة عاتبني على قصوري الواضح في الحفظ وبرنامج القراءة لكن تمنيت أن عتابه لي كان عشر ساعات مكان الربع ساعة التي عاتبني فيها ..
فهو يختار لي من الكلام أطيبه ، ومن الألفاظ أصدقها وأزكاها ، فكان لا يعاتب بل يوجه ويرشد و في نهاية حديثه قال لي: ياأبا فلان والله لم أقسو عليك وأعتب إلا أني أحبك !! فضحكت وقلت في نفسي أهذا عتاب !! والله الذي لا إله غيره ولا رب سواه لم أسمع في عتابه لي على حد قوله ماأسميه قسوة أو عتاب !! ولكن هذا هو خلقه فلم يتكلف شيئاً فك الله أسره .
ويجرنا هذا إلى طريقة تعامله مع طلابه وتلامذته فهو يعاملهم بسموٍّ وخلق عال رفيع فمعاملته لهم معاملة الأب الشفيق على أبنائه لا يعاتبهم أمام أقرانهم من الطلبة ، يشجعهم إن أحسنوا ، يوكل إليهم أن يبحثوا مسائل علمية قد يقصرون عن بلوغها لكن لكي يعودهم ، يهش ويبش في وجوههم ، إن أطال الغيبة أحدهم عنه بعث إليهم سلامه وأشواقه إن لم يهاتفهم بنفسه !! ، يقول أحد طلابه لم أسمع منه كلمة غليظة أبداً وهذه شهادة لله أقدمها خلال معرفتي بالشيخ أربع سنين لم أسمع منه كلمة حزت في نفسي أو كلمة غليظة تبعدني عنه !!
والشيخ رعاه الله إلى جانب ِ خلقه الرفيع لا يكاد يسكت على المنكر بل يبادر إلى إنكاره ما استطاع ويذكر من ذلك إنكاره على كل مايرى في ساحات الحرم من المنكرات ولا يتبرم في ذلك من كثرة المنكرات وانتشارها بل ينكر كل مايراه في طريقه ويقول نحن ندفع عن أنفسنا وإخواننا المسلمين العذاب بهذا ..
وله جهده الواضح في إنكار أفعال الرافضة في المدينة النبويّة حيث وفد على بعض أئمة الحرم وأدى واجبه تجاه مايفعل في البقيع من الشركيّات وذكّرهم بما عليهم من المسؤوليّة والعبئ أمام هذه الخزعبلات ولا أدري في الحقيقة من ألتقى وكم مرّة ذهب ولكنه راعى في ذلك النظام ولم يقدم على ماهو ممنوع أو محظور ..
وللشيخ رعاه الله وفك أسره رحلات دعويّة متنوّعه تـُنسّق دائما عن طريق المكاتب الدعويّة المنتشرة في المملكة وله رحلات دعويّة خارجيّة تنسق عن طريق نفس الجهة ..
ومن أبرز رحلاته الدعويّة الخارجيّة رحلته إلى السودان برفقة الشيخ سعيد بن وهف القحطاني حفظه الله حيث ألقوا هناك دروسا دعويّة وعلميّة مختلفة وكان الشيخ دائما ما يتحدث عنها ويأنس بها لأن طابع المنطقة التي كانوا فيها طابع سني سلفيّ ..
ومن رحلاته كذلك رحلته إلى الهند في العام الماضي وقد كانت بتنسيف من مكتب الدعوة والإرشاد وكانت كذلك رحلة عامرة ..
والشيخ فك الله أسره عرف بكرمه الحاتمي ّ وقد كان يقول لطلابه دائما ( أجعل الدنيا والمال في يدك ولا تجعلها في قلبك ) وهذه المقولة وإن كانت مختصرة قليلة إلا أنها تحمل المعنى الكبير، ويقول أحد طلابه أنه في أحد الرحلات التي كنا معه فيها أبى أن يدفع أي واحد ممن معه ريالا واحدا ً وكان يغضب إذا حاولوا ذلك ..
ويقول أحد ملازميه أنه كان لهم برنامج علمي صباحي فكان الشيخ يأتي بالقهوة والشاي والفطور كل يوم ٍ ويأبى عليهم أن يأتوا بشيئ يقول فلما ألحينا عليه إلحاحا شديداً تنازل عند رغبتنا على مضض ٍ ...