تابع ...........
( 2 - 4 )
.............
الطموح قديما لم يكن سهلا إطلاقا بل كان ضربا من الخيال لقد كان الواحد منا لا يثق أبدا بإكمال سنته الدراسية فضلا عن أن يخطط لسنوات عديدة لمستقبله ! لقد كنا في تلك السنوات نعلّم أنفسنا بأنفسنا فليس معنا أب يتابع ( دفتر الواجبات ) ولا أم متعلمة تقوم بتدريسنا يوميا ! كان الآباء مشغولين بلقمة العيش كما كانت الأمهات مشغولات بالقيام بدورهن المناط بهن في المنزل وربما في المزرعة من طبخ وحصاد و ( تعليفٍ للدبش ) ......
كان الدكتور عبدالعزيز الذي حصل على درجة الدكتوراه من الولايات الأمريكية المتحدة شابا بسيطا ساذجا ينادى دوما ( أبو شطوب ) ولم يكن يرسم لنفسه طريقا بل كان مثلي ومثل بقية أبناء جيلنا نفكر فقط بصعود الدرجة التي أمامنا مباشرة ثم نفكر بالأخرى بعد وصولها ، لم تخطر على باله فكرة دراسة الطب إلا بعد تسلمه للشهادة الثانوية العامة . لقد كان هذا الجيل عظيما عصاميا بنى نفسه بنفسه وبذل الكثير ليصل إلى ما وصل إليه رغم قلة الإمكانات وضعف الحالة المادية وقسوة المجتمع وسلطة العادات والتقاليد .... كان التعليم ومواصلة التعليم أمرا غير يسير خاصة في تخصصات غير شرعية مثل الطب والهندسة والرياضيات ومثيلاتها .....
ما جعلني أتطرق لهذا هو ما أراه هذه الأيام من توفر للإمكانات ووجود كافة سبل النجاح وجميع مدعّمات التفوق ولكن مع غياب الاهتمام ببناء المستقبل ! لو أن جيلنا توفرت له هذه الإمكانات لأصبح بعض من شبابه من العظماء ..........
كنا ثمانية ... أحدهم طبيبا والآخر مهندسا وثالثهم ضابط برتبة عالية ورابعهم وخامسهم معلمون أوقفوا طموحهم وسادسهم موظفا بارزا وسابعهم رجل أعمال حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد أما ثامنهم وهو أقلهم حظا فهو محدثكم .........