على شارعين
متلازمة ميدان التحرير
خلفالحربي
كوكب الأرض بقاراته السبع أخذ بطانيةوساندوتش فول وأقام في ميدان التحرير، فمنذ أن اندلعت شرارة الاحتجاجات الشبابية فيشوارع مصر المحروسة حتى أصيب الناس بـ (متلازمة ميدان التحرير) وأصبحوا يقضون الليلوالنهار أمام شاشات التلفزيون بحثا عن خبر جديد، الموظفون في المكاتب .. رباتالبيوت في المطابخ .. ملاك الإبل في الصحاري .. المسافرون في الفنادق .. العاطلونفي المقاهي .. كل الناس ــ وخصوصا العرب ــ أصبحوا يعيشون ويتنفسون وينامون فيميدان التحرير.
ماما أمريكا كالعادة باعت حلفاءها وهي تردد:
(بيزنس إز بيزنس)،والبلطجية ركبوا الجمال والخيول في مشهد كاريوكاتوري أعادنا إلى أجواء حرب البسوسمع فارق مهم هو اختفاء ابن عباد الذي كان يقول: (لا ناقة لنا فيها ولا جمل)، فكلعربي داخل مصر وخارجها له مائة ناقة وألف جمل ومليون فرس في هذه الأحداث المتسارعةالتي يعيشها الشارع المصري.
خامئني الولي الفقيه الذي سحق ثورة الشباب في طهرانيبارك المظاهرات الشبابية في مصر .. حين تكون مرشدا أعلى فإنك لا ترى الناس الذينيعيشون في الأسفل!، قناة الجزيرة التي وقفت مع أحمدي نجاد ضد ثورة شباب إيران تحولتخلال أحداث مصر إلى الناطق الرسمي باسم حزب الإخوان المسلمين حيث يرفع المذيعونفيها راية الإسلام في أستديو ملاصق للقاعدة الأمريكية في قطر،وقلوبهم تدندن بكلمات أغنيةفرج عبدالكريم: (واقف على بابكم ولهان ومسير)، قناة العربية أنهكها البحث عنالتوازن حتى كادت أن تفقد توازنها حيث يرفع المذيعون فيها راية الحياد وقلوبهمتدندن بكلمات أغنية محمد عبده: (إن حكينا ندمنا وإن سكتنا قهر)، القنوات المصريةالخاصة تود لو كان بإمكانها أن تتوقف عن متابعة الأحداث لتعرض أغنية أم كلثوم: (أروح لمين!.
الرئيس مبارك يقول إن أوباما طيب للغاية ولا يفهم الثقافةالمصرية، وهي عبارة دبلوماسية ترجمتها بالعامية المصرية: (أنت عبيط ولا بتستعبط)،و أوباما الذي كان مدمنا للبلاك بيري قبل توليه الرئاسة يريد أن يدير سياسة العالمبالبرود كاست، أما زعماء ثورة الشباب في مصر فهم تويتر وفيس بوك ويوتوب وغوغل.. وهيأسماء غير معروفة لدى مباحث أمن الدولة، الإخوان المسلمون ينحازون لطبيعتهمالانتهازية ويحاولون أن يسرقوا ثورة الشباب كما فعل ملالي طهران خلال الثورةالإيرانية التي أسقطت الشاه.
الجيش المصري الذي يحكم البلاد منذ ستة عقود تحولإلى مجرد شاهد عيان، الشباب الذي كان الجميع يتهمهم بالسطحية يغيرون اليوم وجهالتاريخ، رجال الأمن الذين كانت طلتهم تثير الرعب في القلوب أصبحوا يتحدثون عنالديمقراطية وحقوق الإنسان أكثر من أعضاء منظمة العفو الدولية، الكل يبيع الحريةويوزع الديمقراطية بالمجان بعد فوات الأوان.
كلنا نعيش ونتنفس وننام في ميدانالتحرير ولا نعلم متى نعود إلى حياتنا الطبيعية .. وبين النوم واليقظة تهتف قلوبنا: تحيا مصر!.