عرض مشاركة واحدة
قديم 23-04-07, 10:08 am   رقم المشاركة : 15
صاحي و رايق
موقوف من قبل الأدارة






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : صاحي و رايق غير متواجد حالياً

واسودّ وجهه فجأة وهو يقول:
- أقسم وأنا لا أقسم إلا لماما أن ما تتمنينه لن يحصل، هي مجرد أيام يا "غدير" أيام فقطٌ بيننا..شعرت بالدوار ينتابها، كانت على الهاوية، على شفا حفرة من الجحيم...
استندت بجذعها على الأريكة لعل الرعدة تتوقف وتتوقف أنفاسها التي انتفضت...
وبعد جهد استنفرت حواسها وهي تضغط على مخارح ألفاظها بصعوبة:
- ط..طلقني، هذا أفضل لي و...لك أرجوك!!
وعادت لتبكي بتقطع...
عقد حاجبيه فبانت عيناه أكثر حدة، أشدّ قسوة:
- أتخالينني سأطلقك أو شيئاً من هذا القبيل يوماً ما؟!- ...............................
ضرب كفاً بكف وهو يعلق بجفاء:
- أنتِ واهمة يا عزيزتي، فهذا من آخر المستحيلات.
- ....................
- يبدو أنكِ لا تعين ما أقولهُ أبداً، حبكِ له أفقدكِ صوابك وحكمتك، تعالي واقتربي هنا لأسمعك!!
ترنحت في وقفتها وهي تهز رأسها بضعف...
- أنتِ لا تسهلين الأمر على نفسك!!! لا تضطرني إلى فعل شئٍ لا أريده. صرخ بتهديد.
- ع...ع-مر، عمر. نادته بألم.
- لا تنطقي اسمي على لسانك مرةً أخرى، أنتِ تثيرين اشمئزازي.
- ع..مـــر. وأخذت تشهق وهي تغطي وجهها بكفيها وقد جثت على الأرض.
وأراد أن يخطو للأمام ليقول شيئاً لكنهُ عاد ونكص وخرج من البيت بأكمله!!!وغاب القمر تلك الليلة......
دخلت "ندى" إلى المكتب وهي تسب وتشتم وتمسح جبينها المتصفد عرقاً، وما أن رأتها "أشجان" حتى هرعت إليها وهي تصيح:
- لماذا فعلتِ ذلك يا "ندى"؟!
- أف، ماذا فعلت!! ردت بنفاذ صبر وهي تلقي بنفسها على الكرسي وتغمض عينيها بقوة.
- المدير قلب المكتب على رأسي بحثاً عنكِ وقد اتصلتُ بكِ عدة مرات لكن دون جدوى.
- أوه نسيت أن أشحن البطارية. وضربت على جبينها بخفة وهي تردف بسرعة:
- ألديكِ شاحن الآن؟!
- أنتِ في مصيبة وتسألين عن الشاحن؟! سألتها بإستنكار.
- مصيبة!! أعوذُ بالله، ما هذا الفأل السئ، أنا لا أحب التشاؤم في....
ولم تكمل عبارتها إذ سرعان ما حولت بصرها إلى تلك الأصابع التي تدق على سطح الطاولة من الخلف بغطرسة.
رمشت عينيها ببراءة وهي تقول:
- السلام عليكم يا أستاذ..
- .............
- أنا ألقيت السلام فلي 69 حسنة، وإذا رددت أنت تحصل على حسنة واحدة فقط، ألا تريد حسنات!!!
قاطعها وهو يزمجر في وجهها بغضب:
- كيف تركتها لوحدها في الطريق؟!ازدردت ريقها وقد جفلت من نبرة صوته:- من تقصد؟!
- أقصد "جميلة" فلا تتغابي.."أنا غبية!!! ماذا عن اختبار "وكسلر" الذي طبقته على نفسي ونتج أني ذكية، من منهما الصادق؟! بالطبع الاختبار، إنهُ يريد أن يشكك في ذكائي ليس إلا هذا الغبي!!"واستجمعت شجاعتها وهي ترد عليه بإندفاع وقد لوت فمها:
- لقد كذبت علي، قلتُ لها منذُ البداية ادفعي ديناراً واحداً ثمن البنزين ووافقت، وحين أتممنا العمل أخرجت لي 500 فلس، تصور!! قالت لي إن هذا ما تملكه فقط تلك الكاذبة البخيلة...
- أتتركينها في الشارع وفي عز الظهيرة من أجل 500 فلس؟!!
شهقت بصوتٍ عالٍ وهي تقول:
- وهل تعتبرها قليلة!! من أين لي ثمن البنزين كل يوم؟! أنت لا تعطيني راتباً رغم كل ما أبذله من جهد ومشقة في العمل حتى أنكسر ظهري، ووالدي فقير، نحنُ فقراء، لا نملك مالاً كثيراً كالذي في محفظتك!! تريدني أن أسرق؟!!
تطلع إليها بصدمة ثم ما لبث أن أخرج محفظته من جيب بنطاله وهي تراقبه:
- خذي هذه الـ 500 فلس المتبقية.
صاحت بإستنكار:
- 500 فلس!! أريد ديناراً كاملاً، تخالني أخذتُ منها شيئاً، لقد ألقيتُ حفنة النقود التي أعطتني إياها من النافذة!!
وبان على وجهه عدم التصديق فردت بمراوغة:- أ..أ سأعطيها إياها بعد أن تعود، فمهما كان النقود نعمة من عند الله.
وتناولت منه الورقة الحمراء لتدسها في حقيبتها وهي تدافع عن نفسها بإيمان:
- لا تخالني مادية، أنا أكره النقود، إنها تحرق يدي!!
وابتسمت ابتسامةً عريضة...
نظر إليها من رأسها لأخمص قدميها وكأنهُ يقيم بعوضة فشعرت بالمهانة وابتلعت ابتسامتها.
- أين هي الآن؟!
ردت عليه والحقد يشعُ من عينيها:
- إنها بجانب محطة البنزين في منطقة "........" تشم رائحة البترول!!!
لم تبالي بنظرة الاستهجان التي اتسمت على وجهه وأردفت وعيناها تضيقان:
- ماذا أفعل لها؟! هي قالت لي أنها تحبُّ رائحته، أنت لا تعرفها مثلي، إنها من ذلك النوع المدمن على هذه الروائح، أحياناً أراها تجلب صمغاً وتشمّه وهي جالسة تحت الطاولة، أنا أخافُ منها، خذها مني نصيحة: أطردها وارتح منها.- حقاً!!! لقد قالت لي كلاماً آخر، قالت أنكِ هددتها إن لم تدفع ستلقينها إما في "الصخير" حيثُ لا أحد هناك أو ستلقين بها في المحطة المليئة بالعمال الهنود.
- أنا خفتُ على الجمال الموجودة في "الصخير" أن تموت عندما تركبها تلك السمينة ثم هي كاذبة فلا تسمع لها بل صدقني أنا. ردت بإنفعال.
- أنتِ لا جدوى منكِ إطلاقاً في أي شئ، هيا قومي معي لنجلبها.
- من؟! أنا!!
- أجل أنتِ.
ضربت على صدرها وهي تصيح:
- تريدني أن أذهب معك في السيارة لوحدنا؟!! لو علم والدي سيذبحني لا محالة، و "عمر" و "وليد" سيسلخان جلدي وسأصبح مشوهة...
وأخذت تتخيل شكلها بعد الذبح والسلخ فصرخت بلا شعور:
- كلا، كلا مستحيل، ليس أنا، ليس أنا.
وانتبهت لنفسها وهي تصرخ، وأخذت تتلفت حول المكان فرأت "أشجان" وهي تغطي وجهها بالملف المهتز بين يديها..تطلعت بإرتباك إلى المدير الذي كان يحدجها بنظرة شك وارتياب، فابتسمت له ببلاهة وهي تعلل بصوتٍ منخفض:
- كنتُ أقصد من هذا الكلام أنني من عائلة محافظة ليس إلا..
- بإمكانك أن تلحقيني بسيارتك.
- سيارتي نفذ منها البنزين، كم مرة قلتُ لك ذلك.
وأطبقت فمها وهي ترى وجهه يظلم فجأة فأطرقت للأرض بإستكانة...
- سأنتظرك بالأسفل. ردّ بحسم.
مطت شفتيها لفترة طويلة ثم زمته وهي تتابع طيفه الذي اختفى بسرعة..
تنهدت وهي تخاطب "أشجان":
- يا له من رجلٍ مريع!! الناس الآن باتت لا تبالي بالأخلاق!!
- وهل ستذهبين معه فعلاً؟!
- سأذهب، أتحسبينني أخافُ منه!! ردت بلا مبالاة.
ثم أخرجت مرآتها الصغيرة من حقيبتها وبعد أن استوثقت من منظرها زفرت وهمت بالإنصراف لكنها توقفت بعد بضع خطوات:- أشجان..
- نعم!!
- لديكِ رقم هاتفي؟!
- أجل.
- وتعرفين الطريق إلى منزلنا؟!
- أجل أعرف.
- أنا أرتدي الآن سلسلة فضية بإسمي في حال قُطعت جثتي.
- لا حول ولا قوة إلا بالله.ثم بدأ صوتها يتهدج:
- "أشجان" سلمي على أبي وأخوتي وقولي لهم أنني من حرقتُ القفص وهرّبتُ طيور الكناري!!!وبكت الفتاتان وهما تتعانقان وقد اندمجتا في تلك اللحظة المأساوية.
وتركتها "ندى" بعد أن حملتها الأمانات الثقال!!! وحين نزلت وجدتهُ ينتظرها، فركبت في المقعد الخلفي.أدار محرك سيارته مع أنغام "بحرين أف أم" فانتابها الذعر فصاحت:
- هيه أنت، أنا لا أسمع الأغاني الآن، لقد قاطعتها، من يسمعها لا يسمع ريح الجنة، لا أسمعها، لا أسمعهاااااااااااااااااا.
واستدار إلى الخلف وهو ينظر لها بإستنكار من هذا الزعيق المفاجئ..
وتمتم بشئٍ ما لم تسمعه وهو يوقف المسجل، فعادت لتستند على مقعدها وهي تتنهد بإرتياح، لكن السكون سرعان ما خيم حول المكان فاستفز حواسها، أخذت تتلفت في مكانها وهي تفتش عن جريدة، قصاصة ورق، أي شئ لكنها لم تجد أياً منهم، كانت السيارة نظيفة تماماً!!!حنت بجذعها إلى الأمام وهي تصيح بالقرب من أذنيه:
- حر، حر،حرررررررر، أنا لا أستحمل الحر، شغل المكيف، الكريمات التي وضعتها على وجهي قد سالت.
وأوقف مكابح سيارته فجأة حتى كادا يصطدمان بالسيارة التي تسير أمامهم..
تراجعت إلى الوراء بسرعة وهي تسمع صوت سبابه وكلماتٍ لم تسمعها قط في حياتها من قبل...
أغلقت إحدى عينيها وهي تتلقى صراخه كالرشاش:
- أنتِ ماذا أيتها الحمقاء الغبية؟! لقد كدتُ أرتكبُ حادثاً بسببك، ألا تعرفين أن تتحدثي بهدوء!!
مدت فمها بإستياء وهي تتأفف بصوتٍ منخفض:- ماذا كلامي لا يعجبكِ؟!ردت بتذمر:
- بل يعجبني، كل شئ يعجبني، العمل يعجبني، سيارتك تعجبني، "جميلة" تعجبني، الطريق يعجبني، كل شئ!!!
وهزّ رأسه بإستنكار وهو ينظر إليها من مرآة سيارته...فتحت حقيبتها وأخرجت لها "علكة" مضغتها بتأنٍ لعلها تهدأ، لكن العلكة تلكأت بين أسنانها وهي تتذكر حوادث اختطاف فتيات قرأتها في الجريدة عن أرباب العمل وبقي مصيرهن مجهولاً حتى اليوم...اختلست النظر إليه من المرآة لتستوثق من منظره، أيبدو من هؤلاء؟!وتخيلته بلحية كثة وشارب طويل ذكرها بمجرمي الأفلام الهندية التي تُدمن على مشاهدتها ليالي الخميس فارتاعت..أخذت بلا شعور تدق زجاج النافذة بقوة بأصابعها وهي تصيح:
- افتح النافذة، لا يجوز، سيدخل لنا الشيطان.
وبهت الرجل في مكانه، واستدار لها دون أن يوقف محرك سيارته وقد بدا وجهه محتقناً...
رد بصوتٍ مصرور وقد طفح الكيل منه:
- أنا الآن من سيفتح النافذة ولكن لألقيكِ منها أيتها الشيطانة المجنونة!!
- أنت "شِيطان سنداباد" الذي أراد قتل "شاروخان".... لا... مستحيل...
وأخذت تصيح بإنفعال فأوقف سيارته في زاويةٍ ما وهو في حيرةٍ كبيرةٍ من أمره..
"عمن تتحدث هذه المجنونة!!"
- تريدين أن أوقف لكِ سيارة "أجرة" كي تطمئني ؟!
- كلا.
- تريدين أن تخرجي من السيارة؟
- كلا.
- تريدين أن أتصل بذويكِ؟!
- كلا.
- ماذا تريدين إذاً؟!
- سُق بسرعة كي نصل.
قالت ذلك وهي تمسح دموعها بطرف خمارها، فعاد ليقود والصدمة تعلو وجهه من تصرفاتها الغريبة، إنها ليست طبيعية البتة!!!
- هيه، أنت!! نادته بحدة.
وشعر بالخوف لأول مرة منذ أن ركبت معه.
- إذا وصلنا إلى هناك فلا أريدها أن تجلس بجانبي، دعها تجلس بجانبك أنت!!وزمت فمها بتكبر وهي تعقد ذراعيها وتنظر للنافذة وكأن شيئاً لم يكن...
"غير معقول..غير معقول!!!!!" ردد في نفسه.
تقلبت "شيماء" على فراشها وهي تضغط بوسادتها الأثيرية على رأسها علها تبعد طيف أسئلته المحرجة الذي ما فتأ يسألها عنها ظهر هذا اليوم....ورغم ممانعتها إلا أنهُ ألح وأصر بحجة أن العلاج يقتضي ذلك!! كم كرهته تلك اللحظة وشعرت بالمقت ناحيته...
وحين سلمته ظرف الأشعة وفحوصات الأطباء السابقة تعمد أن يمسك يدها، أجل لم تكن بالصدفة، كان يقصدُ ذلك وعيناهُ الخبيثتان تشهدان بذلك....كيف يجرؤ على ذلك، كيف؟!!!
لن أذهب إليه أبداً مرةً أخرى، أبداً، أنا لا يهمني الأطفال، لا يهمني إلا ناصر....ولكن!!!!!و دفنت رأسها في وسادتها بعد أن أرخت قبضتيها و بكت بصمت....
.
.
.
.
.اشتعالات لم تهدأ بعد
و حنين بين حب و غدر
و جنون لم يعد له طاقهـ ..
متى تتساقط أقنعة الحقيقه؟
متى ترتوي روح ظامئه ؟
متى تشتعل تلك الشمعهـ ؟

إلهــــــــي...
تركتُ الخلق طراً في هـــــــواك
وأيتمتُ العيال لكي أراك
فلو قطعتني بالحبِّ إرب
لما مال الفؤادُ إلى ســــــــــواك{في القلب عرشكيا سيدي، يا "حسين"}







رد مع اقتباس