عرض مشاركة واحدة
قديم 17-09-08, 08:26 am   رقم المشاركة : 7
قلب أبيض
المشرف العام
 
الصورة الرمزية قلب أبيض






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : قلب أبيض غير متواجد حالياً

[align=center]



تفضلي هذا




الآية الخامسة والعشرون :

قوله تعالى : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون }

فيها ثلاث مسائل : [ ص: 364 ]

المسألة الأولى : في سبب نزولها : روي أن { النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه , فقرأ أناس من خلفه , فنزلت هذه الآية : { وإذا قرئ القرآن } ; فسكت الناس خلفه , وقرأ رسول الله . }

المسألة الثانية : روى الأئمة : مالك , وأبو داود , والنسائي عن أبي هريرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة , فقال : هل قرأ أحد منكم معي آنفا ؟ فقال رجل , نعم , يا رسول الله . فقال : إني أقول : ما لي أنازع القرآن ؟ قال : فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله من الصلوات بالقراءة , حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم . }

وروى مسلم عن عمران بن حصين قال : { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا صلاة الظهر أو العصر , فقال : وأيكم قرأ خلفي بسبح اسم ربك الأعلى ؟ فقال رجل : أنا . فقال رسول الله : قد علمت أن بعضكم خالجنيها } .

وروى الترمذي وأبو داود عن عبادة بن الصامت قال : { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح , فثقلت عليه القراءة , فلما انصرف قال : إني لا أراكم تقرءون وراء إمامكم . قال : قلنا : يا رسول الله ; إي والله . قال : فلا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها } . [ ص: 365 ]

وقد روى الناس في قراءة المأموم خلف الإمام بفاتحة الكتاب أحاديث كثيرة , أعظمهم في ذلك اهتبالا الدارقطني .

وقد جمع البخاري في ذلك جزءا , وكان رأيه قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية , وهي إحدى روايات مالك , وهو اختيار الشافعي .

وقد روى مالك وغيره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج , فهي خداج , فهي خداج , غير تمام . فقلت : يا أبا هريرة ; إني أحيانا أكون وراء الإمام , فغمز ذراعي , وقال : اقرأ بها يا فارسي في نفسك , فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين , فنصفها لي , ونصفها لعبدي , ولعبدي ما سأل . قال رسول الله : اقرءوا , يقول العبد : الحمد لله رب العالمين يقول الله : حمدني عبدي . يقول العبد : الرحمن الرحيم . يقول الله : أثنى علي عبدي . يقول العبد : مالك يوم الدين . يقول الله : مجدني عبدي . يقول العبد : إياك نعبد وإياك نستعين , فهذه الآية بيني وبين عبدي , ولعبدي ما سأل . يقول العبد : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . فهؤلاء لعبدي , ولعبدي ما سأل } . [ ص: 366 ]

وقد اختلفت في ذلك الآثار عن الصحابة والتابعين اختلافا متباينا فروي عن زيد بن أسلم { أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ينهون عن القراءة خلف الإمام . }

وقد روي عن ابن مسعود أنه صلى بأصحابه فقرأ قوم خلفه , فقال : ما لكم لا تعقلون ؟ { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون } .

وقد قال أبو هريرة : نزلت الآية في الصلاة . وقيل : كانوا يتكلمون في الصلاة , فنزلت الآية في النهي عن ذلك .

وروي أن فتى كان يقرأ خلف النبي صلى الله عليه وسلم فيما قرأ فيه النبي , فأنزل الله الآية فيه .

وقال مجاهد : نزلت في خطبة الجمعة ; وهو قول ضعيف ; لأن القرآن فيها قليل , والإنصات واجب في جميعها .

وقد روي أن عبادة بن الصامت قرأ بها , وسئل عن ذلك , فقال : لا صلاة إلا بها . وأصح منه قول جابر : لا يقرأ بها خلف الإمام خرجه مالك في الموطإ .

وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إنما جعل الإمام ليؤتم به , فإذا ركع فاركعوا , وإذا سجد فاسجدوا , وإذا قرأ فأنصتوا } ; وهذا نص لا مطعن فيه , يعضده القرآن والسنة , وقد غمزه الدارقطني بما لا يقدح فيه .

المسألة الثالثة : الأحاديث في ذلك كثيرة قد أشرنا إلى بعضها , وذكرنا نبذا منها , والترجيح أولى ما اتبع فيها . [ ص: 367 ]

والذي نرجحه وجوب القراءة في الإسرار لعموم الأخبار .

وأما الجهر فلا سبيل إلى القراءة فيه لثلاثة أوجه : أحدها : أنه عمل أهل المدينة .

الثاني : أنه حكم القرآن قال الله سبحانه : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } . وقد عضدته السنة بحديثين : أحدهما : حديث عمران بن حصين : { قد علمت أن بعضكم خالجنيها } .

الثاني : قوله : " وإذا قرأ فأنصتوا " .

الوجه الثالث : في الترجيح : إن القراءة مع جهر الإمام لا سبيل إليها فمتى يقرأ ؟ فإن قيل : يقرأ في سكتة الإمام .

قلنا : السكوت لا يلزم الإمام فكيف يركب فرض على ما ليس بفرض , لا سيما وقد وجدنا وجها للقراءة مع الجهر , وهي قراءة القلب بالتدبر والتفكر , وهذا نظام القرآن والحديث , وحفظ العبادة , ومراعاة السنة , وعمل بالترجيح والله أعلم ; وهو المراد بقوله تعالى : { واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين } . وهي :

الآية السادسة والعشرون فقوله : { في نفسك } يعني صلاة الجهر . وقوله : { ودون الجهر من القول } يعني صلاة السر فإنه يسمع فيه نفسه ومن يليه قليلا بحركة اللسان .

فإن قيل : فقد قال بعض الشافعية : إنما خرجت الآية على سبب ; وهو أن قوما كانوا يكثرون اللغط في قراءة رسول الله , ويمنعون من استماع الأحداث لهم , كما قال تعالى : { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } , فأمر المسلمين بالإنصات حالة أداء الوحي , ليكون على خلاف حال الكفار .

قلنا : عنه جوابان : [ ص: 368 ] أحدهما : أن هذا لم يصح سنده ; فلا ينفع معتمده .

الثاني : أن سبب الآية والحديث إذا كان خاصا لا يمنع من التعلق بظاهره إذا كان عاما مستقلا بنفسه , وبالجملة فليس للبخاري ولا للشافعية كلام ينفع بعدما رجحنا به واحتججنا بمنصوصه , وقد مهدنا القول في مسائل الخلاف تمهيدا يسكن كل جأش نافر . [/align]







رد مع اقتباس