عاشق .. ماذا لو كنتُ الطفل الناجي ..؟! وماذا لو لم أزر بيروت أصلا ؟ ولم أركب عبارة السلام .. ولم أحجز على تلك الأرض .. أعرف ياصديقي أني لم أقترب من الموت كفاية .. أعرف أن مقبض الموت حار .. أعرف أن الموت يسير مع الكثير على جنبات الطرق وفي المقاهي .. يعبر فوق رؤوس المصلين يختار أحدهم ساجدا .. يعبر من أزقة الشوارع متعطرا .. يترك المعارك في بعض الأحيان لأن له موعد داخل إحدى الحفلات ... أدرك أن مزية حضوره مخيفة .. أدرك أني جبان جبان جبان بما فيه الكفاية لأقترب منه .. أدرك أن بين حضوري ووقوع الكارثة مئات ماتوا في أماكن أخرى .. أدرك أنه ينتظر على حافة الرحم ينتظر خروج مولود ليقبضه .. أدرك أن نساء هنا قرأن الموضوع وقف الموت بين أرجلهن وعلى صدورهن .. أدرك أن رجالا هنا قرؤوا الموضوع قابلوا الموت وصافحوه ثم رحل دون أن يوقع لهم على كعب التذكرة موعد عودته .. أدرك أني جبان لأقترب منه ليس لأني أخافه ... لكن لأن لدي أشياء لم أنجزها بعد .. أريد أن أقبل رأس أمي .. وألثم طفلة .. لدي موعد مع الله بعد خمسة أشهر .. سأذهب له هناك .. أريد أن أعترف له بأشياء أستحي أن أقولها دون أن أرتب لذاك الموعد .. بعد ما أنجز أيضا بعض الأشياء الخاصة سأكون شجاعا لأقول لكم هنا .. أني أجبن رجل عَبَرَ هذه الحياة لأني لم أستحملها فاخترت الموت ثقة بالله .. ممنون بمرورك عزيزي وأهلا بالعاشق وكلمته ..
" حين تصرخ في أذني لا أسمعك جيدًا "