المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كرة القدم شعبها مليارات .. و السياسيون فيها لاعبون !!


الحياااااادي
13-06-06, 09:32 pm
عندما فازت فرنسا بكأس العالم عام 1998 ارتسمت صورة بطلق الفريق زين الدين زيدان الجزائري الأصل على جدران
قوس النصر في أعلى جادة الشانزلزيه و هو المكان الرمز الذي لا يعلى عليه، و حيا جاك شيراك رئيس الجمهورية نجم
المنتخب زيدان، و ذاع صيت حي المهاجرين الجزائريين في ضواحي مرسيليا – الحي الذي ولد فيه زيدان – و للحظة
اختفى ما صنع الحداد بين الفرنسيين و الجزائريين، و بدا الاحتفال بزين الدين زيدان على أنه اعتراف من الأولين بجدارة
الآخرين، و بدت فرنسا كما هي حقاً متنوعة و معقدة و متناقضة، قادرة على الجمع بين الأنوار و الاستعمار، بين عشق
المساواة و التعالي العنصري، و ربما كان يلزم لانكشاف هذا القدر من التشابك النصر في مباراة لكأس العالم.

و في مباراة بين المغرب و الجزائر في بطولة كأس الأمم الأفريقية وقعت اشتباكات بين المشجعين، و سقط جرحى و
حدثت إصابات عنيفة، و كان ذلك من آثار خلاف سياسي قديم عرف بقضية الصحراء.

و في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة التي استضافتها مصر جلس السفير البريطاني في القاهرة على مدرجات الدرجة
الأولى في إستاد القاهرة مع قرينته السيدة نادية يوسف جوهر المصرية، و أمسك بعلم مصر ملوحاً به في مباراة
المنتخب مع السنغال في المباراة النهائية بين مصر و كوت ديفوار، و زاد بأنه راهن نظيره في أبيدجان على النتيجة،
حيث اختار سفير الولايات المتحدة في القاهرة منتخب مصر للفوز باللقب، بينما وقع اختيار السفير الأمريكي في كوت
ديفوار على منتخب الأفيال !

و أثناء بطولة كأس الأمم الأفريقية نشرت وكالات الأنباء صوراً و تقارير من كوت ديفوار عن الهدنة المؤقتة التي عاشها
هذا البلد الأفريقي من ويلات الحرب الأهلية بسبب المباراة النهائية !

• "فورزا إيطاليا" شعار المنتخب استخدمه رئيس الوزراء عندما أسس حزبه !
• أعظم ظواهر المجد الأرجنتيني .. استخدام كرة القدم لإهانة الطبقة الحاكمة !
• كيف فسرت وزارة الخارجية الأمريكية أحداث شغب وقعت في الدوري الليبي ؟!

لا شك أن كرة القدم لها مدلولها السياسي، و على مدى تاريخها شهدت اللعبة مظاهر وطنية عكست الانتماء و الولاء
و حب الوطن، و كم كان الجمهور المصري رائعاً و معبراً عن حبه لبلاده بالتفافه غير المسبوق حول المنتخب في كأس
الأمم الأفريقية، و كان من المشاهد اليومية أن ترى علم مصر في كل يد و على كل سيارة و بيت و شرفة و مصنع و
طريق، حتى بائع بسيط يحتكر بضعة أمتار على طريق مصر الإسكندرية الصحراوي وقف في منطقة نائية بعربة يضع
فوقها إناء يحتفظ بدرجة حرارة الفول، و قد زين أعلى العربة بعلم مصر!

داس إست بلوميناو
أثناء مونديال كوريا و اليابان عكست مدينة صغيرة في البرازيل فكرة الانتماء و الولاء للوطن، عندما لعبت البرازيل مع
ألمانيا المباراة النهائية، داس إست بلوميناو ( و تعني هنا بلوميناو )، يافطة عريضة تستقبلك على مدخل بلوميناو و
المدينة السياحية الألمانية التي يقدر عدد سكانها بـ250 آلاف نسمة و الموجودة في ولاية سانتا كاتارينا جنوب البرازيل
و تقع المدينة في مساحات خضراء وسط مناظر طبيعية خلابة بالقرب من نهر ايتاجاي أسو، و تتميز بمنازلها الجميلة و
معظم سكانها جذورهم ألمانية.

و لكن يكن أحد ينتظر من سكان هذه المدينة الهادئة أن يلتقي منتخبا البرازيل و ألمانيا في النهائي، لكن السؤال الذي
طرح نفسه بإلحاح هو: هل سيؤازر القاطنون في هذه المدينة المنتخب الألماني أم البرازيلي ؟

بالنسبة إلى البعض فإن هذا السؤال لم يكن مطروحاً، و قالت أيرين هوشر -39 عاما التي تعمل موظفة في بلدية
المدينة لدى سؤالها عن ميلوها باستغراب: ( قد تكون اللكنة هنا ألمانية، لكن القلب برازيلي بالتأكيد )، و أضافت: ( قد
تجدون حفنة من الأنصار الحقيقيين للمنتخب الألماني خصوصاً في الأرياف كما هي الحال في مدينة بومرود ( 20 كلم
عن بلوميناو ) لأنهم لا يزالون متشبثين بجذورهم ).

و أشارت إلى أنه بالإضافة إلى متابعة جميع السكان مباريات المنتخب البرازيلي في البطولة الحالية، فإنهم اهتموا
أيضاً بمشاهدة مباراة ألمانيا و كوريا الجنوبية في الدور قبل النهائي. أما البعض الآخر من سكان المدينة فقد اعتبروا
أنه بغض النظر عن هوية الفائز في المباراة النهائية فإنهم سيحتفلون، و قال أحدهم: ( سنقيم حفلة إذا فازت البرازيل
أو ألمانيا ). و كما هي الحال في معظم المدن البرازيلية، فإن الأعلام الوطنية رفرفت على نوافذ المنازل و المحال
التجارية بالإضافة إلى بالونات تحمل اللونين الأصفر و الأخضر و يافطات.

و وضعت في الساحة العامة للمدينة شاشة ضخمة لمتابعة المباراة النهائية، و ذلك على الرغم من حرارة الطقس
المتدنية ( بين 7 و 10 درجات مئوية ) في لقاء قد ينتهي بإحراز البرازيل لقبها الخامس (رقم قياسي) أو ألمانيا لقبها
الرابع.

و مؤسس المدينة هو الطبيب و الصيدلي و الفيلسوف الألماني هرمنا برونو اوتو بولميناو، و ذلك عندما توجه إليها
عام 1850 بصحبة 17 مهاجراً ألمانياً و حصل على قطعة أرض من الحكومة المحلية. و علقت صورة ضخمة لبلوميناو
في الساحة الرئيسية للمدينة إلى جانب شعارها ( الأسد ) و هو شعار مسقط رأس بلوميناو في مدينة براونشفايج
الألمانية.


يوم انتصار البروليتاريا
عقب المباراة الافتتاحية في مونديال كوريا و اليابان بين السنغال و فرنسا التي انتهت بفوز الفريق الأفريقي، كان
المشهد غريباً لرجل يقف بجلبابه السنغالي الشهير أمام عدسات المصورين و هو يمسك بديك يرمز إلى المنتخب
الفرنسي من عنقه، مداعباً أو موحياً بأنه ( يخنقه ) بعد فوز منتخب بلاده الأفريقي على فرنسا ( حاملة اللقب ) في
افتتاح مونديال 2002 في كوريا و اليابان، فهذه الابتسامة التي غلف بها السنغالي وجهه في اللحظة التي يتوقف فيها
الزمن جزءاً من الثانية لتسجله الكاميرا، لم يخف بها فعلته و صنعته كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في الشعوب،
فكلما ازداد فقر البلاد أو القهر السياسي زادت أهمية اللعبة، فهي البديل للأحزاب الغائبة في الشارع السياسي،
فيكون الانتماء إلى فريق تعويضاً عن الانتماء إلى حزب، أو فرصة لإبداء الرأي في الوضع الاقتصادي بصرخة ضد حكم أو
هتاف غير لائق ضد فريق، باعتبار أن ساحة الملعب تسمح بالغضب و الانفلات، و ربما لا تتغير نتائج كأس العالم شيئاً
في السويد أو أمريكا أو فرنسا التي فقدت لقبها في أكبر مفاجآت مونديال الشرق الأقصى، لكن كرة القدم و نتائجها
في السنغال أو إيران أو العراق تفعلان الكثير، فقد يكون الهدف انتصاراً حضارياً، أو هزيمة للشيطان، و لعل ذلك ما
يفسر تصريحات أدلى بها لاعبو السنغال و جماهيرهم بعد الفوز على فرنسا في افتتاح كأس العالم، و لخصه المدرب
برونو ميتسو حين قال: ( إن مباراتنا مع فرنسا كانت مواجهة بين البروليتاريا ( عامة الشعب ) و النبلاء )!




لقد أتاحت ساحة مغطاة بعشب أخصر جميل، تحيط بها مدرجات مزدحمة الفرصة لكي يهتف الآلاف من الناس لفريق
أو ضد فريق، و يصرخون، و يفرحون، و يتألمون، و يهاجمون مندوب العدالة ( الحكم ) الذي كان يرتدي زياً أسود ثم
تعددت ألوانه، و هذا الصراخ و الهتاف و الانفعال يعود بالبشرية إلى الوراء آلاف السنين، إلى عصر حلبات المصارعة
الإغريقية التي كان يتبارز فيها مصارعان بالسيف و الدرع أمام القيصر، و تنتهي المباراة بفوز أحدهما و مقتل الآخر !



الحرب على العراق و الدوري الألماني !
في عام 2003 عندما بدأ حرب العراق، نشرت مجلة ( دي فيلت ) الألمانية مقالاً جاء فيه ( إن 99 بالوناً أبيض أطلقها
في الفضاء لاعبو بريمن قبل بدء المباراة مع هانوفر بلحظات تعبيراً عن تطلعهم إلى السلام ) .. و هي إشارة تفاعل
الجمهور معها و فهمها كدعوة للسلام في زمن الحرب، و الواقع أن سائر مباريات الدوري الألماني كانت مهددة في
هذا اليوم بالإلغاء بسبب المزاج السيئ الذي فرضته أجواء الحرب على اللاعبين، و بدأ ذلك في هامبورج في اليوم
الذي سبق المباراة حين فقد اللاعبون شهيتهم للكرة بعد أن شاهدوا صور القصف الجوي لمدينة بغداد، و نزل ذلك
كالصاعقة في سيرجي بارباريز الذي يعرف ما عانته عائلته البوسنية من آلام عام 1992 حينما اندلعت حرب البلقان،
و تحدثت إدارة النادي مع كابتن الفريق نيكوفان هوجما و تهاتف رئيس النادي بريند هوفمان مع مدير بايرن ميونخ أولي
هوينيس ليستشيره في الأمر، و قال هوينيس في حديثه الهاتفي مع رئيس الدوري فيرنر هاكمان: ( أليس من الأفضل
لو ألغينا جميع المباريات ؟ .. )، إلا أن الإتحاد الألماني لكرة القدم استخدم حق الفيتو ليفرض على النادي خوض
المباريات في ذلك اليوم الأسود، و يعلل الإتحاد بأن ألمانيا ستكون البلد الوحيد في أوروبا الذي يرفع البطاقة الحمراء
في وجه الدوري بسبب الحرب.






و قد أقيمت مباريات الدوري في اليوم المقرر إلا أن هذا اليوم لم يكن طبيعياً، و شهدت بعض المباريات أشياء و مواقف
لا يمكن تفسيرها على أساس كرة القدم أكثر مما يمكن تفسيرها على أساس الوضع السياسي الدولي، حيث لم
تشهد الملاعب أي طرد، و هي حالة فريدة في نوعها، لكن الأبرز منها هو الرقم القياسي لانخفاض عدد الأهداف،
فقد سجل 11 هدفاً فقط، و كان لهذا العدد أن ينخفض إلى تسعة لولا تسجيل لاعبين هدفين كل في مرمى فريقه!






و الواقع أن كرة القدم باتت في حياة الشعوب بحجم الكرة الأرضية، و أصبحت نتائجها تمس كبرياء الأمة، و تحولت من
مجرد لعبة إلى ظاهرة سياسية و اجتماعية عالمية، و تعدت كرة القدم حدود الساحة الخضراء، و عكست كل أشكال
الصراع، و جسدت تقسيماً شاع في نهاية القرن العشرين، و هو الشمال الغني و الجنوب الفقير، بكل ما يحمله الغني
في قلبه و عقله من تعالٍ، و غرور، و ثقافة، و بكل ما يحمله الفقير في قلبه و عقله من تغاضٍ، و صمت، و صبر، و
جهل في مواجهة الأول !






في الأول من يناير 1914 كانت مجموعة من الجنود البريطانيين و الحلفاء تواجه فرقة ألمانية معادية في خنادق تفصل
بينها الجثث، و وضع الجنود أسلحتهم و خاضوا واحدة من أشهر المباريات في التاريخ و فاز الألمان 3/2، و في اليوم
التالي تبادل الفريقان القتال، فهل هناك أغرب أو أعجب من ذلك ؟!


• مباراة كرة قدم بين الحلفاء و الألمان .. و بعدها قتال !
• ماذا قال هتلر لوزير إعلامه عندما خسرت ألمانيا مباراة أمام سويسرا ؟!



تاريخ الدم بين كوريا و اليابان !
بينما كان العالم يتذكر ما كتبه الأمريكي صامويل هانتجتون في منتصف الثمانينات عن صدام الحضارات بعد أحداث 11
سبتمبر و تحطم الكبرياء الأمريكي، ها هو العالم نفسه عاش شهراً كاملاً التقت خلاله و اتصلت الحضارات، و لو قدر
لمصور عبقري أن يلتقط صورة كونية يجسد فيها كل مشاهد و أحداث مونديال 2002 في كوريا و اليابان، و ساعده الزمن
بالتوقف، فسوف تسجل عدسته لحظة يلعب فيها العالم ببهجة و استمتاع هناك بعيداً في الشرق الأقصى، و مما لا
شك فيه أن الوجه الجميل في كرة القدم هو الذي دفع السياسي السويدي لارس جوستافسون عام 2001 إلى
ترشيح اللعبة للفوز بجائرة نوبل للسلام، و لم تكن تلك مداعبة، ففي تاريخ الرياضة و كرة القدم مشاهد تؤكد قدرتها
على إزالة الخلافات و تقري المسافات بين الشعوب، و أقرب المشاهد بالترتيب الزمني ما حققه المونديال الأخير،
فقد أزال تاريخاً من العنف و الدم بين كوريا و اليابان منذ غزو الإمبراطورية اليابانية شبه الجزيرة الكورية عام 1867 و حتى
نهاية الحرب العالمية الثانية !





و كرة القدم أصبحت مركز قوة عالمياً بجماهيرها و شعبها، و شعبيتها، و أموالها، و بهذا الجنون بها، و لذلك حرمت
شعب كوريا على سبيل المثال من أشهى أطعمته، و هو لحم الكلاب بقرار من الإتحاد الدولي الذي منع تقديم و بيع
لحم الكلاب طوال فترة كأس العالم، فأي قوة تستطيع أن تحرم شعباً من طعامه المفضل و من أي أتت تلك القوة ؟!

إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم منح كوريا و اليابان ما لم يمنحه لغيرهما من قبل، و هو تأليف نشيد للبطولة قامت
بإعداده شركة ( سوني )، و تضمن النشيد مقطوعات موسيقية من الدولي المشاركة، بجانب موسيقى الدولتين
المضيفتين، و ألف النشيد الموسيقار الشهير فانجليز، و هي المرة الأولى التي يكون فيها للمونديال نشيد و قد
شاركت فيه الطويل الآسيوي، و أصوات الكما و التشيلو و الفيولون سيل، كما غنت الأمريكية أنستاسيا أغنية ( بووم )
التي تعني ازدهاراً، و هو العنوان الرسمي لأغنية البطولة، لكن هل كان المقصود من فكرة النشيد الأول في تاريخ
كأس العالم الإيحاء بأن كرة القدم أصبحت وطناً ؟!

و في تصفيات كأس العالم الأخيرة و المؤهلة إلى ألمانيا وقعت مفاجآت في إسرائيل، حيث هتفت جماهير اللعبة
للاعب عربي هو عباس صوان، حين سجل صوان هدفاً في مرمى منتخب أيرلندا ليتعادل الفريقان بعد أن كان الفريق
الأيرلندي فائزاً حتى الدقائق الأخيرة بهدف، و يومها هللت الصحف الإسرائيلية لعباس صوان، و هو من عرب إسرائيل
الذين لم يهاجروا عند إعلان دولتها عام 1948، و كان عددهم 160 ألف عربي، و أصبحوا الآن مليوناً و 200 ألف، و هم
يحملون الجنسية الإسرائيلية و يمثلون 17% من سكان إسرائيل، و عندما سجل صوان هدفه نشرت صحيفة ( هيرالد
تريبيون ) في صفحتها الأولى أن هذا الهدف يجعل إسرائيل تتوقف عن اضطهاد العرب ؟!


( شوط القربان ) للفرعون المصري !
و قد امتزجت الرياضة بالسياسة منذ الأزل، و ربما في مرحلة ما قبل الميلاد، ففي مصر القديمة الفرعونية في بعض
مقابر بني حسن في محافظة المنيا، رسوم تشير إلى ممارسة المصري القديم المصارعة و الملاكمة، و السباحة،
و اهتم قدماء المصريين بالرياضة للصحة و القوة، و كان من أسس اختيار الفراعنة قبل توليهم الحكم أنم يقطعوا جرياً
شوطاً سموه ( شوط القربان ) و عني بعضهم بتسجيل هذه الأشواط على جدران معابدهم و منهم زوسر مؤسس
الأسرة الثالثة، و هناك لوحة تعد أقدم أثر رياضي، توضح احتفال زوسر بمرور 30 سنة على تتويجه على جدران معبد
هرم زوسر في سقارة، بل إن هيرودوت ( أو التاريخ ) كتب عام 448 قبل الميلاد عند زيارته إلى مصر: ( عندما زرت مصر
وجدت هناك لعبة تسمى لعبة الكرة، يصنعها المصريون من جلد الماعز، و يحشونها بالقطن أو القش، و يركلها اللاعبون
بالأقدام بين فريقين يتنافسان حتى تصل الكرة إلى نقطة نهاية لتحتسب هدفاً ).




و مع الاحتلال البريطاني عام 1882، كانت مصر تحت حكم الخديوي عباس حلمي الثاني، و كانت لعبة كرة القدم قد
بدأت في الانتشار من خلال جنود الاحتلال، و استخدمت اللعبة للتعبير عن رفض الاحتلال بصورة أو بأخرى، فقد تأسس
أول فريق مصري عام 1895، و أطلق عليه المصريون ( فرقة ناشد )، نسبة إلى مؤسسه محمد أفندي ناشد، و لعب
هذا الفريق باسم مصر ضد فرق الجيش الإنجليزي، و كانت انتصاراته تتحول إلى مظاهرات وطنية، و جاءت أول محاولة
لتنظيم نشاط كرة القدم عندما أسندت إلى محمد زغلول باشا وكيل وزارة المواصلات مسئولية الإشراف على نشاط
اللعبة و إنشاء فرق في المدارسة الأميرية، مثل السعيدية و التوفيقية و الخديوية في القاهرة، و رأس التين، و إبراهيم
الأول، و سعيد الأول في الإسكندرية، و ظلت اللعبة مقصورة على المدارس و الأحياء، و بدأت الأندية في الظهور مطلع
القرن العشرين، و أولها نادي هوكي بولاق الذي تأسس عام 1903، و أصبح فيما بعد السكة الحديد، و نادي الموظفين
في الإسكندرية الذي تأسس عام 1905، و أصبح فيما بعد الأوليمبي، ثم النادي الأهلي الذي تأسس عام 1907، و
الزمالك الذي تأسس عام 1911، و شهدت مصر إنشاء أندية أخرى، و كانت للموظفين و كبار رجال الدولة، مثل الجزيرة
و المعادي، و هليوبوليس، و سبورتنج و غيرها، و سيطرت الشخصيات الأجنبية على إدارات معظم هذه الأندية
باستثناء الأهلي، و عرفت مصر أول كأس رسمية لكرة القدم عام 1913 عندما قدمت جريدة ( الأمبرزيالي ) كأساً
باسمها في مسابقة اشتركت فيها فرق الجاليات الأجنبية في القاهرة و الإسكندرية، و استمرت المسابقة موسماً
واحداً و فاز بها نادي هوكي بولاق.

و مصر في مطلع القرن العشرين كانت فخورة بحركتها الوطنية، و تواصل رسالتها حاملة لواء العلم و الحضارة و الثقافة،
و كانت القاهرة تلقب ببارس الشرق في ذلك الوقت، و عدد سكانها لا يزيد على 700 ألف، و عدد سكان مصر 11 مليوناً.

و نعود إلى مطلع القرن العشرين، و بداية ولادة الحركة الرياضية المصرية التي قامت على الهواية الخاصة، و أن العقل
السليم في الجسم السليم، و أن الرياضة صحة و قوة و نشاط، و قد ولدت على يد الأجنبي أنجلو بولاناكي الذي اختير
ممثلاً لمصر في اللجنة الأوليمبية الدولية، ثم أسس الاتحاد المختلط عام 1910 للإشراف على إدارة الرياضة المصرية،
و كان مقر هذا الاتحاد في الإسكندرية.

و في عام 1916 استطاعت بعض العناصر المصرية أن تجمع فريقاً من المصريين ليلعب بإسم منتخ مصر أمام منتخب
الجيش الإنجليزي، و فاز الفريق المصري 4/2، و في 11 سبتمبر من العام نفسه اجتمع مندوبو 50 نادياً مصرياً و
ممثلون عن القوات البريطانية لإنشاء اتحاد ينظم مسابقات كرة القدم في القطر المصري، و كانت أول مسابقة ينظمها
الاتحاد هي الكأس السلطانية المهداة من السلطان حسين.

في 5 سبتمبر 1919 نشرت مجلة ( الشرق ) ما يلي: ( الرجاء التنازل بحضور الجلة الأولى التي ستعقد يوم الثلاثاء 16
الجاري في الساعة السابع مساء في مكتب سعادة أحمد لطفي بك المحامي في ميدان الأوبرا في القاهرة للنظر و
المناقشة في تأسيس اتحاد رياضي فرعي للاعبي كرة القدم، و أملنا وطيد في تلبية الدعوة ).. التوقع إبراهيم علام
و حسين حجازي.

و كانت تلك واحدة من حملات بدء تمصير الرياضة المصرية التي عانت سطوة و نفوذ الأجانب، و في مطلع العشرينيات
شهدت الحركة الرياضية عملية تمصير شملت كل الاتحادات، لكن الرياضة ظلت كما هي و من عرفها المصريون في
نهاية القرن التاسع عشر، مجرد نشاط يمارسه القلة في أندية معظمها تخضع لإدارات أجنبية.


كرة القدم رمز للفوضى !
و مع تعاظم أهمية كرة القدم و دورها و تأثيرها و سحرها على الشعوب، أصبحت ورقة من أوراق رجال السياسة التي
يلعبون بها للوصول إلى الحكم أو تعزيزه، أو باعتبارها وسيلة من الوسائل التي تقرب خطوط الاتصال مع الشعوب التي
هي الجماهير!




و يقول الكاتب الأمريكي سيون كوبر في نيويورك تايمز: ( كرة القدم ظاهرة، لها مدلولها السياسي، و هي رمز للفوضى
و حكم الأقلية و هي تؤدي إلى إسقاط سياسيين و انتخاب رؤساء، و تحدد الطريقة التي يفكر بها الناس تجاه بلادهم ).




و قال: ( في عام 1986 اشترى الملياردير و رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني نادي إي سي ميلان و أسس
بيرلسكوني حزبه السياسي ( فورزا إيطالي ) و هو شعار كروي يعني إلى الأمام يا إيطاليا، و أطلق على مرشحي
الحزب اسم ( الزرق )، و هو نفس ما يطلق على لاعبي المنتخب الإيطالي، و في النمسا قرر اليميني يورج هايدر
تحسين صورته برئاسة نادي كارنثن، و في البرازيل يرتدي السياسيون فانيلات فرقهم في حملاتهم الانتخابية، فكرة
القدم هي التي جعلت للبرازيل اسماً عالمياً مدوياً ).

و في الأرجنتين اشترى مارشيو ماكري فريق بوكا جونيورز، أفضل أندية أمريكا الجنوبية، و يفكر الآن في منصب محافظ
بيونس آيريس، ثم تولى منصباً سياسياً بعد الأزمة الأرجنتينية الطاحنة الأخيرة، و خلال تلك الأزمة التي شهدت ثورة
الطبقة المتوسطة و انهيار العملة اندلعت المظاهرات، و خلالها ارتدى المتظاهرون فانيلات المنتخب الأرجنتيني التي
كتبوا عليها ( باستا ) أي يكفي، و أعظم ظواهر المجد الأرجنتيني و هي كرة القدم استخدمت لإهانة الطبقة الحاكمة.



موسوليني لفريقه: الفوز أو الموت!
و هناك معلومة طريفة بشأن موسوليني الذي استخدم كرة القدم لتعزيز حكمه عامي 1943 و 1938، حيث فازت
إيطاليا بكأس العالم، فقد أرسل موسوليني إلى الفريق الإيطالي برقية من ثلاث كلمات عام 1938 بعد مباراتهم مع
البرازيل في نصف النهائي، التي فازت بها إيطاليا 2/1 و قبل المباراة النهائية مع المجر على الكأس، و كانت: ( الفوز أو
الموت )، و فازت إيطاليا 4/2 و خرج الحارس المجري تشابو يقول: ( فضلنا إنقاذ حياة فريق على الفوز )!




و لم يختلف الأمر في ألمانيا، ففي عام 1941 خسر المنتخب أمام سويسرا 1/2 في مباراة لكرة القدم أقيمت بمناسبة
الاحتفال بعيد ميلاد هتلر، فأمر جوبلز وزير إعلامه بعدم إقامة مباريات رياضية عندما تكون النتيجة مشكوكاً فيها، و كان
ذلك هو المستحيل بعينه، فمن أسباب سحر كرة القدم الشك في نتائجها!

و عندما خسرت ألمانيا أمام السويد عام 1942 قال جوبلز: ( خرج 100 ألف من الإستاد محبطين، و بما أن النصر في
مباراة كهذه أقرب إلى الناس من أن تغزو مدينة في الشرق فيجب إيقاف المباريات ).

و كان العديد من أفراد أسرة الرئيس الروماني الأسبق نيكولاي تشاوشيسكو يتبنون أندية، أما لافرنتي بيريا رئيس
الشرطة السرية في عهد ستالين الرئيس الشرفي لفريق دينامو موسكو فكان يرسل لاعبي الفرق المنافسة إلى
سيبيريا، و حمل حزب العمال البريطاني هزيمته المفاجئة برئاسة هارولد ويلسون في الانتخابات العامة على بطولة
كأس العالم عام 1970.

و يقول البعض في الولايات المتحدة: ( إذا أردت إدارة الرئيس بوش التعرف على التيارات في بعض الدول مثل السودان
و إيران و ليبيا فإن عليها متابعة كرة القدم في هذه الدول ).. و فسرت وزارة الخارجية الأمريكية أحداث شغب وقعت
في الدوري الليبي لكرة القدم في يوليو 1996 بأنها من مظاهر الاستياء العام من الحكومة الليبية، و عندما اقتربت
إيران من التأهل إلى نهائيات مونديال 2002 خرجت الجماهير الإيرانية تحتفل، و وسط الاحتفالات وقعت أحداث شغب و
نهب و هتف البعض: ( الموت للملالي )، و قيل إن الفريق الإيراني تعرض لضغوط لكي يخسر المباراة الفاصلة أمام
البحرين، و كان المعلق الإيراني يتساءل: ( لماذا لا يسجلون ولا يسددون ؟).. لكن ربما لا تكون هناك علاقة بين هذا و
ذاك، لكنها كرة القدم التي تستعصي أحياناً على الفهم.

و عقب خروج فرنسا من كأس العالم في كوريا و اليابان خلطت الصحف الفرنسية أوراق السياسة بورقة كرة القدم
فقالت في عناوينها التي صدرت بعد خروج الفريق من الدور الأول: ( لوبان، و خروج أبطال العالم كسرا كبريا فرنسا ).

و هي إشارة إلى نجاح السياسي اليميني المتطرف لوبان لخوض جولة أخرى أمام الرئيس جاك شيراك في الانتخابات
الفرنسية الأخيرة، و في عام 1998 عندما فازت فرنسا بكأس العالم و دارت عدسات المصورين لتسجيل لحظة من
أعظم لحظات الشارع الفرنسي، قال أحد السياسيين المعارضين تعليقاً على صورة جمعت بين لاعبي الفريق البطل
و الرئيس جاك شيراك: ( إنه لأمر لطيف أن أرى فرنسياً في الصورة )!، و كانت تلك أيضاً إشارة إلى أن معظم لاعبي
الفريق الفرنسي من أصول غير فرنسية!

و هكذا أصبحت كرة القدم أداة لرجال السياسة، و أحياناً تحمل بما لا يجب أن تتحمله كما حدث في مصر عندما اعتبرت
من أسباب نكسة 67 لانشغال القيادات العسكرية بكرة القدم و أنديتها، فكان المشير عبد الحكيم عامر رئيساً لاتحاد
الكرة، و الفريق أول عبد المحسن كامل مرتجي رئيساً للأهلي، و الفريق سليمان عزت رئيساً للأوليمبي، و الفريق
صدقي محمود رئيساًَ لنادي الطيران!


حرب حركت الجيوش و الدبابات!
و إذا كانت الرياضة أذابت الجليد بين دول مثل الصين و الولايات المتحدة مطلع السبعينات فيما عرف بسياسة ( البينج
بونج )، و إذا كانت كرة القدم حاولت إذابة تاريخاً من الحرب و الدم بين كوريا و اليابان، فإنها أشعلت العداء بين دول أخرى
و بين أبناء الشعب الواحد أيضاً، و الأمثلة لا تعد و لا تحصى، فلا ينسى تاريخ كرة القدم الحرب التي اندلعت في
تصفيات كأس العالم عام 1970، ففي تصفيات منطقة أمريكا الوسطى و الشمالية وقعت الحرب بين هندوراس و
السلفادور، فقد وصلتا إلى الدور قبل النهائي، و في مباراة الذهاب فازت هندوراس 1/صفر و في مباراة العودة فازت
السلفادور 3/صفر و أقيمت مباراة فاصلة على أرض محايدة في المكسيك، و سجل رودريجز هدف الفوز للسلفادور، و
اعترضت عليه هندوراس، و اعتدت الجماهير بين البلدين على السفارتين، و اندلعت الحرب و تحركت الجيوش و الدبابات
إلى الحدود ( و هما جارتين) و تبادلتا الغازات الجوية، و استمر القتال 3 أيام، و توقف بعد تدخل المنظمات الدولية.




أما الخصومة التي بين الأرجنتين و إنجلترا فتعود إلى وصف سير ألف رامزي مدرب إنجلترا في كأس العالم 1966 لاعبي
الأرجنتين بأنهم ( حيوانات )، لأسلوبهم العنيف في اللعب، و زادت حدتها بعد النزاع على جزر فوكلاند عام 1982 التي
سقط فيها 600 قتيل أرجنتيني و 200 من الإنجليز، و يكفي أن تتابع ردود أفعال الإنجليز بعد الفوز الذي حققه منتخب
بلادهم على الأرجنتين في الدور الأول لمونديال 2002، ثم عادت الصحف و استنكرت المبالغة في الاحتفال و تساءلت:
( هل كانت معركة العلمين ؟) في إشارة إلى اعتبار الجماهير الإنجليزية الفوز على الأرجنتين نصرا قومياً، لكنه كبريا
الأمة التي غرزته كرة القدم عند شعوب العالم بمافيها الغرب لأن الكرة هي البديل المشروع للحرب!

و أحياناً أخرى تكون الخصومة بين فريقين من شعب واحد لأسباب دينية، ففي عام 1948 في ايرلندا الشمالية في
مباراة بين فريقي بلفاست سيلتيك ذي الأغلبية الكاثوليكية و لينفيلد الذي تشجعه أغلبية بروتستانتية وقع شغب
ديني و سقط الجرحى، و الأمر نفسه بين سيلتيك الكاثوليك و رينجرز البروتستانت و تعود إلى عام 1909 و تكرر
الشغب مرات و أخراها عام 1999 للسبب نفسه!

و يعود العداء التاريخي بين ريال مدريد و برشلونة إلى سبب آخر هو الموقف البشري القديم بين السلطة بنفوذها،
و الشعب بقلة حيلته، ففي عام 1920 منح الملك ألفونسو الثالث لقباً ملكياً إلى ريال مدريد مما فسر في مقاطعة
كاتالونيا على أن تحيز إلى ريال مدريد، كما استمر ذلك أيام حكم الجنرال فرانكو الذي استغل الشعبية العريضة للنادي
في الحكم، و كانت مقاطعة برشلونة خلال الحرب الأهلية الإسبانية في الفترة من 1936 إلى 1939 معارضة لحكم
فرانكو، و استخدم سكان برشلونة اللغة الكاتالونية خلال مباريات الفريق في نوكامب، و اشتعل العداء بعد انتقال لويس
فيجو من برشلونة إلى ريال مدريد، و التقى الفريقان في المسابقة الأوروبية في نوفمبر 1942 و أخرج برشلونة غريمه
من الدور ربع النهائي و كان أول فريق ينجح في إخراج ريال مدريد محتكر البطولة.

و هكذا مرة أخرى تكون كرة القدم و ساحاتها الخضراء، حلبة للصراع بكل أشكاله، صراع جماعة ضد أخرى، أو صراع
السلطة و عامة الشعب، أو صراع رجال السياسة.


شعب الجمهورية مليارات!
يقول مسئولون من الاتحاد الدولي للعبة الذي يضم في عضويته 2004 دولة: ( إن عدد اللاعبين المسجلين رسمياً 250
مليون لاعب، مما يعني أنه من بين كل 25 شخصاً في العالم يوجد شخص واحد يلعب كرة القدم، مع ملاحظة أن عدد
الذين يمارسون اللعبات الأخرى في العالم يبلغ 127 مليوناً فقط، و مما لا شك فيه أن هؤلاء اللاعبين و معهم
مجموعات المدربين و الإداريين و الحكام و غيرهم من العاملين في مجال اللعبة ينتمون لها بحكم حب ممارستها و ما
يجنونه من هذه الممارسة من مال و شهرة و أضواء، و من العجيب أن الولايات المتحدة التي تعد فيها اللعبة جديدة
هناك 18 مليون لاعب، و في المرتبة الثانية تأتي إندونيسيا 7.4 مليون لاعب، ثم المكسيك 7.2 مليون لاعب، و في
الصين 7.2 مليون لاعب، و في البرازيل 7 ملايين لاعب، و في ألمانيا 6.3 مليون لاعب و في إنجلترا 2.5 مليون لاعب، و
ذكرت إحصائية الفيفا الصادرة العام الماضي أن هناك 20 مليون امرأة تمارس اللعبة، و أن هناك 1.5 مليون فريق، و 200
ألف ناد، و أن عدد الحكام و مساعديهم و المدربين 5 ملايين. لكن أين نحن من هذه الأرقام؟




في الواقع لا يزيد عدد اللاعبين المسجل في مصر على 50 ألف لاعب، بينما نجد الرقم أكبر في السعودية حيث يصل
إلى 118 ألف لاعب، و نسبة الممارسين في مصر تقل عن 1% من عدد السكان، و هي في السعودية 6% مقارنة
بعدد سكانها، بينما نجد اليابان التي تمارس اللعبة حديثاً و تهتم بها منذ 10 سنوات فقط يصل فيها عدد الممارسين إلى
3.5 مليون لاعبي بنسبة 2.8 من عدد السكان.




و تلك قضية يطول فيها الحديث، فالرياضة في دول العالم الأول جزء من السلوك اليومي للمواطن، و جزء من ثقافته،
باعتبار أن الثقافة في أبسط تعريفاتها تعني أسلوب الحياة، فكيف تتكلم، و كيف تأكل، و كيف تلعب؟

و كيف تقرأ أيضاً ؟، فلا يوجد ما يدعو للتعجب إذا عرفنا أن عدد الإصدارات الجديدة سنوياً في الولايات المتحدة يصل
إلى 80 ألف عنوان، بينما في مصر أكبر الدول العربي لا يزيد عدد الإصدارات السنوية الجديدة على 5 آلاف عنوان.




و شعوب لا تقرأ هي شعوب لا تريد أن تعرف و هي أيضاً شعوب لا تلعب و لا يعنيها أن تلعب، و حب المعرفة يرتبط –
بالطبع- بالتعليم و الثقافة و حب الرياضة يرتبط –بالطبع- بفهمها، و بفهم تأثيراتها على النفس البشرية، فهي ترويح
أولاً، ثم أنها تعلم الصبر و الإرادة و الرغبة في النجاح و العمل الجماعي و تعلم أيضاً أهم الدروس و هو أن الحياة انتصار
و انكسار، و من يخسر عليه أن يدرك أنه قادر على الفوز، لكن عندما يكون المفهوم أن الحياة، و اللعب طبعاً، دوماً انتصار
يكون ذلك هو الجهل بعينه، و تظهر آثاره في سلوكيات البشر، فتتجلى الغوغائية و تعلق الهزائم الكبرى على الغير بدءاً
من الحكم و انتهاء بأمريكا!

و للأسف فإننا جيل ينظر إلى الخلف كلما أراد أن يعتز، جيل وراء جيل عاش مائة عام و هو لا يملك سوى التاريخ في
شتى المجالات، من بقايا الفتح الإسلامي في الأندلس و مما تركه لنا جابر بن حيان، و محمد الإدريسي، و البيروني
و الفارابي وصولاً إلى سيد نصير و خضر التوني و زكريا شهاب و حبيب حالقيه!

و ربما ليست تلك قضيتنا اليوم، لكن اختصاراً لابد أن نفهم أن الإنسان العربي مارس الرياضة من أجل الصيد و الحرب،
أو كدليل على القوة، لكنه تأخر عن ممارسة اللعبات التنافسية بشكلها الحديث 500 عام، و تأخر عن ممارسة كرة
القدم وفقاً لقوانينها الحديثة 50 عاماً و هو في جميع الأحوال، في شتى اللعبات أو في كرة القدم، ظل يرفع الشعار
القديم: ( العقل السليم في الجسم السليم )، و الذي يبدو كشعارات بلهاء تعلق على لافتات في المدارس لغرس
الروح الرياضية في الأطفال من نوع: ( ابتسم عند الهزيمة )، و في كل يوم نموت من الضحك!




و نعود إلى كرة القدم، فهذه الأرقام التي تصل إلى الملايين، تتعلق باللاعبين و الممارسين المسجلين رسمياً، أما
الذين يلعبون الكرة و يركلونها في الساحات و المدارس و الشوارع فهم مئات الملايين، و لذلك يمكن القول إن كرة القدم
هي أكبر جمهورية عرفتها البشرية، و أقدمها أيضاً و شعب تلك الجمهورية يقدر بالمليارات، و من العجيب أن
السياسيين فيها باتوا من اللاعبين!

و لن تموت اللعبة بما فيها من مظاهر نبيلة و جمال، و تنافس شريف، و صراع لا يتعدى حدود الساحة الخضراء، و كما
قال يوماً الفيلسوف الفرنسي الجزائري الأصل ألبير كامو العاشق لكرة القدم: ( كل ما أعرفه من الأخلاق و واجبات
الإنسان أدين به لكرة القدم !).




-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-
--- (( مع تحياتي )) ---



منقول

ابو متعب
13-06-06, 11:59 pm
أخي رومانسي بريده الله يعطيك العافيه على هذا الجهد

لكن ماشاءالله عليك شلون كتبت كل هذا :1856:

هذا عن أكثر من عشرة مواضيع :20[2]:

علما أني لم أستطع قراءة الا أول الموضوع..لأنه يبيله جلسه :36_1_5[1] :D

لكن صدقت ان معظم السياسين يستغلون الرياضه لأغراض سياسيه

بل قد تنشب حرب بسبب فوز أو هزيمه بل قد تصل بداية الشراره من هدف

أجدد شكري لك..وتقبل

:x3: