khalid
05-06-02, 10:30 pm
هذه مقاله الرائع والرائع جدا الكاتب الصحفي الكبير صالح السليمان في جريده الجزيره
السهل الممتنع
ثمانية شهور .. وثمانية أهداف !!
في مقالتي السابقة كتبت أن مباراة منتخبنا أمام ألمانيا هي أشبه بالمغامرة قد تكون «لنا أو علينا» .. إما مفاجأة مدوية وإنجاز تاريخي لنا .. أو التعرض لخطر هزيمة قد تكون قاسية جراء الاصطدام بالماكينات الألمانية الهادرة .. فكانت علينا ..
فالقرعة جعلتنا في مواجهة أصلب وأشد المنتخبات الأوروبية قوة بدنية وتكاملا جسمانياًَ .. وهو منتخب لسنا «محظوظين» معه .. فلم تكن هذه أول هزيمة ثقيلة لنا أمام الكرة الألمانية .. فالمنتخب الألماني الأولمبي للهواة تغلب على منتخب 84 المتأهل لأولمبياد لوس انجلوس بستة أهداف .. والآن المنتخب الألماني الأول يلحق بمنتخب 2002م هزيمة مؤلمة..
والمشكلة أن هذه النتيجة القاسية والقياسية .. دخلت تاريخ المونديال .. كإحدى أكبر الهزائم فيه .. فكيف نزيل هذه النتيجة من ذاكرة إخواننا من الأشقاء العرب؟.. وكيف نزيلها من أرشيف تاريخ المونديال .. فحتى الواسطات لا تنفع هنا!
ولأن الشيء بالشيء يذكر .. فمنتخب ألمانيا نفسه سبق أن خسر «بالسبعة» في كأس العالم 58م أمام المجر .. لكنه تمكن من «طي» هذا السقوط المشين في ملف النسيان.. بفضل تاريخه الحافل بكأس العالم وفوزه بالكأس ثلاث مرات.. بل فاز بالكأس في البطولة التي خسر فيها بالسبعة!.
المهم أن هذه المباراة كشفت أن «المهارة الذهنية» للاعب السعودي متخلفة عن «المهارة العضلية أو الحركية» إذا صح هذا الوصف .. فاللاعب لدينا غير قادر على تكييف نفسه مع ظروف وأجواء المباراة .. ولا يفهم إمكاناته الفنية جيدا وإن فهمها لا يعرف كيف يستثمرها .. فإذا تميز اللاعب الألماني بالقوة البدنية والصلابة .. فاللاعب السعودي أكثر «رشاقة» ومرونة ولمسة فنية .. فمثل الاثنين مثل مصارع ضئيل الجسم أمام مصارع ضخم الجثة.. فالأول لن ينجح الا بتكتيك «اضرب وابتعد»..حتى لا يقع في قبضة هذا الضخم .. ولكن وجدنا لاعبينا يدخلون في مصادمات فردية خاسرة مع الألمان .. ولو كان لدي لاعبينا رد فعل سريع وحسن تصرف ومدرب يوجه!.. لابتعدوا عن اللعب الفني الناعم والعفوي .. ولعبوا الكرة على المضمون .. وبجماعية بحتة .. ومن لمسة واحدة.. ونقل الكرة للمساحة الخالية .. وتبادل سريع للكرة .. والتحرك بدون كرة .. باختصار «جماعية .. سرعة ..انتشار.. جدية بالأداء.. ولعب على المضمون» .. كنا هنا سنفعل الكثير .. هذه رؤية شخصية عن أحداث المباراة ذاتها ..
أما الحديث عن غياب عنصر أو آخر .. فليس مكمن المشكلة.. فلاعبو المنتخب هم الصفوة .. وتشكيلة المنتخب مثالية بنسبة تقارب 90% .. ولكن المنتخب كفريق كان في حالة هبوط عام في المستوى لياقياً وفنياً وتكتيكياً!.. ولو استمعنا لبعض الآراء واستبعدنا التشكيلة التي لعبت المباراة ولعبنا بتشكيلة مختلفة .. لتضاعفت النتيجة مرتين!.. فهؤلاء هم نجوم الكرة لدينا أردنا أم لم نرد .. حتى قلبي الدفاع الحديث عنهما لا يجدي.. فرديف البرازيل هزم منتخبنا بالثمانية في بطولة القارات وكان قلوب الدفاع هم الداود والحارثي وأعتقد معهم الخليوي.
ولعل هذه الهزيمة المدوية .. تفتح الملفات والصفحات لمراجعة مسيرة الكرة السعودية .. وتحديد مدى نجاح المنهجية والتخطيط العلمي المدروس الذي تسير عليه.. حقيقة أخطاء كثيرة جدا ينبغي مراجعتها والنظر فيها.. فالمنتخب واللاعب ما هو إلا نتاج هذا التخطيط .. وأعتقد أن خبراء كرويين في الاتحادات مؤهلين هم القادرون على فتح حوار ومكاشفة بدءا من السياسات الإدارية الارتجالية في الاتحادات والأندية نهاية إلى ما يسمى بالاحتراف وما بينهم من أدق شؤون الكرة ..
أين التخطيط العلمي المدروس من هذا الضغط الرهيب في المباريات الذي أرهق اللاعبين والأندية .. وكأنهم في سباق ومطاردات .. الجميع يلهث فرقاً ولاعبون وإداريون وجماهير وإعلام .. لا يجدون وقتا لالتقاط الأنفاس .. فمن مباراة إلى أخرى .. واللاعب يقضي معظم أيام الأسبوع أما راكضا في الملاعب أو طائرا بالفضاء من مدينة إلى أخرى..
كيف نزعم أن لدينا أقوى دوري عربي إذا كان النجوم يسحبون من أنديتهم معظم مباريات الموسم .. فأصبح الأصل هو ابتعاد الدوليين عن أنديتهم والاستثناء عودتهم.. وفي الدوري الإنجليزي والإيطالي وهو الذي يتجاوز طوله الثلاثين أسبوعا .. ويلعبون في كل أسبوع مباراة .. لم أسمع قط أن الأندية لعبت بدون اللاعبين الدوليين ..
ونجوم المنتخب هم نتاج الدوري السعودي .. المصنع الأساسي لصقل وإعداد النجوم .. فهل هذا الدوري بصورته الحالية قادر على منح اللاعب الجرعة اللازمة لإعداده فنياً وبدنياً وذهنياً .. أم أنه يقدمهم في نهاية الموسم حطام لاعبين أصابهم الملل والطفش ما بين مباريات مكثفة محلياً ومعسكرات مملة مع المنتخب .. فعلينا إعادة الحياة إلى هذا الدوري.. وإعادة الجماهير إلى مدرجاته المهجورة .. ليكون أقوى دوري حقيقة وليس بالمزاعم والإدعاءات الجوفاء ..
أما «المنتخب السعودي» فقد ابتذلنا هذه الكلمة وألحقنا الإهانة بهذا المنتخب .. فما أن نسمع ببطولة ولو كانت «بطولة مصاقيل» .. حتى وركضنا إليها بهذا المنتخب المسكين ولاعبيه .. المنتخبات العالمية في أوروبا وأمريكا الجنوبية وافريقيا .. لديها مشاركتان فقط بطولة القارة وكأس العالم .. فحان الآن لمنتخبنا الأول أن تقتصر مشاركته على هاتين البطولتين الكبيرتين..
ترى هل وضع برنامج إعداد المنتخب للمونديال بشكل علمي ومنهجي؟.. كيف نقيم معسكرا قبل البطولة بثلاثة أشهر ونبعد اللاعبين عن أهاليهم .. ونضغط عليهم نفسياً بالإعداد المبكر للمونديال .. ثم يعودون لأنديتهم ونعيد تشكيل المنتخب من جديد ..! إن المعسكرات الطويلة والمملة.. «موضة قديمة» ما زلنا نحن فقط من يتمسك بها .. فبلغ ارتباط اللاعبين بالمنتخب خلال الموسم ما يقارب الثمانية أشهر .. في حين أن معظم المنتخبات المتأهلة لكأس العالم لم تستعد جدياً ويتجمع لاعبوها إلا قبل البطولة بثلاثة أسابيع .. كما أعتقد أنه عقب تأهل المنتخب للمونديال كان من الأولى إنهاء الموسم سريعاً بإلغاء المربع ومنح البطولة للمتصدر أو بلعب الأول والثاني على النهائي مباشرة .. وبهذا نوفر أسبوعين أو ثلاثة أسابيع لإعداد المنتخب ..
وتظل بعض الكتابات الصحفية التي تعالج شؤون المنتخب من منظار ضيق دافعه التعصب والميول .. أحد «بلاوي المنتخب» .. فهؤلاء كأنهم ينتظرون «تعكر المياه» ليصطادوا .. فأحدهم وجد أن لاعبي الهلال فقط هم سبب الهزيمة .. و«من زود التعصب» لم يستطع حتى أن يضم لهم لاعبا آخر ولو على سبيل التمويه والخداع والتظاهر بالموضوعية .. ومن يعتنق هذا الرأي ويقتنع به فمن العدل إذن أن يعترف أن لاعبي الهلال ! هم سبب تأهل المنتخب للمونديال والفوز بكأس الخليج .. فليس من العدل أن نحملهم أي خسارة للمنتخب وإذا فاز المنتخب نسبنا الفضل لغيرهم ..ومثل هذه الطروحات الساذجة تذكرني «بالرسائل الصبيانية» من اليابان .. على شاكلة «عبيد وبالطريقة الماجدية قلب الدعيع على رأسه»!..
حتى أنت يا هريفي !!!
ما زلنا ننتقد وننظر باستياء إلى تلك «المافيا الفضائية» التي تختفي خلف الأسماء الوهمية والمستعارة وتتصل بالفضائيات لتقذف ومن خلف «سماعة الهاتف» بنتنها وسمومها وعقدها تجاه الكرة السعودية واللاعبين السعوديين .. وتشن حرباً نفسية من خلال اتصالات فضائية «مرتبة» على المنتخب وتشكك به وبلاعبيه بدافع من الميول والتعصب..
ولكن المفاجأة أتت من لاعب النصر والمنتخب سابقاً فهد الهريفي .. الذي «انزلقت قدمه» بهذا الاتجاه قصد أو لم يقصد؟؟ عندما «رفع السماعة» على احدى القنوات الفضائية إياها عقب خسارة المنتخب السعودي القاسية.. وتوقع الجميع تحليلا موضوعياً ونقدا بناء مفيداً .. إلا أنه بدأ مداخلته بما يدينه .. عندما قال «إنه لا يشمت بالمنتخب .. وليس فرحاً بهزيمته».
فهو هنا كمن صنف نفسه طرفاً مضاداً للمنتخب .. رغم أن لا شيء يدعوه لذلك .. فهو مثلا ليس لاعباً تجاوزه الاختيار للمنتخب فنقول أنه غاضب وناقم .. ولكنها محاولة مبكرة لتبرئة نفسه جعلته في محل الشبهة وأكمل مداخلته بالافتخار والمباهاة .. «احنا في منتخب 94م .. كنا..وكنا.. وفعلنا» رغم أنه أبعد لاعب يحق له المباهاة بإنجازات هذا المنتخب .. لأن مثله مثل شخص «تعلق» بسيارة السباق عندما وصلت لخط النهاية عقب مشوار شاق وطويل .. ثم ان هؤلاء اللاعبين الذين يتباهى عليهم.. هم ممن لعب بهذا المنتخب بل وشاركوا في تأهيله للمونديال وتأهيله لدور الستة عشر..
والهريفي أجرى مقابلة صحفية قبل أيام كان عنوانها الرئيسي «أنا نجم المنتخب مونديال 94م».. وهذه كما قلنا مماحكة ومغالطة تاريخية .. فالهريفي يعلم أنه لم يأت به لمنتخب 94م إلا المجاملة ولا غير على حساب لاعبين آخرين.
فالهريفي لم يكن من المساهمين في تأهل المنتخب .. ففي وقت كان نجوم الأندية الأخرى يصعدون بالمنتخب للمونديال .. كان الهريفي في ناديه يقوده لبطولة الدوري مستغلا غياب دوليي الأندية الأخرى وحرمان أنديتهم من خدماتهم معظم مباريات الموسم .. كالهلال الذي افتقد لستة من لاعبيه الدوليين.. في حين لم يفقد النصر غير لاعب واحد ومصاب أيضا ..
وعندما انتهى الموسم الكروي ضم الهريفي للمنتخب قبيل المونديال بفترة قصيرة .. ليحظى بما لم يحظ به لاعب آخر.. فهو الوحيد الذي تمتع باللعب لناديه والمنتخب سويا.. ولا تسأل إذا كانت النية معقودة على ضمه .. لماذا تم تأخير ضمه حتى انتهى الموسم؟ ولماذا لم يضم مبكرا أسوة بنجوم الأندية الأخرى!.. ولا تسأل لماذا لم يضم يوسف الثنيان وهو من كان يعيش في قمة مستواه ..
ولم يحظ الهريفي بضمه فقط قبيل المونديال .. بل وجد مكانه محجوزا في التشكيلة الأساسية .. على حساب من عسكر مع المنتخب أشهرا طويلة .. بل منهم من استبعد من المنتخب نهائيا .. رغم أنه أحد العناصر الأساسية في تأهيل المنتخب مثل منصور الموينع ..
ثم إن الهريفي لم يتميز بما يجعله يصنف نفسه انه نجم المنتخب بالمونديال .. نعم لم يكن سيئا أو لنقل كان جيدا ولكن لم يكن أبرز العناصر .. وإذا كانت التميز بالأهداف فالعويران بهدفه الشهير وأنور والجابر والغشيان هم المتميزون .. لأهم سجلوا أهدافاً بهذا المونديال العالمي!!..
ثم إن الهريفي وهو يتكلم عن «كنا وكنا وفعلنا» يعرف ماذا حدث منه عقب مباراة بلجيكا مما أغضب المسؤولين عليه .. في وقت كان الجميع فرحاً بتأهل المنتخب للدور الثاني .. لتصبح آخر مباراة له في تاريخه .. وما حدث عقب بلجيكا هو دليل عملي على ما قاله لاعب الإتفاق والمنتخب سابقا عبد الله صالح عن الهريفي .. أثناء استعراضه لذكرياته عن مونديال 94 «الهريفي لاعب دولي وأناني ولا يحب الا نفسه» هذا كلام زميل له بمنتخب 94م..
ترى ما انجازات الهريفي مع المنتخب ؟؟
هو إنجاز وحيد .. «كأس آسيا 88م»..
في حين أن لاعبين مثل الدعيع وسامي انجازاتهم مع المنتخب كما يلي:
«التأهل بالمنتخب ثلاث مرات لكأس العالم .. بطولة الخليج مرتين .. كأس آسيا» ويزيد الدعيع ببطولة إضافية «بطولة العرب» .. كرقم قياسي لحارس القرن..
والهريفي نفسه وفي نفس المقابلة الصحفية ذكر أن هناك صحفاً كانت تمجده وتبالغ بمدحه وهو لا يستحق ذلك.. وهذا اعتراف بلسان اللاعب نفسه ..
وأنا لست أطمس تاريخ الهريفي كلاعب متميز وله انجازاته مع ناديه ومع المنتخب!.. واحد أبرع لاعبي الوسط في العشرة أعوام الأخيرة .. ولكن هذا لا ينفي الحقائق السابقة ..
السهل الممتنع
ثمانية شهور .. وثمانية أهداف !!
في مقالتي السابقة كتبت أن مباراة منتخبنا أمام ألمانيا هي أشبه بالمغامرة قد تكون «لنا أو علينا» .. إما مفاجأة مدوية وإنجاز تاريخي لنا .. أو التعرض لخطر هزيمة قد تكون قاسية جراء الاصطدام بالماكينات الألمانية الهادرة .. فكانت علينا ..
فالقرعة جعلتنا في مواجهة أصلب وأشد المنتخبات الأوروبية قوة بدنية وتكاملا جسمانياًَ .. وهو منتخب لسنا «محظوظين» معه .. فلم تكن هذه أول هزيمة ثقيلة لنا أمام الكرة الألمانية .. فالمنتخب الألماني الأولمبي للهواة تغلب على منتخب 84 المتأهل لأولمبياد لوس انجلوس بستة أهداف .. والآن المنتخب الألماني الأول يلحق بمنتخب 2002م هزيمة مؤلمة..
والمشكلة أن هذه النتيجة القاسية والقياسية .. دخلت تاريخ المونديال .. كإحدى أكبر الهزائم فيه .. فكيف نزيل هذه النتيجة من ذاكرة إخواننا من الأشقاء العرب؟.. وكيف نزيلها من أرشيف تاريخ المونديال .. فحتى الواسطات لا تنفع هنا!
ولأن الشيء بالشيء يذكر .. فمنتخب ألمانيا نفسه سبق أن خسر «بالسبعة» في كأس العالم 58م أمام المجر .. لكنه تمكن من «طي» هذا السقوط المشين في ملف النسيان.. بفضل تاريخه الحافل بكأس العالم وفوزه بالكأس ثلاث مرات.. بل فاز بالكأس في البطولة التي خسر فيها بالسبعة!.
المهم أن هذه المباراة كشفت أن «المهارة الذهنية» للاعب السعودي متخلفة عن «المهارة العضلية أو الحركية» إذا صح هذا الوصف .. فاللاعب لدينا غير قادر على تكييف نفسه مع ظروف وأجواء المباراة .. ولا يفهم إمكاناته الفنية جيدا وإن فهمها لا يعرف كيف يستثمرها .. فإذا تميز اللاعب الألماني بالقوة البدنية والصلابة .. فاللاعب السعودي أكثر «رشاقة» ومرونة ولمسة فنية .. فمثل الاثنين مثل مصارع ضئيل الجسم أمام مصارع ضخم الجثة.. فالأول لن ينجح الا بتكتيك «اضرب وابتعد»..حتى لا يقع في قبضة هذا الضخم .. ولكن وجدنا لاعبينا يدخلون في مصادمات فردية خاسرة مع الألمان .. ولو كان لدي لاعبينا رد فعل سريع وحسن تصرف ومدرب يوجه!.. لابتعدوا عن اللعب الفني الناعم والعفوي .. ولعبوا الكرة على المضمون .. وبجماعية بحتة .. ومن لمسة واحدة.. ونقل الكرة للمساحة الخالية .. وتبادل سريع للكرة .. والتحرك بدون كرة .. باختصار «جماعية .. سرعة ..انتشار.. جدية بالأداء.. ولعب على المضمون» .. كنا هنا سنفعل الكثير .. هذه رؤية شخصية عن أحداث المباراة ذاتها ..
أما الحديث عن غياب عنصر أو آخر .. فليس مكمن المشكلة.. فلاعبو المنتخب هم الصفوة .. وتشكيلة المنتخب مثالية بنسبة تقارب 90% .. ولكن المنتخب كفريق كان في حالة هبوط عام في المستوى لياقياً وفنياً وتكتيكياً!.. ولو استمعنا لبعض الآراء واستبعدنا التشكيلة التي لعبت المباراة ولعبنا بتشكيلة مختلفة .. لتضاعفت النتيجة مرتين!.. فهؤلاء هم نجوم الكرة لدينا أردنا أم لم نرد .. حتى قلبي الدفاع الحديث عنهما لا يجدي.. فرديف البرازيل هزم منتخبنا بالثمانية في بطولة القارات وكان قلوب الدفاع هم الداود والحارثي وأعتقد معهم الخليوي.
ولعل هذه الهزيمة المدوية .. تفتح الملفات والصفحات لمراجعة مسيرة الكرة السعودية .. وتحديد مدى نجاح المنهجية والتخطيط العلمي المدروس الذي تسير عليه.. حقيقة أخطاء كثيرة جدا ينبغي مراجعتها والنظر فيها.. فالمنتخب واللاعب ما هو إلا نتاج هذا التخطيط .. وأعتقد أن خبراء كرويين في الاتحادات مؤهلين هم القادرون على فتح حوار ومكاشفة بدءا من السياسات الإدارية الارتجالية في الاتحادات والأندية نهاية إلى ما يسمى بالاحتراف وما بينهم من أدق شؤون الكرة ..
أين التخطيط العلمي المدروس من هذا الضغط الرهيب في المباريات الذي أرهق اللاعبين والأندية .. وكأنهم في سباق ومطاردات .. الجميع يلهث فرقاً ولاعبون وإداريون وجماهير وإعلام .. لا يجدون وقتا لالتقاط الأنفاس .. فمن مباراة إلى أخرى .. واللاعب يقضي معظم أيام الأسبوع أما راكضا في الملاعب أو طائرا بالفضاء من مدينة إلى أخرى..
كيف نزعم أن لدينا أقوى دوري عربي إذا كان النجوم يسحبون من أنديتهم معظم مباريات الموسم .. فأصبح الأصل هو ابتعاد الدوليين عن أنديتهم والاستثناء عودتهم.. وفي الدوري الإنجليزي والإيطالي وهو الذي يتجاوز طوله الثلاثين أسبوعا .. ويلعبون في كل أسبوع مباراة .. لم أسمع قط أن الأندية لعبت بدون اللاعبين الدوليين ..
ونجوم المنتخب هم نتاج الدوري السعودي .. المصنع الأساسي لصقل وإعداد النجوم .. فهل هذا الدوري بصورته الحالية قادر على منح اللاعب الجرعة اللازمة لإعداده فنياً وبدنياً وذهنياً .. أم أنه يقدمهم في نهاية الموسم حطام لاعبين أصابهم الملل والطفش ما بين مباريات مكثفة محلياً ومعسكرات مملة مع المنتخب .. فعلينا إعادة الحياة إلى هذا الدوري.. وإعادة الجماهير إلى مدرجاته المهجورة .. ليكون أقوى دوري حقيقة وليس بالمزاعم والإدعاءات الجوفاء ..
أما «المنتخب السعودي» فقد ابتذلنا هذه الكلمة وألحقنا الإهانة بهذا المنتخب .. فما أن نسمع ببطولة ولو كانت «بطولة مصاقيل» .. حتى وركضنا إليها بهذا المنتخب المسكين ولاعبيه .. المنتخبات العالمية في أوروبا وأمريكا الجنوبية وافريقيا .. لديها مشاركتان فقط بطولة القارة وكأس العالم .. فحان الآن لمنتخبنا الأول أن تقتصر مشاركته على هاتين البطولتين الكبيرتين..
ترى هل وضع برنامج إعداد المنتخب للمونديال بشكل علمي ومنهجي؟.. كيف نقيم معسكرا قبل البطولة بثلاثة أشهر ونبعد اللاعبين عن أهاليهم .. ونضغط عليهم نفسياً بالإعداد المبكر للمونديال .. ثم يعودون لأنديتهم ونعيد تشكيل المنتخب من جديد ..! إن المعسكرات الطويلة والمملة.. «موضة قديمة» ما زلنا نحن فقط من يتمسك بها .. فبلغ ارتباط اللاعبين بالمنتخب خلال الموسم ما يقارب الثمانية أشهر .. في حين أن معظم المنتخبات المتأهلة لكأس العالم لم تستعد جدياً ويتجمع لاعبوها إلا قبل البطولة بثلاثة أسابيع .. كما أعتقد أنه عقب تأهل المنتخب للمونديال كان من الأولى إنهاء الموسم سريعاً بإلغاء المربع ومنح البطولة للمتصدر أو بلعب الأول والثاني على النهائي مباشرة .. وبهذا نوفر أسبوعين أو ثلاثة أسابيع لإعداد المنتخب ..
وتظل بعض الكتابات الصحفية التي تعالج شؤون المنتخب من منظار ضيق دافعه التعصب والميول .. أحد «بلاوي المنتخب» .. فهؤلاء كأنهم ينتظرون «تعكر المياه» ليصطادوا .. فأحدهم وجد أن لاعبي الهلال فقط هم سبب الهزيمة .. و«من زود التعصب» لم يستطع حتى أن يضم لهم لاعبا آخر ولو على سبيل التمويه والخداع والتظاهر بالموضوعية .. ومن يعتنق هذا الرأي ويقتنع به فمن العدل إذن أن يعترف أن لاعبي الهلال ! هم سبب تأهل المنتخب للمونديال والفوز بكأس الخليج .. فليس من العدل أن نحملهم أي خسارة للمنتخب وإذا فاز المنتخب نسبنا الفضل لغيرهم ..ومثل هذه الطروحات الساذجة تذكرني «بالرسائل الصبيانية» من اليابان .. على شاكلة «عبيد وبالطريقة الماجدية قلب الدعيع على رأسه»!..
حتى أنت يا هريفي !!!
ما زلنا ننتقد وننظر باستياء إلى تلك «المافيا الفضائية» التي تختفي خلف الأسماء الوهمية والمستعارة وتتصل بالفضائيات لتقذف ومن خلف «سماعة الهاتف» بنتنها وسمومها وعقدها تجاه الكرة السعودية واللاعبين السعوديين .. وتشن حرباً نفسية من خلال اتصالات فضائية «مرتبة» على المنتخب وتشكك به وبلاعبيه بدافع من الميول والتعصب..
ولكن المفاجأة أتت من لاعب النصر والمنتخب سابقاً فهد الهريفي .. الذي «انزلقت قدمه» بهذا الاتجاه قصد أو لم يقصد؟؟ عندما «رفع السماعة» على احدى القنوات الفضائية إياها عقب خسارة المنتخب السعودي القاسية.. وتوقع الجميع تحليلا موضوعياً ونقدا بناء مفيداً .. إلا أنه بدأ مداخلته بما يدينه .. عندما قال «إنه لا يشمت بالمنتخب .. وليس فرحاً بهزيمته».
فهو هنا كمن صنف نفسه طرفاً مضاداً للمنتخب .. رغم أن لا شيء يدعوه لذلك .. فهو مثلا ليس لاعباً تجاوزه الاختيار للمنتخب فنقول أنه غاضب وناقم .. ولكنها محاولة مبكرة لتبرئة نفسه جعلته في محل الشبهة وأكمل مداخلته بالافتخار والمباهاة .. «احنا في منتخب 94م .. كنا..وكنا.. وفعلنا» رغم أنه أبعد لاعب يحق له المباهاة بإنجازات هذا المنتخب .. لأن مثله مثل شخص «تعلق» بسيارة السباق عندما وصلت لخط النهاية عقب مشوار شاق وطويل .. ثم ان هؤلاء اللاعبين الذين يتباهى عليهم.. هم ممن لعب بهذا المنتخب بل وشاركوا في تأهيله للمونديال وتأهيله لدور الستة عشر..
والهريفي أجرى مقابلة صحفية قبل أيام كان عنوانها الرئيسي «أنا نجم المنتخب مونديال 94م».. وهذه كما قلنا مماحكة ومغالطة تاريخية .. فالهريفي يعلم أنه لم يأت به لمنتخب 94م إلا المجاملة ولا غير على حساب لاعبين آخرين.
فالهريفي لم يكن من المساهمين في تأهل المنتخب .. ففي وقت كان نجوم الأندية الأخرى يصعدون بالمنتخب للمونديال .. كان الهريفي في ناديه يقوده لبطولة الدوري مستغلا غياب دوليي الأندية الأخرى وحرمان أنديتهم من خدماتهم معظم مباريات الموسم .. كالهلال الذي افتقد لستة من لاعبيه الدوليين.. في حين لم يفقد النصر غير لاعب واحد ومصاب أيضا ..
وعندما انتهى الموسم الكروي ضم الهريفي للمنتخب قبيل المونديال بفترة قصيرة .. ليحظى بما لم يحظ به لاعب آخر.. فهو الوحيد الذي تمتع باللعب لناديه والمنتخب سويا.. ولا تسأل إذا كانت النية معقودة على ضمه .. لماذا تم تأخير ضمه حتى انتهى الموسم؟ ولماذا لم يضم مبكرا أسوة بنجوم الأندية الأخرى!.. ولا تسأل لماذا لم يضم يوسف الثنيان وهو من كان يعيش في قمة مستواه ..
ولم يحظ الهريفي بضمه فقط قبيل المونديال .. بل وجد مكانه محجوزا في التشكيلة الأساسية .. على حساب من عسكر مع المنتخب أشهرا طويلة .. بل منهم من استبعد من المنتخب نهائيا .. رغم أنه أحد العناصر الأساسية في تأهيل المنتخب مثل منصور الموينع ..
ثم إن الهريفي لم يتميز بما يجعله يصنف نفسه انه نجم المنتخب بالمونديال .. نعم لم يكن سيئا أو لنقل كان جيدا ولكن لم يكن أبرز العناصر .. وإذا كانت التميز بالأهداف فالعويران بهدفه الشهير وأنور والجابر والغشيان هم المتميزون .. لأهم سجلوا أهدافاً بهذا المونديال العالمي!!..
ثم إن الهريفي وهو يتكلم عن «كنا وكنا وفعلنا» يعرف ماذا حدث منه عقب مباراة بلجيكا مما أغضب المسؤولين عليه .. في وقت كان الجميع فرحاً بتأهل المنتخب للدور الثاني .. لتصبح آخر مباراة له في تاريخه .. وما حدث عقب بلجيكا هو دليل عملي على ما قاله لاعب الإتفاق والمنتخب سابقا عبد الله صالح عن الهريفي .. أثناء استعراضه لذكرياته عن مونديال 94 «الهريفي لاعب دولي وأناني ولا يحب الا نفسه» هذا كلام زميل له بمنتخب 94م..
ترى ما انجازات الهريفي مع المنتخب ؟؟
هو إنجاز وحيد .. «كأس آسيا 88م»..
في حين أن لاعبين مثل الدعيع وسامي انجازاتهم مع المنتخب كما يلي:
«التأهل بالمنتخب ثلاث مرات لكأس العالم .. بطولة الخليج مرتين .. كأس آسيا» ويزيد الدعيع ببطولة إضافية «بطولة العرب» .. كرقم قياسي لحارس القرن..
والهريفي نفسه وفي نفس المقابلة الصحفية ذكر أن هناك صحفاً كانت تمجده وتبالغ بمدحه وهو لا يستحق ذلك.. وهذا اعتراف بلسان اللاعب نفسه ..
وأنا لست أطمس تاريخ الهريفي كلاعب متميز وله انجازاته مع ناديه ومع المنتخب!.. واحد أبرع لاعبي الوسط في العشرة أعوام الأخيرة .. ولكن هذا لا ينفي الحقائق السابقة ..